منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 10 من 30

العرض المتطور

  1. #1
    الهجرة الصهيونية بعد الاحتلال وإعلان دولة الكيان الصهيوني

    في 15/5/1948 أي اليوم الذي أعلنت فيه دولة الكيان الصهيوني، كان عدد اليهود في فلسطين (540) ألف، وقد زادت وتيرة الهجرة ففي عام 1948 وحده دخل فلسطين كمهاجرين أكثر من مائة ألف يهودي، وفي نهاية عام 1950 كان مجموع اليهود الذين هاجروا الى فلسطين بعد إعلان تأسيس كيانهم الصهيوني 232 ألف مهاجر. وفي عام 1951 دخل 164 ألف مهاجر.

    في عام 1959، أشارت الإحصاءات على وجود 228 مستوطنة ، وقد أخذت السلطات الصهيونية تتستر على الأرقام المهاجرة، لكن ما تسرب من معلومات يشير الى أن عدد المهاجرين بين عامي 1951 و 1960 بلغ 157 ألف مهاجر، أي بمعدل 16 ألف سنويا، لكن ما تكشف بين عامي 1961 و 1962 كان 96 ألف في العامين فقط.

    وقد أعلن في عام 1964 أن عدد التعاونيات الصهيونية كان (640) تعاونية أكثر من نصفها على شكل تعاونيات زراعية (كيبوتز) . وبنفس الوقت أعلنت مؤسسة (الكيرين كايمت) الصهيونية عن بناء 18 مستوطنة جديدة مخصصة لمن أسمتهم (كتائب الناحال ـ أي: الشباب الطلائعي المحارب). كما قرر مجلس الوزراء الصهيوني بناء 40 مستعمرة جديدة في منطقة الجليل.

    في عام 1965 كان عدد المهاجرين 30ألفا أغلبهم من الأقطار العربية. وفي عام 1966 (في منتصفه) أعلن أن عدد اليهود الصهاينة في فلسطين المحتلة قد وصل أكثر من مليوني نسمة.

    الهجرة بعد حرب 5/6/1967

    كانت نوايا الصهاينة واضحة منذ البدء في تهجير معظم يهود العالم لفلسطين والإبقاء على من يمدهم في أسباب البقاء من الخارج من خلال التأثير في قرارات الدول وبالذات تلك الدول التي تلتقي مشاريعها الإمبريالية مع المشروع الصهيوني فيما يخص المنطقة.

    عشية انتهاء حرب ال 1967 أو الهزيمة إن صح التعبير، فإن 30 ألف من اليهود هاجروا الى فلسطين فيما تبقى من عام 1967، وأغلبهم من الأقطار العربية، ليبيا، تونس، المغرب، لبنان وفرنسا. وبحلول عام 1970 زادت نسبة الصهاينة عما كانت عليه في 4/6/1967 بمقدار 64% .

    بعض المستعمرات التي أقيمت على مواقع القرى العربية*1

    سنضع اسم المستعمرة كما يطلق عليها الصهاينة ونضع اسمها الأصلي بين قوسين:
    أشزب (الزيب)، أفدات( عبدة: النقب)، أوريم (تل الفارعة: منطقة بئر السبع)، إيال (الدردارة)، أيزيم (خربة العزام: النقب)، إيلانياه (الشجرة: طبرية).

    بقعيم (البقيعة)، بني براق (الخيرية)، بني داروم (خربة صقرير)، بورجاتاه (البرج)، بورياه (بورية: طبرية)، بيت داجان (بيت دجن: الرملة)، بيت شعاريم (الشيخ بريك)، بيت شعان (بيسان)، بيت هجدي (خربة الجندي)، بيت أوراه (بئر حندس: بئر السبع)، بئر شيفاه (بئر السبع).

    تسارعاه (صرعة)، تسافات (صفد)، تل ملحاتا (تل الملح: النقب). جدود (جلجولية)، جديداه (الجديدة)، جفعت رام (سارونة)، جياه (الجية)، جيشر نهارايم (جسر المجامع) . حسين (سحماته)، حمادياه (الحميدية).

    دان (تل القاضي)، دفناه (دفنة) . رامييم (المنارة)، رِشف (أرسوف ـ الحرم)، رفاديم (بيت سكاريا)، رملاه (الرملة)، روش هنقراه (رأس الناقورة)، روفين (قاقون). زموروت (بيت داراس). سافياه (الصافية)، سدة حمد (حوًارة)، سدة يوآف (عراق سويدان)، سدوم (سدوم : البحر الميت).

    شفتاه (سبيطة)، شونيفاه (ساريس). طبحاه (الطابغة)، طفرياه (طبرية)، طيرة هاكرمل (الطيرة). عاجور (عجور)، عتليت (عتليت)، عراباه (عرابة)، عزريقام (البطاني الغربي)، عفولاه (العفولة)، عكو (عكا)، علما (علما)، عمقاه (عمقا)، عين حتسفاه (عين حصب)، عين هود (عين حوض)، عين يهف (عين).

    قاستل (القسطل)، قرية هيوفل (بيت مزميل)، قومميوت (حتا). كبري (كابري)، كفار أحيم (القسطينة). كفار ترومن (دير طريف)، كفار ساقية (ساقية)، كفار يروحام (تل الرحمة)، كيساريا (قيسارية). لود (اللد).

    مازور (المزيرعة)، ماقواره (إجزم)، مجدال (المجدل: الجليل)، مجدال أشكلون (المجدل: غزة)، مجدال إفك (مجدل يابا).

    مطولاه (المطلة)، ملكياه (المالكية)، مناحات (المالحة)، موعافياه (معاوية)، مي نفتوح (لفتا)، هارطوف (عرطوف)، هرئل (بيت جيز)، يدناتان (كرتيا)، يكون (قاقون)، مشميع (المسمية)، يفنة (يبنة).


    هامش
    *1ـ معجم بلدان فلسطين/ محمد محمد شرًاب/دار المأمون للتراث/ دمشق وبيروت/ط1: 1987/ صفحة 742 و743.

  2. #2
    المقاومة الفلسطينية

    يمكننا القول أن الفلسطينيين تنبهوا للخطر الصهيوني في أوائل العقد التاسع من القرن التاسع عشر، أي قبل انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول بأكثر من عقد من الزمان. فلم تثبت إجراءات الدولة العثمانية التي اتخذتها عام 1881 في الحد من الهجرة اليهودية الى فلسطين.

    بدأت مهاجمات الفلاحين العرب في فلسطين للمستوطنات اليهودية عام 1886 التي أقيمت على الأراضي التي كانوا يزرعونها ويعيشون من نتاجها، في حين كانت تلك الأراضي قد اقتطعت لعائلات ثرية أغراها الثمن الذي دفعوه اليهود في شرائها، وكانت عمليات البيع لليهود تسبق طرد الفلاحين من الأراضي التي كانوا يعملون بها بعدة سنوات حتى لا ينتبه السكان لحركات البيع.

    في 24/6/1891 قدم عدد من وجهاء القدس التماسا الى السلطات العثمانية، طالبوا فيه وضع حد للهجرة اليهودية وإيقاف حركة بيع الأراضي. وفي عام 1892 وافقت الإدارة العثمانية على طلب العرب، لكن تدخل السفير البريطاني في استانبول لدى السلطات العثمانية والتي كانت تعاني من حجم الديون التي كانت للدولة البريطانية على الدولة العثمانية، حال دون جدية تطبيق حظر البيع لليهود.

    ازداد شعور العرب بخطورة الوضع، خصوصا عندما أصدر هرتزل كتابه (الدولة اليهودية)، ثم ما أعلنه المؤتمر الصهيوني الأول في (بازل/سويسرا) عام 1897. وقد دفع هذا التحرك العربي متصرف القدس للتباحث مع القنصل الألماني حول الخطر الصهيوني.

    وبعد انتقال السلطات الى أيدي الاتحاديين في حكم الدولة العثمانية عام 1908 ومعاناة القوميين العرب من خطورة تلك الحكومة، وما علقت على المشانق من مناضلين في دمشق وحلب وطرابلس، هب المثقفون الفلسطينيون العرب الى إصدار مجموعة من الصحف التي تنبه بخطورة ما يحدث في فلسطين، وكان من بين الصحف الصادرة: (المقتطف) و (فلسطين) و (المنتدى) و (الكرمل).

    إنتفاضة القدس و تصاعد العمل الوطني:

    أحس الفلسطينيون أن هناك مخططا للتفرد بهم وعزلهم عن محيطهم العربي، ففي المؤتمر العربي الفلسطيني الأول في يناير/كانون الثاني 1919، صدر ميثاق قومي ينص على رفض وعد بلفور والانتداب البريطاني واعتبار فلسطين جزءا من سوريا وأطلق على فلسطين في هذا المؤتمر اسم (سوريا الجنوبية) وطالب المؤتمر بوحدة سوريا الكبرى واستقلال فلسطين التام ضمن الوحدة العربية.

    في شباط/فبراير 1920 حاول الفلسطينيون عقد المؤتمر الثاني في يافا، لكن السلطات البريطانية قمعتهم وحالت دون انعقاده، فأدى ذلك الى احتقانات تفجرت في 4/4/1920 في القدس بشكل انتفاضة غاضبة استمرت أربعة أيام، راح ضحيتها 14 شهيد و13 جريح ليتحول الاحتجاج فيما بعد الى عمل مسلح.

    إنتفاضة يافا 1/5/1921

    كانت تلك الانتفاضة أشد من سابقتها ـ في القدس ـ إذ استمرت 15 يوما، هاجم فيها العرب مستوطنات (بتاح تكفا) و (رحبوت) و (ديزن) واستشهد في تلك الانتفاضة 157 عربي كما جرح 705، وسقط من بين الصهاينة عشرات القتلى.

    ثورة البراق 1929

    لم تتوقف الأعمال الثورية من الفلسطينيين بعد انتفاضة يافا، لكن أبرزها هي ثورة البراق التي كان سببها أن اليهود تجمعوا في (عيد الغفران آب/أغسطس 1929) عند حائط البراق وقالوا هذا الحائط لنا وهو حائط المبكى، وأنهم (اليهود) سيقومون بالبحث عن هيكل سليمان، وبعد أن تجمعوا بأعداد غفيرة، فتواجهوا مع الثوار العرب لمدة أسبوع سقط من الصهاينة 133 قتيلا، و339 جريحا، في حين استشهد من العرب 116 شهيدا و 232 جريح.

    الانتفاضة الوطنية عام 1933

    استيئس الفلسطينيون من مطالبة سلطات الاحتلال بإيقاف الهجرة اليهودية، وتيقنوا أن الإنجليز يسهلون مهمة الصهاينة، فتشكل حزب الاستقلال العربي عام 1932 من بين مؤسسيه (عوني عبد الهادي وعزة دروزة و أكرم الزعيتر ومعين الماضي)، إلا أن الحزب سرعان ما تلاشى لمقاومة سلطات الانتداب البريطاني لنشاطه.

    في 26/3/1933 عقد اجتماع يافا الكبير، وأخذ يخطط لعصيان مدني ومظاهرات كبرى سلمية عمت أنحاء فلسطين وامتدت الى حيفا ونابلس، لكن الشرطة البريطانية أطلقت عليهم النار فاستشهد جراء ذلك 32 عربي وجرح 97 وكان من بين المصابين (موسى الحسيني) ومع هذا استمر الإضراب والمظاهرات مدة أسبوع عمت كل الأراضي الفلسطينية.

    تدابير بريطانية لإخماد حركة المقاومة

    قدم (واكهوب) المندوب السامي البريطاني مشروعا لتشكيل مجلس للحكم الذاتي يتكون من 28 عضو 14 عرب و7 يهود و 2 من التجار الأجانب و 5 من الموظفين البريطانيين. وكان (واكهوب) يتوقع أن العرب سيرفضون هذا المشروع كما رفضوا (الكتاب الأبيض) قبله. لكن العرب فاجأوا (واكهوب) وقبلوا المشروع.

    لكن الصهاينة رفضوه كما رفضه مجلسا اللوردات والعموم، فعلم العرب أن هذا المقترح هو واحد من سلسلة من الخدع البريطانية.

    حركة الشيخ القسام:

    لقد أنجبت حركة المقاومة العربية الفلسطينية نوعا من القيادات الجديدة في الكفاح المسلح. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 1935 ترأس الشيخ عز الدين القسام لجنة سرية عربية في حيفا، هدفها مقاومة الاحتلال. وقد قسمت اللجنة الى خمسة أقسام: 1ـ الدعوة 2ـ التدريب العسكري 3ـ لجنة العتاد 4ـ لجنة مراقبة الأعداء 5ـ لجنة الشؤون الخارجية.

    وكان القسام يرى (( أن بريطانيا أساس البلاء، وأن وجود الحركة الصهيونية مرتبط بالاستعمار البريطاني. ولذلك فإن إنهاء الانتداب هو الواجب الأول. على أن تبذل الجهود لمنع الحركة الصهيونية من الاستيلاء على مزيد من الأراضي))

    ولهذا انتقل القسام الى الريف وأخذ يخطط مع رفاقه الى اغتيال ضباط إنجليز والمتعاونين معهم من العملاء، بعد عدة عمليات، جردت السلطات البريطانية حملة واسعة شاركت فيها الطائرات وخاضت معركة مع القسام في (يعبد/جنين) حيث استشهد القسام مع اثنين من رفاقه وأسر خمسة في 19 من تشرين الثاني/نوفمبر 1935. وشيع جثمانه في حيفا بتظاهرة شعبية واسعة رسمت شكل الكفاح المسلح في مراحله المقبلة

    يتبع

  3. #3
    ثورة فلسطين الكبرى 1936-1939

    تعتبر تلك الثورة قمة نضال الشعب الفلسطيني بتنظيمها وتعبئتها للجماهير وحجم التضحيات المقدمة فيها، وآثارها على تحريك الشارع العربي، وإقلاقها بل وزلزلتها لسلطات الانتداب البريطاني. وقد كانت تتويجا للمظاهرات والانتفاضات التي سبقتها، وجاءت بعد أن يئس الفلسطينيون من المناشدات السلمية والاحتجاجات، وتيقنوا بأن بريطانيا ماضية في مساعدة الصهاينة لتقوية شوكتهم وتأسيس كيانهم. وقد استفاد محركوها من الأجواء العالمية التي رافقت صعود نجم النازيين في ألمانيا.

    وقد انطلقت شرارتها، بعد مصادمات وقعت في منطقة بين (طولكرم) و(نابلس) بين عدد من العرب ومجموعة من الصهاينة في 15/4/1936، ثم ما لبثت أن امتدت لتشمل عموم فلسطين. ليعلن المندوب السامي البريطاني الأحكام العرفية وقوانين الطوارئ ومنع التجول، وليتنادى أهل فلسطين لثورة عارمة.

    في 20/4/1936 أصدرت (لجنة يافا) دعوة للإضراب العام، كما تبعتها لجنة نابلس والقدس في 21/4/1936 وفي 22/4/1936 قدمت اللجنة القومية في حيفا مذكرة الى حاكم اللواء تطالبه فيها وقف الهجرة اليهودية وإيقاف نقل الملكيات الى اليهود ( خصوصا تلك الأراضي التي كانت باسم السلطان العثماني ونسبتها تزيد عن 70% [الأراضي الميرية] اي تلك التي لا يستطيع المواطنون إثبات ملكيتها). كما طالبت المذكرة بتشكيل حكومة وطنية من أهل البلاد (الفلسطينيين).

    لبت كل القوى الفلسطينية من أحزاب وهيئات وشخصيات وطنية، النداء وتشكلت (اللجنة العربية العليا) للإشراف والتنسيق وتنظيم المظاهرات وأعمال المقاومة، وقد كان ذلك في 25/4/1936 برئاسة مفتي القدس (الحاج محمد أمين الحسيني) وقد أصدرت تلك اللجنة التي ضمت قيادات وطنية متمرسة، بيانا طالبت فيه العموم بالإضراب العام.

    رافقت الإضرابات أعمال مقاومة عسكرية، استهدفت الجسور ووسائل النقل التي تنقل اليهود، ومعسكرات الجيش البريطاني، وخط أنابيب نفط العراق ـ حيفا. ورافق ذلك امتناع عن دفع الضرائب.

    تطوع الكثير من أبناء الأقطار العربية للاشتراك بتلك الثورة، فجاء من أبناء العراق والسعودية والأردن واليمن وسوريا ومصر وسائر البلدان العربية، وسقط منهم شهداء وجرحى، وتدفقت المساعدات المادية والمعنوية، وقد سقط أكثر من ألف شهيد في تلك الثورة وعدة آلاف من الجرحى، كما سقط من الأعداء الكثير من القتلى.

    بريطانيا تدرك خطورة الموقف

    لم تكن بريطانيا تتوقع هذا الحجم من الصمود والإصرار من قبل الشعب الفلسطيني، فلجأت الى الوساطات العربية الرسمية كإجراء لوضع حد لتفاقم تلك الأوضاع المتأزمة. وكانت تلك الدول قد تلقت طلبا من الثورة الفلسطينية لمساعدتها. وقد استجاب كل من الملك عبد العزيز آل سعود والملك غازي والأمير عبد الله والإمام يحيى*1 حيث أرسلوا مذكرة مشتركة الى ملك بريطانيا طالبوا فيها إيجاد حل سريع للقضية الفلسطينية، كما وجهوا نداء الى عرب فلسطين ناشدوهم من خلاله (الإخلاد الى السكينة حقنا للدماء ...) كما أوضحوا فيه اعتمادهم (على حسن نوايا) و (صداقة الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة في تحقيق العدل) ثم أكدوا لهم قائلين: (ثقوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم). وتلبية لهذا النداء أوقفت الثورة عملياتها العسكرية التي استمرت 176 يوما. في 12/11/1936.

    شروط إيقاف الثورة

    اشترطت اللجنة العربية العليا في فلسطين لوقف ثورتها الشروط:

    1ـ إصدار اللجنة بيانا للشعب في وقف أعمال العنف والإضراب.
    2ـ إيقاف الهجرة اليهودية لفلسطين، حتى تأتي اللجنة الملكية (لجنة بيل) وتضع تقريرها.
    3ـ تقوم الحكومة العراقية بالسعي لدى بريطانيا لإنجاز مطالب فلسطين المشروعة.
    4ـ إلغاء الغرامات المفروضة على الأهالي والقرى ووقف عمليات التفتيش، وإطلاق سراح المعتقلين، وإصدار عفو عام عن المتهمين بحوادث الثورة.

    انتقاد لقيادات الثورة لقبولهم إيقاف الثورة

    يورد الدكتور عبد الوهاب الكيالي في كتابه (تاريخ فلسطين الحديث) انتقادا لاذعا لقيادات الثورة، فيقول وهو يستعرض نتائجها، بأن قتلى الأعداء كانوا 16 من البوليس البريطاني و148 جريح، في حين كانت الاحصاءات الرسمية لخسائر العرب 145 شهيد و 804 جريح، أما لجنة بيل التي سيأتي ذكرها فقد قدرت قتلى العرب ب (1000)، وأعلنت الوكالة اليهودية أن أكثر من 200 ألف شجرة فواكه قد أتلفها العرب. و 80 من اليهود قد قتلوا و 308 جرحى.

    ويرى الدكتور الكيالي أن هذه النتائج جيدة وكانت ممكن أن تؤدي الى وضع أفضل لو لم توقف الثورة في وقتها، ولكن القيادات قدرت أن الناس سيعانون مشاكل كبيرة بسبب البطالة واقتراب موسم قطف الحمضيات الذي سيضر بمصالح بعض الوجهاء السياسيين *2

    يتبع


    هوامش
    *1ـ قضايا عربية معاصرة/ ابراهيم خليل احمد وآخرون/جامعة الموصل/ 1988/ ص 69

    *2ـ تاريخ فلسطين الحديث/ د عبد الوهاب الكيالي/ بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ الطبعة السادسة 1970/ صفحة 322.

  4. #4
    مشروع تقسيم فلسطين (لجنة بيل)

    أثناء اشتعال الثورة، أوفدت الحكومة الإنجليزية لجنة ملكية برئاسة اللورد (بيل) للتحقيق في دوافع الثورة، فوصلت الى فلسطين في 5/11/1936 وفي ذات الوقت أصدر وزير المستعمرات البريطاني تعليمات لسلطات الانتداب البريطاني في فلسطين بالسماح لقبول 1850 مهاجرا كل شهر من اليهود الى فلسطين، مما جعل اللجنة العليا للمقاومة برفض التعامل مع لجنة بيل احتجاجا على السماح بالهجرة لليهود، لكن، وبعد وساطات عربية عادت اللجنة العليا الفلسطينية للتعامل مع لجنة بيل وقدمت طلباتها.

    وفي 7/7/1937 أوصت لجنة (بيل) بإلغاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وتقسيم البلاد الى ثلاث مناطق (دويلات): السهل الساحلي لليهود، والمناطق الداخلية (عدا المقدسة) للعرب، على أن تتحد تلك المناطق مستقبلا مع إمارة شرق الأردن لتشكل دولة متحدة، أما المناطق المقدسة (القدس، بيت لحم، الناصرة) فتكون تحت الحماية البريطانية، ويُعد تقرير لجنة بيل أول اعتراف لليهود بإعطائهم حق إنشاء دولة.

    رفض العرب هذا المشروع، وطالبوا بتحرير فلسطين ووقف الهجرة، كما رفضه اليهود، وقالوا أنه يتناقض مع وعد بلفور الذي أعطاهم الحق في إنشاء وطن قومي على كل فلسطين.

    مؤتمر بلودان العربي 8ـ10/9/1937

    رفض العرب التوجهات البريطانية من خلال ما جاء بتقرير لجنة بيل، ودعوا الى مؤتمر حضره في بلودان/سوريا زهاء 500 شخصية عربية، طالبوا فيه بدعم المقاومة ورفض وعد بلفور وقرار التقسيم وأن فلسطين جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير، وقضية شعبها هي قضية كل العرب، وأقسموا على إنهاء كل مظاهر الاحتلال في فلسطين.

    فشل لجنة (بيل) واستئناف المقاومة المسلحة

    في 27/9/1937 تمكنت مجموعة من الثوار الفلسطينيين من قتل (لويس أندروس) نائب الحاكم الإنجليزي في الناصرة، وكان هذا المقتول من غلاة الانحياز للصهاينة وهو مهندس التقسيم. فتعاملت القوات البريطانية بقسوة وقمع لم تشهد الأراضي الفلسطينية له مثيلا، فاندلعت الثورة من جديد للوقوف أمام هجمة الإنجليز، واعتقال قادة الفلسطينيين وحل المجلس الإسلامي وعزل الحاج محمد أمين الحسيني عنه، مما اضطره الى مغادرة فلسطين الى لبنان ومن ثم العراق.

    في 27/4/1938 وصلت الى فلسطين لجنة ملكية بريطانية أخرى حملت اسم (اللجنة الفنية للتقسيم) برئاسة (جون وودهيد)، ولكن العرب استقبلوها بالإضرابات والمقاطعة والاحتجاج وتصعيد أشكال المقاومة، مما دفع باللجنة للعودة الى بريطانيا خائبة في تشرين الثاني/نوفمبر 1938. وقدمت تقريرا مفاده أنه لا مكان عند العرب لدولتين على أرض فلسطين، ولكن تقريرها كان من الخبث بمكان، وهو تبني الفكرة الصهيونية بإقامة دولة يهودية خالية من أي مشاركة عربية على كل فلسطين.

    محاولة احتواء الثورة من خلال مؤتمر لندن عام 1939

    لم تتوقف الأعمال العسكرية للمقاومة الفلسطينية والتي قدمت آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، وقد ازداد الدعم العربي، خصوصا بعد مؤتمر عُقد في القاهرة بين 7ـ 11/10/ 1938 والذي حضره مندوبون من كل البلدان العربية وكثير من البلدان الإسلامية، فأحس الإنجليز أنهم في ورطة حقيقية، فخسائرهم بالضباط والجنود والمعدات قد زادت، وأن المساعدات الخارجية العربية والإسلامية قد أخذت تتدفق على الساحة الفلسطينية بحيث تبقي جذوة اشتعال ثورتها قائمة. أضف الى ذلك ما كان يجري على الساحة الدولية من توتر نتيجة ارتفاع وتيرة الاستعداد الألماني لعمل عسكري كبير.

    قررت الحكومة البريطانية إشراك دول عربية في مؤتمر لندن لبحث القضية الفلسطينية، فوجهت دعوات لمصر والسعودية وشرق الأردن واليمن والعراق، وقد رفض الفلسطينيون الاشتراك بالمؤتمر ما لم يمثلهم فيه قياداتهم المعتقلة والمنفية في جزر (سيشيل) فوافقت الحكومة البريطانية على ذلك.

    انعقد المؤتمر بين 7/2 و 17/3/1939 في لندن، وسمي بمؤتمر المائدة المستديرة، وقد رفض الفلسطينيون الجلوس مع الصهاينة على نفس الطاولة فتم عزل الوفدين في قاعتين منفصلتين، وانفض المؤتمر الذي استمر زهاء ستة أسابيع دون نتائج تذكر.

    صدر في أيار/مايو 1939 ما يعرف ب (الكتاب الأبيض) وجاء فيه، نبذ فكرة التقسيم، وعدم اعتبار فلسطين دولة يهودية، بل دولة فلسطينية يشارك اليهود فيها العرب في إدارة تلك الدولة، على أن تقوم في غضون عشرة أعوام وترتبط تلك الدولة مع بريطانيا بمعاهدة. أما الهجرة فتقرر تحديدها ب 75 ألف مهاجر يهودي خلال خمس سنوات، وبعد ذلك لا بد من موافقة الجانب العربي على استقبال أي مهاجر إضافي*1

    رفض الصهاينة ما جاء في الكتاب الأبيض، وتعاهدوا على تأجيج المقاومة ضده والمضي قدما في إنشاء كيانهم. أما العرب فقد وافق عليه الأمير عبد الله مع حزب الدفاع الفلسطيني. في حين انقسمت الفئات الأخرى الفلسطينية والعربية حوله.

    وعند اندلاع الحرب العالمية الثانية، تم التضييق على قيادات الثورة في سوريا من قبل سلطات الانتداب الفرنسي، وخفت المقاومة الفلسطينية واستشهد من استشهد من قياداتها، وغادر من غادر منهم الى العراق وسوريا.

    يتبع

    هوامش
    *1ـ قضايا معاصرة/ سبق الإشارة له صفحة 74

  5. #5
    فلسطين عشية انتهاء الحرب العالمية الثانية

    يمكن القول أن تغييرات كبرى قد حدثت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، فبعد أن كانت بريطانيا لها الكلمة العليا في التحكم بمسار القضية الفلسطينية، كون فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وبعد أن نجحت بريطانيا في جعل سنوات الحرب العالمية الثانية سنوات هادئة نسبيا في أعمال المقاومة الفلسطينية، التي مالت الى الثقة بوعود بريطانيا من خلال تطوير ما جاء في الكتاب الأبيض. ولكن الوضع قد تغير بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية وانتقل مكان الكلمة العليا في القضية الفلسطينية من بريطانيا الى الولايات المتحدة.

    تصريح بيفن

    بيفن هو (أرنست بيفن) وزير خارجية بريطانيا. لقد لمس هذا الوزير أن البساط قد سُحب من تحت أقدام البريطانيين، خصوصا بعدما اغتالت عصابة (شتيرن) وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط (اللورد موين) في 2/11/1944 وبعد تصريحات (روزفلت) في وجوب إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، خلافا لما جاء في الكتاب الأبيض البريطاني. وقد فهم الوزير (بيفن) أن بريطانيا لا تستطيع معارضة الولايات المتحدة في توجهاتها، خصوصا وهي تحتاج مساعداتها المالية لترميم آثار الحرب العالمية الثانية.

    ففي 13/11/1945، أعلن وزير الخارجية البريطاني (بيفن) في مجلس العموم البريطاني أن حكومته لم تعد تنظر الى القضية الفلسطينية على أنها قضية محلية، بل قضية عالمية، يقتضي إشراك الولايات المتحدة الأمريكية فيها كشريك مسئول. وهذا الأمر نتج عنه تشكيل لجنة أنجلو ـ أمريكية من 12 عضو نصفهم من بريطانيا والنصف الآخر من الولايات المتحدة، وقد أرسلت الحكومة البريطانية رؤيتها الجديدة الى الحكومات العربية (السعودية ومصر) وقد عرضته على مجلس الجامعة العربية في اجتماعها في 6/12/1945، وقد جاء رد الجامعة أن الكلمة الأولى والأخيرة تعود للشعب الفلسطيني. وقد استغربت الجامعة استمرار الهجرة اليهودية، خلافا لما وعدتهم بريطانيا.

    موقف اللجنة الأنجلو ـ أمريكية

    أنهت اللجنة أعمالها في 28/3/1946، وكانت قد وصلت الى فلسطين والتقت ببعض القيادات الفلسطينية ومنهم (جمال الحسيني) أحد أعضاء اللجنة العربية الذي سمحت له سلطات الانتداب البريطاني بالعودة الى فلسطين، ومع أعضاء من الجانب الصهيوني منهم ( ديفيد بن جوريون و حاييم وايزمان).

    لقد نسفت تلك اللجنة ما جاء في الكتاب الأبيض، وساوت بين مصالح اليهود ومصالح العرب، ولم توص بتفكيك عصابات الهاجاناه وشتيرن وأرغون والتي بلغ أعداد أعضائها المسلحين والمدربين زهاء 70 ألف. كما أوصت باستمرار الهجرة وطلبت من الحكومة البريطانية تسهيل ذلك.

    موقف الفلسطينيين والعرب من قرار اللجنة

    شعر الفلسطينيون والعرب من حولهم بتفاقم الأوضاع وتطورها نحو الأسوأ، فأعلن الإضراب العام في فلسطين في 3/5/1946 استنكارا وشجبا لمقررات اللجنة، وانعقد مؤتمر للقمة العربية في (أنشاص ـ مصر) في 28/5/1946 حضره ملوك ورؤساء مصر والسعودية واليمن وسوريا ولبنان والعراق، وأكدوا على تمسكهم بعروبة فلسطين أرضا وشعبا.

    أما الجامعة العربية، فقد دعت لعقد مؤتمر (بلودان) بين 8ـ12/6/1946، جاء فيه ضرورة نصرة الشعب الفلسطيني ودعت لوحدة فصائله، وطالبت بالمقاطعة مع الدول الداعمة لتقسيم فلسطين، وطالبوا بوقف الهجرة، كما كان في مقررات ذلك المؤتمر بعض القرارات السرية التي تتعرض للمصالح النفطية الأمريكية والبريطانية إن لم تغير تلك الدولتان من سياستهما إزاء القضية الفلسطينية.

    وطالب المؤتمر الحكومات العربية بمخاطبة الحكومة البريطانية لتغيير مواقفها.

    مؤتمر لندن 10/9 الى 2/10/1946

    بعد اتصالات الحكومات العربية بالحكومة البريطانية، تم الاتفاق على عقد مؤتمر في لندن، سبقه اجتماع لوزراء الخارجية العرب لتوحيد موقفهم في الإسكندرية، اتفقوا على أن لا يجلسوا مع الصهاينة في مكان واحد، وأن يرفضوا تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في الشأن الفلسطيني.

    وقد انتهى مؤتمر لندن الذي استمر أكثر من ثلاثة أسابيع الى مقترحات بريطانية، تقضي بتقسيم فلسطين الى أربعة أقسام قسم يهودي حيث استقر اليهود في هجراتهم، وقسم القدس مع بيت لحم والأراضي القريبة منها وقسم النقب في جنوب فلسطين، وقسم للعرب فيما تبقى من الأراضي، على أن تتمتع منطقتا العرب واليهود بشكل من الدولة المؤسسية يتم التنسيق فيهما مع المندوب البريطاني السامي. وقد سمي هذا المشروع ب (مشروع موريسون : نائب رئيس وزراء بريطانيا في وقتها).

    رفض اليهود هذا المشروع وتمسكوا في إنشاء وطن قومي لليهود في كل فلسطين، أما العرب فقد رفضوا المشروع وقدموا مشروعا لدولة ديمقراطية تتكون هيئتها العليا من عشرة، سبعة من العرب وثلاثة من اليهود، على أن تحفظ حقوق اليهود (أشبه ما يكون بالثلث المعطل في لبنان حاليا)، مع المطالبة بوقف الهجرة.

    تفاجأ البريطانيون والأمريكان بالمشروع العربي، فطلبوا تعليق الاجتماعات لدراسته والرد عليه.

    استأنف المؤتمر أعماله في 28/1/1947، وقاطعه الصهاينة والأمريكان، وتم رفض المشروع العربي، في حين تقدمت بريطانيا بمشروع آخر سمي ب (مشروع بيفن: وزير الخارجية البريطاني آنذاك) وهو لا يختلف كثيرا عن مشروع (موريسون)، إلا أنه جعل المناطق خمسة مناطق تتمتع بحكم ذاتي لمدة خمس سنوات تحت الحكم البريطاني، وبعدها يصار لاستيعاب ما سيحصل على الأرض.

    رفض العرب هذا المشروع، كما رفضه الصهاينة.

    يتبع

    المراجع
    1ـ تاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر/ ابراهيم خليل احمد/ الموصل 1987
    2ـ القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني/ مروان بحيري وآخرون/ اتحاد الجامعات العربية/ مطبعة جامعة الموصل 1983
    3ـ أثر قوانين الانتداب البريطاني في إقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين/ عادل حامد الجادر/جامعة بغداد/ مطبعة أسعد 1976
    4ـ تشريح نزاع الشرق الأوسط/ يفغيني ماكسيموفيتش بريماكوف/ تعريب: سعيد أحمد/ دمشق/1979

  6. #6
    الأمم المتحدة تعلن تقسيم فلسطين في 29/11/1947

    في 29/11/1947، صوت 33 مندوب في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح تقسيم فلسطين من بينهم مندوب الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وعارض المشروع 13 دولة في حين امتنعت بريطانيا من بين 10 دول عن التصويت، وغاب مندوب واحد عن الحضور.

    نص قرار الجمعية العمومية على تقسيم فلسطين الى 6 مناطق، تقام على ثلاث مناطق منها دولة يهودية، أخذت 56.5% من أراضي فلسطين، في حين كان اليهود يشكلون ثلث السكان آنذاك ويملكون 6% من الأراضي الفلسطينية التي استطاعوا شراءها من مالكيها (معظمهم غير فلسطينيين وغير مقيمين فلسطين)، في حين أعطيت ثلاث مناطق للدولة العربية التي خصصت (يافا) لتكون عاصمة لها. بينما تم اقتراح أن تدار القدس دوليا. وقررت بريطانيا أن تسحب انتدابها في 15/5/1948

    وقد اتضحت نوايا الولايات المتحدة مع بريطانيا في زرع الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي.

    العرب وردود فعلهم

    في فلسطين اندلعت المصادمات الدموية التي راح ضحيتها آلاف الشهداء، في حين انتفضت كل الشوارع العربية مطالبة حكوماتها بالتدخل السريع لوقف العدوان، وإزالة أثر الصهاينة. حتى العرب الذين كانوا يرزحون تحت الاحتلال لم يتوانوا هم الآخرين عن غضبهم ومظاهراتهم التي استجابت لصوت فداحة الحدث.

    في 8/12/1947 عقدت اللجنة السياسية للجامعة العربية عدة اجتماعات، صدر عنها بيان في 17/12/1947 جاء فيه ما يلي:

    1ـ استنكار تقسيم فلسطين، والعمل على مقاومته وإحباطه. والحيلولة دون قيام دولة لليهود على أرض فلسطين.
    2ـ إمداد عرب فلسطين بالمال والسلاح والمتطوعين.
    3ـ توزيع الجيوش العربية المكلفة بتنفيذ ما سبق، وفق الترتيب التالي:
    أ ـ جيش الإنقاذ (عربي ـ شعبي) بقيادة المجاهد (فوزي القاوقجي) وكان يتكون من ثمانية أفواج وقد دخل فلسطين في كانون الثاني/يناير 1948.
    ب ـ جيش المجاهدين الفلسطينيين المسمى (جيش الجهاد المقدس)، بقيادة المجاهد عبد القادر الحسيني، وكان تحت إشراف الهيئة العربية العليا.
    ج ـ الجيوش النظامية العربية، وقد قسمت الى أربعة قواطع، لكل قاطع قيادة مستقلة، وكانت الجيوش من العراق ولبنان والأردن ومصر وسوريا، وكانت تحت قيادة الملك عبد الله (ملك الأردن). وقد تم الاتفاق أن ترابط تلك الجيوش على حدود فلسطين وتتدخل وقت الحاجة.

    الاشتباكات الداخلية بين الصهاينة والفلسطينيين

    أراد الصهاينة استثمار قرار التقسيم بسرعة هائلة، فقاموا بالبداية بطرد العرب من القرى الواقعة في المنطقة التي حددت لهم بقرار التقسيم، وبالرغم من البسالة الهائلة التي أبداها المقاومون الفلسطينيون والمتطوعون العرب، فقد لجأت القوات الصهيونية لأساليب لم يعهدها العرب سابقا كالنسف والاغتيال والتنكر بأزياء عربية لاغتيال المقاومين.

    وقد حاول المندوب الأمريكي التنصل من دعم قرار التقسيم واقترح مندوب الولايات المتحدة الأمريكية في آذار/مارس 1948 وضع فلسطين تحت وصاية مجلس الأمن الدولي، فرفض الصهاينة الاقتراح، كما رفضه العرب إلا إذا تم نزع سلاح (الهاغاناه) ووقف الهجرة.

    في أواخر آذار/مارس 1948 أعلن (بن غوريون) نفسه رئيسا للحكومة الصهيونية وأعلن الحرب على العرب، فقامت عصابات (الهاجاناه وأرغون تسفاي لومي وشتيرن) ببث الرعب في صفوف العرب بالقرى والتنكيل بأهلها، ومن تلك المشاهد الرهيبة مذبحة (دير ياسين) التي نفذها الصهاينة في 9/4/1948 حيث تم ذبح 254 عربيا من الأطفال والشيوخ والنساء والتنكيل بهم ورمي جثثهم في الآبار أو على قارعات الطرق. وتم طرد 400 ألف عربي من بيوتهم.

    الحرب العربية الصهيونية الأولى

    بعد أن نفذت بريطانيا وعدها بترك فلسطين في 15/5/1948، أعلن ديفيد بن غوريون دولة الكيان الصهاينة وبعد دقائق معدودة أعلنت الولايات المتحدة اعترافها بالكيان الصهيوني.

    هنا دخلت الجيوش العربية، وتمكنت من السيطرة على مناطق عديدة من فلسطين، وأظهرت بعض الوحدات فعالية قتالية عالية، وكان بإمكانها احتلال ما تم السيطرة عليه من قبل الصهاينة قبل رحيل القوات البريطانية، لكن ظهر في الأفق التهديد الأمريكي البريطاني، كما أن الكفاءة التنسيقية بين الأداء السياسي والعسكري لدى القوات الحكومية العربية كان ضعيفا، وبالرغم من وصول القوات العربية لمشارف (تل أبيب) التي اتخذها الكيان الصهيوني عاصمة لهم، فإن القوات العربية توقفت هناك مستجيبة لقرار مجلس الأمن الذي صدر في 22/5/1948، بعد أن استنجد فيه بن جوريون لوقف الهجوم العربي.

    هدنة 11/6/1948

    أوفدت الأمم المتحدة الوسيط الدولي (الكونت فولك برنادوت) بعد أن عقدت الهدنة الأولى في 11/6/1948، فاستغل الصهاينة تلك الفترة في إدخال الأسلحة والمتطوعين، في حين تم التضييق على العرب لتعزيز مقدرتهم العسكرية. وفي 9/7/1948 تم استئناف القتال بعد أن انتهكت وقفه الأول القوات الصهيونية باحتلال المزيد من القرى العربية. فأبدت القوات العربية ومن معها من الجيوش الشعبية من المقاومين الفلسطينيين والعرب بسالة فائقة، جعلت مجلس الأمن أن يصدر قرارا ثانيا في 19/7/1948، وملزما للقوات العربية بوقف تقدمها.

    هدنة 19/7/1948

    جاءت الهدنة الثانية في 19/7/1948، وتيقن المبعوث الدولي أن العرب يرفضون قرار التقسيم وقيام دولة لليهود على أرض العرب، فاقترح أن يكون هناك دولتان جنوبية للعرب، وشمالية في الجليل بكامله لليهود، وتدويل كل من حيفا والقدس واللد وعودة المهجرين العرب الى بيوتهم وتعويضهم عن الدمار وفقدان الممتلكات والأرواح، وضم القسم العربي من فلسطين الى شرق الأردن.

    في 17/9/1948، تم اغتيال الكونت براندوت ومساعديه من قبل عصابة (شتيرن) لإصراره على مقترحه، ولم تحرك الهيئة الدولية ساكنا تجاه اغتياله الذي كان استهانة بكل هيبتها!

    توقف القتال نهائيا

    بعثت الأمم المتحدة مبعوثا جديدا، هو (رالف بانش) وتم عقد سلسلة من الاجتماعات بينه وبين العرب، ابتداء من اتفاقية (رودس) وانتهاء بالاتفاقيات الأربعة التي وقعت بين الكيان الصهيوني وكل من سوريا والأردن ومصر ولبنان وقد رفض العراق التوقيع على اتفاقية إنهاء حالة العداء بينه وبين الكيان الصهيوني، كانت تلك الاتفاقيات في 11/5/1949، حيث اعترفت الأمم المتحدة بالكيان الصهيوني وقبلته عضوا في الهيئة الدولية.

  7. #7
    بين نكبة 1948 و هزيمة 1967

    1ـ استولى الكيان الصهيوني على 70% من أراضي فلسطين، واستفاد من القوانين العثمانية التي كانت تطلق على الأراضي التي خارج التجمعات السكنية بالأراضي (الميرية)، أي التي يملكها السلطان العثماني بصفته محررا أو فاتحا لتلك البلدان، وعليه فكانت معظم الأراضي التي يستغلها الفلاحون في فلسطين هي من ذات النوع ولا يملكون مستندات بملكيتها تحميهم قانونيا. وقد استغل الكيان الصهيوني هذه الناحية وأصدر قانونا في 10/3/1953 سمي بقانون استملاك الأراضي.

    2ـ تم اقتلاع مليون فلسطيني من أصل 1.320.000 نسمة، من أراضيهم وأمكنة سكناهم وتهجيرهم الى كل من الأردن وسوريا ولبنان وما تبقى من فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة). وقد أحصت وكالة غوث اللاجئين عدد الفلسطينيين المشمولين في خدماتها، قبل يوم واحد من حرب حزيران/يونيو 1967، فكانوا 1.344.576 عربي فلسطيني.

    3ـ أصدرت الأمم المتحدة 16 قرارا دوليا يطلب من الكيان الصهيوني عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم، لكن دون تطبيق لأي قرار منها وعدم قبول الكيان الصهيوني بتلك القرارات.

    4ـ دخل تعقيد جديد على قضية الفلسطينيين، عندما اجتمع ممثلون من فلسطين والأردن بضم الضفة الغربية الى الأردن في 24/4/1950، وفي 27/4/1950 اعترفت بريطانيا بذلك الاتحاد.

    5ـ لم يكن إنشاء الكيان الصهيوني بعيدا عن المخططات الاستعمارية، بل كان من ضمن التحالف الذي كان يتربص بالمنطقة قبل انهيار الدولة العثمانية، لذلك لم تتأخر الدول الاستعمارية في ترجمة نواياها الى إجراءات فعلية منها:

    أ ـ استمرار تسهيل الهجرة من اليهود الغربيين الى فلسطين.
    ب ـ دعم ميزانية الحرب الصهيونية التوسعية حيث بلغت بين عامي 1950 و1956 ما نسبته 51%. وما بين عام 1948ـ 1962، تلقى الكيان الصهيوني حوالي مليار دولار (وهو ما يساوي عشرين ضعف ميزانية دولة مثل الأردن في وقتها). إضافة الى إلزام ألمانيا (الغربية في وقتها) بدفع تعويضات عما سمي بالجرائم النازية ضد اليهود.

    ج ـ إيقاف الاستنكار والشجب الدولي، بواسطة الفيتو البريطاني أو الفرنسي أو الأمريكي، للجرائم التي كان الكيان الصهيوني يقوم بها، مثل الاعتداء على قرية نحالين الأردنية عام 1954وعلى المقر المصري لحاكم قطاع غزة عام 1955والاعتداء على الحدود السورية وقتل 49 مواطنا في كانون الأول/ديسمبر 1955، ومذبحة كفر قاسم في الأراضي المحتلة راح ضحيتها 51 شهيدا وجرح 43. كما ربطت الدول الغربية بعلاقاتها مع العالم ما سمي بتوازن التسليح بين الكيان الصهيوني وكل الدول العربية.

    د ـ إشراك الكيان الصهيوني بالأحلاف المشبوهة التي تتربص بالمنطقة، وكان أبرزها التحالف الثلاثي مع فرنسا وبريطانيا الذي نفذ عدوانه الثلاثي في 19/10/1956 على مصر.

    هـ ـ في كانون الثاني/يناير 1957 أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية ما سمي بمبدأ (أيزنهاور) أو ملئ الفراغ، الذي سيكون له شأن في تزعم تلك الدولة إدارة الملف الفسطيني، أو بالأحرى كفالة الكيان الصهيوني في تثبيت أقدامه في المنطقة.

    6ـ بعد مناقشات طويلة توصلت الجامعة العربية في 13/4/1950 على التوقيع على صيغة الدفاع العربي المشترك، والتي كان من بندوها منع أي دولة عربية من الاتصال بالكيان الصهيوني بأي شكل من الأشكال وعدم إبرام أي اتفاقية معه (وتلك المادة التي طبقت بحق مصر عندما وقعت اتفاقية كامب ديفيد). وفي آذار/مارس 1951 أسست جامعة الدول العربية مكتب لمقاطعة الكيان الصهيوني ومن يقيم علاقة معه، واعتمدت دمشق مقرا لهذا المكتب.

    يتبع

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-14-2015, 05:35 PM
  2. خطة كيري لتصفية قضية فلسطين
    بواسطة د.غازي حسين في المنتدى الدراسات الاسرائيلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-16-2014, 03:00 PM
  3. المفاوضات و تصفية قضية فلسطين
    بواسطة د.غازي حسين في المنتدى الدراسات الاسرائيلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-18-2013, 03:47 AM
  4. المفاوضات وتصفية قضية فلسطين
    بواسطة د.غازي حسين في المنتدى الدراسات الاسرائيلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-22-2013, 07:10 PM
  5. قضية فلسطين .. من جديد
    بواسطة عبدالغفور الخطيب في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 05-27-2008, 09:05 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •