شَفَةُ الْمَصَابِيحِ الْعَجُوزَةِ تَنْفُخُ الأَضْوَاءَ
فِي قِدْرِ الْمَسَاءِ..
لِتُنْضِجَ النَّظَراتِ
وَأَثَاثُ بَيْتِي صِبْيَةٌ نَامْتْ..
وَقَلْبِي عَازِبٌ مُتَقَلِّبٌ بِأَسِرَّةِ النَّبَضَاتِ
مَطَرُ السُّكُوتِ رَوَى جُذُوعَ الوَقْت..
وَازْرَقَّتْ غُصُونُ الحِبْرِ بَيْنَ مَوَاسِمِ الشَّكْوَى!..
أَهُزُّ عِشَاشَ أخيلتي..
فتَسْقُط خُطْوَةُ الدَّجَّالِ فَوْقَ مَسَارِحِ الْوَرَقَاتِ
وَنَغِيبُ فِي زَارِ الْقَصِيدَةِ..
يَسْحَبُ الْيَدَ، تَجْتَبِينِي عِشْرَةُ الدَّوَرَانِ..
تُلْقِينِي دُفُوفُ الْوَزْنِ فِي جُبِّ الْمَشَاهِدِ فِي غَيَابَةِ ذَاتِي
وَيَفُورُ فِنْجانُ الْقَوَافِي الْمُرُّ فِي طَبَقِ الدُّوَارِ
أَمدُّ قَلْبِي فِي فِرَاشِ النَّبْضِ..
يَا جِنِّيَّةَ الأَحْلامِ!
ذُوقِي مِنْ فَوَاكِهِ وَحْدَتِي قِطْفينِ مِنَ كَلَمَاتِي
***
يَحْكِي لِيَ الدَّجَّالُ كِذْبَتَه الْكَرِيمَةَ..
عَنْ عَرُوسٍ تَرْتَدِي الْكَلِمَاتِ..
مَنْقُوشٍ عَلَى أَرْدَانِهَا مَوْجٌ حَنُونٌ..
مِنْ بُحورِ الشِّعْرِ -طُولَ السطر- ضَافِي..
وَيَقُولُ عَنْهَا:
تَهْتَدِي بِبَرِيقِ عَيْنَيْهَا مَرَاكِبُ فِكْرَةٍ..
وَتَنَامُ فِي يَدِهَا الْعَوَاصِفُ فِي وَدَاعَةٍ وَرْدَةٍ..
وَعَلَى أَصَابِعِهَا شَوَاطِئُ مَدَّدَتْ مِنْ رَمْلِهَا كَفَّينِ أَنْقَذَتَا الْقَوَافِي
وَلَهَا مِنَ الأَحْلامِ شَالٌ..
فِي يَدِيْهَا عَاشَ قُفَّازَانِ مِنْ مَطَرٍ..
هِلالُ الْقَلْبِ يسبحُ في أَسَاوِرهَا..
وَنَظْرَتُهَا سَمَواتٌ تُوَضِّئُ نَظْرَةَ الْعُشَّاقِ بِالْمِعْرَاجِ..
وَابْنُكَ نَجْمَةٌ خَضْرَاءُ فِي رَحِمِ الْقَصِيدَهْ
ويَقُولُ أَنِّي لَوْ مَشَيْتُ عَلَى ضِفَافِ الْقَلْبِ يَوْمًا
لاكْتَشَفْتُ مَدِينَةً شَرْقَ الْوَرِيدِ..
وَغَابَةً فِي الْغَرْبِ مِنْ عَصَبِي..
وَحَقْلاً فِي الشّمَالِ مُجَاوِرًا لِطَرِيقِ أَمْنِيَةٍ
يُوَصِّلُنِي إِلَى بَلَدٍ بَعِيدَهْ
وَيَرَى كَوَاكِبَ مِنْ عَجِينِ حَقِيقَتِي وَخُرَافَتِي..
وَحَقَائِبَ الدَّمِ لَمْ تَزَلْ فِيهَا بِطَاقَةُ "يَا نَصِيبُ" الأُغْنِيَاتِ
سَتُدْهِشُ الْمُدَنَ الْبَلِيدَهْ
***
أَدْمَنْتُ شَعْوَذَةَ الْحُرُوفْ
فَرَأَيْتُ أَوْرَاقِي أَمَامِي زَوْجَةً شَقْرَاءَ
تَلْبسُ زُرْقَةَ السَّطْرِ الشَّفِيفْ
وتَنَامُ مِثْلَ الأُمَّهَاتِ
وَطِفْلُهَا قَلَمٌ صَغِيرٌ يَرْتَدِي خُفَّيْنِ مِنْ حِبْرٍ
وَيَلْعَبُ حولها كَبَقِيَّةِ الأَقْلامِ
ذَوَّبْتُ بِرْشَامَ الْبَلاغَةِ فِي فَنَاجِيلِ الْكَلامِِ..
جَعَلْتُ مِنْ كَفَّيَّ سَاقِيَتَيْنِ فِي خَمَّارَةِ الأَحْلامِ
***
يَا صَاحِبِي الدَّجَّالَ!
يَا فَلاحَ أُغْنِيَتِي!
تَعَشَّى بِالْبَلابِلِ -عِنْدَ حَافَةِ تُرْعَةٍ أُخْرَى- غُرَابْ
وعِيَالُ شِعْرِي لَمْ تَجِدْ قُوتَ الْخَيَالِ لِيَومِهَا الْعِشْرِينَ..
مِنْ شَهْرِ الْقَنَابِلِ وَاغْتِصَابِ سَمَاءِ غَزَّةَ بالأَزِيزِ..
وَأَرْضُهَا حَرْفٌ عَلَى شَفَةِ الْخَرَابْ
تَمْشِي الْيَتِيمَةُ فِي شَوَارِعِ صَبْرِهَا الْمَرْصُوفِ بِالْقَتْلَى..
وَنَظْرَتُها حَقَائِبُ غُرْبَةٍ..
وَالأَقْرِبَاءُ يُغَلِّقُونَ وَرَاءَهَا مِلْيُونَ بَابْ
وَالليْلُ مِعْطَفُهَا الأَخِيرُ..
يَشُقُّهُ شَبَقُ الْبَنَادِقِ فِي شِتَاءِ نَزِيفِهَا
وَيَقُدُّ قُمْصَانَ الضَّبَابْ
هَرَبَتْ عَلَى قَدَمَيْنِ مِنْ نَبْضِ الشُّعُوبِ
فَرَنَّ خَلْخَالُ السِّيَاسَةِ مُخْلِصًا فِي شَنْقِ خُطْوَتِهَا
أَمَامَ الْعَمِّ قَبْلَ الْخَالْ
شَنَقُوا الْبُنَيَّةَ وَالشُّعُوبَ..
فَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ شَنْقِ الْبِنْتِ بِالْخَلْخَالْ
والأهلُ مِنْ فَرْطِ الْعَزَاءِ دَعَوْا لِمَائِدَةٍ مُنَوَّعَةِ الخِلافِ..
عَشَاؤُهَا لَحْمٌ مِنَ الْحِرْصِ الْمُرَبَّى فِي الْقُصُورِ..
وَرِجْلُ عَرْشٍ تُبِّلَتْ بِأَصَابِعِ التُّهَمِ الشَّهِيَّةِ..
وَزَّعُوا فِيهِ الشَّرَابَ بِطَعْمِ مُؤْتَمَرٍ..
وَنَكْهَةِ قِمَّةٍ..
مَا كَانَ أَحْلاهَا بِمُوسِيقَى الصُّرَاخِ..
وَطِفْلَةٌ عَرَبِيَّةٌ فِي الرُّكْنِ تَعْزِفُهَا عَلَى الْحَبْلِ الأَخِيرِ
بِعُودِ حَنْجَرَةٍ يُسَلِّمُ نَفْسَهُ لِلصَّمْتِ بَعْدَ تَمَزُّقِ الأَحْبَالْ..
وَعَلَى بُرُودُ اللحْنِ يَبْتَلِعُونَ آثَارَ الْخُشُوعِ بِكُوبِ مَاءٍ..
ثُمَّ أَطْبَاقٍ مِنَ الْحَلْوَى الَّتِي حُشيَتْ بِأَصْنَافِ السُّكُوتِ..
وَ"جَوْزَةُ" التَّعْمِيرِ
(فِي سَنَتَيْنِ أَوْ خَمْسِينَ)
عَامِرَةٌ بِتَبْغِ الصُّلْحِ..
لَكِنْ دَائِمًا يَنْسُونَ أَنْ يَتَذَكَّرُوا
تَحْدِيدَ وَقْتٍ لِلْجنَازَةِ بَعْدَمَا شَنَقُوا الْبُنَيَّةَ
مَرَّةً أُخْرَى بِأَحْبَالِ الرِّضَا بِالْحَالْ
وَتَدَلْدَلَتْ أَمْطَارُ صَرْخَتِهَا عَلَى خَدَّ الزَّمَانِ:
الدَّمْعَةُ الأُولَى يَتَامَى..
الدَّمْعَةُ الأُخْرَى أَرَامِلُ..
وَالْحُقُولُ كِسَيحَةُ الإِنْبَاتِ، غَارِقَةٌ بِثَالِثِ دَمْعَةٍ
مِنْ صُلْبِ جَفْنٍ صَارِخٍ هَطَّالْ
عَيْنَايَ أَرْضا مَحْشَرٍ لِمَشَاهِدِ الْجَرْحَى..
وَأَكْفَانُ السُّؤَالِ تَمَرَّغَتْ فِي ضِيقِهَا رِئَتِي..
وَقَلْبِي ضَفَّتَان مَرِيضَتَانِ بِنَبْضِيَ الْمَسْمُومِ مِنْ غَرْزِ الْمَشَاهِدِ..
فِي الْعُيُونِ..
وَكَمْ تُغَيِّر جِلْدَهَا فِيهِا ثَعَابِينُ الْفَضَائِيَّاتِ..
و(التِلْفَازُ) قبرٌ يبْعَثُ الشُّهَدَاءََ..
مُنْذُ قِيَامَةِ الْجُرْحِ الْفِلَسْطِينِيِّ حَتَّى الآنْ
مَاذَا سَتَفْعَلُ يَا حَفِيدَ الْوَهْمِ؛
كُلُّ السَّطْر حُوصِرَ بِالدُّخَانِ..
وَأَوَّلُ الْكَلِمَاتِ جُرْحٌ، آخِرُ الْكَلِمَاتِ جُرْحٌ..
وَالْحُرُوفُ تَغُزُّ أَوْرَاقِي بِأَسْنَانِ الْمَعَانِي..
نُقِّطِتْ بِدَمٍ تَنَكَّر فِي ازْرِقَاقِ الْحِبْرِ..
يَسْقُطُ مِنْ أَعَالِي رَعْشَتِي إِنْسَانْ
وَالسَّطْرُ يَبْلَعُ شِبْرُهُ مِنْ وَحْشَتِي فَدَّانْ
وَالصُّبْحُ يَقْضِي عُطْلَةً فِي بِيْتِ حَاخَامٍ..
يُشَاربُهُ دِمَاءَ الشَّمْسِ مِنْ كَبِدِ الْقَصَائِدِ عند آخِرِ نَظْرَتِي..
فَتُخَاطُ بِالسَّطْرِ الْكَئِيبِ عَلَى وُجُوهِ أَصَابِعِي شَفَتَانْ
وَتُسَاقُ لَيْلَى نَحْوَ تَلِّ أَبِيبَ أَرْمَلَةً
مُقيَّدَةً بِأَنْفَاسِ الْقَتِيلْْ
وَعِتَابُهَا الْمَمْدُودُ فِي بَدَنِ الْقَصِيدَةِ
يَنْقُشُ الْحَرْفَ الْخَجُولَ عَلَى جِدَارِ اللَّيْلِ
جِيلاً بَعْدَ جِيلْ
عَزَّيْتُ فِيهَا الْسُّنْبُلاتِ الْخُضْرَ..
وَالشَّمْسَ الَّتِي انْتَبَذَتْ مَكَانًا قَاصِيًا مِنْ أهلها
حتَّى تُرَبِّيَ ضَوْءَهَا الْمَعْصُومَ مِنْ لَيْلٍ ذَلِيلْ
عزَّيتُ فِيهَا مَوْجَةً مَمْزُوجَةً بِدَمِ الْفُرَاتِ..
وَمَوْجَةً مَعْجُونَةً بِالنَّوْمِ فِي أَجْفَانِ نِيلْ
ودَفَنْتُ حَقْلاً صالحًا فِي قَوَقَعِ النَّبَضَاتِ فَاعْتَنَقَ الدُّجَى..
وَسَفِينَةً خَضْرَاءَ فِي عِرْقِي..
وَأُغْنِيَةً (مُحَرَّجَةً عَلَى شَفَةِ الْعُرُوبَةِ) تَحْتَ جِلْدِي..
لَمْ تعَزِّينِي الدُّمُوعُ..
وسِكَّةُ التَشْيِيعِ شَِرْيَانٌ طويلْ
أَمْشِي عَلَى سَطْرَينِ فِي وَرَقِ اشْتِيَاقِي لِلأَسِيرَةِ..
كُلُّ سَطْرٍ أَلْفُ مِيلْ
***
وكعادتي: سُمْكُ الدَّقَائِقِ يَشْرَبُ الشَّكْوَى..
أَزُورُ صَدِيقِيَ الدَّجَّالَ..
يَرْسُمُ لِي عَلَى بَرْدِيَّةِ السَّاعَاتِ فِنْجَانًا
مِنَ الْحِبْرِ الثَّقِيلْ!