منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 10 من 21

الموضوع: اخلاق المسلم

العرض المتطور

  1. #1
    الإيمان بالجن
    كان النبي ( يصلي ذات مرة، فطلع عليه جان يريد أن يقطع عليه صلاته، فمكن الله النبي ( من هذا الجان، فأمسك به وأراد ( أن يربطه فى عمود من أعمدة المسجد حتى يشاهده الناس فى الصباح، ولكن النبي ( تذكر دعوة سليمان -عليه السلام-: {رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب} [ص: 35]. فترك الجان وعفا عنه. [متفق عليه].
    والجن من مخلوقات الله -عز وجل- والمسلم يؤمن بأن الجن خلقوا من النار، قال تعالى: {وخلق الجان من مارج من نار} [الرحمن: 15] . وقال (: (خُلقتْ الملائكة من نور، وخُلقتْ الجان من مارج من نار، وخُلق آدم مما وصف لكم) [مسلم].
    وقد خلق الله -عز وجل- الجن قبل الإنس، قال تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون . والجان خلقناه من قبل من نار السموم} [الحجر: 26- 27].
    والمسلم يؤمن بأن الجن مأمور مثل الإنسان بطاعة الله، وأن يجعلوا حياتهم كلها طبقًا لما أراده الله، قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}
    [الذاريات: 56]. وقال سبحانه مخاطبًا الجن والإنس: {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين} [الأنعام: 130].
    والمسلم يؤمن بأن الله -عز وجل- أرسل نبيَّه محمدًا ( إلى كل من الإنس والجن، قال (: (وأرسلت إلى الخلق كافة) [مسلم]. وقوله تعالى: {وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين. قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابًا أنزل من بعد موسى مصدقًا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم. يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم. ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين} [الأحقاف: 29- 32].
    طوائف الجن:
    والمسلم يؤمن بأن الجن طوائف كثيرة مثل الإنس تمامًا، فمنهم المؤمنون ومنهم الكافرون، ومنهم الصالحون ومنهم المفسدون، ومنهم الشياطين، ومنهم العفاريت، قال تعالى: {وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدًا. وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبًا} [الجن:14-15]. وقال أيضًا: {وأنا منا الصالحون ومن دون ذلك كنا طرائق قددًا} [الجن: 11]، وقال: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا} [الأنعام: 112]. والجن أنواع مختلفة، لكل نوع ميزات يتميز بها عن غيره، فهناك الجن الطيار والغواص والفحَّار وغير ذلك.
    قدرات الجن:
    والمسلم يؤمن بأن الله -عز وجل- منح الجن قدرات خاصة لم يمنحها للإنس جميعًا، ومن هذه القدرات سرعة التنقل الفائق، والقوة العظيمة التى تدل على عظمة الخالق -سبحانه-، كما جاء فى قصة سليمان ( عندما أراد أن يثبت لملكة سبأ عـظم ما أعطاه الله -عز وجل- له من نعم عظيمة وآلاء جليلة، قال تعالى: {قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين. قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين. قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك}
    [النمل: 38- 40].
    والمسلم يؤمن بأن الجن يستطيعون التحليق فى الفضاء الخارجى، وكانوا يستمعون إلى السماء، وينقلون أخبارها إلى الكهنة بعد إضافة كثير من الأكاذيب إليها، فلما بعث الله -عز وجل- النبي ( حُرِسَت السماء بالشهب والملائكة، يقول الله -عز وجل- على لسان أحد الجن: {وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسًا شديدًا وشهبًا. وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابًا رصدًا} [الجن: 8-9].
    والمسلم يؤمن بأن الله -عز وجل- قد سخر الجنَّ لسليمان، يغوصون فى البحر، ويستخرجون له من خيراته، ويبنون له القصور الشامخات، وقد جعلهم
    الله -عز وجل- من جنود سليمان عليه السلام، قال تعالى: {وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون} [النمل: 17].
    وقال تعالى: {ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير. يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داوود شكرًا وقليل من عبادي الشكور}
    [سبأ: 12-13].
    وقال: {ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملاً دون ذلك وكنا لهم حافظين} [الأنبياء: 82]. والمسلم يؤمن أن للجن قدرة على تغيير أشكالهم، فعن أبى هريرة -رضى الله عنه- أنه قال: وكلني رسول الله ( بحفظ زكاة رمضان، فأتانى آت، فجعل يحثو (يسرق) من الطعام، فأخذته، وقلت والله لأرفعنك إلى رسول الله (. قال: إنى محتاج، وعليَّ عيال، ولي حاجة شديدة. قال: فخليت عنه.
    فأصبحت، فقال النبي (: (يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟) قال: فقلت: يا رسول الله! شكا حاجة شديدة وعيالا، فرحمته، وخليت سبيله. فقال (: (أما إنه قد كذبك وسيعود). فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله ( إنه سيعود، فرصدته، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله (. فقال: دعنى، فإنى محتاج، وعليَّ عيال، لا أعود. فرحمته، فخليت سبيله.
    فأصبحت، فقال لي رسول الله (: (يا أباهريرة ما فعل أسيرك؟) قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا، فرحمته، فخليت سبيله. قال: (أما إنه قد كذبك وسيعود). فرصدته الثالثة، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله ( وهذا آخر ثلاث مرات، إنك تزعم لا تعود ثم تعود. قال: دعني، أعلمك كلمات ينفعك الله بها. قلت: وما هى؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى: الله لا إله إلا هو الحى القيوم.. حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح. فخليت سبيله.
    فأصبحت، فقال لي رسول الله (: (ما فعل أسيرك البارحة؟) قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله، فقال (: (ما هي؟) قلت: قال لى: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى من أولها حتى تختم الآية، وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح. فقال رسول الله (: (أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب مذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟). قلت: لا. فقال: (ذاك شيطان) [البخارى].
    والرسول ( يقول: (إن عفريتًا من الجن، تَفَلت عليَّ البارحة ليقطع عليَّ الصلاة، فأمكنني الله منه، وأردتُ أن أربطه إلى سارية من سوارى المسجد، حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم، فذكرت قول أخي سليمان: {رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي} [ص: 35]. فرده الله خاسئًا) [متفق عليه].
    مساكن الجن:
    المسلم يؤمن بأن للجن مساكن يسكنون فيها، مثل: الأماكن الخربة، والصحارى، والأماكن النجسة، والأماكن المظلمة. فقد كان فتى على عهد رسول الله ( حديث عهد بعرس - تزوج حديثًا-، فخرج مع رسول الله ( إلى الخندق، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله ( بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله، فاستأذنه يومًا، فقال له: (خذ عليك سلاحك، فإنى أخشى عليك قريظة). فأخذ الفتى سلاحه ثم رجع، فوجد امرأته واقفة أمام حجرتها، فدخل البيت فوجد حية عظيمة على الفراش، فأهوى إليها بالرمح، فضربها به ثم خرج من الحجرة، ولكن الحية أسرعت نحوه، وأمسكت به، فما يُدرى أيهما كان أسرع موتًا، الحية أم الفتى، فذُكِرَ ذلك لرسول الله (، فقال: (إن بالمدينة جنًّا قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئًا، فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم (ظهر) بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان) [مسلم].
    طعام الجن:
    والمسلم يؤمن بما أخبر به الرسول ( عن طعام الجن، وهو العظم والروثة، فقد سُئل الرسول ( عنهما، فقال: (هما من طعام الجن) [متفق عليه]. وعنه ( أنه قال: (أتاني داعي الجن فذهبت معه، فقرأت عليهم القرآن). ثم انطلق رسول الله ( بأصحابه فأراهم آثار الجن، وآثار نيرانهم، وسألوه الزاد (الطعام) فقال: (لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع فى أيديكم أوفر ما يكون لحمًا، وكل بعرة علف لدوابكم). ثم قال رسول الله (: (فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم) [مسلم وأبوداود وأحمد].
    والمسلم يعلم أن الشياطين يأكلون مع الإنسان إذا لم يذكر اسم الله -تعالى-، فالشيطان يحضر موائد البشر، يأكل مما يتساقط منها قال (: (إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه، حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط (يزيل) ما كان بها من أذى، ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان، فإذا فرغ فليلعق أصابعه، فإنه لا يدرى فى أي طعامه تكون البركة) [مسلم].
    ولكي يحترس المسلم من وجود الشيطان معه عند الطعام، فعليه أن يلتزم بآداب الإسلام فى تناول الطعام بأن يبدأ باسم الله -تعالى-، ويأكل بيمينه، ولا يأكل بشماله؛ حتى لا يشاركه الشيطان فى أكله، قال (: (لا يأكلن أحد منكم بشماله ولا يشربن بها، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها) [مسلم].
    والمسلم يؤمن بأن مصير الكافرين من الجن هو نفس مصير الكافرين من الإنس، فهم مكلفون بالإيمان بالله وطاعته، وسوف يحاسبون على ما يعملون فى الدنيا، قال تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرًا من الجن والإنس} [الأعراف: 179]. وقال: {ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} [السجدة: 13].
    الجن والإنس:
    المسلم يؤمن بأن الكافرين من الجن يوسوسون إلى الإنسان، ويزينون له المعاصى، ويشككون المسلم فى الله -عز وجل- قال (: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول: مَنْ خلق كذا؟ ومَنْ خلق كذا؟ حتى يقول: مَنْ خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينْته) [متفق عليه].
    والمسلم يؤمن بأن الله -سبحانه- يحفظه من مس الجن وإيذائه، بالتزام الطاعات، أما الذين يبتعدون عن طريق الله، فمن السهل على الجن أن يؤذوهم بالصرع والجنون، قال أبي بن كعب: كنت عند النبي (، فجاء أعرابي، فقال: يا نبى الله إن لي أخًا به وَجَعٌ. قال: (وما وجعه؟) قال: به لمم (أي: أصيب بمس الجن). قال: (فأتني به). فأتاه به، فوضعه بين يديه، فعَوَّذَه بفاتحة الكتاب، فقام الرجل كأن لم يَشْكُ شيئًا قط [أحمد والحاكم].
    ومن ذلك ما رواه يعلي بن مرة، قال: خرجت مع النبي ( فى سفر، فلما كنا ببعض الطريق، مررنا بامرأة ومعها صبي لها، فقالت، يا رسول الله، هذا صبي أصابه بلاء، وأصابنا منه بلاء، فإنه يصرع فى اليوم أكثر من مرة. قال: (ناولينه). فأعطته إياه، ففتح فمه، فنفث فيه ثلاثًا، وقال: (باسم الله، أنا عبد الله، اخسأ عدو الله). ثم أعطاه للمرأة، وقال: (تنتظرينا هنا ونحن راجعون، فتخبرينا بما فعل). قال يعلي: فذهبنا ثم عدنا إلى هذا المكان، فوجدناها ومعها ثلاث شياه، فقال (: (ما فعل صبيك؟). قالت: والذى بعثك بالحق ما رأينا منه شيئًا إلى هذه الساعة، وخذ من هذه الشياه، فقال (: (انزل فخذ منها واحدة ورُدَّ لها البقية) [أحمد]. وقال تعالى: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} [البقرة: 275].
    والمسلم يعلم أنه فى معركة مستمرة مع الشياطين وأعوانهم من شياطين الإنس والجن، الذين يفسدون فى الأرض ولا يطيعون الله -عز وجل-. والمسلم يعرف أعداءه جيدًا، وأول عدو يجب أن يحترس منه هو الشيطان، قال تعالى: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًا} [فاطر: 6]. وقال: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين} [يس: 60].
    فالمسلم لا يتبع الشيطان فى طريق غوايته، بل يحذر دائمًا من وسوسته؛ لأنه سبب الضلال فى كل وقت وفى أي مكان، فهو الذى زين للأمم السابقة طرق الشرك بالله -تعالى-، ودعاهم إلى تكذيب الرسل، وقد أخذ على نفسه العهد أن يضل الناس جميعًا إلا المخلصين المؤمنين، فقال: {فبعزتك لأغوينهم أجمعين. إلا عبادك منهم المخلصين} [ص: 82-83].
    وقال -سبحانه- عن إضلال إبليس للأمم السابقة: {وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون} [النمل: 24]. والشيطان يلازم الإنسان فى كل حركاته وسكناته، فكلما همَّ بطاعة الله صرفه عنها، وكلما ابتعد عن معصية الله قَرَّبَهُ منها، فهو يكره أن يرى الإنسان فى طاعة لله -عز وجل-، ويوسوس للإنسان فى صلاته ودعائه وقراءة القرآن، بل وفى كل طاعة.
    فعلى المسلم أن يتعوذ بالله من الشيطان حينما يشعر بوسوسة منه، قال تعالى: {وإما ينـزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم}
    [فصلت: 36].
    قال ( : (إذا نودى بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط، فإذا قضى أقبل، فإذا ثوب بها (أي أقيمت) أدبر، فإذا قضى أقبل حتى يخطر (يوسوس) بين الإنسان وقلبه، فيقول: اذكر كذا وكذا، حتى لا يدري أثلاثًا صلى أو أربعًا، فإذا لم يدر ثلاثًا صلى أو أربعًا سجد سجدتي السهو) [متفق عليه].
    والمسلم يعلم أن الشيطان يحاول أن يوقعه فى الشرك بالله، وهى أكبر جريمة يرتكبها الإنسان فى حق الله، فإن لم يستطع أن يوقعه فى الشرك أوقعه فى كبائر الذنوب، والبدع، وإن لم يستطع حاول أن يوقعه فى صغائر الذنوب، فهو لا يمل أبدًا من إضلال الإنسان، قال تعالى: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء}
    [البقرة: 268].
    والشيطان يسعى بين الناس بالفساد، وتقطيع الأرحام، ونشر الحقد والحسد والضغينة بينهم، قال تعالى: {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}
    [المائدة: 91].
    والمسلم يعلم أن إبليس يبعث جنوده من الشياطين للفساد فى الأرض، ويكون أكثرهم فسادًا أقربهم إليه منزلة. قال ( : (إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه (أي: جنوده للفتنة)، فأدناهم (أقربهم) منه منزلة أعظمهم فتنة، ويجىء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا. فيقول: ما صنعت شيئًا. ثم يجىء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته. قال: فيدنيه منه، يمدحه فيقول: نعم أنت) [مسلم]. فالشيطان يفرح بخراب البيوت العامرة، وتشريد النفوس الآمنة.
    والمسلم يعلم ملازمة الشيطان وإصراره على غوايته، فعليه أن يذكر الله عند دخوله إلى بيته حتى لا يدخل الشيطان معه، وعند طعامه حتى لا يأكل الشيطان معه، وفى كل أمور حياته ليبعد عنه الشيطان، والمسلم يعلم أنه إن لم يفعل ذلك أكل وشرب ونام معه الشيطان، قال ( : (إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء. وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت. وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء) [مسلم].
    والمسلم يعلم أن الشيطان عدو للأنبياء والمرسلين. قال تعالى: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا} [الأنعام: 112].
    وتسأل عائشة الرسول (: يا رسول الله، أو معي شيطان؟ قال: (نعم). قلت: ومع كل إنسان؟ قال: (نعم). قلت: ومعك يا رسول الله؟ قال: (نعم). ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم) [مسلم].
    والمسلم يعلم أن السحر حقيقة لا ريب فيها، يقول الله فى سحرة فرعون: {سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم} [الأعراف: 116]. وقال سبحانه: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر} [البقرة: 102].
    وقد سُحِرَ الرسول ( على يد لبيد بن الأعصم اليهودي، كما قالت عائشة -رضى الله عنها-: (سَحَر رسولَ الله يهودىٌّ من يهود بني زريق، يقال له لبيد بن الأعصم، حتى كان ( يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، حتى إذا كان ذات يوم، دعا رسول الله ( مرات، ثم قال: (أُشْعِرْتُ أن الله أفتاني فيما فيه شفائي (أي: أجابني فيما طلبت)؛ أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال أحدهما للآخر: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب (أي: مسحور) قال: ومن طبَّه؟ قال: لبيد بن الأعصم. قال: في ماذا؟ قال: في مُشط ومُشاطة (أي: شعر سقط من التسريح) وجُفَّ طلعة ذكر (أي غشاء الطلع) قال: فأين هو؟ قال: فى بئر
    ذى ذروان. قالت: فخرج إليها النبي ( ثم رجع، فقال لعائشة حين رجع: (نخلها كأنه رءوس الشياطين). فقلتُ: استخرجته؟ قال: (لا، أما أنا فقد شفاني الله، وخشيتُ يثير ذلك على الناس شرًّا ثُمَّ دفنت البئر) [متفق عليه].
    فالمسلم يدعو ربه دائمًا ويستغفره، ويتعوذ به من شرور الشياطين، قال تعالى: {وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون}
    [المؤمنون: 97-98].
    وهو يعلم أن الله -عز وجل- يحمى عباده المؤمنين من مكائد الشيطان، وأنه قد بشرهم بالحفظ من كيد الشيطان فقال: {إن عبادي ليس لك عليم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين} [الحجر: 42].
    وقد كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه، حينما يسير فى طريق، يلتمس الشيطان طريقًا آخر خوفًا من عمر، لأنه كان عبدًا مخلصًا لله. والمسلم يعلم أن الجن لا تقدر على شيء إلا بإرادة الله، كما أنها لا تعلم من غيب الله شيئًا، قال تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا. إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا} [الجن: 26- 27]. فعلى المسلم أن يكون دائم الصلة بالله -عز وجل-، فمن كان فى كنف الله -عز وجل- حماه الله من شياطين الإنس والجن فهو نعم المولى ونعم النصير.
    والمسلم يعلم أن إبليس تكبر على أمر الله -عز وجل- عندما أمره بالسجود لآدم تكريمًا له، وقال: {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} [الأعراف: 12]. فغضب الله عليه، وأنزله من السماء، وأخرجه من رحمته: {قال اخرج منها مذءومًا مدحورًا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين} [الأعراف: 18].
    والجن مكلفون بالعبادة والطاعة لله -عز وجل- مثل الإنس ، يدل على ذلك خطاب الله -عز وجل- لهم فى القرآن، وما ورد عن الرسول ( أنه خرج على أصحابه، فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا فقال: (لقد قرأتها على الجن، فكانوا أحسن مردودًا منكم، كنت كلما أتيت على قوله: {فبأي آلا ربكما تكذبان} [الرحمن: 13]. قالوا: لا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد) [الترمذي].
    علم إبليس أن الله خلقه، وكلَّفه وأمره، ولكنه استكبر على أمر الله. والمسلم لا يفعل هذا أبدًا، ففي يوم القيامة يرى الناس رجلا فى النار، فيسألوه: ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟! فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا أعمله، وأنهاكم عن المنكر وآتيه.
    والمسلم يجب أن يعلم أن الشيطان سوف يتبرأ من أوليائه يوم القيامة، قال تعالى: {وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم} [إبراهيم: 22].
    والذين ينكرون الجن ليس لهم حجة ولا سند، فإن كانوا لا يؤمنون بالغيب فإن هناك أشياء من الغيب لا ندركها، ولكن ندرك تأثيرها، فالكهرباء -مثلا- لا نراها، ولكن ندرك تأثيرها، وكذلك الجاذبية والروح، فإن كانوا ينكرون هذه الأشياء، فليمسك أحدهم بسلك من الكهرباء، ويزعم أنه غير موجود لأنه لا يراه، هذا إن أرادوا دليلا عقليًّا، فإن أرادوا دليلا من الشرع، فيكفيهم أن
    الله -عز وجل- أنزل سورة كاملة، وسماها سورة الجن، وذكرهم فى أكثر من موضع فى القرآن الكريم.

  2. #2
    الإيمان بالكتب السماوية
    القرآن الكريم:
    في غار حراء بعيدًا عن الناس، نزل جبريل على نبيِّنا محمد ( وهو يتعبد لله الواحد الأحد، وقال له: اقرأ. فرد عليه: (ما أنا بقارئ). فضمه جبريل بشدة، وقال له: اقرأ. فقال ( وهو يرتعد ويرتجف: (ما أنا بقارئ). فاحتضنه جبريل بشدة مرة ثانية وهو يأمره: اقرأ. فأجاب وهو يرتجف ويرتعش: (ما أنا بقارئ)، فيضمه جبريل إلى صدره للمرة الثالثة ثم يتركه ويقول له: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} [العلق: 1].
    وينتهي ذلك الموقف، ويختفي جبريل، فيسرع محمد ( إلى بيته مرتجفًا مرتعدًا يتصبب عرقًا، ويدخل على زوجته خديجة وهو يقول: (زملوني، زملوني (أي ضعوا على غطاء)) [البخارى]. فتضع خديجة عليه أغطية الصوف، وتمسح العرق عن جبينه.
    لقد نفذت مشيئة الله، وتم اختيار آخر الأنبياء في الأرض لتبليغ دعوة الله إلى العباد. وكانت هذه الآية هي أول ما أنزل الله -سبحانه- على رسوله ( من القرآن الكريم، وهو الكتاب الذي اختاره الله -عز وجل- ليكون معجزة خالدة، وحجة واضحة مع خاتم النبيين. وهذا الكتاب ليس الوحيد الذي أنزله الله، بل هناك كتب أخرى مثل: التوراة والإنجيل والزبور والصحف.
    والمسلم يؤمن بالكتب التي أنزلها الله على أنبيائه ورسله، كما آمن بالقرآن الذي أنزله الله على محمد (، ومن هذه الكتب ما ذكره الله لنا في القرآن الكريم، ومنها ما لم يذكره، يقول الله تعالى: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيًا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه} [البقرة 213].
    ومن الكتب التي ذكرها الله- عز وجل- في القرآن الكريم:
    صحف إبراهيم وموسى- عليهما السلام-:
    هي التي أنزلها الله -عز وجل- على إبراهيم وموسى -عليهما السلام- قال تعالى: {أم لم ينبأ بما في صحف موسى. وإبراهيم الذي وفى} [النجم: 36-37]. وقال سبحانه: {إن هذا لفي الصحف الأولى. صحف إبراهيم وموسى}
    [الأعلى: 18-19].
    وعن أبي ذر -رضي الله عنه- أنه قال: قلت: يا رسول الله، ما كانت صحف إبراهيم -عليه السلام-؟ قال: (كانت أمثالا كلها؛ أيها الملك المسلط المبتلى المغرور، إنى لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض، ولكني بعثتك لتردَّ عنَّي دعوة المظلوم، فإني لا أردها وإن كانت من كافر، وعلى العاقل- ما لم يكن مغلوبًا على عقله ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيها في صنع الله -عز وجل-، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب.
    وعلى العاقل ألا يكون ظاعنًا إلا لثلاث: تزوّد لمعاد، أو مرمَّة -أي إصلاح- لمعاش، أو لذة في غير محرم. وعلى العاقل أن يكون بصيرًا بزمانه، مقبلا على شأنه، وحافظًا للسانه.. ومن حسب كلامه من عمله، قل كلامه إلا فيما يعنيه).
    قلت: يا رسول الله، فما كانت صحف موسى -عليه السلام-؟ قال: (كانت عبرًا كلها: عجبتُ لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح. عجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك. عجبتُ لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب (أي يتعب) عجبتُ لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها. عجبت لمن أيقن بالحساب غدًا ثم لا يعمل)
    [ابن حبان والحاكم].
    التوراة:
    وهي الكتاب الذي أنزله الله على موسى -عليه السلام- وأمر النبيين من بعده أن يقيموا أحكامه، لأن الله -عز وجل- أرسلهم ولم يرسل معهم كتبًا، بل جعل التوراة، كتابهم وشرعتهم، قال تعالى : إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء} [المائدة: 44]. وقد سمَّى الله -عز وجل- التوراة في القرآن بالفرقان.
    الزبور:
    من الكتب السماوية، أنزله الله -عز وجل- على داود -عليه السلام- قال تعالى: {وآتينا داود زبورًا} [الإسراء: 55]. وكان داود كثير القراءة في الزبور، الذي سماه الرسول ( قرآنًا للتشابه بينهما في الإعجاز، فقال (: (خُفِّف على داود -عليه السلام- القرآن، فكان يأمر بدوابه فتسرج، فيقرأ القرآن قبل أن تسرج دوابه، ولا يأكل إلا من عمل يده) [البخارى].
    وأنزل الله -عز وجل- في الزبور المواعظ الغالية، والثناء عليه -سبحانه-، ولم ينزل الله فيه أحكام الحلال والحرام؛ لأنهم كانوا يأخذون أحكامهم من التوراة.
    الإنجيل:
    أنزله الله على عيسى -عليه السلام- قال تعالى: {وقفينا على آثارهم
    بعيسى بن مريم مصدقًا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقًا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين} [المائدة: 46].
    وقال الله -عز وجل-: {ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى بن مريم وآتيناه الإنجيل} [الحديد: 27].
    الغاية من إنزال الكتب:
    المسلم يؤمن أن هذه الكتب نزلت من عند الله، وهي تدعو إلى توحيد الله وعدم الشرك به -سبحانه-، قال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} [النحل: 36].
    ويؤمن أن الغاية من إنزال الكتب هي هداية البشر إلى طريق الله المستقيم، وإزالة ما بينهم من اختلاف، وتبشيرهم برضوان الله -عز وجل- إن أطاعوه، وبعذابه
    -سبحانه- إن عصوه. وأن الرسالات السماوية -غير القرآن- لم تَبْقَ على الصورة التي أنزلها الله عليها، ولكنها تعرضت للتحريف والتبديل، واختلط فيها كلام البشر بكلام الله -عز وجل-.
    صور تحريف الكتب السماوية
    وقد أخذ التحريف في هذه الكتب صورًا شتى، وقد ذكر منها القرآن بعض
    الصور، مثل:
    إخفاء الآيات:
    قال تعالى: {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسول يبين لكم كثيرًا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير} [المائدة: 15].



    التأويل الخاطئ للآيات:
    قال تعالى: {وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون} [آل عمران: 78].
    نقل الآيات من أماكنها:
    قال تعالى: {من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا} [النساء: 46].
    إضافة شيء ليس من الكتاب:
    قال تعالى: {ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون. فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنًا قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون} [البقرة: 78-79].
    تحريف التوراة:
    إن الإيمان بالتوراة التي أنزلها الله على موسى -عليه السلام- ركن من أركان الإيمان، والمسلم يؤمن بأنها اشتملت على كل خير، وجاءت بتوحيد
    الله -عز وجل- وكانت نورًا وهدى. قال تعالى: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور} [المائدة: 44].
    إلا أن التوراة التي أنزلت على موسى -عليه السلام- غير موجودة كما أنزلت، أما التوراة المتداولة الآن، فقد قام بكتابتها أكثر من كاتب، وفي أزمان مختلفة، وقد دخل عليها التحريف والتبديل.
    ومن أدلة التحريف الحسية أن التوراة المتداولة لدى النصارى تخالف المتداولة عند اليهود، وقد أثبت القرآن هذا التحريف وعاب على اليهود تغييرهم وتبديلهم في التوراة. قال تعالى: {أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون} [البقرة: 75].
    إنهم تجرءوا على كتاب الله، فحرفوه ليخفوا ما جاء فيه من الحق، وكل ما يثبت نبوة محمد (، وكانوا يعرفون النبي ( كما قال تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقًا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون} [البقرة: 146].
    ولكنهم لم يؤمنوا به، واستكبروا، وحرفوا الكلم، قال تعالى: {من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه} [النساء: 46].
    ومن أدلة التحريف في التوراة الحالية ما ورد فيهـا من وصف لا يليق بجلال الله وكماله، مثـل: (وقــال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفًا بالخير والشر).
    وفيها أيضًا: (فحزن الرب أنه عمل الإنسان وتأسف في قلبه).
    فهل يعقل أن هذا الكلام من كلام الله؟!!
    هل يُعقل أن ينسب الحزن والأسف لله-عز وجل-؟! فهذا القول المزعوم يقتضي أن الله -عز وجل- لم يكن عالما بعواقب الأمور، كلا! فالله -عز وجل- منزه عن أي نقص، محيط بكل شيء، تعالى عما يقولون عُلُوًّا كبيرًا.
    ومما يدل على تحريف التوراة الحالية، ما ذكر فيها من وصف الأنبياء بأوصاف تتنافي مع عصمة الله لهم، فقد ذكروا عن إبراهيم أنه كذاب، وأن هارون دعا
    بني إسرائيل إلى عبادة العجل، وسليمان عبد الأصنام إرضاءً لزوجته. فكيف يعقل أن هذا الكلام يتكلم به البشر أصحاب الفطرة المعتدلة، فضلا عن أن يُنزله
    الله -عز وجل- لهداية البشر؟!
    تحريف الإنجيل:
    لم يسلم الإنجيل من التحريف والتبديل، ولم يبق على حالته كما أنزله
    الله -عز وجل-، فأخذ النصارى يزيفون حقائق الأمور حتى يحققوا أغراضهم الدنيوية.
    ويكفي دليلاً على أن الأناجيل المتداولة الآن محرفة، أنها أربعة أناجيل اختاروها من أناجيل كثيرة، وهذه الأناجيل تناولت الكتابة عن سيدنا عيسى -عليه السلام- ومؤلفوها معروفون وأسماؤهم مكتوبة عليها. وقد وجدوا في مكتبة أمير من الأمراء في باريس نسخة من الإنجيل -إنجيل برنابا- تخالف هذه الأناجيل الأربعة المختارة. وتوافق القرآن الكريم في كثير من العقائد والأصول.
    فإذا علمنا أن هذه الكتب محرفة، فما معنى أن القرآن جاء مصدقًا لما تَقدَّمه من الكتب الإلهية؟ معنى ذلك أن القرآن جاء مؤيدًا للحق الذي ورد فيها من عبادة الله وحده والإيمان برسله، والتصديق بالجزاء، ورعاية الحق والعدل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتخلق بالأخلاق الصالحة.
    قال تعالى: {قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم} [المائدة: 68].
    فالقرآن الكريم هو السبيل الوحيد الذي نتعرف به على التعاليم الإلهية الصحيحة، فهو الكتاب الذي حُفِظَت أصوله، وسلمت تعاليمه، وتلقته الأمة عن طريق أمين الوحي جبريل -عليه السلام- الذي نزله على الرسول (، وهذا الأمر الذي لم يتوفر لكتاب غيره، وأنه يشتمل على أسمى المبادئ والمناهج والنظم. وفيه كل ما يحتاجه الإنسان من العقائد والعبادات والآداب والمعاملات، وصالح لكل زمان وكل مكان، وهو كفيل بأن يخلق فردًا مسلمًا وأسرة فاضلة، ومجتمعًا صالحًا، فمن حكم به عدل، ومن قال به صدق، ومن سار على نهجه هداه الله إلى صراط مستقيم، قال تعالى: {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم} [المائدة: 15-16].
    خصوصية الكتب السابقة:
    الكتب التي أنزلها الله- عدا القرآن- كانت لأقوام معينين في أزمان معينة، وقد وافقت القرآن الكريم في بعض الشرائع، قال تعالى: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص} [المائدة: 45]. فالمسلم يؤمن بما جاء في هذه الكتب ما لم يخالف القرآن، والمسلم يؤمن أن القرآن هو دستور الناس جميعًا.
    مزايا القرآن الكريم
    للقرآن الكريم مزايا تميزه عن الكتب السماوية التي سبقته، ومنها أنه جاء متضمنًا لخلاصة التعاليم الإلهية التي أنزلها الله -عز وجل- في التوراة والإنجيل وسائر ما أنزل الله من وصايا، وأنه مؤيد للحق الذي جاء في هذه الكتب من عبادة الله وحده، والإيمان برسله، والتصديق بالجزاء، ووجوب إقامة الحق، والتخلق بمكارم الأخلاق، قال تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا} [المائدة: 48].
    أي أن الله -عز وجل- أنزل القرآن الكريم مقترنًا بالحق في كل ما جاء به، ومصدقًا لما تقدمه من الكتب التي أنزلها الله -عز وجل-، ومهيمنًا عليها، ومبينًا ما دخل عليها من تحريف وتبديل، ثم يأمر الله نبيه أن يحكم بين الناس مسلمين أو غير مسلمين بما أنزل الله في القرآن، وألا يتبعهم في معصية الله -تعالى-.
    والله -عز وجل- جعل لكل أمة شريعة وطريقة في الأحكام والمعاملات تناسب استعدادها وفطرتها، أما أصول العقائد فهي واحدة في كل الرسالات. قال تعالى: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا والذين أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} [الشورى: 13]. وجاء الإسلام فنسخ كل شريعة وجعل العقيدة واحدة والشريعة واحدة للناس جميعًا.
    إن الكتب التي نزلت قبل القرآن ضاعت نُسَخُها الأصلية، ولم يبقَ في أيدي الناس إلا تراجمها، أما القرآن فما يزال محفوظًا بسوره وآياته وكلماته وحروفه كما تلاه جبريل -عليه السلام- على رسول الله (، والكتب السابقة قد اختلط فيها كلام البشر بكلام الله، فلا يعرف أحد فيها كلام الله من كلام البشر، وأما القرآن فهو جميعه كلام الله- تعالى-، ولم يختلط بحديث الرسول ( أو أقوال الصحابة أو غيرهم.
    إن تلك الكتب ليس منها كتاب تصح نسبته إلى الرسول الذي أُنزل عليه، فالتوراة لم يكتبها موسى، وإنما دُوِّنت بعد موسى-عليه السلام- بقرون عديدة، أما القرآن الكريم فهو الكتاب الوحيد الذي ثبتت نسبته بصورة قطعية إلى الرسول ( وإن لم يكتبه، فقد كان يأمر كتاب الوحي أن يدون كل ما نزل أولا بأول.
    وتعاليم القرآن هي كلمة الله التي يسعد بها البشر، فأراد الله لها أن تخلد على مر الزمن، فصانها وحفظها من التبديل، قال تعالى: {وإنه لكتاب عزيز. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} [فصلت: 41-42].
    وقال: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9]. والغاية من ذلك أن تبقى حجة الله قائمة على الناس. والقرآن أنزله الله للعالمين جميعًا، وللناس كافة، وليس خاصًا لقوم معينين كما كانت الكتب السابقة، قال تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للناس بشيرًا ونذيرًا} [سبأ: 28].
    والقرآن هو الهدى الموصل إلى كل خير. قال تعالى: {ألم. ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين} [البقرة: 1-2]. والله -عز وجل- يريد لكلمته أن تنتشر، وتصل إلى العقول والأسماع في كل مكان، ولا يتم ذلك إلا إذا كانت سهلة الحفظ والفهم، فليس في القرآن ما يصعب على الناس فهمه أو العمل به، قال تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} [القمر: 17]. والقرآن معجزة الرسول (، فلو اجتمعت الدنيا بأسرها على أن تأتى بمثل ما جاء به في القرآن الكريم لأعجزهم ذلك، فهو {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} [فصلت: 42].
    والقرآن دعوة إلى الفضيلة والنهي عن الرذيلة. قال تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور} [يونس: 57].
    والقرآن شفاء للنفوس. يطهرها من أمراضها، فهو شفاء لها من الكفر والضلال، وشفاء لها من الغل والحقد، قال تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارًا} [الإسراء: 82].

  3. #3
    الإيمان بالرسل
    بعد نزول الوحي على النبي ( في غار حراء، عاد النبي مسرعًا خائفًا إلى بيته يقول: زملوني، زملوني. فاستقبلته زوجته الوفية المخلصة السيدة خديجة -رضي الله عنها- وهَدَّأَتْ من روعه، وخفَّفت عنه ما هو فيه، فقالت له: (كلا يابن العم، والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتصدق الحديث، وتعين على نوائب الحق).
    ثم أخذته وذهبت مسرعة إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وقصَّت عليه ما حدث لزوجها محمد، وكان (ورقة) قد اعتنق النصرانية في الجاهلية، ودرس الإنجيل، فقال ورقة للنبى (: هذا الناموس الذي نزل على موسى، وإنك لنبي هذه الأمة. [البخارى].
    فالإيمان بالرسل هو الركن الرابع من أركان الإيمان التي وضحها النبي ( عندما سأله جبريل -عليه السلام- عن الإيمان، فقال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله...) [متفق عليه].
    وقد أرسل الله -سبحانه- الكثيرين من الرسل، ذكر بعضَهم القرآنُ الكريم ولم يذكر الآخرين، وعلينا أن نؤمن بهم جميعًا، يقول تعالى: {فآمنوا بالله ورسله} [النساء: 171]. ويقول أيضًا: {والذين آمنوا بالله ورسوله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورًا رحيمًا} [النساء: 152].
    النبي والرسول:
    النبي رجل حر من بني آدم أُوحِيَ إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، والرسول رجل حر من بني آدم أوحِىَ إليه بشرع وأمر بتبليغه، فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا.

    عدد الرسل:
    أرسل الله تعالى رسلا وأنبياء كثيرين، وذكر الله سبحانه في القرآن أسماء خمسة وعشرين نبيًّا ورسولا وهم: آدم، ونوح، وإدريس، وصالح، وهود، وإبراهيم، ولوط، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، وأيوب، وشعيب، ويونس، وموسى، وهارون، واليسع، وذو الكفل، وداود، وزكريا، وسليمان، وإلياس، ويحيى، وعيسى، ومحمد -(-. قال تعالى: {لقد أرسلنا رسلاً من قبلك مهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك} [غافر: 78].
    وظيفة الرسل:
    لما أنزل الله تعالى قوله: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214]. صعد الرسول ( جبل الصفا ثم نادى: (يا صباحاه!) فاجتمع الناس إليه، فقال (: (يا بني فلان! يا بني فلان! يا بني فلان! يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب!) فاجتمعوا إليه، فقال لهم: (أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح (أسفل) هذا الجبل أكنتم مُصدِّقِىَّ؟) قالوا: ما جربنا عليك كذبًا. قال: (فإنى نذير لكم بين يدى عذابٍ شديد) [مسلم].
    فالله سبحانه قد أرسل الرسل لدعوة الناس إلى توحيده وطاعته، فيبشرونهم برضوان الله وجنته إن آمنوا وأطاعوا، وينذرونهم من عذاب الله إن خالفوا وعصوا. قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء: 25].
    وقال تعالى: {وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون} [الأنعام: 48-49].
    الأنبياء بشر:
    والأنبياء بشر مثل باقي البشر يأكلون ويشربون، ويفرحون ويحزنون، ويمشون في الأسواق، وعندما كان المشركون يطلبون من الرسول ( أشياء لا يقدر عليها، كان ( يتعجب منهم، ويذكر لهم دائمًا أنه بشرٌ: {قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرًا رسولاً} [الإسراء: 93]. ويقول تعالى: {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي} [الكهف: 110].
    عصمة الأنبياء:
    اختار الله الرسل وفضَّلهم على خلقه، ونزَّههم عن السيئات، وعصمهم من ارتكاب المعاصى كبيرها وصغيرها، وميَّزهم بالصفات الكريمة، والأخلاق العظيمة من حلم وصدق وأمانة؛ حتى يكونوا قدوة لغيرهم، فيسير الناس على نهجهم ويقتفوا آثارهم، لذلك فقد عصمهم الله من الإثم، ونزَّههم عن الوقوع في المعاصي، فهم خيرة خلق الله، وأفضل من عبد الله -عز وجل- وأطاعه، وهم المثل الأعلى الذي يسترشد به الناس. يقول تعالى: {أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر به هؤلاء فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين. أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} [الأنعام: 89-90].
    صفات الأنبياء:
    هناك صفات واجبة في حق الرسل، يتساوون فيها وإن كانوا يتفاضلون في غيرها، والصفات الواجبة في حق الرسل هي:


    الصدق:
    فيجب أن نعتقد بصدق الرسل جميعًا، وأنه يستحيل عليهم الكذب
    والله -عز وجل- يقول: {وصدق المرسلون} [يس: 52] وسيرة الأنبياء جميعًا وصفاتهم تشهد لهم بالصدق؛ فقد كانت قريش تلقب الرسول ( قبل البعثة بالصادق الأمين.
    الأمانة:
    الرسل يتصفون بالأمانة، ويستحيل عليهم الخيانة؛ فهم محفوظون ظاهرًا وباطنًا من فعل أي معصية سواء أكانت صغيرة أم كبيرة، والله سبحانه وتعالى يقول: {وما كان لنبي أن يغل} [آل عمران: 361].
    الذكاء:
    فالرسل يخاطبون كلَّ البشر على اختلاف عقولهم ودرجات ذكائهم، ويواجهون أصعب المواقف، وهو مطالب بدعوة كل هؤلاء والتأثير فيهم والتغيير من سلوكهم، ولذا فضل الله الرسل بنعمة الذكاء.
    وفي قصة الحجر الأسود خير دليل على فطنة نبينا محمد (، فعندما تنازع زعماء القبائل من قريش فيمن يحمل الحجر الأسود ليضعه مكانه، لأن كلا منهم يريد الحصول على هذا الشرف العظيم، كادت أن تقع مشاجرة بينهم، ولكنهم اقترحوا أن يحكِّموا بينهم أول من يدخل عليهم، فكان الداخل هو الرسول (، فاطمأن الجميع لعلمهم بصدقه ورجاحة عقله. وتتجلى فطنة النبي ( وذكاؤه حينما خلع رداءه ووضع الحجر عليه، وجعل كل واحد من رؤساء القبائل يمسك من الثوب طرفًا؛ فحملوه جميعًا وانتهي الموقف دون اختلاف أو مشاجرة بذكاء نبينا محمد (.
    وهذا إبراهيم ( يدعو الملك الكافر النمروذ ويقول له: {ربي الذي يحيي ويميت}. فيقول هذا المعاند: أنا أحيي وأميت. ويحضر رجلين سجينين فيقتل أحدهما ويطلق الآخر ولكن ذكاء إبراهيم -عليه السلام- قد فاجأ النمروذ بأمر لا جدال فيه فقال له: {فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب} فوقف النمروذ عاجزًا حائرًا لا يستطيع أن يفعل هذا الأمر الذي لا يقدر عليه إلا الله. قال تعالى: {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتي بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين} [البقرة: 258].
    التبليغ:
    يجب على الرسل إيصال كل ما أمرهم الله به وتبليغه إلى الناس، لأنه يستحيل عليهم أن يكتموا شيئًا من شرع الله سبحانه. وقد قام الرسل بدورهم خير قيام فجزاهم الله عنَّا خير الجزاء. قال تعالى: {ما على الرسول إلا البلاغ}
    [المائدة: 99] وقال أيضًا: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}
    [المائدة: 67].
    وقال الله عن نوح: {ولكني رسول من رب العالمين. أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون} [الأعراف: 61-62].
    وعندما نزل قوله تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين}، وقف الرسول ( خطيبًا، فقال: (يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم، لا أُغني عنكم من الله شيئًا. يا بني عبد مناف،لا أُغني عنكم من الله شيئًا. يا عباس بن عبد المطلب،لا أُغني عنكَ من الله شيئًا) [البخارى].
    أولو العزم من الرسل:
    فضّل الله -سبحانه- بعض الأنبياء، لأنهم صبروا وتحملوا الإيذاء والتكذيب في سبيل الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله أكثر من غيرهم من بقية الرسل، وهؤلاء سماهم الله -عز وجل- بـأولى العزم من الرسل وهم: محمد، وإبراهيم، ونوح، وموسى، وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم، يقول تعالى: {فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل} [الأحقاف: 35] . ويقول تعالى: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا} [الأحزاب: 7].
    الصفات المستحيلة في حق الرسل هي:
    يستحيل على الرسل كل نقص يُخل برسالتهم، أو يؤدى إلى نفور الناس منهم، فيستحيل عليهم أن يتصفوا بالصفات الآتية:
    الكذب:
    فقد أرسل الرسول ( إلى هرقل ملك الروم يدعوه إلى الإسلام، وكان بالشام حينئذ أبو سفيان وبعض قريش، فأرسل هرقل في طلب من كان في بلده من العرب، فجاءه أبو سفيان وذلك قبل أن يسلم، فسأله هرقل عن النبي (، وكان مما سأله: هل يكذب؟ قال أبو سفيان: لا. فقال هرقل: ما كان ليدع الكذب على الناس، ثم يكذب على الله. فالرسل لا يجوز في حقهم الكذب، بل كيف يصطفي الله ويؤيد من هو كاذب. فالرسل صادقون مصطفون، وعندما أُسْرِيَ بالنبي ( وأخبر المشركين بذلك، جاءوا إلى أبي بكر وقالوا له: إن صاحبك يزعم أنه ذهب إلى بيت المقدس ورجع في ليلة واحدة، والناس يذهبون في شهر، ويرجعون في شهر، فقال أبو بكر: إن قال ذلك فقد صدق.
    الخيانة:
    والخيانة لا تجوز في حق الرسل، فكيف يأتمن الله -عز وجل- من ليس أمينًا، فالله -سبحانه- اصطفي الرسل ليقوموا بأعظم مهمة، ألا وهي الدعوة إلى الله، قال تعالى: {إن الله اصطفي آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين}
    [آل عمران: 33] .
    عدم التبليغ (الكتمان):
    كتمان الرسالة لا يجوز في حق الرسل، لأن الله -عز وجل- يأمر بأداء الأمانة، وهذا رسولنا ( يقول في حجة الوداع وهو يودع أمته: (ألا هل بلغت؟! اللهم فاشهد) [متفق عليه].
    البلادة:
    أرسل الله -عز وجل- الرسل لهداية الناس إلى صراط الله المستقيم، فيستحيل عليهم أن يتصفوا بالغباء والبلادة لأن الرسول لو كان بليدًا؛ فلن يؤثر في قومه، ولن يهدي الضالين، ولن يقتنع أحد بحجته، فلابد إذن أن يكون الرسول ذكيًّا، يدعو الناس، ويفتح قلوبهم للإيمان. قال تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} [النحل: 125].

المواضيع المتشابهه

  1. اخلاق العربان
    بواسطة سلام مراد في المنتدى حكايا وعبر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-03-2019, 08:50 PM
  2. اخلاق كونية
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-30-2014, 07:41 AM
  3. اخلاق غير عاديه
    بواسطة يسري راغب شراب في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-21-2009, 02:06 AM
  4. اخلاق المسلم......
    بواسطة ام يوسف في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-01-2008, 11:52 AM
  5. ثلاثيات اخلاق الاعراب!!
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المآثر والمنجزات.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-08-2006, 08:10 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •