إبراهيم خليل إبراهيم ... كاتب الوطن :
__________
بقلم / محمد دانى
كاتب وناقد _ المغرب
_____
عرف العالم العربي تغيرات مست كل البنى المجتمعية ، الشيء الذي أدى إلى اندثار قيم وسلوكيات ، أو تطورها أو تقلصها، وظهور أخرى جديدة. فتغيرت مجموعة من المفاهيم من جملتها المواطنة والوطنية والانتماء. واكبها انفتاح ثقافي متعدد الآليات والوسائل، جعل المفاهيم السابقة تغلفها شعارات غيرت رؤى الفرد.
وشبابنا بما أنه في سن قابلة للاحتواء، والتأثير الفكري، والإيديولوجي، حيث تتأثر مواطنته، وانتماؤه ووطنيته، فهو في حاجة إلى قدوة، وإلى نماذج وطنية يتخذها نهجا ومنهجا، ومثلا يحتدى.
والكاتب والاديب والباحث إبراهيم خليل إبراهيم يعي هذه المسألة، ويدرك قيمتها المؤثرة لذا هو يؤمن بالنموذج الوطني، وإحياء الرموز التاريخية، لأنه يعتبرها الوسيلة التي تحصن الشباب ضد أي مشوش على وطنيتهم، وانتمائهم.
وأمام هذه التغييرات التي مست العالم، انتشر نوع من القلق في عالمنا العربي، خوفا من انهيار القيم، وتغير السلوكيات، واعوجاج في الاتجاهات والمواقف.
ومبدعنا إبراهيم خليل غبراهيم يعرف كل المعرفة أن وطنه يتعرض لمتغييرات وفقا لما يشهده ويعيشه العالم اليوم
يقول الدكتور محمد الصاقوط فى كتابه المواطنة والوطنية ( المفهوم الحديث للمواطنة يعتمد على الإنفاق الجماعي القائم على أساس التفاهم من أجل تحقيق ضمان الحقوق الفردية ، والجماعية. كما أن المواطنة في الأساس شعور وجداني بالارتباط بالأرض وبأفراد المجتمع الآخرين الساكنين على الأرض. وهي لا تتناقض مع الإسلام لأن المواطنة عبارة عن رابطة بين أفراد يعيشون في زمان ومكان معين، أي جغرافية محددة، والعلاقة الدينية تعزز المواطنة ) ويؤكد الدكتور محمد الصاقوط (أن الوطن في اللغة – كما جاء في لسان العرب- يعني المنزل الذي يقيم فيه الإنسان. وانه في الاصطلاح يعني: قطعة الأرض التي تعمرها الأمة )
ثم يقول ( الوطنية تأتي بمعنى حب الوطن patriotisme في إشارة واضحة إلى مشاعر الحب ، والارتباط بالوطن، وما ينبثق عنها من استجابات عاطفية أما المواطنة citizenship ، فهي صفة المواطن، والتي تحدد حقوقه وواجباته الوطنية، ويعرف الفرد حقوقه ويؤدي واجباته عن طريق التربية الوطنية وتتميز المواطنة بنوع من ولاء المواطن لوطنه وخدمته في أوقات السلم والحرب. والتعاون مع المواطنين الآخرين عن طريق العمل المؤسساتي والفردي الرسمي ، والتطوعي في تحقيق الأهداف التي يصبو لها الجميع وتوحد من اجلها الجهود ، وترسم الخطط ، وتوضع الموازنات )
والمواطنة انتماء إلى أمة أو وطن ما. كما يعتبرها علماء الاجتماع نوعا من العلاقات الاجتماعية القائمة بين الفرد والدولة. وهذه العلاقة تتطلب الولاء، والحماية والذود، والدفاع. كما ستوجب عنها الواجب والحق، اللذان ينظمهما القانون.
ويرى الأستاذ رضوان أبو الفتوح في كتابه التربية الوطنية .. طبيعتها و فلسفتها و أهدافها و برامجها : ان المواطنة والشعور بها لها أربعة مستويات، هي كالتالي:
1- شعور المواطن بالروابط المشتركة بينه وبين مواطنيه.
2- التمسك بالماضي والحاضر، والإيمان بالمستقبل، والاعتزاز بذلك.
3- الشعور بالانتماء للوطن، والإحساس به.
4- الاندماج في الشعور العام الوطني.
إبراهيم خليل ابراهيم والتأطير الاجتماعي :
____
عرفت مصر منذ بزوغها أنماطا متعددة من التأطير الاجتماعي، لإدماج المواطن المصري في مختلف ميادين الحياة وأنشطتها. وتولت ذلك مؤسسات متنوعة للارتقاء بالمواطن المصري وبالمجتمع .. وأمام استفحال العولمة، وتطور المعرفة، والتغير الذي عرفه ويعرفه العالم في شتى مجالاته، وبناه، قام أفراد بمهمة التاطير الاجتماعي في إطار قانون الحريات العامة، للعمل إلى جانب المؤسسات المهتمة بالتنمية الاجتماعية ومن بين هؤلاء الأفراد ، نجد الكاتب والأديب والباحث الكبير إبراهيم خليل ابراهيم.
إن المتتبع للأنشطة الاجتماعية ، والثقافية للمبدع إبراهيم خليل إبراهيم يجد نفسه مندهشا لخلية الفكر والنشاط التى تكمن في نفسه .. فنجده متضامنا وكاتبا عن نخبة من الأبطال الذين أشتركوا فى حرب أكتوبر التى جرت بين مصر وسوريا ضد أسرائيل .. فقد ألتقى الأديب والكاتب إبراهيم خليل إبراهيم بالأبطال الذين مازالوا على قيد الحياة ونبش فى ذاكرتهم لنفض الغبار والنسيان عنهم، ومن ثم تذكير الناس ببطولاتهم ومن هنا تقوي أواصر التضامن، وتقوي عوامل الارتباط بالوطن، وتنمي الحس الوطني، والشعور بالانتماء، ورفع الروح المعنوية .. وكل هذا يعيه الكاتب والاديب والباحث القدير إبراهيم خليل إبراهيم ولذا كان في كتاباته الوطنية، وحواراته الاجتماعية ، والسياسية، كبيرا في أدواره، شاملا في وظائفه، نبيلا في قيمه ومبادئه.
وإذا ما حاولنا البحث عن الهدف من اهتمامه بالجانب الوطني ، ومحاورة كل هؤلاء الأبطال الكرام ، فإننا نجد مجموعة من الأهداف وتتمثل فيما يلى :
- فتح نافذة لهؤلاء الأبطال ليطلوا منها على العالم الخارجي، ويطل عليهم العالم حتى لا يطالهم النسيان.
- إعطاؤهم الفرصة للتعبير عن حاجياتهم، وعن أمانيهم التي يرغبون في تحقيقها.
- تحسيسهم بالطمأنينة، والأمان.
- مساعدتهم على خلق نوع من التوازن العاطفي ، والوجداني.
- إشعارهم بأنهم ما زالوا مهمين في المجتمع، وأنهم لم ينسوا من طرفه.
- جعلهم قدوة ونبراسا يحتدى أمام الشباب.
ومبدعنا الكاتب والاديب والباحث إبراهيم خليل إبراهيم يؤمن بان الحفاظ على هذا التراث الحي البطولي، أمر هام ، ولا يكون إلا عبر هؤلاء الأبطال ، وشهاداتهم الحية. لأنه يرى أن هذا يربي النشء على المواطنة الحقة، وينمي فيهم الوطنية، وحب الوطن، والاعتزاز بالماضي المجيد، والإيمان بالحاضر والمستقبل .. إن هؤلاء الأبطال جزء من ذاكرة الأمة وجزء من قيمها، وتاريخها، وثقافتها، وهويتها.
إن الأمم المتقدمة ، تقيم متاحف حية لتاريخها الإنساني ، وبطولاتها، حتى لا تنمحي الذاكرة، وحتى تبقى شاهد عيان على جزء من ماضي الأمة وتاريخها.
كما أن الاهتمام بمطرب ألمعي كعبد الحليم حافظ، هو اهتمام بالثقافة والفن لهذه الأمة، والاحتفال بسنويته، والتذكير به، هو في الواقع حفاظ على هذا التراث الفني والإنساني ، والثقافي من الدمار غير المقصود، وهو: النسيان والتناسي
ومبدعنا إبراهيم خليل إبراهيم يعي جيدا ولذا جاء كتابه ( العندليب لايغيب ) فى عام 2002 وأستقبله القراء بترحاب شديد وكرمه الدكتور مفيد شهاب الدين وزير التعليم العالى والدولة للبحث العلمى فى مصر فى ذلك الوقت .
أن الحفاظ على التراث الثقافي والروحي، وحمايته ، هو نوع من الحفاظ على هوية مصر كلها .. وكاتبنا ومبدعنا يعرف – أيضا- أن : ( التراث الثقافي والفني، يحتوي على جانبين: الملموس المادي ، مما أنتجه السابقون من مبان وأدوات، ومدن وملابس وغير ذلك. وغير ملموس من معتقدات ، وعادات، ولغات وتقاليد، وغير ذلك. فإن هذين العنصرين يكونان عصب الحضارة. فالحفاظ عليهما يعني الحفاظ على المنتجات التي نستطيع من خلالها أن نقيس مستوى الحضارة لتلك الشعوب أو المجتمعات ) كما ذكر الدكتور المهندس جمال عليان فى كتابه ( الحفاظ على التراث الثقافي ) الصادر ضمن ، سلسلة عالم المعرفة الكويتية
والكاتب المبدع إبراهيم خليل إبراهيم يعرف تمام المعرفة أن توثيق الأحداث التاريخية من خلال الحوار ، أو العرض، أو التقديم ، أو الدراسة عملية ذات قيمة كبرى ومن هنا كان إيمانه بأن يبقي للأجيال القادمة شيئا من الماضي البطولي مسجلا تسجيلا حيا وتوثيق هذه الشهادات الحية لأبطال عاشوا جزءا من تاريخ مصر، دافعوا فيه عن حرية الوطن كما سجل بطولات مصر سجل أيضا جميل فنها ممثلا فى مطرب قلما يجود الزمان بمثله ألا وهو العندليب عبد الحليم حافظ
إن هذه الشهادات الحية والموثقة ، هي في الواقع قيمة تاريخية، تسجل بآيات النور في السجل الادبى والإبداعى والبحثى للمبدع إبراهيم خليل إبراهيم ، وتبين وتوضح بشدة مدى وطنيته، ومدى حبه لتاريخه، وبلده ، ومواطنيه.كما تعتبر وثيقة تاريخية، ومصدر معرفة هام. .. و قد قام بهذه البادرة ، لأنه يعرف أن زماننا زمن العولمة... العولمة المتوحشة، الجارفة لكل شىء .
العوامل المؤثرة في وطنية الأديب إبراهيم خليل إبراهيم :
____
هناك عوامل متعددة كانت لها المؤثرات على المبدع الكبير إبراهيم خليل إبراهيم ومنها :
1- يقظة مصر وحضارتها التليدة:
لا يجادل احد في أن حضارة قديمة قدم المعمورة فقد نقل هوميروس من أقاصيصها وأساطيرها في اوديسيته الشهيرة كما أن بطليموس أسس نظريته بمكتبة الإسكندرية التي تقول بأن الأرض مركز الكون .. ولا احد ينكر فضل مصر الحضاري وهذا ما دفع بالأديب الفرنسي أناتول فرانس إلى القول : ( إن أرض منفتاح القديمة لا ينقها ما يستوجب اعتراف العالم بجميلها. فهي المربية الروحية لليونان، وكهنتها هم الذين رفعوا النقاب لأول مرة عن أسرار هذا الوجود، وأهل الفن فيها هم الذين تمكنوا بفطرتهم من أن يجعلوا آية الجمال مبرة ) كما ذكر الدكتور أحمد محمد الحوفي فى كتابه ( وطنية شوقي ) والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب فى عام 1978
هذا كان التربة الخصبة لتنبت فيها وطنية حقيقية، تفيض حبا لمصر، وحضارة مصر، وتاريخ مصر...
2- حبه لمصر :
بما ان الكاتب والأديب إبراهيم خليل إبراهيم قد ولد بجمهورية مصر العربية ، وولع بالتاريخ، فقد أحب تاريخ مصر، أحب النيل مهد الحضارة أحب مصر وقال على لسانها شاعر النيل حافظ إبراهيم :
وقف الخلق ينظرون جميعا
كيف أبني دعائم المجد وحدي
حب مصر والوطنية الشديدة العمق داخل إبراهيم خليل إبراهيم المصرى والعربى الأصيل .. كل هذا كان دافعا إلى المباهاة بمصر، وبطولاتها وتاريخها العريق وهنا اذكر قول الدكتور أحمد محمد الحوفي ( و لكنه لم يحبس خياله في ذلك الماضي، بل يرقب الحاضر ، فيعيبه تارة، ويشيد به إذا ما استحق الإشادة ، يريد أن يستزيد المصريون من وسائل الرقي والعزة، ويريد أن يشجع العاملين فلا يخملوا ويحفز الخاملين إلى أن يعملوا. ويعلن للعالم أن الشعب المصري شعب حي سليم العنصر، تواق إلى المجد )
و لم يغفل المبدع إبراهيم خليل إبراهيم .. الشباب بل أهتم بهم وخاطبهم فى كتاباته و من خلال سيرة مطرب الشباب عبد الحليم حافظ، لأنهم الجيل الجديد الذي لم تتلوث نفسه بأدران الاحتلال، وأقذار الخنوع. ولأنهم مصر المستقبل. إنهم أمل مصر، وغدها .. الشباب هو الأمل الذي سيحمل المشعل غدا لذا رأى الأديب والكاتب إبراهيم خليل إبراهيم أن يحنه ، ويمنعه ، ويغذيه بهذه النماذج البطولية، ويجعلها قدوة له، ونبراسا يسير على نهجها .. وهنا نذكر قول أمير الشعراء أحمد شوقي :
يا شباب الديار مصر إليكم
ولواء العرين للأشبال
كلما روعت بشبهة يأس
جعلتكم معاقل الآمال
هيئوها لما يليق بمنف
وكريم الآثار والأطلال )
وقوله أيضا:
يا شباب الغد - وأبنائي الفدا
لكم- أكرمْ واعززْ بالفداء
من رآكم قال مصر استرجعتْ
عزها في عهد خوفو ومناء
إنها مصر إليكم وبكم
وحقوق البر أولى بالقضاء
عصركم حر ومستقبلكم
في يمين الله غير الأمناء
إن الاخ والصديق والكاتب الكبير إبراهيم خليل إبراهيم وطني حتى النخاع وهنا استدعى قول رفاعة الطهطاوى ( يفدي وطنه بجميع منافع نفسه، ويخدمه ببذل جميع ما يملك ن ويدفع عنه كل من تعرض له بضرر،كما يدفع الوالد عن ولده الشر )
3- الصراع المصري الإسرائيلي:
كان للقضية الفلسطينية أثر على تعاطف المصريين مع الوطنيين الفلسطينيين، وتضامنهم معهم، واهتمام مصر بهم وبقضيتهم وقد شعرت مصر منذ الثلاثينيات في أطماع الدولة اليهودية في سيناء .. وقد بين النحاس باشا عن قلقه من مشروع التقسيم الذي أعلنته بريطانيا آنذاك، فأعلن للسفير البريطاني السير مايلز لاميسون في الرابع عشر من شهر يوليو عام 1937 أنه : ( لا يستطيع أن يشعر بالاطمئنان وهو يفكر في قيام دولة يهودية على حدود مر إذ ما الذي يمنع اليهود من ادعاء حقوق لهم في سيناء فيما بعد ) كما ذكرت الدكتورة عواطف عبد الرحمن .. وقد أشارت بعض الصحف الوفدية إلى خطورة هذه المسألة .. وهنا نذكر أيضا قول الدكتور عواطف عبد الرحمن ( نشرت كوكب الشرق مقالا منقولا عن صحيفة _ دوراها يوم _ العبرية وصحيفة _ بالستين ويكلي _ البريطانية تحت عنوان ( مر وسيناء) ، ويدعو هذا المقال إلى جعل فلسطين وطنا لليهود على أن تصبح مستعمرة بريطانية مثل كندا أو أستراليا، وتضم إليها شبه جزيرة سيناء بعد أن تقتطع من مصر )
وقد كان لمصر دور في رفض التقسيم الذي طرحته انجلترا، وهيئة الأمم المتحدة في عام 1947. كما كان لها دور _ ومازال _ في مساندة القضية الفلسطينية، بل وشاركت مصر في حرب 1948 لإنقاذ فلسطين.
لقد نشأ المبدع والكاتب إبراهيم خليل إبراهيم وترعرع على أرض مصر وبحث فى تاريخها وقرأ عن
- حرب فلسطين عام 1948 و العدوان الثلاثي على مصر فى عام 1956
وعايش حرب يونيو عام 1967 ومعارك الاستنزاف و حرب أكتوبر عام 1973).
في هذا المناخ البطولي والوطني، تشرب الأديب إبراهيم خليل إبراهيم وطنيته، وحبه لوطنه، وقضيته. وارتأى أن الجيل الجديد من حقه أن يعرف الحقائق، ويعرف عن كثب هذه المرحلة من تاريخه البطولي وعليه أن يقدم له شهادات بطولية حية عن حرب أكتوبر، ليقف على الحقيقة بدون زيادات، وبكل موضوعية، ومن لسان أصحابها الذين شاركوا في الحرب بكل شجاعة.
هذا الاهتمام بتسجيل الحقيقة ، ونشرها على شكل حوارات ومقابلات مع الأبطال ، ودراسات يستحق كل التقدير
صحافة ودورها في وطنية إبراهيم خليل إبراهيم :
_________
كان للصحافة المكتوبة والمسموعة دور كبير في تألق المبدع إبراهيم خليل إبراهيم ، وإذكاء وطنيته. فقد فتحت له نوافذ يتنفس منها ، ويطل منها على عوالمه الخاصة. كما استطاع من خلال هذه النوافذ الحرة أن يقدم للعالم صورا عن مصر وأبطالها... وقد نجح في ذلك إذ كانت كتاباته الصحفية نجاحا كبيرا لقلم حر يقطر وطنية، وحبا لوطنه، ومواطنيه.
فقد أجرى مجموعة من الحوارات مع نخبة من الابطال ونذكر منهم : البطل عبد الجواد محمد مسعد سويلم .. بطل معارك الإستنزاف وأحد أبطال الصاعقة المصرية وهذا البطل اشترك في 18 عملية عبور خلف وداخل الخطوط الإسرائيلية خلال معارك الإستنزاف وألحق بالقوات الإسرئيلية الخسائر الفادحة فقد تمكن من تدمير 16 دبابة و 11 مدرعة و 6 طائرات و 2 عربة جيب و2 بلدوزر بالإضافة إلى أتوبيس وفي أخر عملية عسكرية أصيب بصاروخ إسرائيلي فبترت ساقه اليمنى وأيضا اليسرى وأيضا ساعده الأيمن كما فقد عينه اليمنى وبرغم هذا استمر في الخدمة العسكرية وعبر مع القوات المصرية قناة السويس في عام 1973 .. و أيضا مع مجموعة من صائدى الدبابات خلال معارك أكتوبر 1973 ومنهم : البطل محمد المصرى الذي دمر 27 دبابة و البطل عبد المعطى عبد الله عيسى الذي دمر 26 دبابة و البطل محمد عبد العاطى الذي دمر 23 دبابة إسرائيلية .. و أيضا البطل سيد زكريا خليل أسد سيناء و البطل محمد العباسى أول من رفع العلم المصرى علي أول نقطة تم تحريرها في معارك أكتوبر 1973 و هذا على سبيل الحصر وقد قام الكاتب الأديب إبراهيم خليل إبراهيم بنشر كل هذه الحوارات و المقابلات في الصحف و المجلات كما تحدث عن الأبطال فى الصحافة المسموعة و التى تبث عبر وسائل الإعلام المسموعة و المرئية .
حبه لمصر ووطنيته:
_____
إن الأديب والكاتب والباحث إبراهيم خليل إبراهيم يكتب لمصر، ثم للعالم كله... وهو يعرف أن مصر لا يمكنها أن تنسلخ عن الكيان العربي، ولذلك هي أم الدنيا. وعروبة مصر جزء من هويتها لذا كانت معارك أكتوبر لاسترجاع الأرض السليبة، الكرامة العربية، وا لروح العربية . .. إنه يومن بوطنية مصر، وبقضيتها، ويجعلها فوق كل اعتبار
لذا كان عمله شعلة لكل العرب، لأنه يعرف أن تقدم مصر في عروبتها
هكذا جاءت كتاباته و حواراته الوطنية للتذكير بهذا النضال الوطنى ، وبهذا الموقف العربى الذى توحد على قلب رجل واحد خلال معارك أكتوبر عام 1973
إن كتابات المبدع إبراهيم خليل إبراهيم حافلة بالوطنية وبكتاباته هذه يعبر عن حبه لمصر، وهذا يبين لنا أن بينه وبين وطنه مصر صلة لا تنتهي. لقد وجد في هؤلاء الأبطال حبا دفينا، وعشقا صوفيا مثيرا، وقد أحيل أكثرهم على المعاش ورغم ذلك بقي حبهم مصر و للقوات المسلحة ، يعيشون على ذكراها الجميلة، وبطولاتها الخالدة.
إن هؤلاء الأبطال العظام الذين حاورهم الأديب والكاتب إبراهيم خليل غبراهيم هم ذاكرة الوطن، من خلالهم يستلهم الجيل القادم، والنشء الأمجاد، والبطولات، والقيم الوطنية.
ولوطنيته الزائدة، وحبه الفائق لوطنه، وعروبته، رأى أن الشاهد جزء من الدليل، لذا هؤلاء الأبطال شهادة ناطقة، ومعبرة ، وحية.
وقد أراد إبراهيم خليل إبراهيم ، أن يضع مذكرات لبعض أبطال مصر على شكل حوارات، ودراسات، وتحليلات...
وهذا يذكرنا بمذكرات عبد الرحمن الرافعي الصادرة عن دار الهلال سنة 1952 ومذكرات محمد فريد الذي أعاد نشرها الدكتور رؤوف عباس فى عام 1974
البحث عن الذات. صدرت عام 1978).
- مذكرات محمد نجيب( كلمتي للتاريخ). صدرت عام 1975.
- ذكريات كمال الدين حسين. نشرت في مجلة المصور في ديسمبر 1975 إلى يناير 1976
- مذكرات كمال حسن علي( محاربون ومفاوضون). صدرت عن مركز الأهرام للترجمة والنشر ، عام 1986.
. - مذكرات في السياسة والثقافة. ثروت عكاشة. عن مكتبة مدبولي، عام 1988.
- مذكرات جلال الدين الحمامي. (حوار حول الأسرار). درت عام 1976.
- مذكرات جمال حماد( أطول يوم في تاريخ مصر). صدرت عن كتاب الهلال في أبريل 1983.
- مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي( حرب أكتوبر) في 1980.
- مذكرات صلاح الدين الحديدي( شاهد على حرب اليمن). 1984. . . .
- مذكرات الفريق أول محمد فوزي( حرب الثلاث سنوات( 1967- 1970). در عام 1983.
- مذكرات عبد الغني الجمسي( حرب أكتوبر 1973) . صدر عام 1989.
كما أن الجامعة المصرية كان لها دور في تحفيز الأديب إبراهيم على الدخول عالم الأطوبيوغرافيا عن أبطال سيناء، وشهدائها، إما نشرا أو إذاعة على أمواج الإذاعة المصرية. فقد أقامت كلية الآداب بجامعة عين شمس خلال الفترة من السابع وحتى الثانى عشر من شهر مايو عام 1977 أسبوعا للدراسات العليا للتاريخ الحديث و تحت عنوان ( وثائق تاريخ العرب الحديث) .. وكان هذا أيضا حافزا على الكتابة في صفحة من صفحات تاريخ مصر الخالد.
إذا أنتقلنا إلى جانب آخر من جوانب عطاءات المبدع إبراهيم خليل إبراهيم هو الحوار الصحفى نجد تفوقه فى هذا المجال فهو يمتلك منهجية الحوار .. فالحوار لغة هو المجاوبة والمجادلة والمراجعة.
واصطلاحا هو حديث يجري بين شخصين أو أكثر.
وللحوار قيمة حضارية وإنسانية... وهو يخلق التفاعل بين الأطراف . كما انه يول إلى كشف الحقيقة، ويبين روح الجماعة، والتعاون والتضامن.
وهذه الحوارات التي اعتبرناها مذكرات شفاهية، تعتبر وثيقة هامة وتاريخية، خاصة إذا عرفنا أن : ( الوثيقة هي كل ما خلفه الحدث التاريخي من آثار ) كما ذكر الدكتور عبد العظيم رمضان
وتعتبر هذه الشهادات، والحوارات، مذكرات – كما أسلفت- مادام يندرج تحتها ماقاله الدكتور عبد العظيم رمضان ( كل ما روي على لسان شهود، سواء كان في شكل تقارير يرسلها السفراء، والقنال ، أو شهادات رسمية أمام المحاكم، وجهات التحقيق. أو روايات تروى في أحاديث شخصية أو عامة )
ولقد بلور الأديب والكاتب إبراهيم خليل إبراهيم منهجه الحواري، إذ بناه على دعامتين أساسيتين : الملاحظة والفهم، ثم التأويل والربط.
فقد عاش بعض الأحداث الكبرى مثل معارك الأستنزاف التى جرت بعد هزيمة الجيش المصرى فى يونيو عام 1967 كما عاش معارك أكتوبر التى جرت عام 1973 وفهم بنياتها، وخصوصياتها، وقرأ عنها الكثير وتقابل مع أبطالها ... وتتبع ما نشر من مذكرات عن هذه الحرب، لينتقل إلى مرحلة التأويل والربط بين ما شاهده، وسمعه، وقرأه، وعايشه، واستنبطه من الشهادات الحية الناطقة، وبين الواقع الاجتماعي، والإنساني السائد آنذاك.
لذا كانت الكتابة والحوار رؤيا جديدة لما كان في مرحلة سابقة، وتأويلها وإعطائها روحا جديدة لاستشراف الغد الجميل ، والمستقبل منها، وتقديمها لجيل – كما قلت سابقا- من حقه أن يعرف ، ويطلع على جزء من تاريخه البطولي المجيد.
إن حوارات المبدع إبراهيم خليل إبراهيم عمل أصيل لأنه ثمرة روح وطنية، متشبعة بحب الوطن، والعشق لهذه الأرض المعطاءة. لذا هو يؤمن أن عمله هذا لا يقل وطنية وهو خدمة جليلة يقدمها للوطن، ولمواطنيه. لأنه يساهم في التعريف بتاريخه، والرفع من معنوياته، وغرس روح المواطنة، وقيم الوطنية الحقة. فهو في قناعاته يعتبر عمله هذا ، ثمرة روح وطنية عالية ومن هنا رأى أن هذا العمل الحواري، هو نتيجة عاطفة حقة، حية، ونتيجة روح قوية، أساسها الحب للوطن، والتفاني في حبه. وبالتالي فهو كاتب وطني بامتياز.
إنه استطاع أن ينقل لنا مرحلة بعوالمها ، هي جزء من تاريخ مصر البطولي، من خلال المشافهة ، والكتابة، ليحولها إلى مادة حية قابلة للتفاعل مع القارئ و المتلقي
فمن خلالها نطل على هذه المرحلة، أو تعيدها من ماضويتها إلى الحاضر، فنصبغها بالآنية. وهذا يوفر لها امتدادا دائما. إنها استرجاع للتاريخ وزمانه، وواقعه بكل وضوح ، حتى وغن انعدم فيها الترتيب.
والجميل في هذه الحوارات، أننا نتكشف من خلالها عواطف الأديب المبدع إبراهيم خليل إبراهيم وقناعاته الخاصة إنه بكل أمانة: كاتب وطني حتى النخاع. إنسي Humaniste إلى أقصى درجة .. راصدا التحولات المجتمعية ، والسياسية والاقتصادية، والثقافية التي عاشتها مصر.
ولذا نجد الأبطال فى الحوارات يتحدثون عن هذه المعارك والبطولات ، وهذه المرحلة بحماسة، وعزة ، واعتزاز وفخر، لأنهم كتبوها بدمائهم.
إن الأديب إبراهيم خليل إبراهيم، أديب بكل المواصفات ( يعبر عن الطموحات الكبرى للزمرة التي تنتمي إليها، وذلك بصورة تلقائية وبعيدا عن كل تطابق آلي بين وعي الجماعة ، والتصورات الفردية الخاصة ) كما قال الدكتور عبد الوهاب شعلان فى كتابه ( المنهج الاجتماعي وتحولاته ) .
كما أن هذه الكتابات لا تخلو من رؤى الأديب إبراهيم خليل إبراهيم للعالم، والتي تتضمن رؤياه الشاملة للإنسان.
هذه الرؤية هي عنده ( مجموع الطموحاتAspiration، والأحاسيس، والأفكار التي توحد أعضاء الجماعة ) كما جاء فى البنيوية التكوينية والنقد الأدبي للوسيان وآخرون وترجمه محمد سبيلا
إبراهيم خليل إبراهيم كاتب وأديب متنوع و متعدد الإبداع والهوايات فهو يكتب القصة والاقصوصة والخاطرة والشعر والمقال بأنواعه وشخصيته القوية نتحسسها من كتاباته
وتميزه ، وأدبيته ، وفنيته تجلت في استطاعته ( أن ينقل المبهم والغامض لدى الجماعة إلى مرتبة الوعي المنسجم Conscience coherente ) كما ذكر الدكتور ( عبد الوهاب شعلان
والأديب والكاتب إبراهيم خليل إبراهيم مثقف، يعي دوره جيدا. وهو يسعى دائما إلى كسر كل القيود التي تمنع هذه الفئة الاجتماعية من الوصول إلى الآخرين. وإخبارهم بما يختلج صدورهم من أحاسيس ، ومشاعر وذكريات.
إنه يكسر القيود في كتاباته وحواراته وهذا الكسر لكل القيود لازمه من مدة، لأنه لا يريد لهذه الذاكرة أن تمحى، أو يطالها النسيان
وهو أيضا من الكتاب الملمين بشئون المجتمع، وآليات تحوله، وقضايا النفس الإنسانية وتعقيداتها، والمدركين لخصوصيات العصر وإشكاليات المرحلة. وهو ذو ( موقف إنساني سليم ، قوامه والدافع إليه ، حب الحقيقة وحب البحث عنها بصدق وموضوعية، وحب الإنسان أولا وأخيرا ) كما ذكرت الدكتورة مروة حسين فى دراساتها النقدية فى موضوع المنهج الواقعي .. وهذا دليل على وطنيته الصادقة، وحبه الكبير لمصر ، وشعب مصر.
وبمبادرته هذه فقد أسدى خدمة جليلة لمصر ولبنى الإنسان ، وذلك بتسجيل جزء من ذاكرتها، ومقاومتها، وبطولتها. فقد عرف أن قطار الموت يدهس كل يوم الرجالات .. لذا اشتغل على هذا الموضوع لجعله حيا، وخالدا.
ونؤكد على أن الأديب إبراهيم خليل إبراهيم متشبع بالقيم النبيلة، وبالوطنية الحقة.
إن الأديب إبراهيم خليل إبراهيم ، يسير في كتاباته الوطنية على خطى الكتاب الكبار والرموز فى المجال الوطنى والادبى
فالمبدع عبد الستار الطويلة قد قابل 24 قائدا من قواد الجيش المصري الذين شاركوا في حرب أكتوبر، وأجرى معهم مناقشات صدرت فى كتاب يقع في 543 صفحة.
والأديب المبدع إبراهيم خليل إبراهيم الموهبين اللامعين بشهادة المقربين منه، حيث يقول فيه الصحفي ( عبد المعطي أحمد) نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام : ( إبراهيم خليل إبراهيم... صحفي من منبت رأسه حتى أخمص قدميه، ويستطيع أن صيدر كتابا كل شهر ) وهو ذو خبرة مهنية عالية فهو يجرى الحوارات ، باحترافية كبيرة .. ونعم ( الصحافة استعداد طبيعي قبل كل شيء ولكي يكون الإنسان صحفيا عليه ان يستجيب للنداء الصادر من أعماقه، وان تتوافر فيه الموهبة والرغبة الملحة وقد أصبحت طبيعة ثانية فيه في ملاحظة الحياة ن والناس. وان الصحفي مهما تتسع حقول تجاربه فإنه لا يمكن ان يصبح صحفيا بمعنى الكلمة إن لم تكن فيه تلك العبقرية، أو تلك الشعلة المقدسة التي تميز الصحفي الذي يولد صحفيا ) كما ذكر الدكتور فاروق ابو زيد فى فن الكتابة الصحفية
وهذا ما يتميز به أديبنا إبراهيم خليل إبراهيم ، إذ تتوافر فيه ميزة الصحفي الناجح، وتتوافر فيه العبقرية، والموهبة الصحفية. .. فهو يتبع منهجية احترافية. فنجده يعد مسبقا أسئلةن الحوار وعندما يعد لحواره، يبدأ بإجراء الاتصال بالشخصية التي سيتم معها الحديث، وذلك إما بالتليفون، أو بالمقابلة المباشرة ويتبع في حواراته الصحفية أسلوب او قالب الهرم المقلوب، والذي يقوم على أساس تقسيم الحديث الصحفي إلى جزأين فقط:
- الجزء الأول : يشمل مقدمة الحديث، وهي تحتل قاعدة الهرم المقلوب.
- والجزء الثاني والأخير : يشمل نص الحديث، وهو يحتل جسم الهرم المقلوب.
وتحتوي المقدمة على أهم ما في الحديث من أخبار وآراء في حين يحتوي الجسم على النص الكامل للحديث وفيه تحتل التفاصيل مكانها في جسم الحديث حسب أهميتها... فتحتل التفاصيل الأكثر أهمية الأجزاء المتقدمة من الجسم، وبعدها تأتي التفاصيل المهمة، ثم التفاصيل الأقل أهمية، وهكذا حتى نهاية الحديث الصحفي.
وتحتوي المقدمة على أبرز الأخبار التي يتضمنها الحديث، بما أنها يغلب عليها الطابع الخبري.
وجسم الحديث الصحفي، كثيرا ما يأتي على شكل سؤال وجواب، ومن كان يعيب هذا الشكل انه صار شكلا تقليديا، وقديما ، ومتجاوزا في الصحافة المعاصرة، ويحاول الكثير تجنبه والابتعاد عنه، كما فعل الأستاذ إبراهيم خليل إبراهيم في كتابه ( ملامح مصرية) الصادر عام 2001 .
كما يعتمد أسلوبا ثانيا مغايرا للأول، وهو طريقة الهرم المقلوب المتدرج.حيث يأخذ الهرم المقلوب شكل المستطيلات المتدرجة.
ويشمل جزأين فقط: المقدمة ، وهي تحتل قاعدة الهرم المقلوب المتدرج أما الجزء الثاني ، فيشمل نص الحديث الصحفي ، والذي يحتل جسم الهرم المقلوب المتدرج.
وتحتوي المقدمة على أهم الأخبار ، والآراء التي يتضمنها الحديث الصحفي أم الجسم فيكتب على شكل مقدمات متعددة ، يقوم في كل فقرة منها تلخص جانب من جوانب الحديث، وبين كل فقرة وأخرى يورد نص كلام المتحدث المتعلق بموضوع الفقرة الملخصة، وذلك لشرح معناها أو لتأكيد هذا المعنى في ذهن القارئ، أو لإضافة معنى جديد.
كما يعتمد المبدع إبراهيم خليل إبراهيم أسلوبا ثالثا وهو: طريقة الهرم المعتدل حيث يتكون الحديث الصحفي من ثلاثة أجزاء.
1- مقدمة الحديث: وهي تحتل قمة الهرم المعتدل. تعد وتهيئ القارئ للحوار، بأن تشير إلى موضوع الحوار ، أو تصف الشخصية التي يجرى معها الحوار.
2- جسم الحديث: وهو يحتل جسم الهرم المعتدل، ويحتوي على نص الحوار، بحيث يبدأ من الأقل أهمية إلى المهم إلى الأكثر أهمية. فهو يقود القارئ رويدا رويدا إلى أهم القضايا التي يتعرض لها المتحدث.
3- خاتمة الحديث: وهي تحتل قاعدة الهرم المعتدل، وتحتوي غالبا تلخيصا لأهم الأخبار، أو الآراء التي أدلى بها المتحدث. كما تحتوي الخاتمة على تقييم، وانطباعات حول أقوال المتحدث، وتصريحاته.
أنواع الحديث الحفي في كتابات إبراهيم خليل إبراهيم :
______
من خلال الأسئلة المدرجة في الحوار ، يتبين أن الأستاذ إبراهيم يعد أسئلته مسبقا. كما أنها تقوم على أساس قراءاته للموضوع، ودراسته للوضع العام، مع استعمال أدوات الاستفهام الأساسية: متى؟ لماذا؟ كيف؟ أين؟ من؟.
وأسئلته أسئلة إيجابية والمقصود بالأسئلة الإيجابية هي ( تلك الأسئلة التي تقدم إجاباتها أخبارا أو معلومات أو وجهات نظر جديدة... أما الأسئلة السلبية فهي تلك الأسئلة التي تقدم إجاباتها أي شيء جديد ، وإنما هي مجرد تكرار لمعلومات معروفة ) كما قال الدكتور فاروق ابو زيد
كما تتسم حوارات المبدع إبراهيم خليل إبراهيم بالوضوح، والدقة. ولغة الحديث مفهومة، خالية من المصطلحات، والكلمات الرنانة ، والكبيرة. وتساعد المتحدث على تقديم إجابات واضحة ومحددة.
و هي نوع من الأحاديث الصحفية الإخبارية، حيث نرى فيها اهتماما واضحا بالمعلومات، والأخبار، وتجلية الحقيقة، واكتشافها.
كما يمزجها أحيانا بالحديث الصحفي الخبري، الذي يبين لنا من خلاله الأسباب ، والعلات.
والجميل في كل هذا ، هو أن المبدع إبراهيم خليل إبراهيم ، يعرف مراده جيدا. فهو إلى جانب النوعين السابقين من الحديث الصحفي، نجد نوعا ثالثا، وهو حديث الرأي، والموقف أو الاتجاه ( وهو حديث يستهدف بالدرجة الأولى استعراض وجهة نظر شخصية ما في قضية أو قضايا معينة تهم القراء ) كما قال فرانز فاير
ولذا نجد الأديب إبراهيم خليل إبراهيم في حواراته وأحاديثه الصحفية يبدي رأيه، وموقفه من القضية. بل يعطي شروحه، وانطباعاته، وتفسيراته وما جاء في القضية من أقوال.
إضافة إلى هذا، نجد نوعا رابعا في كتاباته المتعلقة بالحديث الصحفي، وهو ما يسميه الدكتور فارق أبو زيد بحديث التسلية والإمتاع وهو يستهدف البحث في حياة الشخص الذي يجري معه الحديث .. وهذا نجده في حواراته وكتاباته النتية عبر الشبكة العنكبوتية ( الإلكترونية).
والملاحظة التي يمكن استنتاجها، هو أن الكاتب والاديب والباحث إبراهيم خليل إبراهيم قد اختار محاوريه بعناية، ودقة والتي تلاءمت مع الظروف العامة التي تعيشها البلاد وتتوافق مع التأريخ لذكرى حرب أكتوبر... وبالإضافة لذلك نسجل هنا أن حواراته أيضا متعددة ومتنوعة مابين الوطنية والثقافية والادبية والفنية
لقد كان لعمله بالصحافة المكتوبة، والمسموعة الفتح الأكبر على شخصيته، ووطنيتهن .. جعلته يقف على جمال بلاده، وبطولات رجالها، ويكون ملامسا عن قرب لأحاسيس ومشاعر المصريين...إنه واحد منهم... يحس بما يحسون...ويتألم لما يتألمون له، ويفرح لما يفرحون له... مصري حتى النخاع.
لقد عمل بجرائد مصرية كثيرة، منها: ( عيون مصر)، و( النبأ)، و( الحياة)، و( الفداء)،و( الشراقوة)، و( الفلاح المصري)، و(الإنسان)، و( الفداء)، و( مجلة صوت الشرقية)، و( مجلة الفيروز)، و( المنار)، و( الاثنين)، و ( العروبة) الإذاعية، و( مجلة اتصالات المستقبل).
كما تم أعتماده متحدثا ومعدا للبرامج بالإذاعة المصرية وإذاعة الشباب والرياضة. وترأس تحرير المجلات التي كانت تذاع فى برنامج مايكتبه الشباب بإذاعة الشباب والرياضة والذى يعد من علامات إذاعة الشباب والرياضة فى ذلك الوقت
كما كانت له لمسات دينية ، وكتابات إسلامية، أذيع أكثرها فى برنامج ( كتابات إسلامية ) بإذاعة القرآن الكريم المصرية.
وهذا كله قربه من المواطن المصري، وجعله يمس مكمن الداء، ويعرف ماذا يريد هذا المواطن. فكان صوته الذي يواسيه، ويخفف عنه بعض معاناته...
كان الحلم الجميل الذي يحلمه كل مصري... يعبر عنه ، ولامس عواطفه بشتى المواضيع، ومختلف المجالات... كان صوته المسموع في السياسة، والفكر والأدب، والحياة، والوطنية.
ولشدة حبه لبني وطنه، وعشقه الكبير لأرض الكنانة، فكر في فئة من الشعب المصري، وهم المكفوفون وفاقدي البصر، حيث قامت ( دار العلم للجميع) على إصدار كتابه ( ملامح مصرية) مسجلا على أشرطة الكاسيت، حتى يمكن لهؤلاء المكفوفين من تناول كتابه سمعا، وهذا دليل على وطنيته العالية، وحبه أن يرقى المواطن المصري إلى العلياء.
هذا التنوع ما بين الصحافة والإذاعة، جعله غزير الإنتاج، طافح المشاعر، دفاق العاطفة، رقيق الوطنية، كل هذا جعله كاتبا متميزا في القطر المصري. ونظرا لتميز الكاتب والأديب إبراهيم خليل إبراهيم منحه منتدى أبناء ليبيا وسام ( الكاتب المميز) وأيضا الوسام الذهبى
ولم يغب رمضان عن كتابات المبدع إبراهيم خليل إبراهيم ، فقد ربطه بحرب الكرامة: حرب 1973، التي كسرت فيه مصر خرافة الجيش الذي لا يقهر، ومسحت بعضا من الغبن الذي كان مخيما على النفس العربية من جراء نكسة 1967... فكانت كتابته عن رمضان في ذاكرة التاريخ، والتي نشرت بمجلة العربي الكويتية في عددها رقم 423، الصادر في فبراير عام 1994 في باب ( فكر).
كل هذا جعل منه كاتبا، وأديبا متميزا، وطنيا حتى النخاع...
بقلم / محمد دانى
كاتب وناقد _ المغرب