الفلسطينيون على جزئين سيكونوا آخر ما نكتبه عن التاريخ القديم ونكون وثقنا لعروبة ووحدة عقيدة ولغة وثقافة وحضارة وطننا الذي كتبه لنا الغرب وتلامذته على أنه تاريخ قبائل متفرقة لا رابط بينها... والمقال سبق نشره أول مرة تقريبا عام 2009، وأعدت نشره ردا على أكاذيب نتنياهو عن أصل الفلسطينيين عام 2019، وهذا نصه!

نتنياهو.. مجلة “سينس أدفانسيس“ سكان جنوب أوروبا فلسطينيي!
الخميس 11 يوليو 2019, 02:28 م
بقلم: مصطفى إنشاصي

ردا على ما ما أوردته (وكالة الأناضول الإثنين، ٨ يوليو / تموز ٢٠١٩) من تصريحات لنتنياهو بناء على ما نشرته مجلة "سينس أدفانسيس" تقول: إن تحليلاً حديثاً للحمض النووي أظهر أن الفلسطينيين القدماء أتوا من جنوب أوروبا قبل أكثر من 3000 عام بعد أن ظل العلماء على مدى عقود في حيرة بشأن نشأتهم! وفي سلسلة تغريدات على حسابه في "تويتر"، كتب نتنياهو: "تؤكد دراسة جديدة للحمض النووي تم استعادتها من موقع فلسطيني قديم في مدينة عسقلان الإسرائيلية، ما نعرفه من الكتاب المقدس، أن أصل الفلسطينيين (القدماء) موجود في جنوب أوروبا" وأضاف: "يذكر الكتاب المقدس مكانًا يدعى كافتور، وهو على الأرجح جزيرة كريت الحديثة، لا توجد صلة بين الفلسطينيين القدامى والفلسطينيين الحاليين، الذين جاء أسلافهم من شبه الجزيرة العربية إلى أرض إسرائيل بعد آلاف السنين" وتابع نتنياهو: "إن ارتباط الفلسطينيين بأرض إسرائيل ليس شيئًا، مقارنة مع 4000 عام من الارتباط بين الشعب اليهودي والأرض"!
نقول لنتنياهو ومجلة "سينس أدفانسيس": أنتم مخطئون؛ سكان جنوب أوروبا فلسطينيي الأصل ...

الفلسطينيون انتقلوا من فلسطين إلى كريت ثم عادوا إليها
مما تجدر الإشارة إليه؛ أنه في الآونة التي دخل فيها بني إسرائيل إلى فلسطين وسيطروا على بعض المدن العربية فيها*، كانت هناك قبيلة نسبت إلى جزيرة كريت في البحر المتوسط قد هاجرت إلى فلسطين واستقرت في الجزء الجنوبي الغربي (منطقة الساحل من يافا إلى غزة)، وأقاموا دولة لهم فيها ومن أهم مدنهم (غزة، عسقلان، أسدود، عقرون، جت، يبنا)، وهي مدن أنشأتها القبائل العربية التي سكنت فلسطين منذ الألف الثالث قبل الميلاد، وقد اختلف المؤرخون في أصل هذه القبيلة، حيث أجمع غالبيتهم على أن قبيلة (فلست، أو بلست، فلستا أو بلستا) التي جاءت من جزر البحر الأبيض المتوسط بعد انهيار دولتهم أمام موجات هجرات الشعوب الهندوأوروبية القادمة من الشمال، في ذلك الوقت هي من أصل جرماني آري.

وهنا لنا وقفة مع أصل هذه القبيلة: يقول المؤرخ والباحث االآثاري الفلسطيني (عبد الرحمن المزين) في كتابه "تاريخ فلسطين العسكري" الصفحات من (73-75): ورد في بعض كتب المؤرخين والباحثين الغربيين أن أصل أهل فلسطين من جزر البحر (قبرص، كريت، مالطة، بحر إيجة)، وللرد على هذه الدعاية المغرضة التي لازالت عالقة في أذهان كثير من شبابنا اليوم لابد من العودة إلى المناطق التي تعرف بجزر البحر، وخاصة الفترة التي ظهرت فيها غزوات قبائل البحر لسوريا ولبنان وفلسطين ومصر.

حيث يُستفاد من كتب الباحثين والمؤرخين أن "ميسينا" الإغريقية عاصمة قبائل الآخيين والتي ازدهرت قرنين من الزمان (1400-1200ق.م) تقريباً، كان لها أسطول بحري وكانت سيدة البحر بحق ولكنها أهملت قوتها البرية، وقد هاجمتها القبائل الدورية واحتلت عاصمة الآخيين "ميسينا" عن طريق البر، وبذلك أصبح أسطول الآخيين في عرض البحر ولم يستطع الرجوع إلى سواحل بلاده، وكان هذا الأسطول يضم إلى جانب الآخيين عناصر من آسيا الصغرى "تركيا" الحالية وبعض الآريين، بالإضافة إلى عناصر من جزيرة قبرص وجزر بحر إيجة، وقد توجه هؤلاء إلى آسيا الصغرى واحتلوها ثم ساروا عبر سوريا براً وبحراً واحتلوا "أوغاريت وصور"، ثم ساروا عبر فلسطين إلى دلتا مصر عن طريق البر والبحر إلا أنهم هزموا أمام ملك مصر رعمسيس الثالث حوالي 1191ق.م براً وبحراً، فتفرقوا إلى شواطئ سوريا الشمالية وآسيا الصغرى وجزر بحر إيجة وسردينيا في إيطاليا، أي أن كل جماعة اتجهت إلى موطنها الأصلي.
كتب أحد الأصدقاء تعليق على حلقة اليوم على صفحتي وكتبت له رد عليه، للفائدة أنقل تعليقه ورده هنا:

التعليق: فلسطين بلد مثل كل البلاد على الأرض واهلها وشعبها موجود عبر العصور والازمنة
ولكن نجد نيتانيهو يريد أن يوجد له بلد بالعرض والطول كما يتصور هو غيره نقول له الدين ليس مكان للعيش فالدين لله ولايوجد في مكان محدد وشعب فلسطين. منهم كباقي الشعوب فيه أصحاب الاديان كلها وغيرهم موضوع الدين يكون دوله هذا افتراء على الدين نفسه حيث ينحصر في حدودها
وكذلك اعتبروا أنفسهم بني إسر ائيل فاسرا ائيل اسم نبي الله يعقوب فهو لايعرف من الدين غير الا سلام
وكلمة فلس طين لها عدة تعاريف ولكن سمعت. لاحد الفلاسفة انها أرض الحكمة اليونانية او اللاتينية

الرد على التعليق:
الرد على ردك بده عدة ردود لتعدد الأفكار التي وردت فيه فهو غني بنقاط بحاجة لتفاصيل، لكن دعني أوجزه في نقاط:

فلسطين بجغرافيتها الحالية هي جغرافية توراتية مزعومة لم توجد يوما في التاريخ قبل اتفاقية سايكس- بيكو التي حددت لها تلك الحدود

هذه الجغرافية التي تسمى فلسطين التاريخية وكثير من الكتاب يشعرون بنشوة غامرة عندما يستخدمون ذلك المصطلح، وهم لا يدرون أنهم يؤكدون على صحة الرواية الصهيونية وحقهم التاريخي فيها لأنهم يعتبرونها حدود دولة داود وسليمان اليهودية، وهي أول دولة أقيمت في فلسطين لأول شعب سكنها وهم بنو إسرائيل، فنتنياهو يحاول تحويل الكذبة والوهم إلى حقيقة وكتابنا يؤكدون ذلك باستخدام المصطلح

التوراة نسبت أصل الفلسطينيين القدماء إلى جزيرة كريت في البحر المتوسط وبحر إيجة وتاريخيا كما في نهاية المقالة أنه بعد احتلال ميسينا عاصمة دولة الآخيين لم يستطيعوا العودة لأوطانهم... وبعد هزيمتهم كل عاد لموطنه الأصلي قبل أن ينتقلوا إلى تلك الجزر إلا الفلسطينيين سكنوا الجزء الجنوبي من ساحل فلسطين، وعليه كما قال: قول أنتم لستم عرب ولا علاقة لكم بكل أبعاد صراعنا مع أبناء عمومتنا العرب وأنكم غرباء أصلكم من جزيرة كريت، فلا حق لكم في وطننا التاريخي
متجاهلا أنه هو وكل يهود اليوم لا علاقة لهم ببني إسرائيل ولا العرب إلا القلة منهم، وأنه هو تحديدا أصله معروف، فهو و92٪ من يهود اليوم من قبائل الخزر الذين تعودوا بعد العام 740م فيروح يدور على أصله

أما القبائل الفلسطينية فهم عرب والمناطق التي عادوا لها هي موطنهم الأصلي، وذلك سيكون تفصيل الرد على مزاعم التوراة والمؤرخين التوراتيين قبل أن يكون ردا عليه، في الحلقة القادمة