-
هل غيرت"لغة الطاء"طبع اليهود؟
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه الكرام .. وبعد :
جاء في كتاب" ألف باء" :
( فمن الحروف حرفان تختص بهما لغة العرب دون الخلق وهما الحاء والطاء وحدهما وزعم آخرون أن الحاء في السريانية والعبرانية والحبشية كثير وأن الطاء وحدها مقصورة على العرب ومنها أحرف للعرب ولقليل من العجم وهي العين والصاد والضاد والقاف والطاء والثاء وما سواها فللخلق كلهم ): {كتاب"ألف باء" ليوسف بن محمد البِلوي المالقي – توفي 604هـ - }.
مع أنه عاد فذكر أن"الطاء"في بعض اللغات ..ولكنني فضلتُ "الطاء" على غيرها ... و كذلك فضلت عدم استعمال "العربية" ... لقربها من"العبرية"
الفكرة في أصلها "بكاء على أطلال لغتنا" ... أو هويتنا ... التي تتآكل .. يوما بعد آخر ..
والاقتباس كله من محاضرتين للدكتور أبو زيد المقرئ الإدريسي.
الاقتباس الأول من محاضرة" صناعة الحضارة".. فبعد سؤال : لماذا اختار المسلمون "الترجمة" – وهم ينقلون حضارة الفرس – ولم يختاروا تعلم لغة القوم؟
كان الجواب :
(لأن اللغة ليست محايدة ليست وعاء يحمل الفكر لأن اللغة ليست مرآة تعكس الفكر . اللغة هي جزء من الفكر . اللغة تأثر في الفكر. اللغة تصنع الفكر.اللغة تُبَنْيِنُ الفكر. اللغة ليست ناقلا محايدا(..) اللغة وجهة نظر للعالم ومن الزاوية التي تنظر منها تبلور العالم وتهيكله وترى فيه تراتبيات وعلاقات..
لو قرأت في العربية ما يسمى"حقل القرابة" وقرأته في اللغات الأوربية لو وجدت الأمر يختلف .. "حقل القرابة الأوربي"لا يميز بين القرابة من الأب والأم. كلاهما العلم والخال"أونكل" والعمة والخالة"تانت" لكن في اللغة العربية هناك تمييز لشقيق الأم عن شقيق الأب : العم والخال : لأنه يترتب عن هذا التمييز في اللغة العربية بناء تشريعي كامل ففي فرع الأم الحضانة وواجب النفقة وفرع الأب الإرث والنسب : عالم فقهي ينهار : الأنساب والمسؤوليات والنفقة والإرث كله ينهار إذا ترجمنا "تانت"وردينا العم والخال شيء واحد... هذه جزئية بسيطة في "علم الدلالة المعاصر" في حقل القرابة : وقد انبنى التشريع الإسلامي على اللغة العربية لأن القرآن عربي نزل بلغة العرب،وبالتالي العربية فكر ناطق داخل القرآن . اسألكم لماذا قال الله :
"وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا": هل القرآن عنصري يتكلم عن العرب : عربي هنا التفكير العربي لأن العربية روح .. وليس خاصا بالعربية : كل لغة لها خصوصية تطبع بها فكر القوم الذين يتكلمون بها (..) جوته الفيلسوف الألماني العظيم كان يقول : لولا اللغة الألمانية لما قامت الفلسفة الألمانية){ محاضرة "صناعة الحضارة / د.أبو زيد الإدريسي المقرئ}.
بعد هذا الكلام الذي يدمي القلب .. ننتقل إلى المحاضرة الثانية،وعنوانها "العولمة وعالمية الإسلام" .. وفيها حديث عن تقرير خطير مكون من 460 صفحة صادر بالغات الرسمية الثلاثة للاتحاد الأوربي الإنجليزية والفرنسية والألمانية .. والصادر رسميا عن الاتحاد الأوربي .. في بروكسل عن لجنة شؤون الثقافة والتعليم .. ثم قال بالحرف :
(هذا التقرير عنوانه" تدريس اللغات في الاتحادي الأوربي" بعد 460 صفحة وأكثر من 180 جدول معقد وتقارير وأرقام ووريقات .. خلصت إلى النتيجة الآتية :
"إن الأوربيين – هذا كلامهم عن أنفسهم لست أنا الذي أقول : التقرير يقول – إن الأوربيين يمضون إلى توحيد القوانين وتوحيد التجارة وتوحيد الجنسية وتوحيد الدستور وتوحيد الجواز وتوحيد العملة وتوحيد الجيش كل شيء ماضون إليه لكنهم ليسوا مستعدين لتوحيد اللغة : اللغة لأن اللغة ليست قابلة للتوحيد .. اللغة خصوصية .. اللغة هي معالم الوجه : الوجه إذا سوي بحجة التوحيد صار مقلاة بأذنين .. ليست فيه أعضاء ولا معالم ... الوجه هويتك .. لهذا – بالعكس – يقول التقرير الذي أشرفت عليه رئيسة لجنة التعليم والثقافة في الاتحاد الأوربي :"إننا ماضون في اتجاه مناقض لاتجاه الاتحاد الأوربي فيما يتعلق باللغات وتعزيز فرادة اللغات وتميزها ودعم اللغات الصغيرة واللهجات "لماذا؟ لأن كل لغة وراءها ذاكرة .. كل لغة وراءها بنك من المعلومات .. كل لغة وراءها رصيد .. كل لغة وراءها هوية .. كل لغة وراءها ثقافة .. فإذا ألغينا لغة فإننا قد محونا وأغلقنا وأبدنا جزء من تنوعنا الثقافي كأوربيين ولكن هؤلاء الغربيين الواعين بهذا يمارسون فعلا فرض "الفرنسة"في شمال أفريقيا وفعل"النجلزة"في الشرق الأوسط وبلاد الخليج العربي){ محاضرة "العولمة وعالمية الإسلام" / د.أبو زيد الإدريسي المقرئ}.
هكذا .. الأوربيون مستعدون لتوحيد كل شيء .. إلا اللغة .. لكل تلك الأسباب التي ذكرها الدكتور"الإدريسي".
بعد هذا النقل الطويل أعود للعنوان الذي وضعته على رأس هذه الأسطر ..
من يقرأ القرآن الكريم سيجده يتحدث عن"جبن"اليهود : معهم بنبين من أنبياء الله تعالى"موسى"و"هارون" – عليهما وعلى نبينا السلام – وطُلب منهم دخول"القرية"مجرد دخول .. وسينصرهم الله تعالى .. فأبوا وقالوا لنبيهم ..:
" (قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)": المائدة
من هؤلاء أنفسهم ... نجد"السموأل بن عادياء" المتوفى سنة 62 قبل الهجرة .. ونجد في شعر الرجل شجاعة .. ونخوة .. ووفاء .. ونفسا أخلاقيا يربأ بنفسه عن اللؤم ..
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه * فكل رداء يرتديه جميل
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها * فليس إلى حسن الثناء سبيل
ونجد هذا الأنف الشامخ ..
تعيرنا أنا قليل عديدنا * فقلت لها :إن الكرم قليل
وما قل من كانت بقاياه مثلنا * شباب تسامى للعلا وكهول
وما ضرنا أنا قليل وجارنا * عزيز وجار الأكثرين ذليل
هذه النخوة .. لافتة للنظر.
وبعد "السموأل" ...وبعد بعثت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبعد انتصار المسلمين في غزوة "بدر" .. نصح أحد"الأنصار" اليهود بالدخول في الإسلام .. فجاء رد"اليهودي" .. إنكم قابلتم – أي في بدر – قوما لا معرفة لهم بالحرب .. وأنهم – اليهود - أهل السلاح وأهل الحرب ... إلخ.
السؤال : هذا الشموخ .. والأنفة .. إلخ هل زرعت "اللغة العربية"ذلك في نفوس اليهود .. فغيرت دواخلهم ؟
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى