بسم الله الرحمن الرحيم .
من أراد أن يقارن بين الحياة في الدول الغربية , والحياة في الدول العربية والإسلامية , فلا يبتعد نظره عما كتبه الأستاذ ( محمود المختار ) في الصفحة الماضية , وقد نقل إلينا ما يدور في عقول الأوربيين من هواجس أفقدتهم وعيهم , بحياة فوضوية ركيزتها المادة , مبتعدة عن الدين القويم , بالرغم من أنني توقفت فقط على عبارة كان نسجها خاطئ بمفهومي وهو عند قول فرناندو في الفقرة الخامسة صفحة 216 يقول (( الانحطاط هو الفقدان التام للاوعي , لأن اللاوعي هو دعامة الحياة ))
وربما كان مقصده هو (( الانحطاط هو الفقدان التام للوعي ــــ وليس اللاوعي )) لأن الوعي هو دعامة الحياة ))
ليس هذا هو تعليقي على بحث الأستاذ محمود , بل هو أهم من هذه العبارة المغلوطة , قد تكون عفواً , أو هفوة لا مقصودة .
لكن لو تتبعنا فكر الباحث ــ فايس ــ في كتابه ــ الطريق إلى مكة ــ ص 101 وما بعدها لوجدنا العجب في الوصف والمقارنه بين الحياة الأوربية والعربية , فهو لا ينكر تفكك المجتمع الأوربي , ولا ينكر إلحاده بالله , فهو يصف مجتمعه بإن إيمان المجتمع بالله لم يعد قائماً , فهي عبادة للمصانع والمتاجر ودور السينما ... وغيرها . وقد فقد المجتمع الاتفاق على معنى الخير والشر , حتى الكهنة , فمنهم الصرافين والمهندسين والسياسيين ونجوم السينما والإحصائيين وزعماء الصناعة والطيارين ومفوضي الشعب , وهذه هي الخيبة الروحية في المجتمع الأوربي .

ويصف الباحث ـ فايس ــ في كتابه اللاطمأنينة , حال أوربا بأسوأ الأحوال , فلا يوجد سند عقلي ولا سند روحي , وقامت الأجيال بأعمال الهدم , فأطاحت بأسس الإيمان المسيحي كافة , . وهو يؤمن بأنه لا يجب تفرقة الروح عن الجسد , ولا يمكن أن يكون الجسد عدواً للروح , بل على الإنسان أن يسعى كله بروحه وجسده مجاهداً في سبيل تحقيق ذاتيّ أعمق .

وعندما تناول فلسفة ــ العدمية ــ فاعتبرها فلسفة العبث , لأنها تتحدث عن العالم بلا منطق , وإن الذي حققته العدمية هو شيء غير إنساني , , لأن العدمية ما هي إلا خيبة أمل بسبب غياب الخير والشر .
وأعجبني ــ فايس ــ في كتابه الطريق إلى مكة بوصفه حالة العرب والمسلين , في معيشتهم , وأكلهم وشربهم وحياتهم الاجتماعية البسيطة , وأسهب في الوصف إلى أن قارن بين الكنيسة والمسجد , فاعتبر في المسجد وجود العقلانية , أما الكنيسة فهي جو من الصوفية . . وعن موقف الإسلام أفادنا ( الباحث بيجوفيتش ) يقول ( ولكن لكي نفهم موقف الإسلام فهما صحيحاً , لا بدّ أن ننظر إلى أفكار الطبيعة والثروة والسياسة والعلم والقوة والمعرفة والسعادة بطريقة مختلفة . عما يفهمه المجتمع الأوربي , صفحة 289 في كتابه الإسلام بين الشرق والغرب .

وتعليقي على ما مرّ باقتضاب العبارة فأقول :
إن أمة مثل الأمم الملحدة في أوروبا وغيرها , لن تصل إلى هدفها مهما بلغت قوتها المادية , ولا بد من أن يسود العدل والسلام على أيد مؤمنة بالله وحده , وبيدها كتاب الله , وباليد الأخرى سلاح المقاومة لمن يخالف حرية المجتمعات في أوطانهم ,
شكراً لك أخي محمود المختار , على ما قدمت من وجبة مفيدة وعلم غزير , لك التحية .

أخوك غالب الغول