أبدأ من الأسئلة المطروحة من قبل الأستاذة أم فراس لأقول إن الحصيلة الثقافية لأي مجتمع هي وليدة العصر الذي تعيش فيها فلو رجعنا قليلا إلى الوراء لم يكن هناك أطباء على هذه الشاكلة المعهودة عندنا في هذه الأيام إنما كان هناك العطارون أو ما يسمى اليوم بالطب العربي وهي طرق قديمة في المعالجة لكن لما تطور الطب وصار هناك متخصصون اختلفت القضية فلم يعد يقبل من طبيب يعيش في هذا العصر أن يستخدم أدوات قديمة ولا أن يخمن المرض تخمينا أنما يستخدم التصوير والتحليل ليخرج بنتائج صحيحة وهذاينطبق تماما على الدعاة السابقين فقد قاموا بواجب الوقت حسب ما اتيح لهم من وسائل تعليمية استطاعوا من خلالها أن يفقهوا الناس ويعلموهم حيث لم تكن المدارس قد وجدت بعد وإنما كان التعليم في الكتاتيب والمساجد والفضل كله يعود لاؤلئك الدعاة الذين علموا الناس القراءة والكتابة إذا هم قاموا بواجبهم.
ولم يعد مقبولا اليوم من الدعاة أن يبقوا على تلك الوسائل ذاتها فقد تطور العلم وصار هناك جامعات ومؤسسات تعليمية حديثة وتخصصية وإذا قال الدعي اليوم أنا داعي نسأله ما تخصصك وفي أي جامعة درست فصار لكل علم من العلوم كلية خاصة بها هناك كلية الفقه وأصوله وكلية أصول الدين وكلية العقيدة والفلسفة وكلية الدعوة وكلية اللغة العربية.
إذا الواقع الذي نعيشه فرض على دعاتنا نوعية جديدة من الخطاب وخصوصا في ثورة الاتصالات الحديثة التي جعلت العالم قرية صغيرة وحتمت علينا نوعية جديدة من الخطاب فالمسلم الذي يعيش في امريكا لا يخاطب بالإسلوب نفسه الذي يوجه للمسلم في أفريقيا القضية هي أن هناك ثوابت ومتغيرات أما الثوابت فلا تمس إنما هو تغير في الأسلوب وطريقة العرض والمتغيرات تللك التي تخضع للعرف والزمان وهذه هي القابلة للتغير والتبديل.