سافر و سترى شعوباً غيرنا و ستعرف وجهاً آخر للحياة. ستصدق كم كذبنا حين قلنا أننا إستثناء. و ستتأكد أننا لسنا خير شعوب الأرض ولا أعرقهم و لا أطهرهم كما ندعي، وستكتشف أن بلادنا ليست خضراء مباركة كما تعلّمنا بل حمراء من دمائنا المسفوكة عبثاً.
ستعلم أننا فشلنا بأن نتعلم كيف نحيا مع بعضنا كبشر؛ لنصبح عبئاً ثقيلاً على أنفسنا و على الإنسانية. ستكتشف أننا لم نعد خير أمة أخرجت للناس. و سترى أنك وسط مجتمع يسبح في النفاق و الرياء و الكذب؛ مليئ بالتناقضات و الخرافات و الأساطير الخيالية. سترى أننا لا نملك الحقيقة المطلقة لأسرار الكون و الدنيا و الآخرة كما نظن و لسنا الوحيدون الذين نستحق الجنة إن كنا نستحقها. ستتأكد أن لا وقت و لا طاقة و لا رغبة و لا حاجة للغرب في التآمر على ديننا و مذاهبنا كما نتوهم لأننا نحن من نتآمر على بعضنا و ندمر أوطاننا بأيدينا؛ حيث مازلنا نعيش في القرن السابع خارج الزمن.
ستتأكد أننا لسنا في معركة مصيرية مع شياطين الكفار و الماسونية العالمية بل لا نحارب إلا طواحين الهواء أو لا نحارب إلا أنفسنا في أحسن الأحوال. سترى أننا أسأنا لديننا أكثر من أعدائه المفترضين و ستكتشف أن لا أحد من رجال الدين يمتلك تفويضاً أو مرسوم تعيين أو وكالة عامة من الله.
ستتبادل الأفكار بلا حدود مع رجل غريب في مطعم أو مقهى، و تتبادل الابتسامات مع إمرأة حسناء في الشارع دون أن ينظر أحد إلى عرقك أو لونك أو عقيدتك غير أنك إنسان فقط؛ تشعر بإنسانيتك لأول مرة كما لم تشعر بها من قبل طيلة عمرك.
ستتعلم إحترام غيرك لتنال إحترامه. وستخجل لأشياء كنت تقترفها كبديهيات في وطنك كرمي عقب السيجارة أو عبور الشارع من غير المكان المخصص.
سوف تشتاق كل لحظة للوطن و الأهل و الأصدقاء، و ستفتقد جلساتهم و ضحكاتهم و رائحة خبزهم و الكثير من التفاصيل. لكنك تخاف أن تعود يوماً، و إن عدت فلن تكون أكثر من زائرٍ عابر أو ميت في تابوت لا محالة، حيث سيصبح القبر في وطنك أقصى أمانيك منه.
* منقول *