طالَبَني أحدُ الأخوةِ الذين يشرفوني بمتابعتهم ومشاركاتهم ( وقد غاب عني إسمه فالعذر منه .. ليته يذكّرني من خلال المشاركه لأذكر إسمَهُ ) طالبني منذ فترةٍ ليست بالبعيده أن أكتب وأنشر على صفحتي قصيدةً جزْلةَ الألفاظ .. على غرار قصيدتي التي عارضتُ فيها الشاعر مهدي الجواهري .. وقال : إن قصائدي سهلةُ الكلمات ، وجُمَلي الشعريّةَ سهلةٌ سلِسَهْ ( ولم يبخل عليَ بالثناء العطر جزاه الله خيرا ) ولكنه ينتظر مني قصيدةً مختلفه في البناء والصياغه ...
الحقيقه أنني في أواخر السبعينيات ألقيتُ قصيدةً في الحفل الجامعي الذي تقيمه جامعة دمشق وتتنافس به كلّيات الجامعه .. ألقيت على مسرح الحمراء في دمشق ولمدّةِ أربع أيام متواليه ( علماً أن الحفل استمر ستة أيام ) ألقيتُ قصيدةً من خمسين بيت ... لم أسمع خلال إلقائها تصفيقةً واحده من الجمهور خلال الأيام الأربعه .. ففي اليوم الأول وبعد أن أنهيت إلقاء القصيدة دون أن أجد قبولاً لها عند الجمهور قال لي صديقي العزيز الدكتور أحمد ريزان سِيَدا وكنا وقتها طلاّباً في كلّيّة الطب وهو من الشباب المثقّف الموهوب .. قال لي يبدو أن الجمهور اليوم من شريحةٍ مُعيّنه لا تحب الشعر!!! .. أكملتُ الحفل في فقراته الأخرى كمن أكلَ ضربةً على رأسه صباح يوم العيد !!!!
ألقيتُ القصيدةَ في اليوم الثاني ..... فكانت ردّةُ فعل الجمهور أكثرَ جفاءً وتململا ..!!! فقال لي ... لعلّه نفس السبب .. أكملتُ الحفل في ظلال الصدمة !!!!!
ألقيتُ القصيدةَ في اليوم الثالث واستخدمتُ كل براعتي في الإلقاء والتأثير .... عَبَثْ !!!! كأنني في مسرح الحمراء لوحدي !!!!! ( عدد الحاضرين ستمائة متفرّج ) والمسرح يغصّ بالواقفين والجالسين ولكن لا حس ولا خبر .. لا تصفيق ... لا همسه .. لا .... ...
أُغْلِقَت الستاره على فقرة الشعر وجلستُ أقضمُ أظافري في الكواليس ... فجاءني أحمد سيَدا ووليد شحادات ووسمه عشّاوي وقالوا لي : يا وائل يبدو أن القصيده مع كل المعاني الجميله ومع كل جزالة الألفاظ لكنها لا تؤثّر وليس لها وقع جميل فلذلك حاجتْها .. لا تلقيها غداً استرْنا
في اليوم الرابع تردّدتُ ( إلقيها ؟!؟! ما إلقيها ؟!؟! ... ومَلَصتْ من بين الكل وألقيتها ...!!!!! ويا هول ما وجدته ؟!؟! صدقاً لو عم إلقيها بمقبرة كنتُ سمعت صدى من مكانٍ ما !!! .......... لم يشاركني أحد من الجمهور ولا بعطسه !!!!!!
كَعَّبتْ ورا الستاره كمَنْ عاد من دفنِ حبيبه … وجلستُ أصارعُ دمعةَ الخيبة ... أتى زملائي وقالولي : لا تحزن يا وائل ،،، القصيدة جميلة ولكنّها ليست لهذا الجو من الحفلات .. قلت لهم : بقيان بكرى وبعد بكرى شو ساوي ؟! ... قالوا لي : والله إذا بتطلع بكرى وابْتلقيها غير نطلع نحنا والجمهور نْنَزْلَكْ عن المسرح .. !!!!!
القصيدة ما زلتُ أراها جميله !!!! وقد تكون من أجمل قصائدي .. ولكن يمكن تكون سئيله ... ؟!؟!
القصيدةُ تتحدث عن الطالب الجامعي .. وقد شبّهتُ الطالب بالغصن وتحدّثتُ عن الكوارث الذي يتعرض لها هذا الغصن ... الآن لم أجد القصيده كاملةً عندي لعلّها في دمشق .. أستذكر منها الأبيات الأولى .. أسألكم بالله شو رأيكم بهذه الأبيات ... بس سايق عليكم جاهةْ الرجال إذا ما عجبتكم لا تْتَقْلوا بالعبارات .. حاجتي يلي صار فيي قبل أربعين سنه !!!!
غُصْنٌ يلُمُّ على أطرافه ورقا
هبّتْ عليه رياحُ الصيفِ فاحترقا
أهدى إليه صفاءُ الدهر من دَمِهِ
نُسْغاً يُعيدُ إلى أنفاسه الرمقا
نُسْغاً تجمّع في أكواب تُرْبَته
حتى استجارَ فأعطاه الحيا وسقا
ماذا تفتّقَ عن أثداء قِسْمَته ؟!
أو هل تبيّنَ َ مافي جذْره علِقا ؟!
إنَّ ابْنَ آدمَ لا يحيا بِمُفْرِحَةٍ
إلاّ ويحمِلُ مِنْ أذْيالها أرقا
غُصنٌ رمَتْهُ على الأهوالِ عاصفةٌ
هَوْجا تلوكُ كلَوْكِ الجائع الورقا
الشمسُ تكشفُ عن كفّ تصافحه
عند الصباحِ وأخرى تحملُ الطَلَقا
النُسُغ : هو ما تعطيه الأرض للنباتات والزرع
تتمة القصيده لم أعثر عليها ... أرجو أن لا أكون فقدْتها .. ففيها ذكريات بتحرق القلب !!!!!!
الدكتور وائل عبد الرحمن حبنّكه الميداني