روائي بالبراشوت!

بقلم: محمد جبريل
.....................

في زمن تتصور فيه الماعز أن لها صوتاً مطرباً. ولا يحاول من يعاني لحمية الأنف أن يعالج نفسه قبل أن يكتسب صفة المغني. ويتحول البهلوان إلي نجم سينمائي تدين له أدوار البطولة. ويتصدي لقضايا الدنيا والآخرة صاحب المعرفة الدينية التي لا تزيد عن قصار السور..
في هذا الزمن الذي اختلط فيه الحابل بالنابل. والصحيح بالزائف. لا يبدو مستغرباً أن يهبط علينا بالبراشوت من لا نعرفه. فيقدم نفسه باعتباره روائياً يستحق المكانة الأهم بين المبدعين الحقيقيين!
أين كان؟ لا أحد يدري! أما لماذا فاجأنا بظهوره. فالسر كما تري في ظاهرة السداح مداح التي نواجه أسوأ سلبياتها.
طالعتنا المجلة الثقافية العربية بحوار مطول مع هذا "الروائي" وأضع الصفة بين مزدوجتين فزكي نفسه بما يرفضه احتراماً للنفس أديباً في مكانة الشاروني أو بهاء طاهر والشيخ ومطر وشوشة وصنع الله وأبوسنة وفياض وغيرهم من رموزنا المبدعة.
ظني أن "الروائي" هو الذي كتب الأسئلة والأجوبة مع تقديري لمن وضع اسمه في نهاية الحوار فأجري تقييماً للأجيال المختلفة. وأطلق الأحكام الغريبة والمتعسفة. ثم وضع نفسه في موضع الصدارة!
سألت عدداً كبيراً من الأصدقاء إن كانوا يعرفون هذا الروائي المفاجأة. فأجابوا بالنفي. وأنهم لم يقرءوا شيئاً من إبداعات الروائي الهابط بالبراشوت. حتي الصفة الموازية التي قدم بها نفسه. وهي الأستاذية في الجامعة. لم نتعرف إليه فيها. من خلال متابعات للحياة الأكاديمية. ولحياتنا الثقافية والإبداعية بعامة.
إنه روائي مهم من اللحظة التي قرر فيها أن يهب نفسه هذه الصفة. وهي لحظة تجاوز فيها بلا مبرر موضوعي مئات المبدعين الذين يمتلكون الموهبة. ويعانون التعبير والتوصيل.
اختار كاتب الحوار أن يبدأ من حيث انتهي الآخرون. أو من حيث آخر محاولاتهم. ودس نفسه بين مبدعين حقيقيين من حقهم بإبداعات قرأناها لهم أن يطمئنوا إلي مكانتهم في إبداعنا العربي.
ذكرني الحوار الذي اختار صاحبه لنشره مجلة عربية محترمة. بحكاية أشعب والأولاد حين ضايقوه بمعاكساتهم. فحدثهم عن حفل قريب. وبعد أن جري الأولاد ناحية موضع الحفل. قال أشعب لنفسه: ربما هناك حفل بالفعل. ومضي وراء الأولاد!
لكن حياتنا الثقافية المصرية رغم كل سلبياتها تحفل بالمبدعين والنقاد والقراء المتابعين الذين يجيدون التعرف إلي تكوينات الصورة. وما عرفته بإلحاح السؤال أن أديبنا المجهول لا مكان له حتي خارج إطار الصورة.
...............................
*المساء ـ في 9/8/2008م.