بقايا الذهب....
د. ريمه الخاني
ولكن لماذا الذهب دون غيره؟...
هو للمرأة زينة، بل كنز ضد غوائل الزمن، وحماية مادية، يبقى جله للورثة دون استثمار مثلا...
هو للاقتصادي مال مجمد قابل للصرف...وللدول عامة، احتياطي عام، داعم ضد الهبوط النقدي بل نقد مخبأ...
من هو الذي جعله نقدا وقيمة ؟.وهل ألغاة فن المقايضة لعلة ما فيه؟.
هناك ماهو أكثر قيمة منه ، وهي الكلمة التي تذل وترفع وتخفض وتحتل وتكذب....هي الكلمة التي مازالت تحتاج ميزانا للفعالية، مازالت تحتاج تقييما حقيقيا لمدى قوة التأثير..
لماذا لانتقايض بالفكرة؟؟، ونقوم بخصم لبعضنا بتجديد أفكارنا؟، في الحقبة الحديثة، باتت الفكرة اكثر قيمة من كل شيء، وهي التي تجلب الذهب..بلمعانها وجدتهان وتفردها، وتجنيد المنفذين لها.
باختصار، إن جل الأعمال المهمة ، والتي لم يكتشفها بعد أباطرة الكلام والإبهار، طي الأدراج، أو الزوايا المهملة، لم تصل إليها المسابقات ولا المهرجانات، ولا المنافسات، اكتشافها أصعب من التعمق في مناجم الذهب..بل هي أثمن وأغلى، فيها تهوي، وفيها ترتفع.
عموما إن كنت لاتكتب ، إلا من قعر المجتمع المسحوق، و تستلقي على أسرة الرومانسيات العاريات الجميلات، أو ترهن قلمك لمن هو أكثر توغلا في الكراسي المرتفعة، فلست بكاتب البتة، بل منتفع، أنت تهذي عبر عالم غير حقيقي، هناك عالم الطموح والتحدي، الذي لم يكتشفه بعد أحد، كالعالم المظلم في الانترنيت، بل هي العالم االمنير الخفي،عالم الشريحة العظمى الوسطى الصبورة التي لاتريد أن يسمع صوتها أحد، وعليك ولوج عالمها السحري الجديد، تلك الطبقة التي لاتنتحر ولا تتوقف عن العمل، تلك الآلة التي تعمل جل يومها، تلك الطبقة التي لاتبحث عن مقابل لما تفعله تجدها مجسدة بكم بسيط من المقتربين من الصدق والمنطقية والإبداع غير المنظور، تلك الطبقة التي تكتب عن الأماكن التي سيخرج منها الضوء يوما ما، فيشع على العالم فيعمي العميان المزيفين، من نبحث عنهم الذين يبكون بصمت، و مازالوا يبحثون عن أنفسهم بقوة...
هؤلاء فقط، يستحقون التقدير...قلوب مضرجة بالأمل العنيد، يطبعون كتبهم بلا انتظار للتصفيق...لأنهم يعرفون من سيصفق لهم ويريدونه هو فقط.
جاءت مفاجأتي الغريبة، عندما صليت بمسجد رفيق الحريري ببيروت، من قريب عبر رحلة فتيات جمعية المقاصد الخيرية المدرسية، كتبي لديهم، قرؤوا معظمها، قريبة من ذهنهم وخيالاتهم...يتهامسون بصوت مسموع لفتني:
-هي نعم هي..
تحلقوا حولي..التقطوا الصور، تخاطفوا بعض نسخ من كتبي الجديدة...تركوني أبكي في طريق العودة...من هول المفاجأة، هذا لم أكن قد رتبت له، هنا يجب أن أفكر أكثر ولكن.. ماذا يعني هذا.؟
31-1-2019