2- مـسـلـك التخـلـق :ومسلك التخلق هنا دائر حول كيفية التحقق بشخصية دعوية قرآنية ربانية، تتخلق بأخلاق القرآن، وتسلك في دعوتها إلى الله عبر مدارج الصبر الدعوي، وعبر مسلك الصلاة، على مدار الليل والنهار، وتعيش عمرها ودعوتها بأحوال الآخرة، رافعة في الناس راية القرآن، تلقيا وبلاغا. فتثبت على ذلك حتى تلقى الله. تلك هي الصورة النموذجية للداعية الرباني، التي مثَّلها رسول الله صلى الله عليه وسلم على مقام النبوة والرسالة، ومثَّلها الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- تأسيا بدعوته صلى الله عليه وسلم، على مقامات الصديقية، والشهادة على الناس.وتلك هي غايتنا في هذا الدرس القرآني العظيم وإنما لها مسلك عملي واحد رئيس، ألا وهو الدخول في مدرسة القرآن! وإخضاع النفس لمقارضها التربوية، تهذيبا وتشذيبا، وتَلَقِّي لَبِنَات التزكية لعمران الروح من كلمات الله، على ما بيناه في مدخل الكتاب وخلال مجالسه. ذلك مسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان خُلقه القرآن، وهو الطابع العام المميز لجيل القرآن الأول، جيل الصحابة الكرام، رضي الله عنهم أجمعين.
19
"بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ"
وكذلك أمر المكذبين بالحق دوما.. مريج….مضطرب ملتبس مختلط مختلف تلك كلها مرادفات ووجوه لهذا اللفظ القرآني الجامع الذي يلخص حال تلك الفئة من البشر"بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ"هم دوما في لبس واختلاط واضطراب واختلاف فما بين شك وإلحاد وجحود ولا دينية وعدمية ولاأدرية… إلى آخر تلك الأطروحات المتباينة بمختلف اصطلاحاتها المخترعة وتفاصيلها المتكلفة = يدور المكذبون بالحق الذين لا يتفقون إلا على ذلك التكذيب "كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُل"ومهما تنوعت فلسفات التكذيب ومبرراته فإنها تشترك كلها في تلك الكلمة الجامعة التي تصف حالهم بدقة كاملةكلمة مريج!!
20
🍁 (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب) حدوث التذكرة والتأثر بالقرآن يستلزم وجود قلب حي يتأثر بالموعظة القرآنية وتهز أركانه تلك المعاني المبهرة المبثوثة من خلال الوحي الكريم"إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْب"لكن هذا القلب السليم ليس متوفرا بشكل دائم..بل هو في الحقيقة من الندرة بمكان!! فما العمل إذاً إن لم يتوفر هذا النوع من القلوب؟!وهل على صاحب القلب القاسي - وما أبريء نفسي- أن يفقد الأمل في حدوث التغيير المنشود من خلال القرآن؟
الجواب = لاالله جل وعلى بيَّن طريقة بديلة؛ على من يفتقر للقلب السليم الحيّ وينشده = أن يسلكها.. إنها طريقة الاستماع والمشاهدة"أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ"تأمل قوله ألقى.. أن تلقي بجارحة سمعك على باب التدبر وأن تقطع كل العلائق السمعية الأخرى حين الاستماع للقرآن.. وأن تشحذ تلك الجارحة بكامل قوتها متشوقا لكل حرف قرآني تتلوه أو يُتلى عليك.. وأن تفعل ذلك جنبا مع انتباه كامل وإيقاظ للذهن الذي يقع على عاتقه الركن الثاني لتلك الطريقة.. المشاهدة!أن تنصت بأذنك للآيات بينما تغلق عين بصرك وتفتح عين بصيرتك لتشهد الأحداث والوقائع القرآنية كأنها رأي عينترى بعين الشهود مصارع الأمم ومهلك الظالمين الصادين عن سبيل الله وتشهد أحداث القيامة وأهوال النشور ومحطات الآخرة التي تتوالى على سمعك كأنك جزء منها فأنت تدرك أنك ستكون يوما بالفعل جزءا منها! تتأمل مواقف النبيين وبطولات المرسلين ومنازل الصالحين وكأنك كنت هنالك.. معهم تحزن لحزنهم وتتهلل أساريرك لفرحهم وتصدع معهم بكلمات الحق التى قذفوها فى وجه الباطلتبحر مع نوح وتتوكل مع هود وتحطم الأصنام مع إبراهيم وتصبر مع أيوب وتُسبِّح مع داوود وتصدع مع موسى وتثبت مع يوسف وتعبد ربك مع محمد حتى يأتيك اليقين تنتقل من مشهد إلى آخر ومن قصة إلى أخرى وتدور مع المعانى و الأمثال والمشاهد القرآنية حيث دارت تلك هي المشاهدة وذلك هو الاستماع وبهما أو بالقلب السليم = يحدث الانتفاع بآيات الذكر الحكيم .
21‬
🍁 ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34)
1- ( ادخُلوها بِسلام ذلكَ يومُ الخلود ) الجنة فيها خلود وبقاء وأمان وسلام وهناء وحب وفرح وعناق ، لا دمع فيها ولا فراق !! / عايض المطيري
2- « من خشي الرحمن (بالغيب) و جاء بـ(قلب منيب) »أسرار غيبك ، وقلبك المُنيب ،مفاتيح الدخول لجنة الرحمن .. /ابراهيم السويدي
3- ï´؟ ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود ï´¾ يُقال للمؤمنين : ادخلوا الجنة بالسلامة من الآفات والشرور، ذلك هو يوم الخلود بلا انقطاع اللهم اجعلنا منهم" / فوائد من القرآن
4- يارب أرِحنا من صخب هذه الدنيا بهذا الأمان :ï´؟ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ ï´¾ / جميلة
22
🍁 إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)
1- (أو ألقى السمع!) كأن سمعك شيء ألقيتَ به لهذا القرآن،، عندها تعرف القرآن،،/ وليد العاصمي
2- #قرأ_ الإمام سورة ق، وفي آخرها:ï´؟إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيدï´¾ انفتاح القلب، وإلقاء السمع، هذه من أعظم مفاتيح. / د:عمر المقبل.
3- اللهم ارزقنا هذه المنزلة: "فصاحب القلب-يقصد الوارد في (لمن كان له قلب) -يجمع بين قلبه وبين معاني القرآن فيجدها كأنها قد كتبت فيه"[ابن القيم]. / عمر المقبل
4- ‏( لمن كان له قلب ) القلب الحي الذي يعقل عن اللهأو ( ألقى السمع ) أي أصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له وهذا شرط التأثر بالكلام ./ إبراهيم الفيفي
5- يخاطب #القرآن ï´؟ مَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ ï´¾ تارة و ï´؟ أُولِي الأَلْبَاب ï´¾ تارة أخرى ؛ يريدك مرة أن تخشع ، ومرة أن تفكر ! / روائع القران
24
🍁 لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)
1- ( لهمْ ما يَشاءُونَ فيها ولَدْينَا مزيد ) كُل نعيم في الدنيا له نہَايه ، إلا نعِيم الجنّه ليسَ له نِہَايه ، اللہُم اجعَلنا من أهلہَا !! / عايض المطيري
23
🍁 نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)
1- حينما يظلمك أحدهم ثم يكيد بالكذب ، فلا تقلق واستحضر شهادة علام الغيوب : ( نحنُ أعلم بما يقولون ) / عايض المطيري
2- فذكر بالقرآن.......لو كان أحد يغني وعظه عنه لكان أفصح الناس عليه الصلاة والسلام، ولكن الله أمره أن يذكر به. /عبد الله بلقاسم
3- خشية الله والخوف من وعيده طريق لتدبر القرآن والإنتفاع منه يقول الله تعالى ( فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) #تدبر
25
🍁 خــاتـمـة :
إن ما اشتملت عليه سورة “ق” من حقائق الإيمان الكبرى، وأصوله العظمى، جعلها من أهم السور تعبيرا عن رسالة القرآن على الإجمال، ولذلك فقد ابتُدئت بقسم الرب عز وجل بالقرآن، ثم اختُتمت بالتذكير بالقرآن، منهاج دعوة ومنهاج دين وكأن في ذلك إشارة إلى أن مضمونها هو مدار كل قضايا القرآن ورسالته!وإن اشتمالها على قضايا توحيد الرب عز وجل في خالقيته، وفي جميع أسمائه وصفاته، وإسناد جميع مظاهر الوجود لإبداعه وصنعه، ودقة تقديره، وحكمة تدبيره، ودورانها على عقيدة البعث والنشور، والحشر والحساب، والثواب والعقاب، والجنة والنار، والترهيب من ذلك كله والترغيب بخطاب إلهي مباشر قوي مبين، ليجعل سورة “ق” هي سورة البيان الإسلامي العام، الذي تجب تلاوته على جموع المسلمين في كل المناسبات، تذكيرا بحقيقة هذا الدين، وبطبيعته الأخروية!ولذلك فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها على الناس في المجامع الكبار، كأيام الجُمَع والأعياد، كما هو ثابت في السنة،
.وفي ذلك دلالة على أن البيان الإسلامي الذي وجب على الداعية إذاعته في الناس، إنما هوـ كما ذكرنا ـ بيان أخروي، ونذارة قرآنية، لأن ذلك هو أساس كل مشروع إسلامي، وأصل كل تجديد ديني. ولا نجاح لدعوة لم تؤسس هذه العقيدة العظيمة في النفوس، ولم تضع لبناتها الأولى على أصل متين، ولم تغرس جذورها في عمق التربة النفسية والاجتماعية للأمة !ذلك، وإنما الموفق من وفقه الله.
26