مستويات ... وفوارق
بقلم: شامل سفر
أوقف سيارته بجانب محل بائع الفلافل في الشارع الضيّق .. ونزل متثاقلاً .. تفنن في الطلبات ... اثنتان بدون مخلل .. «ضع عليهما علامة» .. الثالثة ملح زيادة .. والباقي كالعادة .. وعشرين قرصاً (فرط) .. الأولاد في السيارة يحبون الـ (نأرشة) ..... وخلال دقيقتين، صار وراء سيارته طابورٌ طويل من المنتظرين .. وهو لا يلقي بالاً.
بعض الذين كانوا صابرين وراءه ينتظرون الفرج .. حاولوا المناورة بسياراتهم، على أمل أن يجدوا منفذاً ... لا فائدة .. سيارة أخينا تسدّ أكثر من نصف الشارع المشهور عنه أنه لا يحتمل .. أطلق واحد أو اثنان منهم أبواق سياراتهم بشكل مزعج .. فأشار بوجهه أن «اخرسوا» .
صاحب السيارة التي كانت وراءه تماماً .. غمز بأحد ضوئي سيارته بلطف، مع نقرةٍ خفيفةٍ جداً على البوق، وابتسامة ودّ، عندما التقت النواظر ... فأثار حفيظة الـ (بيك) ! ...... لم تزعجه كل محاولات الساخطين .. بل أزعجته الحركة اللطيفة الوحيدة في المشهد كله ... وكأنها ذكرته بأنه فجّ .. سوقي .. أرعن ..... فانتفض .. وغضب .. وأرعد .. ثم فتح باب السيارة بعنف .. أطفأ المحرك .. وصفق الباب .. وصرخ: «لن أتحرك من هنا» ....
اكتفى صاحبُ الغمزةِ اللطيفة بأن قال في سرّه: «رب اغفر لي ولأخي» .. رفع صوت راديو السيارة قليلاً .. تابع الاستماع، ريثما ينتهي إعداد وليمة الفلافل ... كان المتحدث الإذاعيُّ يقول: «وبما أن السرعة المدارية لكوكب الأرض تبلغ 30 ألف متر في الثانية الواحدة .. فإننا الآن ـ ونحن جالسين ـ نتحرك ...» .
لا شعورياً .. نظر صاحب الغمزة اللطيفة نحو الـ (بيك) ... وتمتم: «لن تتحرك .. لن تتحرك»