الكاتب والإنسان
من يتعامل عن قرب مع ( إبراهيم خليل إبراهيم) الكاتب و الإنسان و الأديب والباحث يشعر للوهلة الأولى أنه يتحدث مع شقيقه فهو يتحدث إليك فى ود صادق وأخوة نادرة الوجود .. يمد يد العون لكل من يحتاج مساعدته ونصائحه فى عالم الأدب والثقافة والصحافة .
الأخ العزيز ( إبراهيم خليل إبراهيم ) متعدد المواهب وقد رصدت هذا من خلال كتاباته التى تم نشرها ورقيا والكترونيا .. فهو يكتب الشعر والخاطرة والقصة والأقصوصة والمقال والبحوث والدراسات المتنوعة هذا بالإضافة إلى الحوارات والتحقيقات والأخبار الصحفية والتى تنشرها أكثر من مجلة وصحيفة منذ الثمانينيات .. وإذا توقفنا عند عالمه القصصى نجده يملك ناصية وحبكة النهايات المقفلة والمفتوحة فمثلا يقول فى قصته التى بعنوان ( حفيد الذكريات :
فى يوم كنت فى رحلة إلى الغردقة ..
بعد المغرب كنت أجلس على شاطئ البحر أتابع لوحات أبدعها الخالق .. .. المياه والأمواج التى تتلاطم فى تناغم بديع ..المراكب الشراعية المحملة بعشاق مصر .. .. والسماء المرصعة بالنجوم .
جلس بجوارى أحد السياح وبمرور الدقائق بدأ يتحدث معى بلغة عربية فصيحة .. استمعت لحديثه ..
فجأة بكى عندما بدأ فى حديث الذكريات فقلت :
لِمَ البكاء ؟
قال : كان جدى مقاتلا بالحرب العالمية الثانية وقد لقىَّ حتفه أثناء القتال وبعد سنوات من رحيله عثرت على - رسالة في أوراقه الخاصة- كتبها ... قال فيها :
ربي و إلهي ... لقد قيل لي إنك غير موجود ... و أنا وقتئذ كأبلة صدقت ذلك ... في الليلة الماضية من قلب حفرة القنبلة التي رقدت فيها كنت أرى سماءك لذلك تحققت أنهم كذبوا علىّ ... لو كنت كلفت نفسي أن أعرف و أتأمل كل ما صنعت لكنت فهمت !! إنه لايمكن أن يُنكر وجودك ... و الآن هل تقبل أن تصافحني و تصفح عني ؟ أنا سعيد أنك قبلتني اليوم يا إلهي .. أعتقد أن الساعة ستأتي قريبا ولكن لا أخشى الموت منذ شعرت أنك قريب بهذا المقدار ... ها هى الإشارة ... يجب أن أذهب ... يا إلهي أحبك كثيرا... ستحدث معركة هائلة ومن يدري ؟ يمكن أن آتي إليك في هذه الليلة رغم أن علاقاتي السابقة معك لم تكن حسنة ... هل ستنتظرني على بابك ؟ إنني أبكي .... غريب أن أزرف دموعا !! آه ليتني تعرفت إليك قبل الآن بكثير .. جاء صوت المؤذن لصلاة العشاء فنهض مسرعا .. فقلت : إلى أين ؟ قال........
هنا ترك النهاية مفتوحة للقراء ومن ثم يستقبل كل قارئ نهاية القصة ويعمل فكره للوصول إلى المقصد والهدف .. وهذه القصة قد نجحت في خلق عالمين الأول : حسي .. والآخر : مضمن ، مخفي ، وهو المقصود بالسردية هذه ، وقد وقفنا طويلا عند هذين العالمين الذين تفصح الألسردية عن إحديهما وتستبطن الآخر مما يترك للقارئ عشرات الإمكانيات للقراءة ويجعل النص ذا ديناميكية غريبة ، لأنه يجعل العالمين أمام المحك دون إبراز لأحدهما على الآخر ، من هنا روعة هذا النص الإستثنائي ... كما ذكر القاص والأديب ( جوتيار تمر) وهذه القصة صاغها أيضا المبدع إبراهيم خليل إبراهيم بصياغة أخرى حيث قال :
فى يوم من صيف عام 1987 كنت فى رحلة إلى الغردقة المصرية عاصمة محافظة البحر الأحمر وبعد المغرب كنت أجلس على شاطئ البحر أتابع بعض لوحات كون الخالق المبدع .. .. المياه والأمواج التى تتلاطم فى تناغم بديع .. والمراكب الشراعية ذات الأوان المتعددة المحملة بعشاق مصر والسياحة.. .. والسماء المرصعة بنور النجوم .. .. هنا جلس بجوارى أحد السياح وبمرور الدقائق بدأ يتحدث معى بلغة عربية فصيحة .. استمعت لحديثه .. وفجأة بكى عندما بدأ فى حديث الذكريات فقلت : لِمَ البكاء ؟
قال : كان جدى مقاتلا فى ساحات الحرب العالمية الثانية وبعد أن لقىَّ حتفه أثناء القتال وبعد سنوات من رحيله عثرت على رسالة في أوراقه الخاصة كتبها بخط يده ... قال فيها :
ربي و إلهي ... لقد قيل لي إنك غير موجود ... و أنا وقتئذ كأبله صدقت ذلك ... و في الليلة الماضية ومن حفرة القنبلة التي رقدت فيها كنت أرى سماءك لذلك تحققت جيدا أنهم كذبوا علىّ ... لو كنت كلفت نفسي أن أعرف و أتأمل كل ما صنعت لكنت فهمت !! إنه لايمكن أن يُنكر وجودك ... و الآن هل تقبل أن تصافحني و تصفح عني ؟ أنا سعيد أنك قبلتني اليوم يا إلهي .. أعتقد أن الساعة ستأتي قريبا ولكن لا أخشى الموت منذ شعرت أنك قريب بهذا المقدار ... ها هي الإشارة ... يجب أن أذهب ... يا إلهي إني أحبك كثيرا و أريدك أن تعرف ذلك ... ستحدث معركة هائلة ومن يدري ؟ يمكن أن آتي إليك في هذه الليلة رغم أن علاقاتي السابقة معك لم تكن حسنة ... هل ستنتظرني على عتبة بابك ؟ إنني أبكي .... غريب أن أزرف أنا دموعا !! آه ليتني تعرفت إليك قبل الآن بكثير .. وهنا جاء صوت المؤذن لصلاة العشاء فنهض مسرعا .. فقلت : إلى أين ؟ قال : إلى صلاة العشاء .
هنا قفل الخاتمة فى هذه الصياغة وتوصل القراء إلى أن الحفيد نهض مسرعا للمسجد لآداء صلاة العشاء .. فعندما يشعر الإنسان بقرب نهايته يقترب و يتقرب أكثر إلى الله تعالى و يبدأ باكتشاف خطأه السابق .. فكل هذا الجمال الكونى لم يخُلِق من عدم و كل هذه القوانين التي تحكم العالم لم توجد نفسها .. والحفيد قد تأثر كثيرا برسالة جده فحفزته إلى اكتشاف ماغاب عن جده فترة من الزمن .. أيضا النص من نوع السهل الممتنع و يعج بأفكار فلسفية و ينضح بالإيمان كما قال الأديب والقاص ( نزار الزين )
وقد قام الأستاذ محمد أبو المجد عضو جمعية المترجمين واللغويين المصريين بالقاهرة و عضو المجمع العربى للمترجمين المحترفين و مترجم اللغة الفرنسية المعتمد بالبحيرة و مشرف اللغة الفرنسية بشبكة الاستاذ التعليمية و مدرس اللغة الفرنسية بترجمة قصة ( حفيد الذكريات ) إلى اللغة الفرنسية كما قامت المبدعة سارة أحمد مديرة ورئيسة تحرير صحيفة ومنتديات العروبة بترجمتها إلى اللغة الإنجليزية ، كما ترجمتها إلى اللغة الأسبانية المترجمة شيماء محمد .
وإذا تطرقنا إلى جانب إبداعى آخر عند الكاتب والأديب والباحث إبراهيم خليل إبراهيم والمتمثل فى الشعر والخاطرة والنثر نجده يقدم للقراء كلمات موجزة ومكثفة مما يؤكد عمق المخزون المعرفى والثقافى بداخله وأيضا يؤكد أن خير الكلام ماقل ودل ... فهاهو يقول تحت عنوان ( الزاد ) :
الله على الفجر ..
لما يتولد ..
فى قلب ابن البلد
يصحى .. يناجى ..
الفرد الصمد
الله على الحب ..
لما ينور ..
قلوب البنات ..
الله على التقوى
لما تكون للناس ..
الزاد والزواد
هنا يؤكد المبدع إبراهيم خليل إبراهيم على الفطرة السليمة والقيم الطيبة التى تدفع إلى الخير والحق والجمال ... ومن جمال كتاباته ورسالتها السامية تُرجمت بعض كتاباته إلى أكثر من لغة أجنبية
وعندما تابعت الحوارات الصحفية التى يجريها ببراعة المبدع والاخ الصادق الصدوق إبراهيم خليل إبراهيم وجدت تنوعها فمنها الأدبية والرياضية والفنية والقانونية .. وعندما تبدأ فى قراءة الحوار لا تتركه إلا فى نهايته نظراً لتسلسل الأسئلة والتشويق وجمال وروعة وصدق الاسئلة وإجابات الضيف وأكاد أجزم أن الحوار عند إبراهيم خليل إبراهيم من طراز فريد.
وإذا رصدنا جانب الدراسات والنقد والبحث والتأريخ فى عالم المبدع إبراهيم خليل إبراهيم نجد من الكنوز والدرر الكثير فقد قدم للمكتبة المصرية والعربية مجموعة من الكتب الجديرة بالقراءة أكثر من مرة فمن منا ينسى كتابه ( الحب والوطن فى شعر فاروق جويدة) الذى رصد فيه أشعار الحب والوطن والصورة الشعرية وخصوصيتها عند الشاعر الكبير فاروق جويدة .. ومن منا ينسى كتابه ( رؤى إبداعية فى شعر رفعت المرصفى ) والذى تناول فيه خصوصية البناء الشعرى وقصيدة الومضة والرؤى القومية والروحية والحكموية والوفاء فى شعر الشاعر والناقد الكبير رفعت المرصفى .. ومن منا ينسى كتبه الوطنية الرائعة : ملامح مصرية _ من سجلات الشرف _ قال التاريخ _ وطنى حبيبى .
والتى ألقت الضوء على نخبة من أبطال وشهداء مصر خلال معارك الاستنزاف التى جرت بين مصر وإسرائيل بعد الخامس من شهر يونيو عام 1967 مباشرة .. وأيضا خلال معارك أكتوبر 1973 .. وأيضا من منا ينسى كتابه ( أصوات من السماء ) الذى ضم نخبة من قراء القرآن الكريم والمبتهلين المصريين .. وأيضا من منا ينسى كتابه عن العندليب عبد الحليم حافظ ( العندليب لايغيب ) والذى استقبلته وسائل الإعلام بالحفاوة والتقدير كما سعد به القراء
وفى الختام أؤكد على أن الإخ و الأديب والكاتب والباحث إبراهيم خليل إبراهيم مازال بداخله الكثير من الطاقات الإبداعية التى لم تقدم بعد .
منـــــى كمال
شاعرة وأديبة- مصر