-
لأرومة العربية (19)
اليمن
طرح أحدهم في مجلة المقتطف المصرية عام 1937 أربعة مقالات على أربع حلقات ... أسئلة مهمة ، رغم أنه مهندس زراعي ــ كحالتي ــ ولكن له اهتمامات في التاريخ، وقد اطلعت على كتاب له من جزأين اسمه (عشائر الشام) يقع بأكثر من 800 صفحة، وهو كتاب مرجعي ومفيد للهواة والباحثين ...
تساءل (أحمد وصفي زكريا) بعد أن قدّم أن اليمن لم تكن تنقصه معرفة بفنون البناء وإقامة السدود، والمعارف الحضارية الأخرى.. تساءل لماذا أخبار اليمن المدونة لا تصل إلا للقرن الثالث عشر قبل الميلاد، في حين أن أخبار مصر والعراق تصل للقرن الأربعين قبل الميلاد؟
وتساءل أيضاً، هل الهجرات التي انطلقت الى بلاد الشام والعراق ومصر(العموريون والأكديون والكنعانيون والآراميون الخ) هل هي مقتصرة على نجد والحجاز، أم أن اليمن مشمولة بتلك الهجرات؟
ولماذا يهاجر أهل اليمن وبلادهم المعروفة بالسعيدة، هل ضاقت البلاد بأهلها؟ أم حصلت تغيرات مناخية قللت نسبة هطول الأمطار بحيث لم تعد خيرات بلاد اليمن تكفي قاطنيها ؟
يجيب طبعا المؤرخ عن تلك الأسئلة ويبدو أنه من خلال تهميشه للمقالات كان قد اطلع على بحوث مؤرخين عالميين مثل: (هيرودوتس و استرابون وديودور) وإخباريين ومؤرخين عرب أمثال (الطبري والمسعودي وابن الأثير وابن قتيبة وابن الكلبي وابن خلدون)
كما يشيد بالمعلومات التي استقاها من الفيلسوف اليماني المتوفى في القرن الرابع الهجري (أبو الحسن الهمذاني) صاحب الكتابين الشهيرين (الإكليل) و (صفة جزيرة العرب)...
لكنه لكي يجيب ينوه أن آثار اليمن التي تخفي أسراره موجودة في الأراضي المنخفضة التي طمرتها الأتربة، أو في خرائب يقطنها أو يقطن حولها أناس يتوجسون من الغرباء فيقتلوا المستكشفين الآثاريين أو يمنعونهم من الوصول الى منابع الآثار ...*1
[] [] []
(( كان اعتقادنا في الماضي أن أقدم المراكز الحضارية في العالم هي مصر وبلاد الرافدين ، أما الآن فقد اتضح أن اليمن من أقدم المراكز الحضارية في العالم)) [بوخنر] *2
في عام 1781م أوجد مستشرق نمساوي اسمه (إيشهورن) مصطلح الجنس السامي (Semitic Race) واللغات السامية (Semitic Languages) نسبة الى سام بن نوح الذي يذكر في التوراة في سفر التكوين، أن الأقوام الذين عاشوا في جزيرة العرب والأقطار المجاورة لها هم من ذريته...*3
وهي تسمية ليس لها سند من تاريخ وعلم الآثار*4 ومن العجيب أنها انتشرت بين علماء الغرب وسرت الى مؤرخي العرب وكتّابهم بطريقة العدوى الاقتباسية المعتادة، مع أن تسمية الجنس العربي واللغات العربية هي على كل حال أصح منها، لأن موطن الأقوام التي سميت بها أي الكلدانيين والعموريين والأشوريين والأكديين والآراميين والكنعانيين والمصريين والعرب القدماء والمتأخرون في جنوب الجزيرة وشمالها هم يعودون لنفس الأرومة*5
لم يكن العرب قبل الإسلام مهتمين بالتاريخ، كما أصبحوا بعد الإسلام، وهذا مما يصعب مهمة من يبحث في تاريخ العرب قبل الإسلام، وهو إن أراد معرفة أخبار الأقدمين، فسيواجه سيولا من الحكايات غير الموثقة، أو أنه يستعين بما كتبه المؤرخون الأوروبيون، الذين لا تخفى على القارئ ما يضمنه أكثرهم من أحكام مسبقة لا تتصف بالعدل والنزاهة في أكثرها...
اللهم إن الأخبار الموثقة، كانت تأتي من النقوش العراقية أو المصرية القديمة، والتي لا تخلو هي الأخرى من تمجيد للذات وتقليل أهمية من يكتبون عنه..
في الحديث عن اليمن، علّل العلامة جواد علي صعوبة، تتبع تاريخ اليمن، وعزا ذلك لأن اليمنيين لم يكن لهم تاريخ متسلسل كالعراقيين والمصريين القدماء، فهم يؤرخون لحدث كانهيار سد مأرب مثلا، أو تولي شخص ما الحكم كأن يقولوا (بعد حكم فلان بكذا (خرف) أي عام....
ورغم أن آخر طبعات المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، كانت في بداية التسعينات من القرن الماضي، إلا أن صاحبها لم يزعم أنه يعرف عن تاريخ اليمن إلا حوالي اثنا عشر قرناً قبل ميلاد المسيح عليه السلام...
[] [] []
ساد اعتقادٌ بأن اليمن هو البلد التي انطلقت منه الحضارات، بل وحتى البشرية جمعاء، لكن هذا الاعتقاد، هو أقرب للشعور منه الى الاعتقاد، وإن كان من يحمله يزكيه لمرحلة اليقين...
ما الذي جعل أصحاب ذلك الشعور بتبنيه؟ وما هي الدعائم التي استندوا إليها؟
1 ــ إن آخر التحولات الجليدية، قد كانت قبل عشرين ألف سنة، إذ بقيت كتل الجليد تغطي الكرة الأرضية من قطبيها الشمالي والجنوبي، تاركة مسافة ألف وخمسمائة كيلومتر عند منتصفها، أي حول خط الاستواء تقريبا... وقد أسمى العلماء هذا الحزام بحزام (بيرنيفا) أي الحزام الذي لم يتعرض للعصر الجليدي طيلة عمر الأرض*6
وعليه لا يمكن أن تكون الحياة الأولى للبشرية إلا من تلك المنطقة، الممتدة من جزيرة العرب الى بلاد الشام وشمال إفريقيا الى القارة الأمريكية الجنوبية كولومبيا وشمال البرازيل وما حولهما...
لكن علماء الآثار وبطرقهم الحديثة من خلال الفحص الإشعاعي وجدوا أن أقدم الآثار الدالة على بدايات البشرية، ظهرت في اليمن وسوريا والعراق والأناضول*7
2ــ إن اليمن يقع على مقربة من الأحقاف، وهي منطقة قريبة من الجبل الذي يُعتقد أن (سفينة نوح) قد استقرت فوقه، والذين يعتقدون بذلك، يبررون اعتقادهم بأن أنهار العراق تجري من الشمال الى الجنوب وليس العكس، فكيف ستتجه السفينة التي انطلقت من (أور) من الجنوب الى الشمال وترسي في تركيا؟
كما أن هنالك وادي الأحقاف والحقف هو الكثيب الرملي، وقد ذكرها كل من: شمس الدين المقدسي في كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) وذكرها ابن خلدون ومعظم الكتب العربية والإسلامية المهتمة بالتاريخ...
كما ذكرها الله تعالى بسورة (الأحقاف) وفيها قصص نبي الله هود عليه السلام، وعاصمتها أو حاضرتها حضرموت ...*8
[] [] []
واليمن الذي تبلغ مساحته 555ألف كم2، وسكانه في الوقت الحالي يقترب عددهم من الثلاثين مليون نسمة، وتضاريسه منها الجبلية العالية كثيرة الأمطار، ومنها الصحراوية وشبه الصحراوية والتي تقل أمطارها عن 100ملم... كثرت فيه قديما من الدول والممالك التي كانت أحياناً مجتمعة وموحدة بدولة واحدة أو متحالفة أو منفردة أو أحيانا متخاصمة ومصرة على تصفية غيرها منها:
وقد ذكر المؤلف الفرنسي ماكسيم رودنسون، في تجميعه لما كُتب عن اليمن قديماً بأنه في عهد الإسكندر المقدوني كان هناك أربع دول في اليمن هي: معين وعاصمتها قرناو، وسبأ وعاصمتها مأرب، وقتبان وعاصمتها تمنع، وحضرموت وعاصمتها شبوة... وذكر في كتابه أن الملك في الدول لا يخلفه ابنه بل أول أبناء الأعيان ممن ولد بعد تنصيب الملك، ويتم تبنيه من الملك وتتم رعايته كولي للعهد*9
وينفرد الدكتور جواد علي في الجزء الأول من موسوعته المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام بذكر مدينة أو دولة اسمها (كمنهية أو كمنهو) وذكر عن طريقتها الديمقراطية في اختيار ما سماه ب (المزود) حيث يكون ممثل عن كل عشيرة وممثل عن كل حرفة وممثل عن كل ديانة (عبدة الشمس أو القمر أو سهيل) وينتخب هؤلاء حاكما ويدونوا قوانينهم على مسلات في أبواب المدينة ليطلع عليها الزائر أو التاجر *10
المراجع:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*1ــ أحمد وصفي زكريا/ اليمن ما قبل وما بعد الإسلام/ القاهرة مجلة المقتطف أعداد شهر أكتوبر/تشرين الأول 1937
*2ــ تصريحات ( البروفيسور إدموند بوخنر) رئيس معهد الآثار الألماني لصحيفة الثورة اليمنية عدد 12/4/1986 أورده محمد حسين الفرح في كتابه (تاريخ صنعاء القديم) الصادر عن وزارة الثقافة والسياحة اليمنية 2004م
*3 ــ من الساميين للعرب/ الشيخ نسيب وهيبة الخازن/ بيروت/ مكتبة دار الحياة 1962
*4ــ المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام/ جواد علي/ جامعة بغداد/ ج1 صفحة 149...
*5ـــ تاريخ الجنس العربي/ محمد عزة دروزة/ صيدا/ الجزء الأول ص17
*6 ـ أ.د. أحمد داوود/ برنامج (تاريخ الحضارة) عرض على تلفزيون الديار (العراق)... ويمكن إيجاد كل حلقاته على (اليوتيوب)...
*7ــ المصدر السابق
*8ــ الإتحاف: مقدمة تاريخ الأحقاف/ العلاّمة الفقيه محمد بن علي بن زاكن باحنّان الأشعثي الكندي/ دار باحنان /اليمن ــ حضرموت ــ بريم 2017
*9 ــ بلاد اليمن في المصادر الكلاسيكية/ وزارة الثقافة اليمنية/د.حميد العواضي و عبد اللطيف الأدهم/ صنعاء 2001
*10ـ المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام/ جواد علي/ جامعة بغداد/ ج2 صفحة 76...
-
الأرومة العربية (20)
الأردن
من الصعب الحديث عن أي بلد من بلاد الشام ( سوريا والأردن وفلسطين ولبنان)،بمعزل عن البلدان الأخرى، وذلك لتداخل هجرات القبائل منذ القدم، وأشكال السيادة على تلك المنطقة، وصلات الأهالي بالقرابة والمصاهرة وغيره...
وتبلغ مساحة بلاد الشام 318200كم2، تشكل الجمهورية العربية السورية والبالغة مساحتها 185180كم2 ما نسبته 58.2% والمملكة الأردنية الهاشمية 89206كم2 ما نسبته 24.8% وفلسطين المحتلة 32659 ما نسبته 12.19% والبحر الميت 755كم2، أما الجمهورية اللبنانية فمساحتها 10400كم2 ونسبتها من بلاد الشام 3.3%...
حتى أن الرومان عندما احتلوا المنطقة وأسسوا حلف المدن العشرة (Decapolis ) لم يعيروا اهتماما للفواصل القائمة الآن فسبع من تلك المدن كانت في الأردن (عمان، جرش، إربد، الحصن، بيت راس، طبقة فحل، أم قيس) واثنتان في سوريا (درعا وبصرى) وبيسان في فلسطين...
ومن الحقائق الجغرافية اللافتة في الأردن، هي الطول المفرط لحدوده البرية، فلو وضعنا نسبة المساحة مقسوماً على طول الحدود، لوجدنا الأردن يحتل المرتبة الأولى في تلك النسبة بين الدول العربية، فكل ألف كيلومتر مربع من مساحة الأردن، يقابله نحو خمسين كيلومتر في الحدود... في حين تكون كيلومترين ونصف للمساحة نفسها في كل من مصر وليبيا والسودان والجزائر، ونحو عشرة كيلومترات لكل من سوريا وتونس...
إن هذا الأمر يخلق أعباءً مالية ولوجستية، ككلف إنشاء الطرق، وكلف الحماية الأمنية، والإنارة والاتصالات وغيرها ...
كان الشرق الأدنى في عهد نبوخذ نصر يبدو للعين البعيدة الفاحصة كأنه بحر خضم يتلاطم فيه خليط من الآدميين يأتلفون ثم يتفرقون، يَستعبدون (بفتح الياء)، ثم يُستعبدون (بضم الياء)، يأكلون ويؤكلون، يقتلون ويُقتلون الى غير نهاية، وكان من ورائهم إمبراطوريات كبرى (مصر وبابل وآشور والفرس)... من هؤلاء (الكثرة) المؤابيون والعمونيون والكنعانيون والأنباط ويعدد (ول وايريل ديورانت) صاحب الموسوعة الضخمة (قصة الحضارة) عشرات الدول والمملكات التي اندثرت....*1
على أننا ونحن نتحدث عن الأردن نود أن ننبه القارئ على عدم انخداعه بأباطيل المؤرخين سواء كانوا يزيفون عن قصد، أو أنهم يستعجلون لإكمال كتابة مواضيعهم بالأطروحات أو حتى بوضع المناهج الدراسية للطلاب، معتمدين اعتمادا كليا على ترجمات أجنبية، ولا يحاكمون تلك الترجمات على طريقة ابن خلدون الذي استحدث علم فلسفة التاريخ...
ومن الأمثلة على رداءة المحتوى وكثرة التزييف بتاريخ الأمة بعض الترجمات مثل (آثار الأردن)*2 و (العرب قبل الإسلام ــ جرجي زيدان)*3 و(تاريخ الشعوب الإسلامية)*4 و(أرض جلعاد)*5
ومما يبعث على التفاؤل أن هناك العديد من المؤرخين الذين يسيرون على نهج ابن خلدون في عدم تمرير أي معلومة لا يقبلها العقل والمنطق، ونذكر منهم (جواد علي) و (محمد عزة دروزة) و(أحمد عويدي العبادي) الذي ترجم أرض جلعاد ولكنه لم يتركها بحالها بل فند مزاعم مؤلفها...
كما نذكر ساطع الحصري (أبو خلدون) عندما انتقد جرجي زيدان في الصفحة 91 من كتابه (آراء وأحاديث في التاريخ والاجتماع)*6 ... كما انتقد جرجي زيدان الدكتور عبد الرحمن عشماوي *7... وكذلك انتقده شوقي أبو خليل*8... كما انتقد نفس الكاتب (كارل بروكلمان) صاحب كتاب تاريخ الشعوب الإسللامية *9
ولما كانت الروايات المستخلصة من التوراة هي من أهم المراجع التي اعتمدها الإخباريون العرب (كالطبري وابن الأثير وغيرهم) ويعتمدها معظم مؤرخو الغرب، انبرى يهودي روسي يسخر من زج الرؤيا اليهودية في تفسير التاريخ*10
إن التسليم بأن نشأة الحضارة، قد تمت بعيداً عن منطقتنا العربية، يعمق الشعور بانعدام وزننا كعرب، لا سيما ونحن نعيش في عصر تردي أحوال الأمة العربية...
لم يكن الإغريق والرومان قد عرفوا شيئاً من فنون البناء والعمارة وتخطيط المدن، قبل المصريين والعراقيين، بل تأخروا عن تلك الحضارتين أكثر من ألفي عام...
وإن كان اليونانيون والرومان يزعمون بأنهم هم من أوجد الأبنية والمعالم الأثرية في الأردن، نقول لهم إن مدن الأردن وفلسطين قد سبقت مدن مصر والعراق، بأكثر من ألفي عام، فإن كانوا لا يتجرءون على نشر المزاعم عن العراقيين والمصريين، فليكفوا عن مباهاتهم الفارغة في تأسيس آثارنا في الأردن...
فقد أورد (فيليب حتي) والدكتور أبو طالب أبحاثاً لعلماء آثار أجانب استخدموا الكربون المشع 14، وحللوا الحضارة النطوفية*11، فوجدوا أن أبنية أريحا وأسوارها التي يقارب ارتفاعها الستة أمتار تعود لفترة زمنية بين 7770و 9687 سنة، أعمدة أبنيتها متقنة وسقوفها مقببة وأرضيات مبانيها مرصوفة بالحجر الممهد*12
وإذا كان العالم يقر أن أريحا أقدم مدن العالم، فإن علماء الآثار يشهدون أن هناك منطقة شمال البتراء اسمها (البيضاء) تشابهت فنون البناء ومهاراته في أريحا معها في البيضاء وقدر عمر تلك المنطقة بين 4000 الى 8000 سنة*13
وإذا أردنا الابتعاد عن التفصيلات التي تبعث على الملل، وندخل على الدول والممالك التي كانت قبل ميلاد المسيح عليه السلام فسنختار عينة منها:
أولاً: مملكة مؤآب:
لعل أول إشارة تدلل على الممالك في الأردن، جاءت من نقوش الملك الأكادي (نيرام سن) سنة (2270ــ 2232 ق.م) بأنه أخضع غرب العراق ممالك عربية (Aribo)*14
ومؤآب يحدها من الغرب البحر الميت، ومن الشمال المملكة العمونية ومن الجنوب المملكة الأدومية، وعاصمتها كانت أحيانا (الكرك) وأحياناً (ذيبان) ومن أهم مدنها الباقية: الكرك ومادبا وأم العمد وماعين ....
كانوا على خصومة شديدة مع الممالك اليهودية، والذي يذكره (سفر القضاة) بأنهم كان لهم جيش كبير ينتزعون من اليهود كل ما يملكون..
كما كانوا على خصومة مع الآشوريين، إذ كانوا يتحالفون مع أكثر من 12 مملكة يقودها ملك دمشق (بنهدد)، لكن الآشوريون في النهاية كانوا يتغلبون على تلك الأحلاف، أكثر من مرة، وأن الآشوريين كانوا يُقابلوا بكراهية ممالك سوريا والأردن...
أنهى وجود تلك المملكة، نبوخذ نصر سنة 591ق.م لتحتل مكانها دولة الأنباط...
ثانياً: العمونيون
ظهر العمونيون في الأردن في منتصف القرن الثالث عشر قبل الميلاد، ورغم أنهم كانوا بدوا إلا أنهم سرعان ما أسسوا دولة قوية، امتدت حدودها من الموجب جنوباً الى سيل الزرقاء شمالاً، ومن الصحراء شرقاً حتى نهر الأردن غرباً، وكانت عاصمتهم (ربة عمون: فيلادلفيا: عمّان)، ومقر قصر الدولة كان في جبل القلعة...
ومن ملوكهم (حنون و شوبي ورحوبي) وكان آخر ملوك العمونيين (طوبيا العموني) وارتبط اسمه بآثار (عراق الأمير) وقصر العبد بوادي السير...
يصف الدكتور محمود أبو طالب بناء ديني عثر عليه في منطقة ماركا شرق عمان، بأنه مربع الشكل طول ضلعه 16م، وسماكة جدرانه متر ونصف، وتحيط به غرف صغيرة...
انتهت الدولة وزالت سنة 323 ق.م على يد جيوش الإسكندر المكدوني
ثالثاً: الإدوميون :
أقوام عربية ذات أصول بدوية، استوطنت جنوب الأردن منذ القرن العشرين قبل الميلاد في منطقة شمالها (حدود البحر الميت) ومملكة مؤاب وجنوبها خليج العقبة ،إلا أنهم أصبحوا أصحاب دولة مزدهرة في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، عاصمة دولتهم (بصيرة) ومن مدنهم (عصيون) و(عارد) و(أيلة : العقبة) و(سلع:البتراء)...
رابعاً: الأنباط
قبائل عروبية حطت قرب البتراء وانصهرت مع القبائل الإدومية حتى أضحت السيطرة لها على كل المكان... وقد أضافوا بعض الطرق الماكرة لإخفاء مياه الشرب، حتى يموت من يفكر بغزوهم من العطش... وأجروا بعض الإضافات المهمة على أبنية البتراء التي تتساوى في العمر مع مدينة الحجر الأثرية في السعودية ويعود بنائهما الى نبي الله صالح ...*15
برزت أهمية الأنباط في أربعمائة عام ثلاثمائة منها قبل الميلاد ومائة بعد الميلاد، حتى بسطوا نفوذهم من جنوب خليج العقبة حتى (بصرى الشام في سوريا)، وكانت (درعا) السورية مدينة لتصنيع الخمور... أما غزة فكانت مينائهم المفضل وكانت تحت حكمهم...
خامساً: الصفويون
في الجنوب الشرقي من مدينة دمشق، وعند مدخل الصحراء، في المكان الذي يطلق عليه (الصفا)، نجد نصوصاً محفورة فوق الصخور السوداء*16 ــ هكذا بدأ المستشرق الفرنسي (رينيه ديسو 1868ــ1958م)
كتاب يتحدث به عن (أم الجمال) وإن كان لا يذكر اسمها، لقد كانت مملكة مزدهرة بين عامي 1200ق.م و 320ق.م ... ومن مدنها الأثرية (دير الكهف) و (سما السرحان) و(الأزرق) وغيرها*16
خاتمة:
لينتبه القارئ أن جرش وكفر خل وكثربا وأم قيس وعمان وطبقة فحل وأم الجمال و سلسلة (حيان المشرف وحيان الرويبض والعليمات) وكل المدن الأردنية بنيت وأسست بسواعد أبنائها وليس بأيدي الأجانب.. وهؤلاء الآخرون فقط بدلوا أسمائها من ربة عمون الى فيلادلفيا ومن أم قيس الى جدارا ومن طبقة فحل الى (بيلا)، وقد يكونوا قد أضافوا بعض الإضافات، لكنهم لن يستطيعوا سرقة شرف تأسيسها
هوامش
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*1ــ قصة الحضارة/ ول وايريل ديورانت/ ترجمة محمد بدران لهذا الجزء من 40 جزء/عابدين القاهرة 1971/صفحة 301 وما بعدها .
*2ــ آثار الأردن/لانكستر هاردنج/ تعريب: سلامة موسى/ أخرجته مجلة رسالة المعلم (العددين 1 و 2 من السنة الثامنة 1965
*3ــ العرب قبل الإسلام/ جرجي زيدان/ مصر/ مطبعة الهلال 1922
*4ــ تاريخ الشعوب الإسلامية/ كارل بروكلمان/ ترجمة منير بعلبكي/ دار العلم للملايين 1973
*5ــ أرض جلعاد/ لورانس أوليفانت/ ترجمة د أحمد عويدي العبادي/دار مجدلاوي 2004
*6ــ آراء وأحاديث في التاريخ والاجتماع/ ساطع الحصري/ مركز دراسات الوحدة العربية ــ بيروت/ 1985 (نشر الكتاب أول مرة عام 1951 بطبعتين في نفس العام) ص 91 وما بعدها
*7ــ وقفة مع جرجي زيدان/ د. عبد الرحمن عشماوي/ مكتبة عبيكان/ الرياض 1993
*8ــ جرجي زيدان في الميزان/ شوقي أبو خليل/ دمشق دار الفكر 1981
*9ــ كارل بروكلمان في الميزان/شوقي أبو خليل/ دمشق/ دار الفكر1987
*10ــ تهويد التاريخ/ إيمانويل فليكوفسكي/ ترجمة رضا الطويل/ القاهرة (العروبة للدراسات والأبحاث ـــ تحت التأسيس) 2002
*11ــ الحضارة النطوفية نسبة الى وادي نطوف غرب البحر الميت، أول من استخدم هذا المصطلح الباحثة الإنجليزية كاتلين كينيون/ الموسوعة العربية المجلد20/ صفحة 715
*12ــ خمسة آلاف سنة من تاريخ الشرق الأدنى/ فيليب حتي/ المجلد الأول صفحة 38
*13ـــ الموسوعة الأردنية/ الجزء الأول: الأرض والإنسان/ د. عبد الله الطرزي وآخرون/دار الكرمل /الطبعة الأولى 1986 ص 171
*14 ــ المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام/ د جواد علي/ جامعة بغداد 1993 المجلد الأول صفحة 573
*15ــ مدائن صالح من مملكة الأنباط الى قبيلة الفقراء/د إبراهيم السايح/دار البستاني القاهرة 2000
*16ــ العرب في سوريا قبل الإسلام/رينيه ديسو/ ترجمة عبد الحميد الدواخلي/ القاهرة 1959، كما يمكن الرجوع الى كتاب مملكة قيدار للكاتبة السعودية هند بنت محمد التركي/ جامعة الأميرة نورة 2011
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى