هل تتوقع قيام الوحدة العربية ؟ كيف ومتى ؟موضوع للنقاش

[فائز البرازي]

د. عبد الوهاب الجبوري

تحية الحياة والمقاومة :

[[ هل تتوقع قيام الوحدة ؟ كيف ومتى ]] ..

في الزمن الأسود الرديئ ، وفي عصر الإنحطاط العربي الجديد ، وفي عصر الإنسحابات والعودة إلى ماقبل القطرية ، إلى : الطوائفية والعشائرية والأسرية .. وحتى إلى " الأنوية الذاتية المضخمة " .. يصبح موضوعك / التساؤلات ، حاملآ لأهمية فريدة ووجودية في حياتنا ..

ولعمق " المحاور " التي تفضلت بطرحها ، والتعليق عليها .. أطمح في كرمك بإنتظاري لآتي إليك على مهل ، فذاك ليس بسهل .

تقديري وإحترامي .

[فائز البرازي]

[ هل تتوقع قيام الوحدة ؟ كيف ومتى ؟ ]

الأستاذ د. عبد الوهاب الجبوري
أتمنى لك إجازة سعيدة ، ونجاح عمل ناجح مثمر .

سؤال حضرتك كبير ، وبما يتفرع عنه من محاور هامة وجدية عميقة لابد من التوقف عندها ، لأنها تشكل ايضآ أجوبة عن التساؤل الكبير .


نعم .. أتوقع قيام الوحدة .. الوحدة العربية التي أفهمها ، أنها تعني في النتيجة / الدولة القومية العربية الواحدة / ، مهما كانت أشكالها الدستورية المعروفة ، أو الممكن أن تخرج صيغآ غير معروفة بعد .
وعندما اقول نعم ستكون هناك دولة عربية واحدة ، فلا أقصد أو أعني اليوم .. أو غدآ .. أو في القريب من الزمن .
السبب لهذه النتيجة الواثقة ، هو : حتمية التاريخ ، وحتمية الإنسان . المتركبتان ضمن : جدلية التاريخ ، وجدلية الإنسان .
فالتاريخ هو تسجيل للفعل الإنساني في رؤية له .
والتاريخ هو تراكبيات متراكمة تؤثر في جدل الإنسان مع ذاته ومع معطياته التاريخية المكونة ، ومع معطياته اليومية المتجددة .
وهذه النظرة الفلسفية ، والعلمية لطبائع الأمور ، تقودنا إلى النظرة الواقعية للطرح ، بالإجابة الحتمية عن : كيف ؟ ومتى ؟ .. اللتان هما متكاملتان مترافقتان . إذ أن : متى ، مرتبطة " بتحقيق الكيف " ؟ .
وإن قدمت هنا النتيجة على الفرضيات والمسببات متجاوزآ اسلوب البحث بسبب المساحة هنا ، أقول :
كيف تتحقق الدولة القومية العربية الواحدة ؟ ( الوحدة العربية ) .
هل بواسطة / أدوات .. الجماهير العربية ؟
هل بواسطة / أدوات .. الأحزاب القومية ؟
هل بواسطة / أدوات .. الأنظمة العربية القائمة والمشابهة ؟

اكاد اجزم أنها لن تتحقق بأيهم . وإن كانوا عوامل دافعة ، وفي ذات الوقت عوامل رافضة منفرة.
ان الوحدة العربية يمكن أن تتحقق بعدد من المعطيات والمتوفرات الجدلية بين بعضها البعض :
1- بواسطة : ( الدولة القطرية المؤسساتية ) ..
فالدولة القطرية هي واقع نعيشه . ومن الرومانسية أن ننكرها أو نرفضها الآن ، بمقابل كيان في علم الغيب لم يتحقق بعد ، او نحاول القفز من عليها . لكن : تحول هذه الدولة القطرية من : فردانية ديكتاتورية أو حزبية أو قبلية أو شركة فساد وإفساد .. تحولها وخلال عمل مضني وشاق يبدأ من أسفل إلى أعلى .. من الأسرة ، وحتى السلطة ، إفرازآ لعناصر بنائية جديدة ، لا تكرارآ وإستيلادآ وإستنساخآ لما هو موجود ، أو هو قد سبق .
عندها تستطيع الأمة وخلال ( مسيرة تراكمية بنائية شاقة ) ، أن تفرز " دولة مؤسسات " . فبالحتمية والشرط الحاكم ، أن يكون تصور وتوجه هذه "الدولة المؤسساتية " هو نحو التكامل والتوحد والكيان الأكبر كطريق فعلي وأسلوب ناجح وناجع لتحقيق مصالح الشعب والأمة : الأمنية والإقتصادية والسياسية والإجتماعية .. لا مصالح أفراد ومنتفعين من التجزء والقطريةالحاكمة .
2- التنمية والنهضة :
وهذا الشرط الضرورة .. هو أيضآ في علاقة وشائجية جدلية مع ( الدولة القطرية المؤسساتية ) التي تنحو إلى تحقيق تكتل عربي يتوسع ويتكامل على طريق " التنمية المستدامة " والتي ستنتج النهضة المأمولة في كل المجالات : الفكرية والعلمية والإنسانية والإقتصادية .

وكل مايلي بعد ذلك من محاور ، سيصب حتمآ ضمن هذين المحورين ..
• عن ضرورة التأكيد على ( العروبة كهوية ) .. أكثر من الحديث عن : ( القومية كهوية ) ..
إسمح لي بالقول : أن التمييز بينهما – لا التمايز – هو الذي يخلق هذه الإشكالية المزورة المصطنعة .
ببساطة : العرب .. أمة .. أي : أنهم عروبيون بكل المعاني ومفاهيم العروبة .
والعرب .. قوم .. أي أنهم " قوم " مصبوغين وموصفين بالصفة العروبية .
وبالتالي فإن : الهوية هنا هي ( الهوية العربية ) ، التي هي " خاصة " بهذه الأمة .. بهؤلاء القوم.
أما إن كنت حضرتك تتكلم عن : ( حركة القومية العربية ) فهذا شأن آخر ، يتأطر بمفهوم "الفعل والممارسة لتحقيق وحدة الأمة العربية " وبنائها وتطويرها وتنميتها . أي :
هي ( حركة سياسية ) كما الحركات السياسية الأخرى . وبالتالي لايجوز الخلط بين ( كيان موجود) .. وبين ( اداة ) تسعى – ببرنامجها وفكرها وممارستها – إلى إحالة هذا الكيان الموجود إلى صيغة الفعل والتأثير ووحدة الممارسة .
أما عن : [ ماهية هويتنا ] .. فقد كنت قد تعرضتُ لذلك . ومع المعذرة ومنعآ لإطالة المداخلة هنا سأنزل ذلك الموضوع في صفحة مستقلة .

• عن مشروع النهضة :
( المشروع النهضوي العربي ) قد أصبح مشكلآ لمجلدات بحث وطرح ورؤيا .. بدءآ من المشروع الذي طرحه / المؤتمر القومي العربي / منذ عقود ، وهو في حالة من إستمرارية الإضافة والتطوير وصولآ إلى : " المشروع النهضوي العربي " المطروح : للدراسة والإضافة وإبداء الرأي في نوفمبر / 2008 .. والمحدد في ستة محاور هي :
التجديد الحضاري – الوحدة العربية – الديمقراطية – التنمية المستقلة – العدالة الإجتماعية – الإستقلال الوطني والقومي ..
إضافة إلى فصل عن : " آليات تحقيق المشروع " ..
مع فصل في بداية الطرح : " في ضرورة النهضة " ..
وأتمنى أن يسعفني الوقت لإبانة " المحاور " الأساسية على الأقل في كل فصل من فصوله .

كما قد ُطُرح مؤخرآ : ( مشروع حركة التحرر العربية الديمقراطية ) " كأداة " للممارسة وتطبيق كل الأفكار والتصورات الفكرية النظرية .
وأقول : أن كل هذا عطاء عظيم باهر .. لكن : على المستوى العملي والتطبيقي والممارساتي ، لازلنا عاجزين عن تحقيق ( وحدة عمل ) من الحركات والتنظيمات الموجودة .. من أسف متنافرة فيما بينها ، وفي داخل كل منها .

• عن الدولة الإسلامية في الشرق الأوسط :
من الخطل بل من الحلمية واللاموضوعية – ومع الإحترام لشخصك ، أتكلم عن أفكار وأحكام – تصور أن تكون تكون هناك ( دولة إسلامية ) .. أي دولة دينية ، أو دولة قائمة على أساس عامل مفرد جمعي هو الدين الإسلامي ..
ان كل العوامل الكبرى والمشتركة من : اللغة ، المصلحة المشتركة ، الوجود ، الأمن ، الإجتماع ، السيسيولوجيا ، والدين احد العوامل – " كعقيدة " .. لم تستطع ولم تكن كل هذه العوامل – حتى الآن – دافعة ومؤسسة لتحقيق ( الدولة العربية الواحدة ) .. فهل يمكن : موضوعيآ وعلميآ وسياسيآ ، تحقيق " دولة واحدة " فقط على اساس ديني ، بكل : الإختلافات المصلحية واللغوية والفكرية والإجتماعية الإنسانية .. مع كل مايتحوى عليه من طوائف وفرق وفتاوى ورؤى وتنافر ؟؟
أكاد اجزم .. انه ليس فقط طرح ( رغائبي ) .. بل هو طرح غير علمي وغير موضوعي ، يقفز على الكثير من العوامل والمعطيات الزمانية والمكانية .
وأخيرآ .. هي مجرد آراء ووجهات نظر اؤمن بها ، ولا أصر عنادآ على صحتها أو خطئها ..

مع خالص الود والإحترام .
فائز