منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    فِقهُ بِناء الإنسان في القرآن

    🔮 فِقهُ بِناء الإنسان في القرآن


    🔰الَّلبِنة السابعة والأربعون




    { والتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ } ..


    يا لبساطةِ القسَم .. و يا لِقوّة مَرامِيه !
    تَبدو الكَلمات خَافتةٌ في أول التِّلاوة .. فإذا أَرْجَعْتَ العَقل مَرتين ؛ ينقلبُ إليكَ العقلُ مُحَلِّقاً في رُؤى زَخرَت بها مُفردات القَسَم المَهيب !
    فإذا الكَلمات ثَقيلة الظِّلال !


    في السورة ..
    صوتٌ دافئ ؛ ينقلكَ إلى مُروج التِّين والزَّيتون ..
    وضُوء قدُسيٍّ ؛ فوق {َ طُورِ سِنين } ..
    وكَثيب رملٍ ؛ عَشِقَ الوَحي في البَلد الأمَين !


    { والتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ }..
    رباعيةٌ ؛ توقِفك على ناصيةِ الرُؤيا ..
    فما هي أسرارُ هذا القسَم ، ومالذي يغشاكَ من مَعانيه ؟


    قسَمٌ .. يمتدُّ مِن الشَام إلى موطنِ شريعةِ إبراهيم عليه السلام ، وَيعْبُر بك إلى مِصر ، ثمّ مكَّة
    و التِّينِ !


    هُنا ..
    رائحةٌ تُصبح وحيَاً نشْتمه في ذكريات الأَنبياء !


    وقد قيلَ :
    أن {ّ التِّين } .. رمزٌ للجَبل الذي استقرَت عليه سفينةُ نوحٍ عليه السلام ؛ يومَ شاخَت البَشرية ، واحدَودَب وَعُيها ، حتَى استَحقَّت الطّوفان !


    والتِّين ..
    قيلَ أنَّه ؛ رمزٌ لجَبلٍ في دِمَشق !


    وقيلَ ..
    هو التِّين في خَمرية ألوانهِ التي اشتَدَّت حتَى السَواد ؛ مثل مؤمنٍ لمْ يَسلب الشَيطان مِن لونه ولا معناه شَيئاً !


    { وَالزَّيْتُونِ } ..
    مدىً ؛ يتّسع في جُذوره لكلّ الخَضرة التي انبثَقت من أُمنيات المُصلحين حتَى أضاءَت !


    يحتَضِر الزَيتون وينوحُ ؛ إذا ظلَّ خاوياً من صوتِ نَبيّ !
    ويَغدو طليقاً في تَدفُّقه ؛ إذا مسَّته نارُ شَهيد !


    الزَيتون ..
    ذاكرةٌ ؛ تهزمُ النِّسيان ، وفي عُمره سِجِلُّ الحَقيقة ..
    وفي كلّ جذرٍ ؛ عذاباتُ نَبيّ !


    { وَطُورِ سِينِينَ } ..
    حيثُ خلَع موسى _ عليه السَلام _ على أعتابه ؛ كلّ وِزرٍ يُثقِل العبد حتَى يتَساقط !


    { وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ } ..
    الذي انكسَر فيه العَطش ، وفارَت زمزمُ بمعنى النُور بعدَ شدّة الغسَق !


    تشهقُ الرّمضاء ؛ ومُحمّد ﷺ يكتُب التَضاريس الجَديدة ، ويغسل عنها أوزارها ، ويضَع عنها إصْرها وعُبودية الأَغلال !


    في السُورة ..
    يلتقطُ القسَم رموزاً ؛ تربِط لك عُرى الَمعاني .. حيثُ ترخي الكَلمات معانيها ، وتَمنحك لحظة جمالّ أُسطوريّة !


    فالرَّمل في { البلد الأَمين } ؛ يَقِظٌ لا غَفوَ بعد اليوم يُدْرِكُه !
    { والزَيتون } ؛ مَلكوتٌ مِن خُضرة الجَمال !


    ورائحةُ التّين ؛ تَعبقُ في الرُوح .. والأشواقُ ؛ تُسَبّح للهِ في طُورِ سيناء !


    رُباعيةٌ ..
    يَرتحلُ إليها الأُنس ، ويبدأُ بها قسَم ؛ يتنزّل في صَحراء مكّة !

    { التِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ } ..
    حيثُ نَسجت خَطوات الأنبياء خارطةَ سالَ الهُدى فيها .. خارطةٌ ؛ كان قدْ بلَّلها الَّليل طويلاً !


    تُصبح الخَرائط ؛ هي الحُدود الجديدة للرُوح .. حيثُ تمتدُّ مِن غلالِ الأَنبياء !


    من النّار المُتّقدة في طُور سيناء بِلا حَريق ..!


    مِن انتظارِ الفَرج في لحظةِ نُوح .. ومِن السَّكينة الباردة ؛ التي تَجري تحت سَفينة نُوح عليه السلام ..!


    ومِن رائحةِ التّين ؛ تُسافر عبرَ العُصور !


    هُنا ..
    تَرُفّ أجنحةُ الوَحي ..
    هنا لحظاتٌ لا تُكْتَب !


    يَسعى نهرٌ مِن النُّور ؛ بينَ العِراق والشَّام ، ومِصر ومكّة ..
    يَرتوي الوادي مِن زَمزم ؛ فلا يظمَأ ..!


    وتَغدو مكّة ؛ ثغرٌ يضْحك ..
    ويقولُ لك القَسم :
    تكونُ الأرض عَجفاء .. حتَى يمرّ عليها نَبيٌّ ؛ فتُصبح تيناً وزَيتوناً !


    { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } ..
    حتَى تَحسب بعدَ جواب القَسم ؛ أنّه لا انحناءةَ فيه ..
    وليسَ فيه نَشيجُ العَوَج !


    فكيفَ يَهوي هذا الإعتدال إلى أسْفلِ سَافِلين ؟!
    كيفَ يُخدعُ الإنسان عن ذاته ؟!
    كيف يُثخنُ بالجِراح ؛ حتَى يَعجز عن تخَطّي الظَلام ؟!


    { فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } ..
    حتَى تظن ؛ّ أن مفاتيح اليقَظة في يَديه ..
    وأن العُوج ؛ أوهَنُ مِن أن يَطرق عليه الأبواب !


    و يا للتَّقابل ..
    بينَ علوِّ طور سِنين ؛ وصُورة الإنسان في { أَسْفَلَ سَافِلِينَ } !


    وبين ثباتِ شَجرة الزَيتون ؛ وبين المَرء إذْ يهوي إلى { أَسْفَلَ سَافِلِينَ } !


    وبين رائحةِ التّين ؛ تَعبُق في المَدى .. وبين غيابهِ في { أَسْفَلَ سَافِلِينَ } !


    سؤالٌ ..
    يضج ُّ ويَلحقهُ سؤالٌ :
    كيفَ ألقَى الإنسانُ بِذرتَهُ في قاعِ بئرٍ مُعْتِم ؟!


    كيفَ .. والخارطةُ تتوهّج بوحيٍ عتيق ؛ وَهذا توقيعُ الأنبياء على خارطةِ الطَريق !


    كيف تذْرف خَرابك أيُها الإنسان ؟! كيفَ يحومُ الخَواء عليكَ ؛ مثل غُراب ؟!
    كيفَ تَنثني ؛ وتتعَجّل الإنحناء ؟!


    وكيفَ لا تمدّ جَذرك في الأرض ؛ مثل { الزَيتون } ؛ ولا تُشرق مثل { طُور سنين } !


    { إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } ..
    فلا انحِناء .. ولا انكسَار .. ولا ارتِداد .. ولا هاويةٌ إثرَ هاويةٍ في وَقْعِ خطَواتهم !


    هُم النَّاجون فقطْ من السُقوط .. تتَدلّى أعمالُهم { دانيةً عليهم } ؛ مَليئة بزيتونِ الأنبياء !


    { فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } ..
    يُفضي إليهم ؛ مثل { لؤلؤٍ مَكنون } !


    ( تهبّ رياحُ الجنّة على سَنابلهم ؛ فتظلُّ لَواقح ) !


    العيُون غارقةٌ في سَرمدية التَّسبيح .. وقدْ تجلّى لها اللهُ بالرُّؤيا !


    يُوغلون في القُرب ..
    ويُدركون مَعنى ؛ { فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } .. تلك عاقبةُ مَن تجذّر في نصوصِ الوَحي ، وما تلَوّن مثل { التّين } ومثل { الزَّيتون } !


    تلك عاقبةُ مَن تعَوّذ باللهِ مِن خَلَل في الخُطى ، وكانَت حَياته عُلوّاً مثل { طُور سنين } !


    تَختتم السُورة بقوله تعالى :{ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ } ..
    فلَا تَشُدّك المَرافئُ عن سَفر الإستقامة ..
    ولا تُثقِلكَ شَهوةٌ ؛ تَهبُط بكَ ذاتَ غَفلةٍ إلى { أسْفل سافِلين } !








    🔹د.كِفَاح أَبو هَنّوْد 🔹
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  2. #2

    رد: فِقهُ بِناء الإنسان في القرآن

    سبحان الله والحمد لله ولااله الا الله
    شكرا لك استاذة

المواضيع المتشابهه

  1. خبراء العالم ... يؤسسون لفهم مشترك بين القرآن وحقوق الإنسان
    بواسطة محمد حبش في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-16-2014, 06:58 AM
  2. تقتل الإنسان .. في الإنسان :أو العيش مع"القطيع"​مع الشعور بالحرية!!
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-21-2013, 10:20 AM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-16-2013, 01:38 PM
  4. نتعلم القرآن مِن مَنْ كان خلقه القرآن
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان السيرة النبوية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-11-2011, 06:51 PM
  5. موت الإنسان
    بواسطة فاطمه الصباغ في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-26-2006, 08:01 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •