أبو سعدة..قصة رجل أعمال فلسطيني بهولندا
بقلم:د.سمير محمود قديح
في هجرة الفلسطينيين إلى أوروبا نماذج عديدة تستحق أن نتوقف عندها طويلا وهي التي استطاعت استغلال المناخ الديمقراطي والفرص الموجودة في دول الاتحاد الاوروبي فأبدعت وشكلت حالات في غاية الأهمية.
فمنهم من تبوأ أعلى المراكز في الجامعات الاوروبية،ومنهم من استفاد من التطور العلمي الهائل وانغمس في البحث العلمي وأصبح عالماً في احد المجالات المهمة ومنهم من أصبح رجل أعمال يحظى بتقدير واحترام الجميع.
أنس أبوسعدة فلسطيني شكل نموذجا رائعا للإنسان الفلسطيني العصامي المكافح الذي يذكر بمرارة كيف استطاع والده تعليمه وإخوته في جامعة بيرزيت بنفقاتها العالية رغم أن والده كان من ذوي الدخل المحدود ولكنه كان يؤمن بالعلم وغرس في نفوس أبنائه حب التعليم ، فأعطى الاولوية لتعليم أبنائه تعلميا عاليا على حساب مستوى الحياة التي تعيشها الأسرة.
أكمل انس أبوسعدة تعليمه العالي في جامعة بيرزيت ولم يكن سلبيا تجاه قضية شعبه فكان ناشطا مدافعا عن قضية شعبه ضد الاحتلال الإسرائيلي فاعتقلته سلطات الاحتلال حيث مكث فترة أسيرا في السجون الإسرائيلية.
بعد الإفراج عنه غادر إلى هولندا مشبعا بروح التحدي كشاب فلسطيني عصامي وبأخلاق القرية التي زرعها فيه والده فاتجه إلى إكمال دراسته العليا والأعمال التجارية الحرة وأصبح من أهم رجال الأعمال على مستوى هولندا.
وبعد أن وصل إلى ماوصل إليه من مكانة علمية ومالية ومنذ سنوات نسمع اخباره في فلسطين وهي أخبار مختلفة عن أخبار تصلنا عن رجال أعمال عرب أو فلسطينيين فلم نسمع أنه اشترى يختا أو أنه ينفق ببذخ في الملاهي كما تصلنا أخبار بعض رجال الأعمال الفلسطينيين والعرب بل أنه في كل عام يزور فلسطين حاملا مشاريع ومساعدات لأبناء الشعب الفلسطيني يصل بعضها إلى ماقيمته ملايين الدولارات يقدمها للفئات المحتاجة من أبناء شعبنا عبر مؤسسات فلسطينية.
ومن الأشياء الطريفة المحزنة المبكية التي واجهت أنس أبو سعدة أنه توجه قبل سنوات لمقابلة وكيل وزارة في إحدى الوزارات الفلسطينية حاملا معه مشروعا ضخما لمساعدة فئة من أبناء شعبنا وقدم نفسه للسكرتيرة بأنه رجل أعمال فلسطيني مقيم في هولندا ولكن وكيل الوزارة الهمام انشغل طوال الوقت لساعات يتحدث تارة مع السكرتيرة وتارة مع بعض الموظفين وتارة منشغلا بأشياء لانظنها مهمة وكل اهتمامه كان في ذلك الوقت منصبا على ترتيب دعوة عشاء في احد الفنادق لبعض أصدقائه ورغمم مرارة الموقف الذي شعر به .أبوسعدة إلا أنه بقي ينتظر متحملا "رزالة" وكيل الوزارة من أجل إيصال مساعدات لفئة تستحقها
السكرتيرة بعد ساعات من الانتظار سالته ماذا تريد من وكيل الوزارة، قال:”أحمل مشروعا جاهزا للتنفيذ لمساعدة فئة من أبناء الشعب الفلسطيني يستحقونها"، فقالت ببرود:”وكيل الوزارة مشغول ارجع إليه في يوم آخر".
غادر مكتب وكيل الوزارة ولم يره ولكن المشروع نفذ عبر إحدى الجمعيات وبقي وكيل الوزارة مشغولا بهموم دعوة العشاء لأصدقائه.
هذا النموذج لرجل الأعمال أنس ابوسعدة وهو نموذج مشرف ممن يحملون هموم قضية شعبهم وهموم أبناء الشعب الفلسطيني وهنالك نماذج أخرى مشرفة لرجال أعمال فلسطينيين في هولندا مثل إبراهيم الباز، ممن جعلت الغربة منهم رجالا رفعوا اسم فلسطين عاليا في هولندا واوروبا ويتسابقون في مساعدة ابناء شعبهم.
قصة انس ابوسعدة هي قصة كفاح لرجل عصامي غنية بالمواقف والتجارب الانسانية الرائعة