مناولة الفواكه الخاطئة:
كما قيل عن الخضروات يمكن القول عن الفواكه، سواء فيما يخص رشها بالمبيدات الكيميائية، أو تسويقها وعدم كفاءة أجهزة الرقابة الصحية في معرفة تلوثها بالمبيدات أم لا، ومما يجعل الفواكه أخطر من الخضروات هو ما يلي:
1ـ أن المشتري أحياناً يتذوق بعض الفواكه وهي في الأسواق لمعرفة حلاوتها وجودة طعمها، بعكس معظم الخضروات، وذلك بطلب من البائع الذي يرغب في بيع بضاعته، أو كإجراء فطري طبيعي عند بعض المشترين، في مباشرة التذوق، دون أخذ إذن من بائعها.
2ـ عمليات تشميع بعض الفواكه (تغطيتها بعد تطميسها بطبقة رقيقة من الشمع لحفظ رطوبتها ولإكسابها لمعانا مغرياً) كالحمضيات والتفاح والمانجو وغيرها، مما يجعل عملية زوال أثر الكيميائيات أكثر بطئا. كما أن عملية الغسل السريع بالماء المتدفق من الصنبور لا يزيل تلك الطبقة الشمعية، والإجراء الأسلم هو إضافة 20 مل من الخل للتر الماء وترك الفاكهة به بعض الوقت قبل غسلها وتجفيفها وتقديمها للمائدة أو حفظها بالثلاجة.
3ـ في بعض الفواكه التي يكون الزيت موجودا في عصارتها، كالزيتون مثلا، فإن احتفاظ الفاكهة بالمبيد يكون أطول بعكس الفواكه التي لا تحتوي أنسجتها على زيوت، ولما كان تكوين الزيت في الزيتون يبدأ بعد شهرين من عقد ثماره، أي في شهر (يوليو/تموز)، فإن النصيحة هي أن يتوقف المزارعون عن رش أشجارهم بعد ذلك التاريخ. لكن من يضمن ذلك؟
4ـ بعكس الخضروات، فإن معظم الفواكه تؤكل دون طبخها، مما يجعل خطرها أكبر من الخضروات.
المناولة الخاطئة للدجاج والبيض
في السابق كان الدجاج والبيض يتم إنتاجه في حدود ضيقة لا تتعدى حدود الأسرة كثيرا، وإن كان بتلك المناولة من خطأ فإنه كان محصورا بذلك النطاق الضيق، أما اليوم فقد انحصر الإنتاج الأسري للبيض والدجاج في مناطق ضيقة من الأرياف والبادية، وأصبح الخطأ في المناولة ينتشر ضرره بمساحات أوسع، مما يستدعي تطوير المراقبة الممثلة لعموم المستهلكين.
تنوع مصادر البيض والدجاج
تزخر الأسواق بأنواع كثيرة من منتجات الدجاج اللاحم، وقسم منها يأتي مستوردا من مصادر بعيدة، والقسم الآخر يأتي من المنتجين المحليين. وتأخذ مناولة الدجاج هيئات مختلفة، فمنها الحي ومنها المجمد ومنها المبرد ومنها المقسم الى أجزاء محددة (صدور، أوراك، كبد، أجنحة) الخ، ومنها المصنع بشكل (نقانق، أو مرتديلا، أو همبرجر، أو مفروم)، كما يأتي قسم منها الى محلات تصنيع الشاورما والمطاعم دون أن يمر بشكل تسويقي مُراقب.
لا يستطيع المستهلك إلا أن يستسلم لقدره في شراء تلك المنتجات، دون أن يتيقن من قدرة الأجهزة الرقابية على متابعة تلك المنتجات في مراحل مناولتها المتعددة.
فالمستورد، يمر بالعديد من طرق التحايل الدولية، كتغيير (علامات سنة الإنتاج ومدة الصلاحية) أو خلوه من الأمراض (السلمونيلا أو إنفلونزا الطيور)، أو خلوه من المواد المسرطنة والمعاملة (جينيا) لرفع معدلات الإنتاج وتقليل كلفته عالميا، ليكون منافسا لما يُنتج منه محليا، ويلجأ المستهلك المحلي للإقبال على تلك المنتجات لتدني أسعارها مقارنة بسعر المنتج منها وطنيا، هذا إذا سلم ـ أصلا ـ بتفوق المنتَج المحلي عليها.
وفي المنتجات المحلية، قد تظهر بعض الأوبئة أو الأمراض السارية على قطعان كبيرة من الدجاج المنتج محليا، مما يدفع المنتجين الى بيعها في عمر قبل اكتمال نضجها وصلاحيتها للتسويق، فتذبح في مسالخ (أهلية) وتورد الى مصانع النقانق أو المعلبات، أو تفرم وتباع بشكل أقراص صالحة للشواء أو أصابع مفرومة يُحضر منها صنف من الكباب، كما يشتري أصحاب مطاعم (الشوارما) الدجاج الكبير الذي تعرض الى إصابة قد تكون ضارة للبشر مثل (السالمونيلا) ويعامل بالخل والبهارات واللبن الزبادي ويشوى أمام المستهلكين، وقد حدث ذات يوم أن تسمم المئات من المواطنين في الأردن نتيجة تناولهم الشاورما المحضرة من مثل ذلك الدجاج، مما حدا بالجهات المختصة إغلاق كل المطاعم التي تحضر مثل ذلك الصنف! وهو إجراء يخلو من الدقة كمن يمنع بيع البنزين عندما يتعرض أحد المواطنين الى الاحتراق.
وهناك طريقة لتسريب تلك الطيور الى المواطنين غير التي ذكرناها، وهي بيعه في الحارات بواسطة باعة متجولين، ولا يمكن ملاحقتهم أو حتى معرفة عنوانهم.
كما أن بعض الشركات الكبرى، عالميا ومحليا، تقوم بإضافة بعض محفزات النمو على علف الدجاج لينمو بسرعة ويعطي ربحا إضافيا، وقد حرمتها الأمم المتحدة منذ عام 1971، ومع ذلك لا زال الكثير من المنتجين يستخدمونها عالميا ومحليا.
كيفية تجاوز تلك الأخطار؟
تعج قوانين الدول بمصطلحات تناقش مثل تلك الأمور، وتردها الى مصطلح (المواصفات القياسية)، ولكن ذلك لا يكون إلا على الورق، إن مهمة سلامة المواطن هي في رقبة الحكومات أولا، وعليه فإن التشديد على رقابة صلاحية المنتج تتم في مختبرات متطورة. أما أولئك الذين يسوقون خارج القنوات المراقبة، فما يقومون به وإن بدا عليه طابع البراءة والعفوية فلا يخلو من أن يكون جرائم بحق المستهلكين، وإن مصادرة السيارات وإغلاق المعامل والمسالخ المخالفة، لا يكون عملا قمعيا إذا ما قورن بآثاره السيئة على المستهلكين.