منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 20 من 20
  1. #11
    خواطر من وحي مارية .
    الخاطرة العاشرة .
    وما دمت بصدد الحديث عن بني خؤولتي فإني أروم الأستزادة منه . وكان يحدث أن لأولئك موسم أو مواسم للأعياد . بعضها تمت صلة بالأعراس وبعضها بالختان والطهور . فكنت ولك الله يا أماه على رأس المدعووين لكل موسم . وذات الشأن بالنسبة إلى نساء ورجال يمتون إلى سادة القوم بصلة . الكل يتوافد على دار الإمارة . كل من ناحيته . وكثيرا من هؤلاء كانوا يقطنون نواحي متباعدة عن بعضها البعض . في أدنى مضارب القوم وأقصاها . ومثل إجتماع شمل عائلة الشرف في مواسم الأفراح إجتماعا فريدا من نوعه . إذ لم يك في تلك الأزمان من زمن فطحل الإتصال الكثيف بين شتات أفراد وجوه القوم متاحا أو ميسورا. وجرت العادة في مثل هذه المواسم أن يدعى عشرات لا بل المئات من وجهاء وشيوخ العشائر الأخرى إلى الأفراح . إن مثل هذه الأعياد كانت من شأن الكبار . وكل من ناحيته يسعى إلى إستقصاء أنباء الآخر. ولكل أناس في بعيرهم خبر . وحتى يكون الجميع على علم بما يحتطب إبناء العمومة في حبله . فيفرح لإفراح الآخر ويحزن لإتراحه . وما كان لنا نحن معشر الأطفال في كل هذا من ناقة ولا جمل . ولم تك المناسبة رغم تعداد الخراف التي تذبح فيها تمثل فرحة . وغالبا ما تضيع بين أفواج الوافدين والقاطنين . ولاتجد طريقك إلى خمار أو ثوب أمك إلا بشق الأنفس . وكانت ساعة الغداء في مثل هذه المناسبات ساعة تداعي أقوام إلى قصعتها . ساعة تزاحم وتدافع . فكيف تجد طريقك أو تجد يدك سبيلا إلى القصعة وأنت طفل غريب على مضارب القوم أو دار إمارتها . رغم أن الكل يدرك بأنك من ضيوف الشرف وتمت إلى بيت الشرف بصلة دون أن تحمل على صدرك إسما أو عنوانا . إذ كان لكل في بعيره خبر. وكنت أنتظر وبتأفف لا تأفف بعده ساعة الإنفلات من هذا التجمع الرهيب المخيف والدرج أدراجي . كان كل شئ سورياليا علي . إبتداءا بطقوس القوم ومرورا بخلقهم وإنتهاء بآداب حديثهم . فلك الله يا أماه لك الله .أعود والعود أحمد . يعقوب القاسمي .

  2. #12
    خواطر من وحي مارية .
    الخاطرة الحادي عشرة .
    عام الرمادة أو عام الحزن . لم يك العام عام رحيل شخص أو أشخاص في محيطنا عز علينا فراقهم ففارقونا خسفا وكرها . لم يك العام عام وفاة وممات . ولم يك العام عام حزن سربل وجوه الجميع بغاشيته . بيد أن العام كان عام حزن في وجه من الوجوه وفي شكل من الأشكال. لإننا جميعا وقعنا في صحراء الإهالة . والمقصود بالجميع جميع أبناءك سواء ممن كانوا في طور الطفولة أو طور اليفاعة . إننا وقعنا في صحراء الإهالة آنما جاءك كل منا بحائن رجليه . وكيف يأتي الطفل أمه بحائن رجليه . أنه يصنع ذلك آنما يذهب إلى أمه في نهاية العام الدراسي وهو يحمل كشف الأخفاق في عامه الدراسي . وكيف حدثت تلك الحادثة وغشت تلك الغاشية . لا أحد يعلم أسباب تلك الظاهرة الفريدة في تاريخ العائلة . ولم يتحمل أحد وقع تلك النكصة ما عداك ياأماه . وكنت تقرعين سن الأسى والندم دون أن تجدي عزاء من وحي وتعليلا من نبي ومكاشفة من ولي. ولقد كانت أرياح القضاء في تلك السنة كلها دبور. وسئلت وتساءلت دون جدوى . كيف يخفق أطفالي بقضهم وقضيضهم سنتهم الدراسية كل على مسطب دراسته . كيف هلك العير دون أن يبقى لك عير في الرباط . فلك الله يا أماه لك الله . وكنت تجدين تبريرا وتعليلا لإخفاق كل طفل على حدى . إذ لا أحد يفقه الأمور وفق فقهك ولا يبصر الأشياء ببصيرتك . بيد أن كل ذلك لم يكفكف ولم يخفف من ثقل حزنك ورجع تفجعك . وعجب رجب أن كل طفل من أطفالك الذي طمس كوكبه في تلك السنة عاد مشعا ومضيئا ونيرا كزحل . كيف يخفق طفل مراحل أولية من الدراسة ليصبح بعدها عالما من الطرزالأول . ولعلك يا أماه كنت على صواب أنما كنت تبحثين عن تعليل لذلك في محيط الطفل وفي بيئته وفي طرز معلميه وفي صنف أقرانه . بيد أن كل ذلك لم يك يهون من هول مصابك والخدش في كبرياءك . فلك الله يا أماه لك الله. أعود والعود أحمد. يعقوب القاسمي.

  3. #13
    خواطر من وحي مارية .
    الخاطرة الثانية عشرة .
    وكنا نعيش في ملكوت خاص بك يا أماه . في دار قدت ومدت على ذائقتك . ونظام دولة بسط وفصل وفق إرادتك . دولة تحابي أهل الشرف وتغدق عليهم بمننها وفضلها . ولا تقبل بمبدأ من الرفش إلى العرش . أو إنفتاح باب الدولة على أهلها. وكان ذلك في أزمان كانت الدولة تقوم فيها على مبدأ من لا أصل له لا فصل له . وترى في أصحاب الأصل أحابر خير لا تنفذ . وكنت ترين أن خيار الناس من تعالى على القانون وعلى النظام والإدارة ومن سخر تلك الإدارة في خدمة مآربه الشخصية . وكأنك كنت تؤمنين بنظرية التفويض الآلهي دون أن تكلفي نفسك عناء معرفة النظرية أو تفاصيلها . ونظرية خيار الناس في أصول الناس. ولكم أخذك الحبور والغبطة وأنت تسردين حكايات عن أناس في محيطك لم تشملهم حكم القانون أو أكتسبوا مكاسب لا تسمح لهم القانون بذلك أو أستثنوا من طائل القانون وحكمه أو غمطوا حقوق الناس بفضل من القانون وتأييده . فلك الله يا أماه لك الله . وكنا نقف مشدوهون مبهورون لا يسعنا النطق بشئ أو التفوه بآخر. ولا نملك بناصية نظرية ترد على نظرية التفويض الإلهي . إذ لم نك حينئذ إلا أطفالا في عمر الزهور. ولم يك هناك بين ظهرانينا من الأطفال من تخرج من كلية العلوم السياسية أو من يحمل آراءا تقدمية ولم نك قد قدنا إلا من أديمك وكنا نظن أن القوم وقعوا في مرعى السعدان . وإننا بأرض ماؤها مسوس . فكان البعض منا يردد ويسا ويسا . وكنا نظن أنه سيكون لنا كرة مع الزمن وأن دولتنا سوف لا تدول . أعود والعود أحمد يعقوب القاسمي.

  4. #14
    خواطر من وحي مارية .
    لك الله يا أماه لك الله .
    المقالة الثالثة عشرة .
    وكنت تملأين الجنان بالأمان دون الحنان . كنت كالطود في محيط متقلب لا تحكمه ضابط في محيط يكثر فيه أهل الدعية وطالبي المجد وأهل النبوءات الكاذبة من أمثال زرقاء اليمامة . كنت رابط الجأش إذا عدت الأقوام علينا . تطرقين إطراقة الأشجع . بوسعين أن تكوني على رأس غزوة . بيد أن نفسك لم تراودك قط في أن تمدي يدك إلى سلاح أو سيف أو عود لتنفحي عنا لإنك كنت تعتبرين ذلك منافي ومخالف لطبع وخلق المرأة من منابت الشرف والأصل الجزل . فالقتال من ديدن وسنن الرجال وليس للمرأة في ذلك شأن أو دخل حتى في أحلك ساعة وأشدها قتامة . لذا فإنك كنت قلعة من قلاع الأمان في نفوسنا . ومن البديهي إن الشعور بالأمان غير الشعور بالحنان . وأن حجاب الحاجز بين الأثنين رهيف ورقيق . وعلى الأم أن تنزل من بغلتها العالية وتربت يداها بالتراب مع الطفل لكي يضاف في روع الطفل الإحساس بالحنان إلى الإحساس بالإمان . ومن عاش في كنفك أحس أن لك بصيرة تثقب الأمور كالمثقب وتسبر الظواهر كعين الألمعي . عين رأت فزرفت . زرقاء اليمامة في النبوءة وحدة الحدس ورؤية ما لا تراها العين عينة . فلك الله يا أماه لك الله . وأصبح في مقدورك أن تحكمي على نوازع أطفالك وما تخفي لهم الأقدار على نحو أفضل وأسلم بعد خروجهم من طور اليفاعة إلى طور الفتوة . وتتنبئين لكل منهم وعلى دأب زرقاء اليمامة عما تخفي الشجر والحجر وراءها لكل واحد منهم . وكنا نظن أن نبؤتك واقع بهم لا محالة . ومن جميل الحظ أنك كنت لا تنبئين إلا عن أكام المجد لكل منهم وإن إختلفت حظوظهم بعض الشئ وفقا لقدرتك على تلوين مصائرهم وتجسيدها في حواضر الحظ والبظ . أعود والعود أحمد . يعقوب القاسمي .

  5. #15
    خواطر من وحي مارية .
    المقالة الرابعة عشرة .
    وربما كان جانبك الأسبارطي توحي لنا بإنك في واد وعالم الأمومة في واد . أو الإنغماس في طقوسية تركبين بها طرر الخواء والجفاء . وتظهرين بمظهرالراكب لحافره . القاصي الذي لا نسطيع اللحاق بها . أو المحلق في فضاء لا نسطتيع التحليق فيه . فلك الله يا أماه لك الله . وكل ذلك أنا عركته بجنبي وخبرته بمخبري . وما خبرته منك كان أشمل وأوسع . ولعل ضيق فضاءنا كأطفال كان يحجب عنا رؤية حقيقة سجاياك . لم تكوني تغيبين عنا هنيهة الرحيل وساعة السفر والقصد . إنك كنت معنا في السهائل والشدائد. أجدى من الغيث في أوانه . تتقلبين معنا في كل حركة وسكنة . وكأن مواعيد أسفارنا لك مواعيدا . وكأن مواعيد حلنا لك مواعيدا . ومتى ما عدت من ظعني وجدتك لي مرتقبا . متى ما ظعنت وضعتيني على جناحي نعامة . لا تصبحين على برد ولا تمسين على حر. وآنما كنت أقبل على أسفار كنت تصرين على أخذ الثوب الفلاني حينا وأخذ البنطلون العلاني حينا . وكنت أتمسك بتلابيب رأي و أميل بألا أخذ بنصحك أو أضرب عرض الحائط رأيك حينئذ كنت تنبسين بأحب أمثالك إلى قلبك وأكثرها تعريضا وتفصيحا عن ودك الأمومي حيالنا . والمثل تقول قلبي على قلب ولدي قلب ولدي على أحجار أو قلب ولدي على صخر. وكنت تظنين أن هذا الكلام أفصح وأبلغ كلام في التعبيرعن مشاعر الأم الحانية الحدوبة . وكنا حقا لا نغور في معاني المثل ولا نهتدي إلى جميع مدلولاته . ويرشقنا المثل بحصاته . وبخواء لفظيته . فلك الله يا أماه لك الله . لعلك كنت لا تجدين كلام أنجع من هذا الكلام للتعبيرعما تعتركيه من مشاعر حيال أشبالك . كيف كان يتعذر عليك إيصال رسالة الأمومة إلى من كانوا أحق الناس بها . أطفالك . بما كان لك من من قدرة على اللغة تساجلين به في وادي السجال أو دونه . وكنت حقا مدركة لدوراللغة الطبقي . كنت مدركة أن آدابك في الكلام تغلب كل أدب . وأن خلق آدابك تغلب جديد آداب الناس . ورغم ذلك كله تعجزين في تبليغ ما لابد من تبليغه . أعود والعود أحمد . يعقوب القاسمي .

  6. #16
    خواطر من وحي مارية .
    الخاطرة الخامسة عشرة .
    إن بعض الناس يتعالى على بعض منذ قديم الأزمان . والتكابر صناعة الأمم . ومذ قديم الأزمان يبلغ البعض القمم والبعض الآخر تشهد أن الخبز أطيب باللحم . وتعددت المذاهب التي تؤول علو البعض وخفوض البعض . إلا أن مذهبك كان مذهبا قائما على أس النسب . وفي تلك الأزمان أزمان رخو عودي كطفل كانت الناس أمة واحدة . من حيث الغنى المادي . كان السواد الأعظم من الناس يعيشون الفقرالأحمر . وكان الكثير ربما لا يجدون بعرة يوقدون بها أو عليها نار عشاءهم . ربما لم يوقد الكثير نار العشاء . وكان الكثير يحلم في كسرطبقة القشرة الإجتماعية والحواجز الطبقية رغم أن الكل كان يسبح في غمار طبقة عريضة واحدة . كان الكثير يسعى إلى كسر تلك الحواجز أو تنظر إليها على أنها تماثيل من زمن النبي إبراهيم . فكان هذا البعض يركب كل مركب من أجل تزيين ساحها في الحياة . وإلغاء حكم القدر النازل بحقهم . كان هذا يصنع المستحيل من أجل جعل نظرية تفوق الآخر عليها خرافة كخرافة التسليم على الأطلال . وكان هذا البعض الذي يطمع إلى التقدم في مضامير الحياة وطي بساط ماضيه الشعث والمغبر والمترب يتخذ من أساليب ذلك المتفوق عليه إجتماعيا أسلوبا في نيل التكافؤ الإجتماعي أو المثلية الإجتماعية . فكان هذا البعض الطماع يتقمص أداب طبقة أهل الأنساب أو أهل الحظوة الإجتماعية . وهو في ذلك يجعل من تقليد آداب النسيب مطية إلى الحظي بالقبول الإجتماعي من لدن هذا الأخر . وكان يجهد في أن يبز في هذا . فيعز . فكان هذا النفر من الناس الطامع في غد أفضل أو الثائر على واقعه ثورة مسالمة يحاول إبهارك , يا أماه , بآدابه المكتسبة و مسحة التغير المطرف على نمط عيشه . إنك كنت يا أماه من الكياسة بمكان بحيث لا ترفضين ولا تردين بضاعة هؤلاء الجديدة على رؤس الأشهاد . غير أنك في محشرنا العائلي كنت تلعنين هؤلا لعنا شديدا وتزدرين بهم . وكانت لك في مثلك الذي أتخذت منه يافطة تبريرا لموقفك الأخلاقي من هؤلاء . فكنت والحالة هذه تكبين هؤلاء على وجوههم وذريعتك في ذلك وسندك مثلك القائل من لا خلق له لا جديد له . أعود والعود أحمد . يعقوب القاسمي.

  7. #17
    خواطر من وحي مارية .
    الخاطرة السادسة عشرة .
    وربما من حظ الطفل أن يعيش حضورا تعدديا من الوجوه الأنثوية . أي أن تعدد هذه الوجوه تعمق في روعه جانبه الأنثوي إذا سلمنا أن للمرء جانبا رجاليا وجانبا نسائيا . أو لتسديد حاجة الطفل إلى الشعور بالأمان والطمأنينة . إذا لم نقل من أجل إشباع تلك الرغائب إشباعا مطلقا . هذ إذا سلمنا أيضا أن هذه الوجوه النسوية تنتمين إلى تركيبات شخصية تتميز بعضها عن البعض الآخرعلى طيف مكوناتها الشخصية والنفسية . وهذا ما كان عليه واقع حالنا الذي تجسد فيه هذا التميز الصارخ في خصائص النفس الإنسانية . ونفس وما سواها . من تميز وتنوع حتى ضمن فصيلة واحدة من البقول . أو ضمن شريحة الطبقة الأجتماعية الواحدة . وأول تطبيق حي لهذا التمايز كانت جدتي . إن جدتي لم تك تختلف عنك يا أماه عن شعورها ذلك الشعور المرهف بعلو كعبها على سلم الأنتساب الطبقي . بيد أن أسلوبها في الإفصاح عن ذلك كان التعريض وليس التصريح . فلم نك تحس بإنها تستعرض نفسها في إبداء قدرة على زخرفة القول أو إظهار قابلية في إقامة طقوس بيزنطينية . وبعلة زيارتها لنا غبا كانت تغمرنا بفيض من حبها وغمر من حنانها . وهكذا كنت يا جدتي محض حب . ومحض حنان . تطلقين لنا العنان في القول والتعبير دون أن نتحرج من جانبك الرقابي . لا أحد منا يخشى من نقدك أو تجريحك أو سخريتك أو حتى لامبالاتك .لا بل لشدة ولهنا بك يا جدتي كنا نقف مبهورون . في حالة نصف غيبوبة .لا قدرة لنا ولا طاقة على حركة أو جدال أو سجال . كنا نجلس إليك مشدوهون وأنت تقصين لأمي قصصا كنا نظنها خرافة أو من دنيا الأساطير . قصصا تمت إلى فصول أهلها . بعضها فخرية تصب في فصل فخر العائلة وبعضها بكائية حزينة وبعضها الآخر هزلية تصورحماقات الناس . وما كان في وسعنا إدراك ما فيهن من حكمة , أو غرابة , أو طرافة . بيد أن والدتي كانت تلتهم منك الكلمات وهن أسيرات شفاهك . وبسببها كنا ندرك أنه يفوتنا فك شفرات أو طلاسم تلك الحكايات الذيلية . وأعجب ما في ذلك كله تمكنك الفائق والفريد من فن السرد القصصي . لتنقلينا من عالمنا المغرق في الركاكة الحسية إلى عالم مغرق في الإثارة والقدرات الإعجازية . وكنا نظن أنك قد أتيت من كوكب أو عالم آخر غير عالمنا يا جدتي . فلك الله يا أماه لك الله . أعود والعود أحمد . يعقوب القاسمي .

  8. #18
    خواطر من وحي مارية .
    الخاطرة السابعة عشرة .
    وكنت تزورينا وتزايلينا . لإنكم معشر الخؤولة قطنتم في وادي غير وادينا . وبجدة غير بجدتنا . وبعلة ذلك كنت تزوريننا غبا . ولكنك في المقابل تطيلين المكث إبان الزيارة . وكان ذلك قد يطيل أسابيع . حتى كنا نرنوا إليك وكأنك ظئرا لنا . ويختلط الأخلاط علينا . لنناديك أماه . وكنت أصنع ذلك ملء الفاه . وربما كنت أصنع ذلك لإن طبعك اللينة الرخية كانت أوفق وألئم لطبعي وقوامي . فلم يك للنقد وللتجريح موقع في قلوصك . إنك كنت عريض الإضبارة آنما يتعلق الأمر بالنقد والقدح . أقدر على الهجو عبر التعريض . ألطف وأكيس عند التمريض . فسننك كانت أرق من جلد الأشجع . أرق من الشمأل . ولم تكوني على شئ ذا مرة وفي غلظة . ولا في شغف قدر ما كنت في مراقبة طرائقنا وآدابنا في تناول الطعام . ولم يك لنا حقا آدابا . لإننا كنا صغارا لا نقوى بعد على الأكل . ولا كيف نفصل ونفرق الشحم عن اللحم . ولاسيما تلك الكتل الهائلة منها . وكنت ترمقيننا وكأننا إبل وفي مبارك الإبل . أو بالأحرى في مطاعم الإبل . إن كان للإبل مطاعم . وكنت تدقين النظر إلى آداب أكلنا . ليس فقط كيف نأكل وإنما مقدار الأكل أيضا . إنك كنت تحملين في ذلك الفجرالغابر من العمر نظرية تقديرأو تقييم شخصية الطفل . وشعارك في ذلك أفواهها مجاسها . إن الإبل يميز سمينها من هزيلها عبر طريقة أكلها . وطريقة إداء فاه الإبل لوظيفتها في الأكل ينبئك كل شئ عن صحة وسقم الإبل . فلم يك ثم يا جدتي إنسان أحرص على مراقبة أفواهنا وطريقتها في الأكل أكثر منك . كل ذلك ونحن نجهل بإننا على التجريب أو على المحك . كنا نجهل بأننا فئران تجارب في ناظريك . وما كنت تفشين بشئ من أحكامك علينا إلا بقدر ما كانت تسمح به أفهامنا وأنت تتواصلين مع أمي . وكنا نفهم ذلك عبر ساقطة هنا وساقطة هناك . فلك الله يا أماه لك الله . أعود والعود أحمد . يعقوب القاسمي .

  9. #19
    خواطر من وحي مارية .
    الخاطرة الثامنة عشرة .
    ليس من شيء يعذر قصر عقولنا ولا سفه أحلامنا . أعمارنا كأطفال لا تشفع . وأقدارنا في الحمق لا تنفع ونحن نقف أمام جبروت الأم . في يأس و سأم . وكأننا في عاصفة . لا بل في فاتولة . تعصف بنا . ولا ترحم بنا . في أيام مملة الهر . طويلة طول الدهر . في بيوت صنعت وصبت من السمنت والكونكريت . لا تجد في موضع قدم منها رخوة وليونة . وكانت عزاؤنا في دنيانا حديقة البيت . مربض الضبع والليث . و يركب والدي السهل والصعب من أجل إنماءها وإعشوشاب الأخضر فيها . متحديا تقلبات الطقس والمناخ . تقلبات الريح والضح . وينفق عليها الأسود النضر . والأخضر البظ من الدنانير . لتحمل كل ثمر يعرفه معجم الثمار وقاموس الفواكه . أما ما عدا ذلك فكنا نشتكي جفاف الأهياف . و سخونة الجنوب والجريباء . و نسق الثويباء . و نلقي باللائمة في كل ذلك على الوالد . وكأنه في إدارة دفة الماء والهواء من الأوابد . لا شيء يكسر رتابة الأشياء . ولا مطل نعاس الكلب في جماد الشتاء . لكن لا شيء يهيج من مزاجنا الراووقي مثل القيظ . لا شيء يلهينا . ويدخل في القلب الهوينا . وكنا نطمع حينا في شيء . لكن دونك حجاب وجبروت الأم . دون أن يكون لنا سحر هاروت . ولا فن عصام في مفاتحة الأم . و عرض وتبسيط حاجتنا عليها . ماذا تصنع حيال هذا التعقيد . إنك بحاجة إلى العقيد . فكنت أستعين بصغار إخوة لي . كواسطة ويافطة . لإدفعهم في طريق طلب الحاجة أو الإتيان بها . وكان هذا الصغير صغيرا أخرقا . وهو يحاول الإتيان بشيء لا يقدر عليه . ويعجز على الإتيان به . أو تحضيره . وربما خرج الأمر من يده . ليجذب في نهاية المطاف إنتباه أمنا . وكانت تدرك على فورها أن من دفع الصغير إلى الخروج عن طوره أنا كبير الأخوة . كنت أحاول التنصل دون جدوى . فكانت والدتي تجد في هذا المقام فرصة البوح عن أحب الأمثال إلى صفرها . بعلة الورشان تؤكل الرطب المشان . أي أن الأثر والفعل أثر ربيعة لكن طفيل هو صاحب العذرة . أي صاحب الوحي . فلله درك يا أماه كيف زرعت في بلقع الأيام واحة الأثر الجميل . والميلة إلى فلسفة الحياة كل ميل . يعقوب القاسمي .
    أنا الجاهلي الجهول إذا جهل
    فوق كل ذي علم علم
    قرأت في سفر الخلق
    في صفحة مع محمد تحت ظل كرم

  10. #20
    خواطر من وحي مارية. توطئة. لك الله يا أمي لك الله. لك الله يا أمي لك اله بعد أن ضيقت علي من طول الدنيا وعرضها. لك الله. لقد كنت أبجدية من أزمان بابل دون أن يكون لك قرطاس كتابة أو قلم. دون أن تدركي عصر التنور الفكري ودون أن يدركك العصر. ودون أن تميزي بين إسم مردوخ وإسم نوح. فلك الله يا أمي لك الله. لقد كنت تميزين بين الغث والسمين في مزرعة الكرفس وبين السامي والخسيس في مناجم الزبرجد. فلك الله يا أمي لك الله. يعقوب القاسمي. </I>
    السلام عليكم
    كيف فاتتني مادتك الثمينة..أيها العزيز...
    (هل لها تتمة؟)
    هل تقصد الأم حصرا ام كان معنى مجازي يحوي الكثير من المعاني؟
    مرور اول.
    عبد الرحمن
    #00FF00
    إمضاء / عبدالرحمن سالم سليمان
    مع أرق التهانى ودوام التوفيق والنجاح

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

المواضيع المتشابهه

  1. يا غير مسجلمغامرات مارية
    بواسطة jikarkorshid في المنتدى - فرسان أدب الأطفال
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 01-05-2020, 05:18 AM
  2. خواطر للجادين فقط...
    بواسطة ميساء حلواني في المنتدى جميل الخواطر
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02-12-2017, 07:18 AM
  3. أ/ُّ ابراهيم مارية رضي الله عنها
    بواسطة الدكتور ضياء الدين الجماس في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 07-13-2015, 01:57 PM
  4. خواطر 10
    بواسطة د.أنس تللو في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 07-28-2014, 08:16 PM
  5. خواطر حول م/ع
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-11-2009, 01:01 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •