1) Encyc Britanica v. ixp. 19
بصرف النظر عن هذا الاعتراض الذي سنناقش مدى حقيقته بالنسبة للـحياة الأوروبية ذاتها ،كما سنناقشه بالنسبة للإسلام لنتبين مدى تطابقه أو عدم تطابقه مع المفاهيم الإسلامية فإن (( اللادينية )) هي أقرب ترجمة تؤدي المقصود من الكلمة عند أصحابها ولكن مع ذلك سنظل نستخذم المصطلح المعروف عند الناس _ مع بيـان بعـده عن الـدقة _ حتى يتفق الكتاب على نبذ هذا المصطلح المضلل ، واستخدام اللفظة الأدق.
* * *
نبذ الدين وإقصاوه عن الحياة العملية هو لب العلمانية .
وتبدو نشأة العلمانية في أوروبا أمراً منطقياً مع سير الأحداث هناك، وهذا راجع إلى عبث الكنيسة بدين الله المنـزل ، وتحريفه وتشويهه ، وتقديمه للناس في صورة منفرة ، دون أن يكون عند الناس مرجع يرجعون إليه لتصحيح هذا العبث وإرجاعه إلى أصوله الصحيحة المنـزلة ، كما هو الحال مع القرآن المحفوظ _ بقدر الله ومشيئته _ من كل عبث أو تحريف خلال القرون .
فمن المعلوم أن الإنجيل المنـزل من عند الله لم يدون على عهد المسيح عليه السلام ، إنما تلقاه عنه حواريوه بالسماع ، ثم تشتتوا تحت تأثير الاضطهاد الذي وقع على أصحاب الرسالة الجديدة سواءً من اليهود أو من الرومان ، فلما بدئ تدوينه بعد فترة طويلة من نزوله كان قد اختلط في ذاكرة أصحابه كما اختلطت النصوص فيه بالشروح ، ثم غلبت الشروح على النصوص . . ووقع الاختلاف والتحريف والتصحيف الذي يشير إليه كتاب التاريخ الأوروبي ومؤرخو الكنيسة على السواء ، واستبد رجال الدين بشرح ما سمي الأناجيل ( مع أن المنـزل من عند الله إنجيل واحد لامعنى للتعدد فيه ) ثم استبدوا أكثر بالاحتفاظ بعلم (( الأسرار )) التي نشأت من التحريف والتصحيف والتي لاأصل لها في دين الله المنـزل ، ثم زاد استبدادهم فصار طغياناً شاملاً يشمل كل مجالات الفكر والحياة . طغياناً روحياً وفكرياً وعلمياً وسياسياً ومالياً واجتماعياً . . وفي كل اتجاه .