منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: جلد العنزة

  1. #1

    جلد العنزة

    جلد العنزة


    تصرخ المرأة التي ربتها وتملأ الوادي عويل ، يسارع زوجها مواسياً
    : ربنا أراحها من العذاب
    قالت باكية : الشيء الذي يحز في نفسي ، أنها لم تنجب لنا عنزة واحدة
    : العوض علي الله
    كانت لتلك المرأة عنزة لم تلد بطناً واحدة ولم يمتلئ ضرعها يوما
    باللبن ، علي الرغم من رعيها مع القطيع الكلأ ، إلا أنها ظلت هزيلة ،
    تجنبتها التيوس ولم يمارس معها أي فحل فنون الغزل ، في عام
    الجدب أصابها الجرب ، دهنوها بالقار وعزلوها بجوار شجرة بلوط
    جرداء ، تساقط شعرها المسترسل وزرته الريح في يوم عاصف فوق
    أشواك الوادي ، أصبح جلدها شفافاً ، يشع ضوء ً بألوان الطيف السبع
    في الليالي القمرية ، كل من يشاهدها ، يستطيع أن يري أعضائها
    الداخلية ساعة الاحتضار ، انتقل خبرها بين الأمصار ، يتجمع حولها
    الرعاة صباحاً ومساءً، يلتمسون من العنزة المقدسة البركة
    ويبكون 0! ، ماتت وحيدة مقطوعة الأثر أمام عتبة الخيمة
    في جنح الظلام و بعيداً عن أعين الرعاة ، سلخ الرجل جلد العنزة
    وفي الصباح نشره في أشعة الشمس بعد أن زرَّ عليه قليلاً من ملح
    الطعام 00
    جلس الزوجان القرفصاء ، بينما كان يتدبران أمر تلك المصيبة ويفكران
    في مراسم دفن جثة الفقيدة وإذا بغراب ينعق من فوق شجرة قريبة ،
    أعلن للآكلات الجيف عن موت العنزة المريضة ، لم تمضي إلا لحظات
    حتى حامت فوق رأسهم طيور جوارح
    قالت خائفة : ادفنها في مكان بعيد عن الخيمة
    دفن الرجل أشلاء العنزة بطن الأرض ووضع علي قبرها شاهداً خشبياً
    لتتعرف عليه الأجيال ووفود الزائرين ، دوائر سوداء من طيور شتي
    تحوم حول قبرها ،صمت الزوج ثم راح في غيبوبة التفكير العميق ،
    ربما يفلح في اقتناص فكرة من الذاكرة يسعد بها امرأته الحزينة ، نظر
    إليها مبتسماً بعد أن اهتدي إلي حيلة خبيثة
    : لقد واتتني حيلة بارعة نستبدل بها خسارتنا في العنزة بثروة كبيرة
    قالت منشرحةالصدر : كيف 00!!؟
    : نبيع جلدها في صالة مزاد القرية السياحية ونجعل قبرها مزارا
    دينياً مقدساً
    قالت غير مقتنعة بالفكرة : جلدها عديم القيمة ، والرعاة يعرفون قصتها
    : نختلق لها حكاية أسطورية
    : مثل حكايات الغول والعنقاء
    : أي عنقاء يا جاهلة00!!؟
    : قل لي كيف تقنع الناس بقصتها ؟
    : نحكي لهم مثلاً 00 أنها عنزة مقدسة 00من سلالة مباركة 00 أبوها
    وأمها كانا من الناجين أيام طوفان سيدنا نوح ، هبطت علينا من السماء كطائر
    بدون أجنحة مرتدية ملابس رواد الفضاء ، كانت تحكي لنا بعض الأسرار الكونية
    وتخبرنا بموعد كسوف الشمس وخسوف القمر ولذلك
    يشع جلدها أنواراً بألوان الطيف السبع في الليالي القمرية
    : هل جننت يا رجل !!؟
    من يصدق هذا الهراء ، الأفضل أن تجعل قبرها مقاماً مثل مقامات
    الأولياء ، يزوره الناس طلباً للمدد ويضعون علي أعتابه القرابين
    : أي مقام يا متخلفة !!
    الناس لم يعد يستهويهم إلا الأشياء الغريبة ، فعلينا إذاً اغتنام تلك
    الفرصة وبيع جلد العنزة لرواد القرية السياحية يوم " الكرنفال "
    : والله ما أنا فاهمة تلك الحيلة 00 أخبرني بدوري في هذه اللعبة
    دخلت الزوجة الحفلة التنكرية مرتديةَ جلد العنزة كاشفة الصدر
    والساقين ، تحمل علي محفة من قطيفة حمراء كتيبات صغير مدون
    به السيرة الذاتية للفقيدة وشروط المزاد ، تجولت في أركان الصالة
    تعرض بضاعتها، كل من يشاهدها يري مفاتنها الداخلية ، تنتشر رائحة
    عفنة في أرجاء المكان ، يقاومها حملة المباخر برائحة العود والعنبر في
    كل اتجاه ، ثم بدأ المهرجان المنقول علي الهواء عبر الأقمار الصناعية0000
    عزفت الموسيقي ألحاناً شرقية و أطفأت الأنوار ، أوقد في الصالة
    اثني عشرة شمعة، مثبَّتة علي شمعدان ذو ثلاث شعب ،
    أضاء نور خافت الأركان المظلمة ، سارع المصورون بالتقاط
    الصور التذكارية ، عكست الرقعة العجيبة برق آلات التصوير
    علي الوجوه أنواراً فسفورية ، صاحوا مبهورين
    : يا سبحان الله
    شق الزوج طريقه إلي رقعة الجلد العجيبة بصعوبة ، لم تتعرف عليه
    امرأته من أول وهلة ، كان مرتدياً ذقناً مستعاراً وسروال فضفاض
    أشبه بشيوخ القبائل الهمجية ، خاطب المرأة بصوت جهوري
    : يا أمة العرب 00 أبغي شراء هذه الرقعة بعشرة آلاف دينار
    هب شيخ غاضب ، رفع حاجبه ثم قال
    : لن يشتريها إلا أنا 00
    سوف أدفع فيها ما يزيد علي عشرون ألف " دولار "
    وقف شيخ آخر وقور ، قبل أن يشارك في المزاد داعب لحيته متبسماً
    : أنا الذي اشتريها وادفع ثمناً لها زيادة عما عرضوا
    خمسون ألف " دولار "
    ارتفعت حرارة المنافسة وتباري المزايدون في رفع السعر ، كلهم
    يصرَّ ون علي الفوز بهذه الرقعة ولو بحد السيف 00
    بينما كان الزوجان يتأهبان لجني ثمار خطتهما البارعة وإذا بجنود
    لا قبل لهم بها تهبط عليهم من السماء ، الجنود مرتدية ذي أولاد
    " عنان " السوداء ، مرسوم عليها دوائر زرقاء يتوسطها نسر فارد
    جناحيه يحتوي الكرة الأرضية بين مخالبه وفي منقاره غص زيتون
    أخضر ،ظن الرجل أنهم من رواد الحفلة التنكرية ، غمز بطرف عينه
    لامرأته ، أن أدخليهم في اللعبة المسلية ، خاب ظنه لما سمع دوي
    الطلقات النارية ورأي الوادي تحاصره من الجهات الأربع البوارج
    والدبابات والطائرات الحربية، أعلن قائدهم أن العنزة المقدسة
    عنزتهم ، وارد اسمها ضمن أسماء رواد المكوك الفضائي الذي انفجر
    عند انطلاقه ،سيطر الرعب علي أهل الوادي وزوَّار العنزة المقدسة
    فتجردوا من ثيابهم وساروا علي ساحل القرية التي كانت آمنة و الأيدي
    مرفوعة فوق الرؤوس ، ألقوا بأنفسهم في مياه البحر المالحة تاركين الزوجان
    في العراء ، تقدمت الجنود منهم ، نزعت عن المرأة جلد عنزتها دون مقاومة وكبلت
    الرجل في جزع نخلة مكشوف العورة ، صرخا في الوادي طلباً للنجدة 00
    لا حياة لمن تنادي فالرعاة متفرقون في المراعي ، يشاهدون الأحداث ا
    لمتتابعة علي شاشات التلفاز ويصفقون

  2. #2
    نعم هم ليسوا هنا ونحن لسنا هناك وليس احج مع احد
    نص جديد وكالعادة اتمنى لك اتلوفيق دوما
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •