خواطر من وحي مارية .
الخاطرة العاشرة .
وما دمت بصدد الحديث عن بني خؤولتي فإني أروم الأستزادة منه . وكان يحدث أن لأولئك موسم أو مواسم للأعياد . بعضها تمت صلة بالأعراس وبعضها بالختان والطهور . فكنت ولك الله يا أماه على رأس المدعووين لكل موسم . وذات الشأن بالنسبة إلى نساء ورجال يمتون إلى سادة القوم بصلة . الكل يتوافد على دار الإمارة . كل من ناحيته . وكثيرا من هؤلاء كانوا يقطنون نواحي متباعدة عن بعضها البعض . في أدنى مضارب القوم وأقصاها . ومثل إجتماع شمل عائلة الشرف في مواسم الأفراح إجتماعا فريدا من نوعه . إذ لم يك في تلك الأزمان من زمن فطحل الإتصال الكثيف بين شتات أفراد وجوه القوم متاحا أو ميسورا. وجرت العادة في مثل هذه المواسم أن يدعى عشرات لا بل المئات من وجهاء وشيوخ العشائر الأخرى إلى الأفراح . إن مثل هذه الأعياد كانت من شأن الكبار . وكل من ناحيته يسعى إلى إستقصاء أنباء الآخر. ولكل أناس في بعيرهم خبر . وحتى يكون الجميع على علم بما يحتطب إبناء العمومة في حبله . فيفرح لإفراح الآخر ويحزن لإتراحه . وما كان لنا نحن معشر الأطفال في كل هذا من ناقة ولا جمل . ولم تك المناسبة رغم تعداد الخراف التي تذبح فيها تمثل فرحة . وغالبا ما تضيع بين أفواج الوافدين والقاطنين . ولاتجد طريقك إلى خمار أو ثوب أمك إلا بشق الأنفس . وكانت ساعة الغداء في مثل هذه المناسبات ساعة تداعي أقوام إلى قصعتها . ساعة تزاحم وتدافع . فكيف تجد طريقك أو تجد يدك سبيلا إلى القصعة وأنت طفل غريب على مضارب القوم أو دار إمارتها . رغم أن الكل يدرك بأنك من ضيوف الشرف وتمت إلى بيت الشرف بصلة دون أن تحمل على صدرك إسما أو عنوانا . إذ كان لكل في بعيره خبر. وكنت أنتظر وبتأفف لا تأفف بعده ساعة الإنفلات من هذا التجمع الرهيب المخيف والدرج أدراجي . كان كل شئ سورياليا علي . إبتداءا بطقوس القوم ومرورا بخلقهم وإنتهاء بآداب حديثهم . فلك الله يا أماه لك الله .أعود والعود أحمد . يعقوب القاسمي .