منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 5 من 5 الأولىالأولى ... 345
النتائج 41 إلى 50 من 50
  1. #41
    الهوية المعمارية لمدينة القاهرة

    بقلم: محمد جبريل
    ..................

    الحريق الذي شب- مؤخراً- في بناية أثرية بشارع رمسيس. يعيد إلي الأذهان قضية- أو لنقل مشكلة- تناسيناها. وسط هموم حياتنا اليومية. وهي مشكلة الهوية المعمارية لمدينة القاهرة. أو كما يسميها المصريون "مصر المحروسة".
    منطقة القاهرة الخديوية. ما بين ميدان التحرير وميدان رمسيس. وزاوية المثلث في ميدان العتبة. هذه المنطقة تضم بنايات موحدة الطابع في معظمها.. وكان ذلك الحرص حين بدأت عمليات الانشاء في عهد الخديو إسماعيل. ثم من بعده الخديو عباس- أتجاوز "توفيق" لأنه كان مشغولاً بعمالته للإنجلتز- الذي روت زوجته الأميرة جويدان عن إشرافه الشخصي علي العمارات المنسوبة إليه حتي اكتمال بنائها.
    تصورت امتداد هذه المنطقة. توسيعها. من خلال استراتيجية الإحلال والتبديل. ليظل الطابع المميز هو السائد في وسط القاهرة. لكن المنطق العشوائي ظل يفرض نفسه. مجرد حوائط وجدران وأعمدة وأسقف. دون دلالة تاريخية أو جمالية أو تعبير عن خصوصية ما.
    مخزن للسيور في داخل واحدة من هذه البنايات. وتطل علي الشارع الأهم في العاصمة. تسبب في حريق كاد- بفضل التقصير المعلن!- يدمر المنطقة كلها.
    ما أسهل إهدار القوانين التي تحرم. وتجرم. لكن الصعب- بالفعل- هو تحويل تلك القوانين من مجرد مواد وأرقام وبنود إلي واقع فعلي. ليس بالتخويف العقابي. وإنما بتأكيد الحرص علي كل ما يعبر عن الهوية المصرية. والعمارة -بالطبع- في مقدمتها.
    المثل المصري يتحدث عن اختلاط السمك واللبن والتمر هندي. بمعني الظواهر السلبية التي تسود حياتنا. فلا اتفاق علي الحد الأدني من الحرص علي التراث الحضاري والذوق الجمالي وحين بدأ تمليك الوحدات السكنية- ربما من أوائل السبعينيات- فقد كان المأمول ان يهب هذا الأسلوب احساساً بالملكية في نفوس الملاك الجدد. وكان غالبيتهم من أبناء الطبقة الوسطي الذين يتعرفون إلي التمليك للمرة الأولي. بحيث يؤدي هذا الاحساس إلي الحرص علي الملكية ومقوماتها البنائية والجمالية. لكن النتائج أفضت إلي عكس المأمول تماماً. فصاحب الشقة- حتي لو كانت حجرات قليلة في بناية هائلة- يتصرف في شقته كأنها جزيرة لا شأن لها بما حولها.
    وعلي الرغم من إقامة اتحادات للملاك. فإن الظواهر السلبية تزداد تفاقماً ولعلي أدعوك إلي مشاهدة أية بناية حديثة مملوكة لعدد من المواطنين. لا نافذة مشابهة للنوافذ الأخري. وثمة شرفة بامتداد مساحة الشقة. وأخري استبدلت بها نافذة من الزجاج الفيميه.. وتنأثر المكيفات بعشوائية غريبة. والخراطيم الثعبانية تطل من الواجهة. تشي بالفردية وفساد الذوق باختصار. فان السكلانس هو ما ينطبق علي المشهد الكلي للبناية.. الطريف. والمحزن. ان ذلك كله يحدث في القاهرة. رغم وجود وزارة للبيئة. وجهاز للتنسيق الحضاري. ومحافظ يتبعه نواب ورؤساء أحياء. وغيرها من المؤسسات ذات المسميات المهمة!
    ..............................
    *المساء ـ في 28/3/2009م.

  2. #42
    محمد جبريل مع الناقد الدكتور محمد عبد المطلب في حوار لا تنقصه الصراحة:

    الكتاب الأكثر مبيعاً .. جزء من التصنيع "الإعلامي"
    20% من الروايات الحديثة تستحق هذه التسمية
    .................................................. ....

    قد يختلف قرَّاء الناقد الكبير د. محمد عبد المطلب في جرأة آرائه واجتهاداته. وقد يبلغ الاختلاف درجة الخصومة. لكن الأمر الذي لا يختلف فيه اثنان أن ما يصدر عن د. عبد المطلب هو تعبير عن قناعاته الشخصية التي تستند إلى قراءات متعمقة وتحليل وتعرف إلى الأبعاد الحقيقية للإبداع الذي يناقشه.
    *قلنا ما رأيك في ظاهرة الكتاب الأكثر مبيعاً، والتي يري البعض أنها تستهدف الترويج لبعض دور النشر؟
    قال : هذه الظاهرة مرتبطة بمسألة تصنيع الكاتب والكتاب. كنا نعرف أن الكاتب يمر بمرحلة الطفولة والنضج، ثم الاكتمال. مثل نجيب محفوظ ويحيي حقي. وثمة لافتة ظاهرة هي أن المبدع بكتاب وحيد يحاول أن يفرض نفسه علي المجتمع الثقافي وهذا نوع من التزييف؛ لأن الخديعة توحي بأهمية النص. رغم أنه ليست هناك إحصاءات دقيقة، إنما هي جزء من التصنيع الإعلامي. وفي رأيي أن هذه الظاهرة تنطلق مما يمكن أن أسميه تصنيع النصوص فبحكم أني رئيس تحرير سلسلة "أصوات أدبية" أجد أن معظم النصوص التي اقرأها مصنعة تصنيعا حرفيا هناك أعمال مفردة خدمت إعلاميا! ومن ثم فان بعض المبدعين يقرأون هذه الأعمال ويجدون فيها ركائز أساسية ويتشبهون بها وقد تتبعت هذه الركائز فوجدتها تدور حول فساد السلطة. والشخوص المدمرة أخلاقيا والإرهاب والفتنة الطائفية وأولاد الشوارع لم تخرج رواية عن هذه الركائز وقد تجتمع فيها ويتم ذلك بشكل مقصود مما يدفع بالنص إلى الهبوط.
    هناك أيضاً ظاهرة في النقد الأدبي تقول إن السرد ـ أو النصوص الحديثة ـ قد تمردت علي النصوص القديمة وعلي القواعد المحفوظة وهي بذلك تفتح لفاقدي الموهبة أن يكتبوا ما يكتبون، ويطلقوا عليه اسم «رواية»!
    ثمة ترهلات وتقريرية تضر بالعمل الإبداعي، وثمة من يرى أن الواقعية السحرية منتعشة. ورأيي أن عشرة % أو عشرين% لا يستحق أن يسمي رواية، ما قرأته هو هذيان وخطأ في فهم الواقعية السحرية الواقعية في بعدها الفلسفي تقول إن غير المعقول يمكن أن يصدق علي ما هو معقول، أما ما نقرأه فهو قائم علي فهم خاطئ أدى بالواقعية السحرية إلى أشياء تبعد عنها تماما.
    *قلنا: الملاحظ أن الجوائز المصرية والعربية يتحكم فيها مجموعة من النقاد. بحيث غابت قيمة تلك الجوائز؟
    قال: الواقع أني عندما اقرأ أسماء أعضاء لجنة تحكيم جائزة ما أعرف فوراً من سيحصل علي الجائزة، وللأسف فقد تدخلت الآن دور النشر بما تملك من وسائل لتفرض اختيارها على المحكمين الذين يختارون الفائز. وهناك جهات تعطي الجوائز ثم تترجم النصوص ومن متابعتي أجد أن معظم النصوص اخترقت السقف الثقافي والديني اختراقا بلا فنية وبلا إبداع! ويوظف هذا الاختراق فنيا. لكن ما يحدث أنها مخترقة عمداً، وأعرف أن البعض أبلغ بنفسه عن كتابه إلى الجهات الرقابية كي يصادر فيحصل علي جائزة!
    إنها نصوص أقل من العادية لكن لا ينظر فيها إلى القيمة الفنية، وإنما إلى ما تحمله من اختراقات للثقافة! لقد أصبحت الجهات الإعلامية هي التي تعطي الرنين الإعلامي. وهي التي تشير إلى من سيحصل علي الجائزة! ويسأل النقاد أنفسهم لماذا لا نكتب عن فلان طالما انه قد كتب عنه في الصحف؟ لماذا لا أسير في الموكب؟ وكلما كتبت الصحافة ساعدت النقاد علي تسويق العمل وعلي سبيل المثال فلو أننا نظرنا إلى جوائز الجامعة الأمريكية فسنجد أن من حصل عليها لابد أن يكون مخترقا. الاختراق هنا قد يكون لصالح الآخر؛ فالأعمال الفائزة وفق الشروط الخاصة!! خطورة الأمر أننا بهذه الكيفية نخدع الخارج نحن نعدد الطبعات ونقدم علي الترجمة وهي ظواهر لم تحدث لدى حقي ومحفوظ فيزداد الطلب من الأقطار العربية.
    *قلنا : هل للنقاد دور في نشوء الظاهرة واتساعها؟
    قال : أنا لا اعفي النقاد من هذا التردي الذي نعيشه. وبخاصة أن بعض النقاد الكبار يكتبون عن نص حقق شهرة أو ذيوعاً أو يتم الأمر مجاملة وأسوأ ما في النقد وبالذات بين الجيل الجديد أنه أصبح مثل الرواية يتم تصنيعه. إنه أشبه بعدة السباكة يحملها الرجل في حقيبته. عدة آلات محددة يتعامل بها مع جميع الأجهزة. والنقاد يتناولون العنوان والاستبطان والاسترجاع وكأن النصوص كلها أصبحت نصاً واحداً لا فرق بين هذا وذاك! والمؤسف أن هذا أدّى بدوره إلى أن الواقع الأدبي جعل المبدعين هم الذين يتابعون النقاد بدلا من أن يتابع النقاد المبدعين فالمبدعون ينشدون رضا النقاد الذين يكتبون عنهم وتحدث مزاحمة غير شريفة بين الرواية والشعر. لكن النص الشعر مازال محترما. لم يجر وراء تلك الظواهر المدمرة.
    *قلنا: في كتابك "بلاغة السرد النسوي" قلت إن قراءة الشعر التي تفرغت لها حرمتك من متعة قراءة الخطاب الروائي ثم جاءت قراءات محددة بأسماء بعينها. لماذا الاختيار والترك؟
    قال : اعتقد ان الاختيار في ذاته قيمة. ليس هناك ناقد يستطيع مهما أوتي من قوة ذهنية وبدنية أن يتابع كل النصوص فالاختيار مفروض عليه واختيار المرء كما يقول أبو هلال العسكري جزءٌ من مذهبه. لا أاستطيع أن اكتب عن كل الكاتبات. لكن الطباعة لا تسمح إلا بالاختيار. ولعلي أعترف أن هناك مبدعين ومبدعات لم أكتب عنهم. هم جديرون بالكتابة. ربما بدرجة أقوى ممن كتبت عنهم.
    *قلنا: أنت من النقاد العاشقين للغة العربية.. ما انعكاس ذلك في قراءتك المختلفة؟
    قال: هناك كارثة في النصوص الأدبية كلها، واللغة بخاصة. فهي مهلهلة وكتابها ليسوا فاقدي الموهبة. بل يفتقدون المعرفة اللغوية. ودون تحديد أسماء. فثمة خطاب روائي من 110 صفحات قرأته فوجدت به 293 خطا لغويا ونحويا فضلا عن العجمة والرطانة والألفاظ غير العربية. وقرأن نصا شعريا تعمد التعالم باللغة الانجليزية ويؤسفني أن أشير إلى أن النقاد المغاربة لهم دور في هذه الظاهرة؛ فهم يميلون إلى نحت كلمات لا أصل لها في اللغة العربية! لقد نحت السابقون علينا كلمات مثل الكليات والجامعة والأستاذ والمحكمة والنقض والاستئناف وهي كلمات عربية صحيحة. لكن الترجمة مفسدة. وهناك مترجمون يمثلون عاراً على الأمة العربية.
    *قلنا: في تقديرك: ما مدي خطورة انتشار الشعر الشعبي في الأقطار العربية علي الفصحى؟.
    قال: في كل لغات العالم هناك مستويات؛ مستوى لغة التخاطب والمستوي الفصيح وله سياقه الذي ينتشر فيه، والعامية لها السياق نفسه، ويجب ألا تكون هناك خصومة بين الطريقتين وأذكر أني كتبت دراسة عن رباعيات صلاح جاهين فوجدت أن 80% من كلمات الرباعيات فصيحة، وديوان سيد حجاب معظمه تقريبا فصيح.
    لا خصومة بين الفصحى والعامية فلكل منهما سياقه المطلوب.
    قلنا : أخيرا ما رأيك في الجيل الجديد من المبدعين؟
    قال : للأسف هذا الجيل سريع الطموح يريد أن يقفز لكن القفز غير المحسوب يقود الي السقوط. ومعظم الجيل الجديد يقفزون. مما يؤدي إلى سقوط النص. وهذا ينسحب أيضاً علي النقاد الجدد.
    .......................................
    *المساء ـ في 16/5/2009م.

  3. #43
    إلى محمد جبريل الغني عن الألقاب

    شعر: د. حسن فتح الباب
    ............................

    (ألقيت فى حفل توقيع رواية محمد جبريل «أهل البحر»)
    هذه الليلة لك
    إنها موعد صحبك
    جاءوا كى يوفوا لك بالعهد
    يقضوا دين صديق لم يتخلف
    عن كلمة حق
    لحظة صدق
    لصحابته .. لحوارييه.. لأبناء وآباء ورفاق
    عشاق للكلمة
    لم يتردد
    فى شق طريق للحكمه
    للحرية .. للعدل
    لكرامة أبناء الوطن البرره
    لجماليات القص الموفى
    بشروط الإبداع
    قلب خفاق بالمثل العليا
    قلم أعلى يتدفق إيماناً بالشعب
    ترسم ريشته صور مساجد ومآذن
    أسبلة وصوامع
    من زمن الصوفية عبَّاد الرحمن
    كل ولىّ كأبى العباس سراج وهّاج
    يخترق الظلمات
    يرفع فوق صوارى الثغر الرايات
    رمزاً للمجد الماضى
    للنهر الآتى
    لحقوق الإنسان
    مرحى يا جبريل الملهم
    سرد لا كالسرد كما يعرفه التنظيريون
    أرحب أفقاً أجلى عمقاً
    يستخرج من ظاهر هذا الكون وملكوته
    سر نواة الفطره
    ويصورها متناً وهوامش
    من تاريخ البشريه
    بين الفردوس النار الأعراف المَطْهر
    ورؤى من مأساة أو ملهاة قدريه
    ***
    سيرته الذاتية تروى
    قصة عصفور بجناحى نسر
    قصة يونس فى بطن الحوت
    إبراهيم خليل الله شهيداً
    تنقذه من نار الأفاقين عناية مولاه
    المتنبى فى مصر شريداً
    " نجم أوحد فى الأفق "
    و " الشط الآخر " و " الأسرار "
    بينهما يرقى جبريل " قلعة الجبل "
    و " رباعية بحرى " بعد " ثلاثية محفوظ "
    ترقى آفاق الإبداع محلياً عالمياً
    لم لا يحصد جبريل
    أعلى جائزة فى تاريخ الأدب المصرى العربى
    وهو الطائر منفرداً فى الآفاق
    ملاّح يهوى سبْر الأعماق
    يبهرنا .. يسحرنا بغوايات العشاق
    وعذابات رجال صمدوا فى وجه الإعصار
    لا ينضب ينبوع خياله
    بل هو بحر موَّار
    لا أصدافاً ومحار
    فاللؤلؤ مدّ جارف
    والجزر عدم
    ***
    إنى لأراه يشعل شمعته
    فى أحشاء الليل الساجى .. ويغنى :
    مرحى يا رواد الكلمه
    لا يهدأ تعب تحت الشمس
    لا يهدأ ، أبداً لا يهدأ
    حتى نسحق أغلال الأمس
    ونشُدَّ شعاعات الفجر
    ننسجها ومضات كالحلم
    فى أحضان صغير يبسم
    والوجنات قلوب تخفق
    ننسجها ضحكات تتدفق
    فى أعين من يحمى نومه
    يوقد فى الليل الشاتى شعله
    بشرى للسارين على الظلمه
    يتغنون بموال الصبر
    فى أعين من يأتى فى الغد
    فى موج جياش الفيضان
    طام عات بين الشطآن
    مترام من أقدام الشعب
    محمد جبريل
    إنى لأراه أسمعه يغنى :
    يا رفقائى عشاق الإنسان
    الرحلة كانت قبل الفجر
    والقمر السارى لم يسفر عن وجه صديق
    وحملته مأساة الليل
    إنى أعلم
    ألمح فى الوجه نثار غبار
    وعلى المنكب من أطباق الغيم
    بعض رماد
    دميت أقدام تصعد فوق السطح
    والسفح تجلله الأشواك
    وبلوتم ما صنع الويل
    إنى أعرفها
    أشباحاً خائنة الأعين
    كم غرست شوك الحقد الأسود
    فى القاع .. على درج السفح
    حتى القمه
    إنى لأراه أسمعها خفقات من جبريل :
    ها قد عدنا
    لم يكذب رائدنا اللماح
    لما أذّن إن الفجر على الأبواب
    والجيل الصاعد فى شرفات الأفق
    درع لمدينتنا السمراء
    فى مهد الوادى .. تحت ذراع النهر
    مرحى يا رفقائى مرحى
    العود حميد
    أيديكم يغمرها ظل البيدر
    وتضيء الأوجه
    وعبير الأرض الفاغم يسبى الروح
    إن تخْلف أشواك الحق الهادى
    بعض جراح
    لا ضير
    فلتبق عذابات الرحله
    تذكاراً للإنسان الصاعد
    ***
    إنى لأراه أسمعه
    هذا ترنيم محمد جبريل :
    العود حميد يا عشاق الإنسان
    يا صناع الكلمه
    غنوا الشمس على أبيات الأحرار
    غنوها فى عين مدينتنا
    وعيون الأحباب الشرفاء
    فى عالمنا الآتى الأكبر
    غنوا لن يفنى سحر الكلمه
    فالليلة موعد أحبابى

  4. #44
    جيل بلا أساتذة

    بقلم: محمد جبريل
    ....................

    نحن جيل بلا أساتذة!.. شعار رفعه - في الستينيات - صديقي الأديب الكبير محمد حافظ رجب. وكان يقصد ان الأدباء الشباب - حينذاك - اعتمدوا علي أنفسهم في إبداع محاولاتهم الحداثية. وفي الوصول إلي القارئ بلا مساعدة من الكبار!
    لم يذكر حافظ رجب أنه قد قرأ الأعمال السابقة لأدباء الشرق والغرب معاً.. ذلك الكم الهائل الذي يمثل - في تلاحقه - تطور الفن القصصي والروائي. بما يجعل الجديد متصلاً بالقديم. والحالي متصلاً بما سبق.
    قرأ حافظ رجب - وأدباء جيله - أعمال من سبقوهم. فلم يبدءوا من فراغ. وإن حاولوا التعبير عن الفترة والذات والمغايرة.
    اقرأ الآن محاورات مع العديد من الأدباء الشباب. يؤكد غالبيتهم أنهم يتابعون الإبداعات الأدبية في امتداد قارات العالم. حتي الأدباء العرب. يسرفون في التحدث عن متابعتهم الجادة لاعمالهم.
    أما أدباء الأجيال السابقة من المصريين. فإن العديد من الأدباء الشباب يحرصون علي نفي قراءة أعمالهم. ويخصون أديب نوبل نجيب محفوظ. فهم قد أبدعوا دون أن يمروا عليه.. لم يقرءوه ولا قرءوا إدريس ولا مكاوي ولا السحار ولا البدوي ولا الشاروني ولا الشرقاوي وغيرهم من رموز الإبداع القصصي والروائي في بلادنا.
    الطريف - والغريب - ان محفوظ والعديد من مبدعي الأجيال السابقة. قد بلغوا العالمية. ونال محفوظ أكبر جائزة دولية.. فمحاولة إغفالهم بدعوي التأثر فحسب بالآداب العالمية. لا تعدو سذاجة ومراهقة.. بالاضافة إلي أنه من الصعب تصور أن تقتصر قراءات المبدع علي الأعمال الأجنبية. فالبديهي أن اقرأ في مرحلة التلمذة بالذات لأدباء يعبرون عن البيئة والخصوصية.. إلا إذا ظن البعض في نفسه الأستاذية مطلقاً.
    ولعلنا نذكر - بالمناسبة - أحاديث نجيب محفوظ وحواراته. منذ قدم إلي الحياة الأدبية. لقد تحدث عن أساتذته الذين أفاد من كتاباتهم في صياغة تكوينه الثقافي والإبداعي.. ذكر تولستوي وملفيل وزولا وفلوبير. كما ذكر طه حسين والحكيم وتيمور وحقي.
    أخشي أن فوز أستاذنا محفوظ بنوبل. قد شكل عقدة في نفوس بعض أدبائنا الشباب.. فهم يتوهمون أن الادعاء بعدم قراءتهم له. يعني عدم التأثر. والقفز إلي العالمية دون جسور.
    منتهي السذاجة كما تري!..
    هامش: كتب رجا شحادة المواطن الفلسطيني المسيحي. لديفيد جروسمن مؤلف كتاب "الزمن الأصفر": "يخيل لي أن المستقبل البعيد يحمل في ثناياه خطراً لإسرائيل أكثر منه لنا. لا يمكن أن ننكر حالة العالم العربي. إنه عالم يصعب جداً العيش فيه. عالم قمع. لكن إسرائيل قائمة علي تناقضات هائلة وطاقات متناقضة. تجعل وجودها محفوفاً بمخاطر كبيرة. مثلا. هناك فرق كبير بين تصور الاسرائيليين لأنفسهم وبين الواقع. انكم تعتقدون أنكم قادرون علي كل شيء جراء مقدرتكم علي التحكم بنجاح. بهذا العدد الكبير من السكان. لكن الواقع يدل علي أنكم تعتمدون بشكل كلي علي الأجانب. إنكم تذكرونني بالابن المدلل للرجل الغني الذي يعتقد أنه قادر علي كل شيء. إلي أن يجد نفسه مضطراً لمجابهة الحياة وحيداً. ليكتشف عدداً من الحقائق المحزنة".
    ..............................................
    *المساء ـ في 11/4/2009م.

  5. #45
    الاتحاد، نحو هدفٍ واحد!

    بقلم: محمد جبريل
    .................

    حين قامت ثورة الجزائر في الخمسينيات من القرن الماضي. كانت تواجه تحديين. أولهما إصرار المستوطنين الفرنسيين علي ان الجزائر فرنسية. ظل ذلك زعم الحكومات الفرنسية المتعاقبة منذ احتلال الجزائر في أواسط القرن التاسع عشر. واجهت فكرة الاستقلال وحق تقرير المصير - حتي في العهد الديجولي - بأقسي العنف. أما التحدي الثاني. فقد تمثل في تشرذم جماعات المناضلين لانتزاع حرية الجزائر وعروبتها.
    لم تطلق الثورة رصاصتها الأولي إلا بعد ان واجهت التحدي الأول بتوحيد جماعات المقاومة في جبهة واحدة هي جبهة التحرير الوطني الجزائرية. أسقطت الجماعات خلافاتها الأيديولوجية وتوحدت في تنظيم موحد جعل الحصول علي استقلال الجزائر هدفه الأهم. باعتبار أن خلافات العائلة الواحدة ينبغي إرجاء طرحها في ظل خطر إلغاء الوجود.
    استطاعت جبهة التحرير أن تقود شعب الجزائر في نضاله لانتزاع حريته وعروبته. حتي تحقق هدفها ثم أبانت الجماعات عن تباين أيديولوجياتها في معالجة القضايا الداخلية.
    الاستقلال اولاً!
    تمنيت لو أن المفاوضات التي تجري الآن بين فصائل المقاومة الفلسطينية جعلت من التجربة الجزائرية مثلا لها. الحكم في ظل الاحتلال بلا قيمة ما لم يكن هدفه النهائي تحرير الأرض.
    لا معني للاختلافات والمناقشات العقيمة والمزايدات ومحاولات التوريط والتنابذ بين أبناء الوطن الواحد ممثلين في توزع الجماعات والفصائل.
    المنطق العلمي. الموضوعي. يفرض الأهم. فالمهم. الأهم الآن أن تجاوز الفصائل الفلسطينية تحدي التشرذم لتواجه تحدي الاحتلال من خلال منظمة التحرير الفلسطينية التي ينبغي أن تصبح كل الفصائل كيانات عضوية فيها. لا أعني اهمال المصارحة والمكاشفة. فلابد أن يطرح كل طرف ملاحظاته علي الطاولة عوامل الإيجاب والسلب فضلا عن تجاوز من أفادتهم القضية دون مقابل من أي نوع. إلا اذا اعتبرنا محاولات الفرقة والانقسام هي ذلك المقابل المرفوض.
    الحقيقة التي يجب ان تطمئن اليها ضمائر الجميع ان الشعب الفلسطيني هو أشد الشعوب بذلا في عالمنا المعاصر. بالشهادة. والتهجير والنفي والتدمير والظروف القاسية دوماً.
    تولي السلطة - في الأوضاع القاسية. الحالية. التي يعيشها الشعب الفلسطيني - يجب أن تكون مجرد طريق نحو الهدف.
    إن للسياسة الإسرائيلية إستراتيجياتها وتكتيكاتها. وعلي الفصائل ألا تخدعها التكتيكات من مثل الانتصار لفصيل علي آخر لأن الاستراتيجية الصهيونية - في تصرفات قادتها وأقوالهم وشعاراتهم - لم تتبدل ولن تتبدل إلا إذا أدرك قادة إسرائيل أنهم يواجهون شعبا له قيادته الموحدة لا العديد من الجماعات التي يسهل تفكيكها وإخضاعها للمؤامرات الداخلية.
    وأساليب الصهيونية في ذلك - كما نعلم - لا نهاية لها.
    ..............................
    *المساء ـ في 25/4/2009م.

  6. #46
    الرواية بين التراث وصورة حياتنا المُعاصرة

    بقلم: محمد جبريل
    .....................

    لأستاذنا نجيب محفوظ مقولة مهمة : "مانريده للرواية العربية الآن. هو أن تكون لها شخصية مميزة أصيلة. أنا عربي لا لبس في ذلك. وأريد ان نصل الي رواية ذات شخصية عربية مميزة. كل مانستطيع ان نفعله الآن. هو أننا عندما نجد أن موضوعنا يحتاج الي اسلوب استعمله كافكا مثلا. أن نستعمل هذا الأسلوب بصدق. وأن ندخل عليه من ذاتيتنا. بحيث إن القارئ الذكي عندما يقرأه يقول: هذا كافكا صحيح. لكنه تطور. مانريده هو تطور كاسح في هذا المجالي.
    أعيب تلك المحاولات التي استهدفت بعث القالب القصصي الروائي. لكنها عادت كما يقول محمد عابد الجابري: "لتمتح من معين التراث لا لتطويره".. وفي المقابل فإني اعيب من يجعلون الحداثة الغربية وحدها هديا لهم يتبعونها يقلدونها انهم لا أكثر من نقلة واذكر ان محمود صبح وهو من علماء الاندلسيات ويشغل وظيفة استاذ الأدب العربي بجامعة مدريد المركزية روي أن طلبته اعجبتهم أبيات من الشعر العربي القديم. وإن غابت معانيها الي حد ما عن أذهانهم لأن ذلك الشعر هو الاكثر تعبيرا عن طبيعة العربي في محيطه. في حين ان هؤلاء الطلاب رفضوا معظم الشعر العربي الحديث المترجم للاسبانية.
    التراث هو حلقات أولي في السلسلة التي نمثل الآن حلقتها الاخيرة. لكننا بالقطع لسنا آخر حلقاتها . نحن نقرأ تراثنا ونستوعبه. ونقرأ تراث الغرب ونستوعبه. لكننا نحرص ان ترتكز ابداعاتنا في الدرجة الاولي الي "نحن" الي تراثنا في الدين والعلم والسياسة والاقتصاد والآداب والفنون. والي قيمنا ومثلنا. هذا هو الابداع الخاص بنا. الذي ينبغي الا نجاوز اطاره المحدد. حتي لايجرفنا التقليد. فنحاكي الغراب حين قلد مشية الطاووس. وحتي لاننكفئ علي الماضي. نجتره. ونرفض الجديد والاضافة. فنرتمي بارادتنا في حضن الجمود .. نحن نستلهم التراث. ونحرص في الوقت نفسه علي الانفتاح علي تقنيات الرواية الحديثة.
    أشير الي تأكيد الكاتب الروسي سوفرونوف بأنه اذا وضع الكاتب عينا علي تراث بلاده. فإن عليه ان يضع العين الاخري علي العالم الذي يتحرك من حوله.
    نحن نتمثل التراث. نمزجه بثقافتنا وخبراتنا ورؤيتنا للأمور. ثم نحاول ان نصنع من ذلك كله. شيئا جديدا. لانسعي الي بعث التراث. وانما نحاول استنطاقه. استلهامه. توظيفه. قل ماشئت من مسميات. لكن التراث يظل في النهاية تراثا. والمعاصر يجب ان يكون تعبيرا عن الفترة التي صدر فيها. وصدر لها.
    نحن في توظيفنا للتراث نغربله بداية. نفرزه. ننقيه. ثم نتجاوز ذلك كله. فنثري معطياتنا بنصوص غير مقلدة. وقادرة علي الاجتهاد.
    إن من حق وواجب كل جيل. أن تكون له تجربته الخاصة. المميزة.
    وإذا كنا مطالبين بعدم الانكفاء علي الذات. والاكتفاء بما خلفه الاجداد من موروث ثقافي وحضاري فإننا مطالبون في الوقت نفسه بألا نعتبر كل مايبدعه الغرب مثلا يجب ان نحتذيه.
    العلاقة الجدلية تفرض الحوار. والموافقة. والرفض. وإبداء الرأي. واتخاذ الموقف الذي يعبر عن خصوصية حياتنا عن عاداتنا وتقاليدنا. ووجوب اتصال ماضينا بحاضرنا. وعن استشرافنا للمستقبل. من الخطأ ان نرتمي في حضن التراث. كما انه من الخطأ ان نرتمي في حضن الثقافة الغربية. نحن نفيد من التراث في تحقيق التواصل. ونفيد من الثقافة الغربية في تحقيق المعاصرة. ونفيد من التراث والثقافة الغربية في آن معا. في تحقيق شخصيتنا المتفردة. في صياغة ملامح متميزة لابداعنا وفكرنا. وثقافتنا الخاصة عموما.
    الاصوب ان نقدم معطياتنا نحن. لانكتفي بالتلقي. بالنقل. أو التلخيص. أو حتي الاستلهام. وإنما يجب ان نضيف إبداعنا الآني. وفكرنا الآني. وتعبيرنا الآني عن صورة حياتنا المعاصرة.
    .......................................
    *المساء ـ في 16/5/2009م.

  7. #47

    رد: الروائي محمد جبريل

    زلزال هايتي هل هو من صنع البشر؟

    بقلم: محمد جبريل

    عندما تهز الطبيعة كتفيها.. هذا هو الوصف الذي أذكره من قراءة قديمة عن الزلازل والمعني بالطبع هو الدمار الذي يحدثه فعل الطبيعة. كما يصف العالم الشهير رشدي سعيد الزلزال بأنه ظاهرة طبيعية ليس لفعل الإنسان فيها شيء.
    استقر الرأي بين العلماء أن الزلزال ظاهرة طبيعية. لا يتدخل فيها الإنسان. ولا يستطيع أن يتدخل.
    النبأ الذي تناقلته وكالات الأنباء عن الزلزال الذي دمر هايتي. وأنه لم يكن من فعل الطبيعة. وإنما من صنع الإنسان. أقصد من صنع التقدم العلمي الأمريكي الذي أراد أن يجرب زلزالا من صنع البشر قبل أن يتحول إلي زلزال حقيقي. في مكان آخر قيل إنه إيران.
    هذا النبأ يجب أن يتوقف أمامه المجتمع الدولي طويلا. ويخضعه للتأمل والمناقشة والمساءلة. فإذا ثبت صحته فإن المحاسبة تبدو ضرورة.
    ثمة قوانين دولية تدين الحروب الكيماوية والبكتيرية والجرثومية. وغيرها مما يهدد سلامة الجنس البشري. وثمة معاهدة حظر السلاح النووي التي تفرض عدم استخدام الذرة لغير الأهداف السلمية. وإذا كانت بعض الدول قد أفلحت في تصنيع القنبلة الذرية. فإن إيران وكوريا الشمالية تواجهان رفضاً دولياً لشبهة تحول تجاربهما النووية السلمية إلي تجارب تدميرية!
    الزلزال البشري الذي أكد صحته مسئول في الحكومة الروسية أخطر لو أنه حدث من القنبلة الذرية. ومن الحروب البيولوجية والكيماوية وغيرها. إنه يعرض الكرة الأرضية لخطر يصعب تصوره. وما قيل إنه حدث في هايتي مؤشر لما يمكن أن تشهده بلاد ومناطق أخري في العالم نتيجة تطويع العلم لأهداف شريرة. وإنفاق الأموال التي يمكن أن تتجه إلي الاستخدامات السلمية. من حيث توفير الطعام والدواء والحياة الصحيحة لبني البشر. في استخدامات أخري لا شأن لها بالطبيعة. ولا بصالح البشر. بل إنها تستهدف محاكاة الطبيعة عندما تهز كتفيها فتؤذي سكان هذا الكوكب!
    مرت أيام علي إذاعة النبأ وإذا كان الصمت حتي الآن هو رد الفعل الوحيد فإن التحقيق الجاد والمسئول في مدي صحته يفرض نفسه قد يكون غير صحيح فننسبه إلي الأخبار المغلوطة االتي تطالعنا بها أحيانا وكالات الأنباء. ويا دار ما دخلك شر.
    أما إذا كان صحيحا فإن الأمر يستدعي صحوة تتشارك فيها كل دول العالم بصرف النظر عن هوية الفاعل وتصوره الخاطيء أنه لن يحاسب ولن يواجه العقاب.
    لقد اخترع نوبل الديناميت لدواع سلمية. فلما تحول انجازه السلمي إلي أداة للحروب أراد أن يكفر عن سيئات الاختراع الذي تبدل مساره. فخصص جوائز عالمية لمجالات التقدم الإنساني.
    هذا الاختراع الجديد الذي قيل إنه قد أجريت تجاربه في هايتي فحدث ما حدث لو أنه صحيح فلن تفلح في التكفير عنه أية جوائز ولا اعتذارات لأنه يضرب الجنس البشري في صميم وجوده!
    هامش:
    يقول إليوت: نحن نحارب دفاعا عن قضايا خاسرة. لكن هزيمتنا قد تكون مقدمة لنصر يحققه من يأتون بعدنا. مع أن ذلك النصر قد يكون طارئا.. نحن نناضل لنجعل الحياة تسري في كل شيء وليس لأننا نتوقع النصر.
    .................................................
    *المساء ـ في 30/1/2010م.

  8. #48

    رد: الروائي محمد جبريل

    الإخوة الأعداء

    بقلم: محمد جبريل
    .....................

    في أول الستينيات. قدم أستاذنا يحيي حقي مجموعة قصصية باسم "عيش وملح" لستة من أدباء الجيل. عبرت -في غالبيتها- عن مواهب حقيقية ومغايرة.
    كانت الصداقة الإبداعية هي التي جمعت بين مبدعي الجماعة أما الصداقة الشخصية. فقد لاحظت أن بعض أفرادها كانوا يلتقون ليخوضوا معارك كلامية. تبدأ بالمعايرة وتنتهي بالشتم. وكنت أعجب لتلك الروح العدائية التي يلتقي في حلبة صراعاتها من اختاروا لمجموعتهم القصصية الأولي تسمية "عيش وملح"!
    استعيد تلك الأيام البعيدة. أتذكر التعبير "تسخين الأذن" كلما نشأ الخصام بين مجموعة أصدقائي الجدد.
    يهاتفني أحدهم. يتكلم. يعيد ويزيد. ينسب إلي صديقه -الذي صار عدوا - كل الأخطاء والخطايا. فمؤامراته لا تنتهي. وهو المسئول عن إفساد الحياة الثقافية!
    يطول الوقت أنصت إلي ما يغلق الأبواب تماما بين الأصدقاء. لا يكتفي الصديق بأن يتركها مواربة. بل هو يخوض فيما يبتعد عنه أشد الأعداء خصومة. أحاول النصح: أنتم مبدعون. والناس تتابع كتاباتكم. والأجيال الطالعة تجد فيكم القدوة. يواصل كلامه. يتكلم ويتكلم حتي ينفد الصبر فألجأ إلي التعبير: سخنت أذني!
    تكون أذني قد سخنت بالفعل. كلام كثير يصعب متابعته. بل ولا أحسن فهمه. يأتي الصوت منفعلا ومتحمسا: يجب أن تعرف حقيقة ذلك الذي تظنه صديقا!.
    يكلمني أحدهم عن أول مؤتمر للرواية نظمه المجلس الأعلي للثقافة. والجهد الذي بذله صاحبه حتي تظفر أعماله بمناقشات المؤتمر. مقابلا لحجب أعمال محدثي. ويروي لي آخر ما يجري في الأركان الهامسة في مقهي الجريون: فلان يعاني ركنة الظل. لا بأس من بقعة ضوء.. فلان أخذ أكثر من حقه. ينبغي أن نعتم عليه.. وتصرفات أخري غريبة يصعب تصورها في عمل درامي!
    اعتدت المكالمات المفاجئة. والعبارات التي تشكو. وتدين. وتلاحظ معايب علي طفولة "الصديق" ونشأته. والصراعات التي خاضها حتي تحققت له مكانة في قبيلة المبدعين!
    أغلق السماعة بعد عناء. أتناسي الأمر حتي أنساه. وتطالعني الأيام بما تناسيته ونسيته يقفز الإخوة الأعداء فوق الأسوار أو يحطمون الأبواب التي أغلقوها جيدا ويعود كل شيء إلي ما كان عليه قبل العداء المطلق.
    لأن المسألة بدت مثل الاسطوانة المشروخة صداقة مقحمة تشكو أصدقاء آخرين. ثم عودة كل شيء إلي ما كان عليه. قبل أن تنشأ العداوة الطارئة! ما ذنب الآخرين ليدخلوا بين البصلة وقشرتها؟!
    يرفع من في البيت سماعة التليفون. يقولون: فلان. أعرف أن الصداقة العميقة. بل والشللية. غابت لسبب سأعرفه حالا.
    وأتذكر التعبير الذي اختاره كازنتزاكس لواحدة من أجمل رواياته: الإخوة الأعداء!
    ...............................
    *المساء ـ في 27/2/2010م

  9. #49

    رد: الروائي محمد جبريل

    كتب مهداة.. للبيع!

    بقلم: محمد جبريل
    .....................

    طالعنا الصديق الشاعر شعبان يوسف في قناة دريم بقضية مثيرة حول الكتب المهداة إلي كبار الأدباء والنقاد.. ووجدت طريقها إلي باعة الكتب القديمة.
    كلام شعبان يوسف يحمل اتهاماً للأدباء الذين أهديت إليهم. أنهم تنازلوا عنها - بمقابل طبعاً - لباعة الأزبكية. بدلاً من أن يحتفظوا بها في مكتباتهم.
    ظني أن طرافة القضية هي التي أملت علي شعبان يوسف كلماته. فهو يشرف علي ندوة حققت مكانة متفوقة بين ندواتنا الأدبية. وطبيعي أن يهدي إليه صاحب كل مؤلف يريد مناقشته. نسخة مما كتب. فضلاً عن النقاد الذين يرشحهم لمناقشته. طبيعي أيضاً أن تزيد الكتب التي يحصل عليها شعبان يوسف. فيضيق بها بيته. بحيث لابد أنه فكر في وسيلة لتخزينها. أو التخلص منها.. بعد قراءتها بالطبع.
    هذه المشكلة عاني الكثيرون نتائجها السلبية. وبخاصة هؤلاء الذين يحصلون علي الكثير مما تصدره المطابع. لمناقشته. أو للتنويه عنه في أقل تقدير. الأرفف المتجاورة تتحول إلي تلال. تجعل الحياة في الشقة متعذرة. فتصبح مثل السفينة التي ينبغي التخلص من بعض ما بها لتواصل الإبحار.
    صديقي الدكتور عبدالمنعم تليمة أراد أن يفيد تلاميذه من الكتب المهداة. قرأها وضاق بها المكان. فصفها قرب باب الشقة ليأخذ منها الأصدقاء ما يلبي احتياجاتهم المعرفية. وللأسف تعددت شكاوي الأصدقاء من أن الكتب انتقلت إلي سوق الأزبكية.
    فضلت شخصياً أن أهدي بعض ما في مكتبتي إلي أصدقاء من الأدباء الشباب. قرأتها فلا بأس من أن يقرأها الآخرون. وفي مكتبتي الكثير من الكتب حصلت عليها من لويس عوض ويحيي حقي ونجيب محفوظ. تنازلوا عنها بطيب خاطر كي أفيد منها. لم يتصوروا أني سأبيعها! لكن المفاجأة أن العديد من أصدقائي وجدوا ما أهديته من كتب عند باعة الكتب القديمة. عابوا تصرفي. وخاصمتني الشاعرة المبدعة نجاة علي لأني أهديت أول دواوينها إلي من لم تذكر اسمه. أملت عليه نفسه الشريرة قوله: إن فلاناً أعطاني هذا الديوان لتفاهته!
    نظرتي إلي نجاة علي. وإلي إبداعها - في المقابل من ذلك المعني السخيف. لكن الشخص - الذي لا أعرفه - أراد أن يعبر عما في نفسه من الشر. فلفق كلاماً أو من بنقيضه تماماً!.
    نجاة علي زميلة في ندوة المساء منذ بداياتها. وقدمت - من خلالها - عشرات المعطيات الجميلة. وهو ما وجد امتداداته في دواوينها التي تضعها في المقدمة بين شاعرات جيلها.
    لمجاوزة هذا التصرف الإجرامي - هل لديك تسمية أخري؟ - فأنا أحرص الآن علي تمزيق صفحة الإهداء من كل كتاب أهداه لي صاحبه. أقرأه. وأحاول تعميم فائدته. فأهديه إلي صديق. بصرف النظر عن ثقتي في هذا الصديق من عدمه. ألم يحدثنا المثل عن أولاد الحرام الذين لم يتركوا شيئاً لأولاد الحلال؟!
    يا صديقي شعبان يوسف. ما يعانيه الكتاب علي أيدي بعض السخفاء. لا يغيب عنك. لكن طرافة القضية استهوتك - فيما يبدو - فكانت هذه الفضيحة بجلاجل التي أساءت - بحسن نية - إلي رموز مهمة في حياتنا الثقافية. ذكرتهم بالاسم وكان الشكر هو ما يجب أن ترفعه إلي مقامهم السامي.
    ......................................
    *المساء ـ في 3/4/2010م.

  10. #50
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

صفحة 5 من 5 الأولىالأولى ... 345

المواضيع المتشابهه

  1. حوار مع الروائي محمد العشري
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى لقاءات الفرسان
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-27-2011, 08:42 AM
  2. خمس قصص قصيرة جدا، للقاص الكبير محمد جبريل
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى منقولات قصصية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 05-31-2009, 05:41 AM
  3. أغنيات / نصوص سردية قصيرة / للروائي محمد جبريل
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى منقولات قصصية
    مشاركات: 72
    آخر مشاركة: 03-03-2009, 10:00 AM
  4. من أروع ما كتب محمد جبريل .. هذه القصة القصيرة
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى منقولات قصصية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-24-2008, 01:12 PM
  5. الروائي/ طاهر أحمد الزهراني
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى أسماء لامعة في سطور
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-18-2008, 03:11 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •