و
hلاستاذ خشان:
كما فعل أخي عمر فعلت فبحثت وخرجت بما أنقله هنا غير بعيد مما ذكره أخي عمر
مع توسع رأيت نقله لفائدة القارئ. وملاحظة أن من التضمين ما يتعلق بترابط بيتن في الشعر
على النحو الموضح.
البحث دل على الصفحة
http://islamport.com/d/3/adb/1/103/5...E4ab out:Tabs
النوع السابع والعشرون
في التضمين
وهذا النوع فيه نظر بين حسن يكتسب به الكلام طلاوة وبين معيب عند قوم وهو عندهم معدود من عيوب الشعر ولكل من هذين القسمين مقام
فأما الحسن الذي يكتسب به الكلام طلاوة فهو أن يضمن الآيات والأخبار النبوية وذلك يرد على وجهين أحدهما تضمين كلي والآخر تضمين جزئي
فأما التضمين الكلي فهو أن تذكر الآية والخبر بجملتها وأما التضمين الجزئي فهو أن تدرج بعض الآية والخبر في ضمن كلامفيكون جزأ منه كالذي أوردته في حل الآيات والأخبار في الفصل العاشر من مقدمة الكتاب وقد قيل إنه لا يجوز درج آيات القرآن الكريم في غضون الكلام من غير تبيين كي لا يشتبه وهذا القول لا أقول بهفإن القرآن الكريم أبين من أن يحتاج إلى بيان وكيف يخفى وهو المعجز الذي لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله لا يأتون بمثله فإن كانت المفاوضة في التفرقة بينه وبين غيره من الكلام إذا أدرج فيه مع جاهل لا يعرف الفرق فذاك لا كلام معه وإن كان الكلام مع عالم بذلك فذاك لا يخفي عنه القرآن الكريم من غيره
ومذهبي في هذا هو ما تقدم ذكره في الفصل العاشر من مقدمة الكتاب وهو أحسن الوجهين عندي وذاك أنه لا تؤخذ الآية بكمالها بل يؤخذ جزء منها ويجعل أولا لكلام أو آخرا هذا إذا لم يقصد به التضمينفأما إذا قصد التضمين فتؤخذ الآية بكمالها وتدرج درجا وهذا بنكره من لم يذق ما ذقته من طعم البلاغة ولا رأى ما رأيته
(2/323)
--------------------------------------------------------------------------------
وأما المعيب عند قوم فهو تضمين الإسناد وذلك يقع في بيتين من الشعر أو فصلين من الكلام المنثور على أن يكون الأول منهما مسندا إلى الثانيفلا يقوم الأول بنفسه ولا يتم معناه إلا بالثاني وهذا هو المعدود من عيوب الشعر وهو عندي غير معيبلأنه إن كان سبب عيبه أن يعلق البيت الأول على الثاني فليس ذلك بسبب يوجب عيبا إذ لا فرق بين البيتين من الشعر في تعلق أحداهما بالآخر وبين الفقرتين من الكلام المنثور في تعلق أحدهما بالأخرىلأن الشعر هو كل لفظ موزون مقفى دل على معنى والكلام المسجوع هو كل لفظ مقفى دل على معنىفالفرق بينهما يقع في الوزن لا غير
والفقر المسجوعة التي يرتبط بعضها ببعض قد وردت في القرآن الكريم في مواضع منهفمن ذلك قوله عز و جل في سورة الصافات ( فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون ) فهذه الفقر الثلاث الأخيرة مرتبط بعضها ببعضفلا تفهم كل واحدة منهن إلا بالتي تليها وهذا كالأبيات الشعرية في ارتباط بعضها ببعض ولو كان عيبا لما ورد في كتاب الله عز و جل
وكذلك ورد قوله تعالى في سورة الصافات أيضا ( فإنكم وما تعبدون وما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم ) فالآيتان الأوليان لا تفهم إحداهما إلا بالأخرى وهكذا ورد قوله عز و جل في سورة الشعراء ( أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ) فهذه ثلاث آيات لا تفهم الأولى ولا الثانية إلا بالثالثة ألا ترى أن الأولى والثانية في معرض استفهام يفتقر إلى جواب والجواب هو في الثالثة
ومما ورد من ذلك شعرا قول بعضهم
(2/324)
--------------------------------------------------------------------------------
( ومن البلوى التي ليس لها في الناس كنه ... )
( أن من يعرف شيئا ... يدعي أكثر منه ) ألا ترى أن البيت الأول لم يقم بنفسه ولا تم معناه إلا بالبيت الثاني
وقد استعملته العرب كثيرا وورد في شعر فحول شعرائهمفمن ذلك قول امرىء القيس
( فقلت له لما تمطى بصلبه ... وأردف أعجازا وناء بكلكل )
( ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ... بصبح وما الإصباح منك بأمثل ) وكذلك ورد قول الفرزدق
( وما أحد من الأقوام عدوا ... عروق الأكرمين إلى التراب )
( بمحتفظين إن فضلتمونا ... عليهم في القديم ولا غضاب )
(2/325)
--------------------------------------------------------------------------------
وكذلك ورد قول بعض شعراء الحماسة
( لعمري لرهط المرء خير بقية ... عليه وإن عالوا به كل مركب )
( من الجانب الأقصى وإن كان ذا غنى ... جزيل ولم يخبرك مثل مجرب )
الضرب الثاني من التضمين وهو أن يضمن الشاعر شعره والناثر نثره كلاما آخر لغيرهقصدا للاستعانة على تأكيد المعنى المقصود ولو لم يذكر ذلك التضمين لكان المعنى تاما وربما ضمن الشاعر البيت من شعره بنصف بيت أو أقل منه كما قال جحظة
( قم فاسقنيها يا غلام وغنني ... ذهب الذين يعاش في أكنافهم ) ألا ترى أنه لو لم يقل في هذا البيت " ذهب الذين يعاش في أكنافهم " لكان المعنى تاما لا يحتاج إلى شيء آخر فإنه قوله " قم فاسقنيها يا غلام وغنني " فيه كفايةإذ لا حاجة له إلى تعيين الغناءلأن في ذلك زيادة على المعنى المفهوم لا على الغرض المقصود
وقد ورد هذا في عدة مواضع من شعر أبي نواس في الخمريات كقوله في مخاطبة بعض خلطائه على مجلس الشراب
( فقلت هل لك في الصهباء تأخذها ... من كف ذات حر فالعيش مقتبل )
(2/326)
--------------------------------------------------------------------------------
( حيرية كشعاع الشمس صافية ... تطير بالكأس من لألائها شعل )
( فقال هات وغنينا على طرب ... ودع هريرة إن الركب مرتحل )
وكذلك قوله أيضا
( وظبي خلوب اللفظ حلو كلامه ... مقبله سهل وجانبه وعر )
( نحلت له منها فخر لوجهه ... وأمكن منه ما يحيط به الأزر )
( فقمت إليه والكرى كحل عينه ... فقبلته والصب ليس له صبر )
( إلى أن تجلى نومه عن جفونه ... وقال كسبت الذنب قلت لي العذر )
(2/327)
--------------------------------------------------------------------------------
( فأعرض مزورا كأن بوجهه ... تفقؤ رمان وقد برد الصدر )
( فما زلت أرقيه وألثم خده ... إلى أن تغنى راضيا وبه سكر )
( ألا يا اسلمي يا دارمي على البلى ... ولا زال منهلا بجرعائك القطر )
وقد استعمل هذا الضرب كثيرا الخطيب عبد الرحمن بن نباته رحمه اللهفمن ذلك قوله في بعض خطبه وهو فيأيها الغفلة المطرقون أما أنتم بهذا الحديث مصدقون فما لكم منه لا تشفقون فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون
وكذلك قوله في ذكر يوم القيامة وهو فيومئذ تغدو الخلائق على الله بهما فيحاسبهم على ما أحاط به علما وينفذ في كل عامل بعمله حكما وعت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما
ألا ترى إلى براعة هذا التضمين الذي كأنه قد رصع في هذا الموضع رصعا
وعلى نحو من ذلك جاء قوله في ذكر يوم القيامة وهو هناك يقع الحساب على ما أحصاه الله كتابا وتكون الأعمال المشوبة بالنفاق سرابا يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا
ومما ينتظم بهذا السلك قوله في خطبة أخرى وهو أسكتهم الله الذي أنطقهم وأبادهم الذي خلقهم وسيجدهم كما أخلقهم ويجمعهم كما فرقهم يوم يعيد الله العالمين خلقا جديدا ويجعل الظالمين لنار جهنم وقودا يوم تكونون شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا
ومن هذا الباب قوله أيضا هنالك يرفع الحجاب ويوضع الكتاب ويجمع من وجب له الثواب ومن حق عليه العقاب فيضرب بينهم بسور له باب باطنه فبه الرحمة وظاهره من قبله العذاب
وأمثال هذه التضمينات في خطبه كثيرة وهي من محاسن ما يجيء في هذا النوع
(2/328)
--------------------------------------------------------------------------------
النوع الثامن والعشرون
في الإرصاد
وحقيقته أن يبني الشاعر البيت من شعره على قافية قد أرصدها له أي أعدها في نفسه فإذا أنشد صدر البيت عرف ما يأتي به في قافيته
وذلك من محمود الصنعةفإن خير الكلام ما دل بعضه على بعض وفي الافتخار بذلك يقول ابن نباته السعدي
( خذها إذا أنشدت في القوم من طرب ... صدورها عرفت منها قوافيها )
( ينسى لها الراكب العجلان حاجته ... ويصبح الحاسد الغضبان يطريها ) فمن هذا الباب قول النابغة
( فداء لامريء سارت إليه ... بعذرة ربها عمي وخالي )
( ولو كفي اليمين بغتك خونا ... لأفردت اليمين عن الشمال ) ألا ترى انه يعلم إذا عرفت القافية في البيت الأول أن في البيت الثاني ذكر الشمال
وكذلك جاء قول البحتري
(2/329)
--------------------------------------------------------------------------------
( أحلت دمي من غير جرم وحرمت ... بلا سبب يوم اللقاء كلامي )
( فليس الذي حللته بمحلل ... ليس الذي حرمته بحرام ) فليس يذهب على السامع وقد عرف البيت الأول وصدر البيت الثاني أن عجزه هو ما قاله البحتري
وقد جاء الإرصاد في الكلام المنثور كما جاء في الشعرفمن ذلك قوله تعالى ( وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون ) فإذا وقف السامع على قوله تعالى ( لقضي بينهم فيما فيه ) عرف أن بعده ( يختلفون ) لما تقدم من الدلالة عليه
ومن ذلك أيضا قوله عز و جل ( فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )
على نحو منه جاء قوله تعالى ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت ) فإذا وقع السامع على قوله عز و جل ( وإن أوهن البيوت ) يعلم أن بعده بيت العنكبوت
ورأيت أبا هلال العسكري قد سمى هذا النوع التوشيحوليس كذلك بل
(2/330)
--------------------------------------------------------------------------------
تسميته بالأرصاد أولى وذلك حيث ناسب الاسم مسماه ولاق به وأما التوشيح فإنه نوع آخر من علم البيان وسيأتي ذكره بعد هذا النوع إن شاء الله تعالى
واعلم أنه قد اختلف جماعة من أرباب هذه الصناعة في تسمية أنواع علم البيان حتى إن أحدهم يضع لنوع واحد منه اسمين اعتقادا منه أن ذلك النوع نوعان مختلفان وليس الأمر كذلك بل هما نوع واحد
فممن غلط في ذلك الغانميفإنه ذكر بابا من أبواب علم البيان وسماه التبليغ وقال هو أن يأتي الشاعر بالمعنى في البيت تاما من غير أن يكون للقافية فيما ذكره صنع ثم يأتي بها لحاجة الشعر إليها حتى يتم وزنه فيبلغ بذلك الغاية القصوى في الجودةكقول امريء القيس
( كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب ) فإنه أتى بالتشبيه تاما قبل القافية ثم لما جاء بها بلغ الأمد الأقصى في المبالغة
***
***
***
http://islamport.com/d/3/adb/1/170/1...%CA%C8%C7% D3
الاقتباس
ذكر الاقتباس
( وقلت يا ليت قومي يعلمون بما ... قد نلت كي يلحظوني باقتباسهم )
الاقتباس هو أن يضمن المتكلم كلامه كلمة من آية أو آية من ايات كتاب الله خاصة هذا هو الإجماع والاقتباس من القرآن على ثلاثة أقسام مقبول ومباح ومردود فالأول ما كان في الخطب والمواعظ والعهود ومدح النبي ونحو ذلك والثاني ما كان في الغزل والرسائل والقصص والثالث على ضربين أحدهما ما نسبه الله تعالى إلى نفسه ونعوذ بالله ممن ينقله إلى نفسه كما قيل عن أحد بني مروان أنه وقع على مطالعة فيها شكاية من عماله ( إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم ) والآخر تضمين آية كريمة في معنى هزل ونعوذ بالله من ذلك كقول القائل
( أوحى إلى عشاقه طرفه ... ) ( هيهات هيهات لما توعدون )
( وردفه ينطق من خلفه ... ) ( لمثل ذا فليعمل العاملون ) ومن الاقتباسات التي هي غير مقبولة قول ابن النبيه في مدح الفاضل
( قمت ليل الصدود إلا قليلا ... ثم رتلت ذكركم ترتيلا )
( ووصلت السهاد أقبح وصل ... وهجرت الرقاد هجرا جميلا )
( مسمعي كل عن سماع عذول ... حين ألقى عليه قولا ثقيلا )
( وفؤادي قد كان بين ضلوعي ... أخذته الأحباب أخذا وبيلا )
(2/455)
--------------------------------------------------------------------------------
( قل لراقي الجفون إن لعيني ... في بحار الدموع سبحا طويلا )
( ماس عجبا كأنه ما رأى غصنا ... طليحا ولا كثيبا مهيلا )
( وحمى عن محبه كاس ثغر ... كان منه مزاجها زنجبيلا )
( بان عني فصحت في أثر العيس ... ارحموني ومهلوهم قليلا )
( أنا عبد للفاضل بن علي ... قد تبتلت بالثنا تبتيلا )
( لا تسميه وعد بغير نوال ... ) ( إنه كان وعده مفعولا ) ونعوذ بالله من قوله بعد ذلك
( جل عن سائر الخلائق فضلا ... فاخترعنا في مدحه التنزيلا )
واعلم أن الاقتباس على نوعين نوع لا يخرج به المقتبس عن معناه كقول الحريري فلم يكن إلا كلمح البصر أو أقرب حتى أنشد فأغرب فإن الحريري كنى به عن شدة القرب وكذلك هو في الآية الشريفة ونوع يخرج به المقتبس عن معناه كقول ابن الرومي
( لئن أخطأت في مدحيك ... ما أخطأت في منعي )
( لقد أنزلت حاجاتي ... ) ( بواد غير ذي زرع )
فإن الشاعر كنى به عن الرجل الذي لا يرجى نفعه والمراد به في الآية الكريمة أرض مكة شرفها الله وعظمها
ثم اعلم أنه يجوز أن يغير لفظ المقتبس منه بزيادة أو نقصان أو تقديم أو تأخير أو إبدال الظاهر من المضمر أو غير ذلك فالزيادة وإبدال الظاهر من المضمر كقول الشاعر
( كان الذي خفت أن يكونا ... إنا إلى الله راجعونا )
فزاد الألف في راجعون على جهة الإشباع وأتى بالظاهر مكان المضمر في قوله إنا إلى الله ومراده اية التعزية في المصيبة وهي قوله تعالى ( إنا لله وإنا إليه
(2/456)
--------------------------------------------------------------------------------
راجعون ) والنقصان ما تقدم من قول الحريري فلم يكن إلا كلمح البصر أو أقرب فإنه أسقط لفظة هو إذ الاية الكريمة لفظها ( كلمح البصر أو هو أقرب ) والتقديم والتأخير كقول الشاعر
( قال لي إن رقيبي ... سيء الخلق فداره )
( قلت دعني وجهك ... الجنة حفت بالمكاره )
هذا الاقتباس من الحديث فإنه تقدم أن الإجماع على جواز الاقتباس من القرآن ومنهم من عد المضمن في الكلام من الحديث النبوي اقتباسا وزاد هنا الطيبي في الاقتباس من مسائل الفقه والشاعر قدم في لفظ الحديث وأخر لأن لفظ الحديث حفت الجنة بالمكاره ومن هنا يتبين لك قطع نظرهم في الاقتباس عن كونه نفس المقتبس منه ولولا ذلك للزمهم الكفر في لفظ القرآن والنقص منه ولكنهم يأتون به على أنه لفظ القرآن ومن أمثلته الشعرية قول الحماسي
( إذا رمت عنها سلوة قال شافع ... من الحب ميعاد السلو المقابر )
( سيبقى لها في مضمر الحب والحشا ... سرائر تبقى يوم تبلى السرائر ) ومنه
( أهدى إليكم على بعد تحيته ... حيوا بأحسن منها أو فردوها ) ويعجبني هنا قول ابن سنا الملك في بعض مطالعه
( رحلوا فلست مسائلا عن دارهم ... أنا باخع نفسي على آثارهم ) ومن لطائف هذا الباب قول القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر في معشوقه المسمى بالنسيم
( إن كانت العشاق من أشواقهم ... جعلوا النسيم إلى الحبيب رسولا )
( فأنا الذي أتلو لهم ( يا ليتني ... كنت ( اتخذت مع الرسولا سبيلا ) ومثله في الحسن قول شيخ شيوخ حماة المحروسة رحمه الله تعالى
(2/457)
--------------------------------------------------------------------------------
( يا نظرة ما جلت لي حسن طلعته ... حتى انقضت وأدامتني على وجل )
( عاتبت إنسان عيني في تسرعه ... فقال لي ( خلق الإنسان من عجل ) ومثله
( إن دمعت عيني فمن أجلها ... بكى على حالي من لا بكى )
( أوقعني إنسانها في الهوى ... يا أيها الإنسان ما غركا ) ومثله
( قسما بشمس جبينه وضحاها ... ونهار مبسمه إذا جلاها )
( وبنار خديه المشعشع نورها ... وبليل صدغيه إذا يغشاها )
( لقد ادعيت دعاويا في حبه ... صدقت وأفلح من بذا زكاها )
( فنفوس عذالي عليه وعذري ... قد ألهمت بفجورها تقواها )
( فالعذر أسعدها مقيم دليله ... والعذل منبعث له أشقاها ) ومنه قول القاضي محيي الدين بن قرناص
( إن الذين ترحلوا ... نزلوا بعين باصره )
( أنزلتهم في مقلتي ... فإذا هم بالساهره ) ومنه قول الشيخ جمال الدين بن نباته رحمه الله تعالى
( وأغيد جارت في القلوب لحاظه ... وأسهرت الإجفان أجفانه الوسنى )
( أجل نظرا في حاجبيه وطرفه ... ترى السحر منه قاب قوسين أو أدنى ) ومنه قول الشيخ زين الدين بن الوردي رحمه الله تعالى
( رب فلاح مليح ... قال يا أهل الفتوه )
( كفلي أضعف خصري ... فأعينوني بقوة ) ومنه قول المعمار
( ابن الجمالي مات حقا ... برح بي موته واذى )
( ورحت أقرأ عليه جهرا ... ) ( يا ليتني مت قبل هذا )
(2/458)
--------------------------------------------------------------------------------
ويعجبني في هذا الباب قول سيدنا الإمام القدوة الحافظ الشيخ شهاب الدين بن حجر العسقلاني الشافعي تغمده الله برحمته وهو
( خاض العواذل في حديث مدامعي ... لما جرى كالبحر سرعة سيره )
( فحسبته لأصون سر هواكم ... ( حتى يخوضوا في حديث غيره ) وقلت
( ناحت مطوقة الرياض وقد رأت ... تلوين دمعي بعد فرقة حبه )
( لكن به لما سمحت تباخلت ... فغدت مطوقة بما بخلت به )
وهنا فائدة يتعين ذكرها في هذا الباب وهي أن العلماء في هذا الباب قالوا إن الشاعر لا يقتبس بل يعقد ويضمن أما الناثر فهو الذي يقتبس كالمنشىء والخطيب فمن ذلك قول الحريري فطوبى لمن سمع ووعى وحقق ما ادعى ( ونهى النفس عن الهوى ) وعلم أن الفائز من ارعوى ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ) وقوله ( أنا أنبئكم بتأويله ) وأميز صحيح القول من عليله وكقول ابن نباتة الخطيب في الخطب التي في ديوانه أما أنتم بهذا الحديث تصدقون ما لكم لا تشفقون ( فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون )
قلت وأما عبد المؤمن الأصفهاني صاحب أطباق الذهب فإنه عنوان هذا الكتاب وإمام هذا المحراب فمن قوله في الأطباق فمن عاين تلوين الليل والنهار لا يغتر بدهره ومن علم أن بطن الثرى مضجعه لا يمرح على ظهره فيا قوم لا تركضوا خيل الخيلاء في ميدان العرض ( أمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) وقوله ولو علم الجذل صولة النجار وعضة المنشار لما تطاول شبرا ولا تخايل كبرا وسيقول البلبل المعتقل ليتني كنت غرابا ( ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ) وقوله
( لله تحت قباب العز طائفة ... أخفاهم في رداء الفقر إجلالا )
(2/459)
--------------------------------------------------------------------------------
( هم السلاطين في أطمار مسكنة ... استعبدوا من ملوك الأرض أقيالا )
( هذي المكارم لا ثوبان من عدن ... خيطا قميصا فعادا بعد أسمالا )
( هذي المناقب لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا )
هم الذين جبلوا براء من التكلف ( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ) وقوله أهل التسبيح والتقديس لا يؤمنون بالتربيع والتسديس والإنسان بعد علو النفس يجل عن ملاحظة السعد والنحس وإن في الدين القويم لشغلا عن الزيج والتقويم الإيمان بالكهانة باب من أبواب المهانة فأعرض عن الفلاسفة وغض بصرك عن تلك الوجوه الكاسفه فأكثرهم عبدة الطبع وحرسة الكواكب السبع فما للمنجم الغبي وما للكاهن الأجنبي وسر حجب عن غير النبي وهل ينخدع بالفال إلا قلوب الأطفال وإن أمرأ جهل حال قومه وما الذي يجري عليه في يومه كيف يعرف حال الغد وبعده ونحس الفلك وسعده وإن قوما يأكلون من قرصة الشمس لمهزولون وإنهم عن السمع لمعزولون ما السموات إلا مجاهل والكواكب ضواها وما النجوم إلا هياكل سبعة ومن الله قواها كل يسري لأمر معمى ( وكل يجري لأجل مسمى )