الأوطان لم تعدْ تشبه الأُمَّهَات، أصبحت تُنافس زوجات الأب في القسوة وَالذُّل، تُسَلّمُكَ لُقْمَة مُشبعة بالمن، رغم أَنَّهَا من مَالِ أبيك، تُشْعرك بثقل وزنك وهمك، رغم أَنَّ الأرض أرضك، تَسْتَكْثِرُ عليك الفرح وَالضَّحِك، تُعاقبك عن كُلِّ مراسيم البهجة بِخَصْمٍ أو زِيَادَةٍ، تُعطيك الشَّيْءَ الزَّهِيد، لَكِنَّها تُقَيِّدُهُ في سِجِلِّ الإنجازات
الأُمُّ لم يُخْلق لها شَبِيهٌ، والوطن لم يُنْتج له بَدِيلٌ، ونحن المُرَاهِقُونَ في الحُبِّ نرفض أن نُغادر الأحضان حَتَّى لو كانت كُلُّ النُّدُوبِ ظاهرة على الوجوه، و كُلُّ الحُرُوقِ مَوْشُومَةٌ فِي القُلُوب، نَحمل حقائبنا عند الغضب، تُرفع أصواتنا، نُغادر لساعات أو أعوام، نبكي في زوايا الغربة عن وَطَنٍ لم يفهم حُبِّنَا، تَبَرَّأَ مِنَّا حين ثُرنا، تَخَلَّى عَنَّا حين كبرنا، وبعد كل هذا سنعود حين يُصبح بإمكاننا ممارسة الشجب بِالصَّمْتِ، وَالرَّفْض بِالتَّجَاهل، وَالمُوَافَقَة بالإيماء.
الكاتبة. زدروني سومية