-
باحث في علم الاجتماع
الغرب والإسلام تاريخ أوروبا العربي(50)
الغرب والإسلام
تاريخ أوروبا العربي (50)
مصطفى إنشاصي
قراءة في كتاب "مدينة إيزيس التاريخ الحقيقي للعرب"
افتتح المؤرخ الفرنسي الشهير المحب للعرب والحضارة العربية بيير روسي ترجمته الخاصة بالنسخة العربية لكتابه "مدينة إيزيس التاريخ الحقيقي للعرب" بالقول: "لقد آن الآوان الذي ينبغي للعالم الشرقي أن يبدأ في اكتشاف حقيقة تاريخه وثقافته اللتين، لولاهما، لغدا الغرب فارغاً. ولقد أتى على الناس حين من الدهر كانت مدارس الغرب، وجامعاته قد خفضت فيه، مخطط، القيمة الواسعة لحضارة امتدت عدة آلاف من السنين بين نهري السند والراين وجبال البيرينه، رغبة منها في تمجيد أثينا وروما، في حين كانت هتان العاصمتان قد أنشأهما الشرق، وسكنهما الشرق، وعلمتهما وكونت ثقافتهما الأنهار، والمدن كممفيس، وبابل ونينوى وبعلبك وقرطاجة، التي أصبح العرب اليوم ورثتها الحقيقيين".
المعنى لمن لم تصله الفكرة: أن أثينا وروما وما نسبه لهما الغرب من علم وحضارة لم يكونا وقتها عاصمة أمبراطوريات أوروبية لكنهما كانتا ولايات أو دولة عربية، وسياتي معنا أنهما كانا وغيرهما تسكنهما وقبائل عربية، ويتحدثون اللغة العربية سواء كانت اللهجة الكنعانية أو الآرامية. وذلك ما يؤكده بالقول:
والحقيقة أن أثينة وروما ليسا سوى انعكاساً للحضارة العربية الكبرى التي بسطت منذ فجر التاريخ معرفتها وآداب سلوكها على الأرض من الهند إلى التاج، ومن النيل الأزرق إلى بحر البلطيق: "إننا حين نعيد إلى أسيا، وإلى الوطن العربي الواسع مكانتهما الحقيقية، فإننا وعندما نؤكد بشرف على إبراز دورهما في إعداد ثقافتنا فإنما نتمنى، من وراء العتبات الآثينية والرومانية، إعادة صلات القربى التي ضمت أوروبا إلى مجموعة واحدة من المساحات التي كانت أوسع مما نتصور، وحيث سنقرأ هناك ـ بشكل أجود ـ جميع سطور مستقبلها. إن أوروبا ليست مركز العالم ولا مرآة العاهل الفاضل. ذلك أنها لا تمثل، وهي ابنة الشرق الآسيوي الإفريقي، وفي محيط الزمان والمكان هذا، سوى منطقة تتمرس وتتدرب فيها قوى كانت تجذبها، فثلما كان القياصرة يتدربون ذات يوم، لكن الأحكام المسبقة تبقى، وتعليماً مذهبياً يزيف آراءنا وأحكامنا".
يقصد بالأحكام المسبقة التزوير الذي أحدثه الغرب بقطع علاقتهما مع جذورهما العربية، وزعموا أنهما من فحر تاريخهما أوروبيتان وأنهما أصل علوم العالم وحضارته (المعجزة الإغريقية)! ويضيف في إنصافه للعرب وفضل حضارتهم على الغرب:
"إن العالم العربي هو الذي أعطى روحنا الغربية طموحها الشرقي الذي لم تكن لتستطيع من دونه تحديد هويتها أو الاستقرار ضمن انسجامها الخاص". لذلك يرى إنه "لخطأ فادح القول الذي يدعي أن الاسكندر أو بومبي أو قيصر قد احتلوا، أو بالأحرى قد حضّروا، الأرض المتوسطة والآسيوية الشاسعة التي تتحدث عنها كتب تاريخ الغرب، كما أن من الخطأ الفادح أن يكون أرسطو أو أفلاطون قد أثرا في الفكر العربي، هي على العكس من ذلك".
وبعد أن ثبت لدى علماء الغرب أن النهضة العربية قد رافقت نهضة الحقيقة، ذلك ما دفع الجهاز الجامعي الأوروبي إلى تزوير الحقيقة التاريخية، وتزوير التاريخ كله لجعل الشرق العربي تلميذاً للغرب مناقضين الحقيقة التاريخية أن الغرب هو تلميذ العرب، "كما لو أنها جعلت منبع النهر مصبه ونهايته".
وقد وضع الغرب نظريته المقدسة عن العرب التي تجعل من العربي شخصية صحراوية انبثقت من التاريخ في وقت غير محدد ولا معروف، فقد كتبت دائرة معارف الإسلام الغربية: "إن عهود العرب الأولى في التاريخ غامضة جداً، إننا لا نعرف من أين أتوا ولا ما هو وجودهم البدائي". وقد تم تعميم تلك النظرية عالمياً كحقيقة علمية تدرس في بلادنا العربية والإسلامية كما تدرس في الغرب وبقية العالم: "إننا نعتقد أن دروس التاريخ، التي نُعطيها في مدارسنا، مطابقة لتلك الدروس التي تُعلمها القاهرة وطهران وكابول وكلكتا. وليست هذه الحقيقة، ذلك أننا لم نقم الدليل ذات يوم على صحة ادعاءاتنا في تعليم الأمم غير الأوروبية".
التعديل الأخير تم بواسطة مصطفى إنشاصي ; 05-13-2024 الساعة 12:43 PM
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى