-
قصة مهمة
قصة رائعة:
في عام 1996، ضربت جنوب السويد عاصفة ثلجية عارمة، قطعت الطرق وأوقفت القطارات والتيار الكهربائي في بعض المناطق.
في اليوم الأول لم أستطع ترك محل سكني والوصول الى جامعتي فجلست امام التلفاز استمع للأخبار وقصص الأطباء الذين ذهبوا الى المستشفى على الزلاجات.
في اليوم الثاني، خرجت من البيت لكن عدد القطارات كان اقل من نصف العدد اليومي وفي طريق عودتي وقفت بانتظار القطار في وسط المدينة. انتظرت ثم انتظرت وتزايد عدد الأشخاص الذين ينتظرون معي وأصبح جليا للجميع إن القطار القادم لن يكفي المنتظرين.
حين جاء القطار، حاولت الاقتراب من بابه لأصعد لكن امرأة في الأربعين من عمرها دفعتني وصرخت بي بحمق.
غير راغب بالتدافع مع البشر قررت ان ابتعد وانتظر قطارا آخر لكن الخروج من الجموع كان بصعوبة صعود القطار وفي تلك الدقائق التي قضيتها وانا ابتعد عن القطار دفعتني نساء ودفعني رجال وسمعت كلمات غاضبة لم أكن قد تعودت سماعها من السويديين المهذبين.
وأنا انظر الى القطار المبتعد، تذكرت مواصلات بغداد وتراكض الناس وتذكرت إن تلك الحالة اليومية كانت إحدى الأشياء التي كنت أكرهها في العراق وطالما دفعتني للسؤال عن السبب الذي يمنعنا من الاصطفاف في طابور متحضر!
ذلك اليوم في جنوب السويد علمني إن التحضر له أسس كثيرة وهو لا يتحقق في حالات الدفاع عن الوجود او الركض الى قطار قد لا يأتي غيره.
كل هذه الأفكار تخطر في بالي هذه الأيام وأنا اراجع نفسي وأفكاري ومعتقداتي وأجدني أتصور يوما بعد يوم إن مقارنة الانسان العراقي أو المصري او السوري بالسويدي والنرويجي والإنكليزي مقارنة غير عادلة.
المقارنة الصحيحة هي مقارنة ظروف بظروف أخرى فمن يعيش في حالة سلام لخمسين عام ويولد في بلاد انتقد فيها اجداد اجداده حكم الكنيسة ليس كمن يعيش تحت القنابل وسيطرة الفكر الرجعي.
ليس صحيحا ان نقول إن البشر جهلة ومتخلفين-الصحيح أن نسأل إن كان لدى البشر مدارس وتعليم.
ليس صحيحا أن نقول إن مجموعة من البشر عاجزة عن تقبل ثقافات اخرى-الصحيح أن نسأل إن كان الناس من تلك المجموعة قد حصلوا على فرصة للاختلاط بالثقافات.
شخصيا أنا مؤمن إن مسؤولية تحسين الظروف تقع على الانسان لكن ليس صحيحا أن نتهم الانسان بالجهل والتخلف ومن ثم نطالبه بتحمل المسؤولية!
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى