من أغلق بابه فهو آمن
بعد الطفرة التكنولوجية في الاتصالات و التي ادعت أنها حولت العالم إلى قرية كونية، كنت أسأل نفسي : و ماذا بعد؟
لا أدري لم كانت الصورة الأولى التي تتراءى أمامي عودتنا إلى حياة بلا اتصالات و بلا تكنولوجيا و حتى بلا كهرباء و في أحسن الأحوال ربما يكون الراديو طريقة الاتصال الوحيدة.
كنت أنتظر التتيجة بيقين ثابت بأنه لا بد سيكون ماتوقعت يوما حقيقة ماثلة . لكنني كنت دوما أقنع نفسي أنني لن أشهد هذا بنفسي و إنما سيشهدها أبنائي و ربما يترحمون علي و يتأكدون حينها أنني كنت أرى.
ما فاجئني أنني شهدت بنفسي يوما تتعطل فيه المطارات و تغلق الحدود و كنت أظن المطار هو المكان الوحيد الذي لا ينام و لا يتعب و لا يشيخ و لا يشعر رغم انه يشهد كل المشاعر الانسانية الرهيفة الاف المرات في اليوم الواحد. و هاهي المطارات صامتة ساكنة و هاهي الحدود مغلقة و معطلة كأنها قرى منسية في عمق غابة انتحار مترامية الأطراف أو كسهوب جليدية بعيدة لا يرغب أحد أن يزورها
دعابة الترابط المتين و الاتصال المستمر كانت كذبة متقنة خدعنا بها أنفسنا في عصر العولمة و التكنولوجيا. لسنا سوى أكوان منعزلة مهما حاولنا مد الجسور و ماالأيام الأخيرة سوى حجة دامغة على حجم خديعتنا ،نحن أكوان منفصلة و دخول أحدنا في كون الآخر يعني تلاشي أحدهما. إذن تقتضي الحكمة أن من دخل بيته فهو آمن، من أغلق بابه فهو آمن !!