منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1

    دور نساء دمشق بنشر العلم



    التعريف بكتاب يتحدث عن دور نساء دمشق بنشر العلم
    ----

    (أعلام النساء الدمشقيات)
    تأليف د. محمد مطيع الحافظ
    وكان من آخر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم الوصية بالمرأة؛ ((استوصوا بالنساء خيرًا))، وفي سُنته المطهرة القولية والفعلية الإرشاد والتوجيه بالوصية بالمرأة والاهتمام بها وتعليمها ورعاية بيتها وزوجها وأولادها، فسار الصحابة على هذا النهج النبوي، فكانت المرأة عزيزةَ الجانب، موفورة الكرامة، لها دورها المتميِّز في كثير من مجالات الحياة التي تخصُّها، وكانت المساواة الكاملة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق والواجبات، كل بما يخصُّه.
    ------------------------------------------------------------------------------------------------
    المرأة نصف المجتمع أو يزيد؛ فهي الأم والجدة والزوجة والبنت والأخت والقريبة.
    وهي المربية والحاضنة لأولادها، والمعلمة في مدرستها، والمرشدة في مجتمعها، وهي القابلة والممرضة والطبيبة، وهي مخرجة الرجال ومربية الأبطال والقادة والعلماء والعظماء.
    ----------------------------------------------------------------------------------------------
    و كانت المرأة الدمشقية على مدى القرون والأزمان، متميزة بحبها لأسرتها وأهلها، قائمة برعاية بيتِها، وعرفت بالطهارة والنظافة في نفسها وفي كل ما يحيط بها، وهي حريصة على أداء واجباتها نحو أهلِها وأرحامها، وكان لها أثرها الكبير وتأثيرها الواضح في المجتمع منذ القديم وحتى عصرِنا الحاضر.
    كما تتميز بأسلوبها الخاص المعروف في التعامل مع الآخرين،
    حريصة على رضا زوجها، ومتابعة شؤونه الداخلية، والمحافظة على نفسها طهرًا وعفافًا، والاقتصاد المعتدِل في الأمور المالية،
    وهي أيضًا تعمل جاهدةً على أن يكون أولادها ذوي أخلاق طيبة مُرضية، وسلوك اجتماعي رفيع، وهي حريصة على تعليم أولادها أمور الدين وأدب التعامل مع الآخرين ليكونوا من خير الأبناء في المجتمع،
    هذا السلوك من المرأة الدمشقية جعلها محترمةً فيما حولها، محبوبةً من زوجها، مطاعة من أولادها، مقدَّرة من إخوتها وأهلها.
    وإذا مات الزوج كانت الأم خير راعية لأولادها، تبذل حياتها وشبابها الناضر في تربية أيتامها عازفة عن الزواج غالبًا حِرصًا منها على أبنائها.
    ومنذ وصول الصحابة دمشق ومعهم زوجاتهم، كان لهؤلاء الزوجات الأثر الواضح في سلوك الناس داخل البيت وخارجه.
    فالصحابية أسماء بنت يزيد الأنصارية اشتركَت في معركة اليرموك، وقتلَت بعمود خبائها تسعةً من الروم، ثم سكنت دمشق وتُوفيَت فيها.
    وانتقلت الصحابية أم الدرداء الكبرى مع زوجها إلى دمشق، وكان لها أثرها في التوجيه كقدوة صالحة.
    وأما آمنة بنت الشريد زوجة الصحابي عمرو بن الحبق فكانت امرأة فصيحةً جريئةً، تقول الحق أمام معاوية وغيره ولا تَخشى لومة لائم.
    واشتهرت عمرة بنت الصحابي النعمان بن بشير بشِعرها، وكان لأم الدرداء الصغرى - التي روت علمًا جمًّا عن زوجها وغيره - منهج خاص في الزهد والعبادة والتوجيه.
    وكان لخالد بن الوليد في شجاعته وإقدامه وبطولاته تأثيره الكبير في ابنة أخته أم حكيم بنت الحارث المخزومية، وكان من شأنها أن خالد بن سعيد بن العاص خطبها ثم عقد عليها، فلما نزل المسلمون مرج الصفر (في ضواحي دمشق) لقتال الروم، أراد خالد أن يعرِّس بأم حكيم فجعلت تقول: لو أخَّرت الدخول حتى يفضَّ الله هذه الجموع (من الروم) فقال خالد: إن نفسي تُحدِّثني أني أُصاب في جموعهم، قالت: فدونَك، فأعرس بها عند القنطرة التي بالصفر المذكور، فبها سميت قنطرة أم حكيم، وأولَمَ عليها في صبح مدخله، فدعا أصحابه على طعام، فما فرغوا من الطعام حتى صفَّت الروم صفوفها، صفوفًا خلف صفوف، وبرز المقاتلون فاقتتلوا وكان من المبارزين خالد بن سعيد فقُتل، فشدت أم حكيم عليها ثيابها وعدت فقاتلَت وإن عليها لردع الخلوق (العطر) في وجهها، واشتركت في القتال بعمود فسطاطها الذي بات فيه خالد بن سعيد معرسًا بها.
    بعد جيل الصحابة تبعهم التابعون والتابعيات في هذا المنهج الرباني، فنقلوا عن الصحابة ما رووه من سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم.
    وكان أن نزل بعض الصحابة كبلال رضي الله عنه داريا، فكان لهم تأثيرهم في زوجاتهم، فكان منهن مُحدِّثات مثل هند الخولانية زوجة بلال، وكانت على هذا المنهج المبارك حكيمة الدمشقية، ورابعة الشامية المعروفتان بالزهد والورع، واستمرَّ كذلك عطاء النِّسوة في القرن الرابع والخامس الهجريين.
    وفي القرن السادس ازداد العلم وازداد عدد سكان دمشق ووارديها والمُهاجرين إليها، ونشأت شيخات عالِمات، وصوفيات زاهدات، ومسندات وراويات للحديث الشريف، وكان بعضهنَّ يَسكن الربط التي هي مخصصة للنساء الزاهدات؛ كرباط حمد في درب السلسلة بدمشق.
    وفي هذا القرن ظهر عدد من النسوة زوجات الملوك والسلاطين فكان منهن عابدات صالحات، وقام بعضهنَّ بعمارة المدارس والمساجد، مثل صفوة الملك، وزمرد خاتون، وعصمة الدين زوجة نور الدين ثم صلاح الدين، وعذراء الأيوبية.
    وفي هذه الفترة نشأت أسر علمية كبيرة كان من أفرادها بعض النسوة العالِمات والمحدِّثات؛ مثل: أمة العزيز شكر الإسفرائينية، وست العشيرة بنت ابن أبي الحديد، وفاطمة الغسانية، وتقية الأرمنازية، وأسماء القرشية وأختها آمنة القرشية بنتي خالة الحافظ ابن عساكر، وفاطمة البلسنية، وأخت الحافظ ابن عساكر وابنته وزوجته.
    وفي هذه الفترة أيضًا قدم المهاجرون المقادِسة ومعهم زوجاتهم وبناتهم الصالحات التقيات، وبعضهنَّ حافظات للقرآن المعلمات له، فسكنوا جبل قاسيون، وسُميت الصالِحية بهم لأنهم صالحون.
    وفي القرن السابع الهِجري استمر وامتد النشاط العلمي والاجتماعي بدمشق في كثير من جوانبه واتَّسع وازدهر وأثمر وآتى أكله؛ وذلك بوجود أُسر علمية كبيرة في عدد علمائها وعالماتها وامتداد الزمان عليهم، هذه الأسر منها الأسر الدمشقية، ومنها الوافدة من بلدان شتى، ومنها المهاجرة (المقادسة) فقد استمر ورودهم إلى الصالِحية لينضمُّوا إلى المهاجرين الأول، فقد وجد هؤلاء رعاية علمية وازدهارًا اقتصاديًّا وحياة اجتماعية رغيدة فيها التعاون البنَّاء والمثمر في سبيل الخير للجميع.
    في هذه الحياة الرغيدة من الطمأنينة السياسية وغيرها بعد فتح بيت المقدس تفرغ الحكام والأمراء لإنشاء المدارس والجوامع الكبيرة، ولم تقتصِر المدارس على العلوم الشرعية، وإنما إضافة لها المدارس الطبية ويتبعها البيمارستانات (المستشفيات) التي تضم أيضًا الصيدلة، وكانت بمثابة جامعة يتخرج بها الأطباء، وفي هذه المدارس التي تضم عددًا كبيرًا من الطلبة والشيوخ يتعلم الطلبة الفلك والرياضيات والهندسة وغيرها من العلوم.
    وليس غريبًا أن نجد - في هذا الجو العلمي والتربوي والسلوكي - نساءً متميزات لهن أثرهن الواضح وتأثيرهن في المجتمع من خلال حضورهن الحلقات العلمية الخاصة والعامة، فقد تلقى الكثيرات منهن القرآن، وبعضهنَّ حفظنَه وسمعن مجالس الحديث الشريف وروايته عن كبار الحفاظ والمحدِّثين والمُسندين.
    وكان لبعضهن جهود في هذا القرن بتشييد المدارس والربط والترب مثل: أم الملك المعظم، وست الشام (صاحبة المدرسة الشامية) وتركان زوجة الملك المظفَّر الأيوبي، وربيعة خاتون.
    ونجد أيضًا شيخات للربط التي تسكنها النساء الزاهدات المتعبدات مثل: أمة الكريم بنت ابن الحنبلي، ونسب خاتون.
    وأصبح عدد وافر من النساء من أصحاب الأسانيد العالية والتفرد عن الشيوخ مثل: خديجة بنت يوسف البغدادي (ت: 699هـ)، وزينب بنت مكي الحراني (ت: 688هـ) التي كانت أسند من بقي من النساء في الدنيا، روى عنها كبار الحفاظ والعلماء، وقد استمرت في العطاء ورواية الحديث الشريف نيفًا وستين سنة، وكريمة الزبيرية (ت: 641هـ) وكانت مسندة الشام.
    ولكي نُعطي الدليل الواضح على أن اشتراك المرأة في التلقي والعطاء كان من كافة طبقات المجتمع أننا نجد العبيد والإماء وأولادهم اشتركوا في هذا السلوك العلمي.
    مثل لؤلؤة بنت عبدالله (ت: 619هـ)، وست العرب الكندية (ت: 684هـ) التي تفردت بالرواية عن أبي اليمن الكندي صاحب أعلى سند في القراءات والحديث في عصره، هؤلاء النِّسوة المذكورات تميَّزْن بأمور أخرى غير العلم والرواية والفقه؛ فقد اشتهرن بالتقوى والعبادة وقيام الليل والذكر.
    وهنا لا بد لنا من وقفة عند جانب آخر له أهميته وهو مما يدعو إلى الفخر وهو أن الآباء والأمهات في القرون الماضية وخاصة في القرن السادس والسابع وما بعدهما كانوا حريصين على تعليم أولادهم القرآن وإسماعهم الحديث الشريف، وإحضار الصغار منذ الأشهر الأولى من أعمارهم، وكان من النساء من تَحمِل ابنها أو ابنتها وتجلس مجالس الحديث الشريف تبركًا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليكونوا في المستقبل نقَلةً للحديث، وهذا ما اصطُلح عليه عند علماء الحديث بأن الولد إذا استمع وأراد الرواية، فإن كان سماعه قبل الخامسة من عمره قيل: إنه سمع حضورًا، وإن كان في الخامسة وما بعدها قيل: سماعًا.
    هذا الأمر كانوا حريصين عليه تحقيقًا لبشارة النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((نضَّر الله امرأ سمع منا شيئًا فبلغه كما سمعه؛ فرب مبلَّغ أوعى من سامع)) وأمثلة ذلك كثيرة نجدها في هذا الكتاب منها:
    حضور الطفل إسماعيل بن عمر بن الحاجب وعمره ثمانية أشهر ومعه مُرضعته، وسماع أسرة كاملة: الأم والأب مع أولادهما ذكورًا وإناثًا وكانوا في نزهة بغوطة دمشق سنة 724هـ وعلى رأسهم الإمام عبدالله بن المحب المقدسي.
    وسماع الطفل عبدالرحمن السهروردي وهو في حجر أمه في اليوم الخامس من عمره سنة 742هـ.
    وسماع فاطمة البرزالية في الشهر الخامس من عمرها مع حاملها سنة 707هـ.
    وكان للهجوم المعروف بقازان سنة 699هـ وما كان من تخريب وحرائق وقتل وسْبي أثرُه الكبير على الحياة العلمية والاجتماعية، وكان مؤلمًا، وأصيبَت فيه نساء كثيرات فصبرْنَ واحتسبْنَ من قتل الأزواج والأولاد والآباء، إلا أن أهل دمشق قد تجاوَزوا هذا المحنة وعادت الأمور في القرن التالي إلى طبيعتها تدريجيًّا.
    ففي القرن الثامن عادت المرأة إلى الأخْذ والتلقي سواء كانت صغيرةً أم كبيرة، ولكن الملاحَظ والجميل: وجود العدد الوافر من الراويات والحافظات للقرآن والكاتبات في هذا القرن، مع وجود الأسانيد العالية والتفرُّد بالروايات.
    وكان الكثيرات منهن على درجة عالية من التقوى والعبادة وكثرة الحج والسلوك الصوفي، ففي ترجمة ست العلماء بلبل (ت: 712هـ) أنها لما توفيت كانت جنازتها حافلةً بالنساء لما عرف عنها من الخصال العالية.
    واشتهر في هذا القرن الثامن كثيرات من الشيخات المُسنِدات الراويات للحديث الشريف ومنهن:
    • فاطمة بنت سليمان الأنصارية (ت: 708هـ): تفردت عن بعض شيوخها، فأكثر المحدِّثون والحفَّاظ الأخذ عنها.
    • ست الوزراء وزيرة بنت بن المنجي (ت: 716هـ): شيخة معمِّرة متفرِّدة بالرواية عن ابن الزبيدي، ولسندها العالي طُلبت إلى مصر سنة 715هـ لسماع صحيح البخاري عليها، طلبها نائب مصر أرغون، ومن مزاياها أنها بقيت تروي الحديث حتى يوم وفاتها وفاجأها الموت.
    • زينب بنت أحمد المقدسية (ت: 722هـ): صاحبة أسانيد عالية، وكانت من النساء العوابد.
    • ست الفقهاء بنت إبراهيم الواسطي (ت: 726هـ): شيخة معمِّرة مسندة من بيت تقوى وزهد ورواية.
    • فاطمة بنت البرزالي (ت: 731هـ): أُحضرت لسماع الحديث وعمرها يومئذ ثلاثة أيام، وحفظت القرآن الكريم، وكتبت ونسخت صحيح البخاري ووقفته وحققته، وكتبت ربعة شريفةً، وكتبًا في الفقه، وكان لها من الشيوخ مائة وخمس وثمانون نفسًا، وعاشت 24 سنة.
    • أسماء بنت محمد بن صصرى (ت: 733هـ): كانت من خيار نساء دمشق في زمانها.
    • زينب بنت يحيى بن العز بن عبدالسلام السلمية (ت: 735هـ): معمِّرة صاحبة أسانيد عالية، دخل عليها الطلبة يوم موتها وسمعوا عليها وانصرفوا وتوفيت بعد الميعاد، وكانوا قد قرؤوا عليها عدة أجزاء حديثية وهي مريضة فماتت عقيب ذلك.
    • زينب بنت الكمال أحمد المقدسية (ت: 740هـ): اعتنى بها أهلها فأُحضرت لسماع كتب الحديث منذ صغرها ولها سنتان من عمرها، وروت عن واحد وثلاثين شيخًا وشيخة، وروت الكثير، وتزاحم عليها الطلبة لعلوِّ إسنادها، وقرؤوا عليها الكتب الكبار والأجزاء، وربما سمعوا عليها أكثر النهار، ونزل الناس بموتها درجة برواية الحديث في شيء كثير من الحديث بقدر حمل بعير.
    • عائشة بنت إبراهيم بن صديق زوجة الحافظ المزي (ت: 741هـ): كانت عديمة النظير في نساء زمانها لكثرة عبادتها وتلاوتها وإقرائها القرآن العظيم بفصاحة وبلاغة وأداء صحيح يَعجز كثير من الرجال عن تجويده، وختمَت نساء كثيرات وقرأ عليها من النساء خلق، وانتفعن بها وبصلاحها ودينها وزهدها في الدنيا وتقلُّلها منها مع طول العمر، بلغت ثمانين سنة.
    • زينب بنت الحافظ المزي زوجة الحافظ ابن كثير (ت: 749هـ): حافظة للقرآن مسندة سمعت الكثير من أبيها وروته.
    • زينب بنت إسماعيل الخباز (ت: 749هـ): مسندة الشام، أسمعها أبوها شيئًا كثيرًا.
    • فخرية بنت عثمان البصروية (ت: 753هـ): زاهدة عصرها رفضت الدنيا وانزوت بالحرم القدسي الشريف أربعين سنة، وكان لها كرامات، دعت الله أن تُدفن إلى جانب قبر السيدة خديجة فاستجاب الله دعاءها.
    • ست العرب حفيدة الفخر ابن البخاري (ت: 767هـ): مُسنِدة مُكثرة، عالية السند، معمرة.
    • غازية بنت عبدالرحيم بن جماعة: مُسنِدة صالحة، تُحسن الكتابة.
    • زينب بنت محمد السكري (ت: 799هـ): كان لها حلقة تدريس.
    وقد أوردتُ آخر هذا التعريف نماذج سماعات لأطفال وبنات صغيرات أصبحن من الراويات الكبيرات.
    وفي أوائل القرن التاسع كان الهجوم التتري الكبير على دمشق وعلى رأسه تيمورلنك (سنة: 803هـ): الذي دمر كل شيء، وقتل الشيوخ والشبان والأطفال وسجن النساء ونقل الكثير من الرجال والنساء والأطفال إلى بلاده، ومات الكثيرون بردًا وعريًا وجوعًا وتشريدًا، وخرب المدارس والجوامع ونهب كل ما يستطيع نهبه وحمله فدمر كل شيء بدمشق بعد أن كانت دمشق أجمل المدن.
    وبعد هذه الكائنة العظمى كما يسميها المؤرخون ورحيل تيمورلنك ضاعت أوقاف المساجد والمدارس وكل ما هو مفيد، وحل الفقر والمرض وتبع ذلك قلة العلم والعلماء من الرجال والنساء، ولكن بقيت بقية قليلة تابعت ما استطاعت متابعته من السلوك العلمي والاجتماعي.
    أما عن دور المرأة في هذا القرن أي التاسع فلم يكن كالقرنين الماضيين ولا يقاربهما بل نجد قلة من النسوة العالمات والشيخات الراويات للحديث، وكن من المعمرات. من هؤلاء النسوة:
    صفية بنت أبي العز (ت: 801هـ): فقيهة، حنفية، مدرِّسة.
    فاطمة بنت بن عبدالهادي (ت: 803هـ): مُسندة عالية السند.
    عائشة بنت بن عبدالهادي (ت: 816هـ): أشهر نساء عصرها روايةً، فكانت مُسنِدة الدنيا، وهذا ما جعل الحافظ ابن حجر يقصد دمشق وصالحيتها ويتلقى عن هؤلاء الشيخات ويقرأ ويسمع الكثير، وقال عن عائشة المذكورة: نزَل الناس بموتها درجة في جميع الآفاق، وقال أيضًا: وهي آخر من حدَّث بصحيح البخاري عاليًا وسماعًا، ومن الاتفاق العجيب أن ست الوزراء بنت عمر بن المنجي التنوخية كانت آخر من حدث من النساء عن ابن الزبيدي في الدنيا، وماتت سنة: 716هـ، وعائشة هذه ضاهتها في وفاتها سنة: 816هـ، وزادت عليها بأنه لم يبقَ من الرجال والنساء أيضًا من سمع على الحجار، رفيق ست الوزراء في الدنيا غيرها وبين وفاتيهما مئة سنة سواء.
    • وكان من آخرهن: فاطمة بنت خليل الحرستاني (ت: 874هـ): قرأ عليها الحافظ يوسف بن عبدالهادي الكثير من الكتب والأجزاء.
    وفي هذا القرن توجَّه عدد من الحفاظ الكبار إلى دمشق للتلقي عن أعلامها من الشيوخ والشيخات منهم: الحافظ ابن حجر سنة 802هـ، ثم الحافظ السخاوي سنة 859هـ.
    وفي القرن العاشر نجد تراجعًا كبيرًا في العطاء العِلمي عامة، وخاصة في علوم الحديث وروايته، وذلك عند الرجال والنساء سواء واستمر العطاء الفقهي لوجود القضاء والإفتاء والتدريس فيه، غير أننا نجد سيدةً جليلة كما قال النجم الغزي كانت أحد أفراد الدهر ونوادر الزمان فضلاً وعلمًا وأدبًا وشِعرًا وديانة وصيانة هي: عائشة الباعونية التي تُوفيت سنة 923هـ، وقد توصلتُ ولله الحمد إلى معرفة تاريخ وفاتها ومكان دفنِها بعد أن استمر الخطأ في ذلك مستمرًا منذ القرن العاشر حتى وقتنا الحاضر.
    وقد حاول الحافظ يوسف بن عبدالهادي أن يُتابع ما قام به أسلافه، فكان يجمع زوجته بلبل وأولاده ويقرأ عليهم مروياته.
    وتوقف تقريبًا عطاء المرأة الدمشقية حتى كان القرن الرابع عشر وفي بداياته ظهر الوعي وانتشر العلم وبدأت النهضة تأخذ طريقها عند الرجال والنساء، ونجد كثيرات ممن عملن في مجال العلم والأدب والشعر والجهاد والأعمال الإنسانية والنسائية خاصة مثل الأديبة زينب فواز (ت: 1332هـ)، والطبيبة سلمى القساطلي (ت: 1335هـ)، والمجاهِدة أسماء الخراط (ت: 1345هـ)، والمجاهدة الأميرة زينب الجزائري (ت: 1350هـ)، والمربية المُرشِدة صفية الخاني (ت: 1362هـ)، وابنتها خديجة عمرو الزهيري الخاني (ت: 1404هـ)، والمربية فاطمة الكردي (ت: 1381هـ)، والرائدة الاجتماعية نازك العابد (ت: 1379هـ)، والشاعرة ماري العجمي (ت: 1384هـ)، والمربية العارفة باهية بنت الشيخ بدر الدين الحسني (ت: 1387هـ)، والمربية الاجتماعية عادلة بيهم (ت: 1395هـ)، والشاعرة هيام النويلاتي (ت: 1398هـ).
    وكذلك مع بداية القرن الخامس عشر ظهر جيل من النساء كان لهن أثر واضح في مجالات كثيرة؛ أدبية، وطبية، وإنسانية، ودعوية مثل الحاجة وهيبة البقاعي (ت: 1415هـ)، والشيخة درية الخرفان (ت: 1416هـ)، والكاتبات منيرة المرعشلي 1407هـ، وفلك طرزي، ومقبولة الشلق (ت: 1408هـ)، وسلمى الحفار الكزبري (ت: 1427هـ)، وإلفة الإدلبي (ت: 1428هـ)، والمربيات حميدة القحف (ت: 1409هـ)، وسامية المدرس، وملاحة الخاني.
    وقامت في أواخر القرن الرابع عشر وما بعده نهضة نسائية رائدة إسلامية في حفظ القرآن والقراءات وتحفيظه وتعليمه والحديث الشريف وروايته والحصول على الإجازات بذلك من كبار شيوخ دمشق؛ كالشيخ أبي الحسن الكردي، والشيخ محمد سكر، والشيخ كريم راجح، والشيخ عبدالرزاق الحلبي، ومن هؤلاء الحافظات الجامعات للقراءات: دعد الحسيني (ت: 1430هـ)، وسناء الدقر (ت: 1424هـ).
    وإضافة لذلك فقد حفظ بعضهن صحيح البخاري وصحيح مسلم بأسانيدهما على الشيخ الدكتور نور الدين العتر.
    وكان أن شاركت بعض الأديبات في تحقيق التراث ونشره بشكل متميز مثل: سكينة الشهابي (ت: 1427هـ)، ووفاء تقي الدين، وروحية النحاس، ونشاط الغزاوي.
    وهكذا كان للمرأة دورها المتميز في مجالات الحياة عامة والعِلمية خاصة في دمشق وفي غيرها من المدن السورية.
    كل هذا نجده بشكل تفصيلي في هذا الكتاب، وفيه أيضًا بيان لمكانة المرأة الدمشقية وفضائلها وجهودها في العلم والجهاد والنواحي الإنسانية والاجتماعية والعلمية والأدبية والفكرية والتربوية منذ عهد الصحابة حتى عصرنا الحاضر.
    ويذكر المؤلف بكتابه القيم هذا---
    وتحقيقًا لجمع أكبر عدد مُمكن من التراجم رجعتُ إلى عشرات الكتب التي تُعنى بالتراجم خاصة وإلى المخطوطات، واستقرأت ما فيها استقراءً أقرب ما يكون إلى التمام، فتجمَّع عندي هذا الكم الكبير من التراجم، علمًا بأن ما أوردته من التراجم أضعاف ما قام به قبلي ممن ترجم للدمشقيات من خلال كتب التراجم المتخصِّصة بالنساء، ونهجتُ في صياغة الترجمة في ذكر الاسم والنسب وتاريخ الولادة والوفاة بالتأريخين الهجري والميلادي، وعرَّفتُ بأهم خصائص المترجمة وفضائلها، ثم ذكرت ترجمةً حياتها مدعومًا بالوثائق والسماعات من المخطوطات، وختمت ذلك بتاريخ الوفاة باليوم والشهر والسنة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، مع ذكر مكان الوفاة والدفن إن توافرت هذه الأمور أو بعضها، وأشرت في الهامش إلى أهم المصادر والمراجع.

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي








  2. #2


    قراءة في كتاب-=
    - مدارس أنشاتها نساء في العالم العربي والاسلامي-=-=
    ==دراسة نشرت في مجلة الموقف الأدبي الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق-----
    الكاتب: محمد عيد كمال الدين الخربوطلي.
    الناشر: دار بعل للطباعة والنشر والتوزيع في دمشق.
    الطبعة الأولى: 2007.
    عدد الصفحات: 222 صفحة من القطع الكبير.
    =====================================
    كتب الدراسة - فضيل حلمي عبد الله--------------------
    إن المرأة مثار عاطفة الرجل ومدار وجدانه، هي سر حياته وموته، هي مهاج غضبه ومعقد ألفته، هي مجتلى قريحته ومطلع قصيدته، هي موضع غنائه وسعادته، ومذهب شقاءه، هي مصدر إلهامه، ومشرق وحيه، هي نور الوجود في ناظريه، هي كل شيء بين يديه.
    فالمرأة لها نصيب وافر من الإبداع بوصفها راعية الأسرة، ومفكرة واقعية ومواجهة اجتماعية. وهي مكافحة في عدة مجالات. وقدمت للوطن والأمة الشيء الكثير. فهناك على سبيل المثال الخنساء وليلى الأخيلية ولميعة عباس عمارة ونازك الملائكة وفدوى طوقان، وهناك نساء قدمن الكثير مما يعد البناء الحقيقي للأمة، بألا وهو تقديمهن المدارس التي خرجت الكثير منها، وما أقدمه في هذا الكتاب ما هو إلاّ صورة واضحة مما قدمته النساء عبر تاريخنا، وهي صورة واقعية وحقيقية، وقد اجتازوا بذلك عن غيرهم وفاقت كثيراً من الرجال، ومن لمعلوم أن كثيراً من النساء قد برزت في السياسة، والعلوم الطبيعية أو الذرية وباقي العلوم والفنون. إلاّ أن المدارس تبقى هي الأصل لأنها هي التي خرجت العلماء.
    لقد انتهى الإسلام بالمرأة إلى أبعد مدى من الحياة، ونهج لها أوضح سنة من الفضائل، وألبسها أحسن لبوس من خلال الكمال، وكانت كذلك عندما فهم الإسلام الفهم الصحيح، لا عندما جعلوها في محيطه وللأولاد والخدمة فقط، حيث حرموها من العلم ولم يعطوها أدنى حقوقها التي أكرمها الله بها. لقد نسي هؤلاء أن المرأة داعمة للكون الذي لا يزال ناهضاً ما نهضت به، فإن هي العالم الأكبر، لذلك كان من سنن اليونان أيام سقراط وأفلاطون أيقف الرجل خاشعاً حاسر الرأس إذا مرت به حامل وذلك لعلملهن الروحي المقدس وهو الحمل، حيث تبني مخلوقاً جديداً يضم روحاً طاهرة نقية. وعندما كانت المرأة الرومانية تعبد الرجل وتعده إليها قهاراً من دون الله كانت المرأة العربية وقتها في الذروة والسنام من الحرية والمساواة، لها ما للرجل وعله ما عليه، كانت المرأة هي الجاهلية تجيد من يحتمي بحماها، كما فعلت ابنة عوف عندما يشرح قد ورثت عرش زوجها وأبيها وبقيت ملكة خمسة عشر عاماً، وكانت وافرة العقل ماضية العزم، كذلك زنوبيا ملكة تدمر التي كانت تجيد الكثير من اللغات والتي هددت بدولتها الصغيرة روما بقوتها.
    كانت المرأة العربية منبت فتيان العرب، ومعقد فخرهم، ومثار حميتهم، ومستقى أدبهم وملاذهم إن جذبهم الدهر، ومفزعهم إن أثقل عليهم الأمر، ومعولهم إن فدح الخطب، وعز المعين.
    لقد نهجت المرأة العربية كل مناهج القول، واستنت في جميع ضروبه فأسهبت حتى استرقت الأسماع وملكت أزمة القلوب، وأوجزت حتى كشفت عن الحكمة وفصل الخطاب.
    ولما أسفر نور الإسلام كان له تأثير كبير على أسلوب المرأة من الحياة الجديدة وقد كان للمرأة العربية في جاهليتها فضائلها المكسوبة، ومواهبها الموروثة، وحقوقها التي تم لها بعضها وسلب الجهل وسوء نظام الاجتماع بقيتها، فأما وقد رسخت أصول الإسلام وورفت ظلاله، وخفقت على الخافقين أعلامه ونعمت هي تحت ظله بوثوق الإيمان، وتقلبت بين أعطاف الملك، ونهلت من عين العلم وضربت بسهم في التشريع، وشرع لنا من الحقوق ما لم يشرع لأمة من الاسم في عصر من العصور، فقد أمعنت في سبيل الكمال طلقة العنان، حتى أضحت من بين يديها وأعجزت من خلفها، فلم تشبهها امرأة من نساء العالمين في خلال حياتها وسناء منزلتها. اقتربت في أفعالها الرجال بل بزتهم في ذلك، وعرف تاريخنا كثيراً من النساء السابقات في العلم، فقد تعلمن بعد ما حث الرسول الكريم حتى على طلب العلم، وقدمت الشهيدات في المعارك التي خاضها الإسلام لتثبيت دولته ورفع رايته وبث نور رسالته، وكانت كثيرات منهن يتقدمن الصفوف في المعارك ويؤيدن واجبهن، فهذه أمية بنت قيس الغفارية تقول: أتيت رسول الله في نسوة ن بني غفار فقلت يا رسول الله: قد أردنا أن نخرج معك إلى وجهك هذا – فنداوي الجرحى، ونعين المسلمين بما استطعنا، فقال على بركة الله. وكذلك فعلت أم سنان الأسلمية وكانت حمئة بنت جحش أخت زينب قد حضرت غزوة أحد، وكانت تروي الظماء وتأسو الجراح، أمام أم أيمن فكانت تسقي وتداوي الجرحى، وكذلك فعلت كعيبة بنت سعد الأسلمية حيث أقيم لها خيمة في المسجد داوت فيها المرضى وآست الجرحى، وممن داوتهم سعد بن معاذ، وكذلك غزت الربيع بنت معوذ مع المقاتلين وقامت بدورها على أكمل وجه.
    هكذا فهمت المرأة من الرعيل الأول للإسلام علماً وعملاً تضحية وإيثاراً مسؤولية وواجباً، ما شرع الإسلام للمرأة أن تكون رهينة البيت أو سجينته، بل ما خلقت لتكون خادمة أو جارية، فهمت المرأة دورها في البيت هي قيامها بأمره، وهي المسؤولية عنه ويعاونها الرجل في ذلك وتعاونه فيما سواه.
    فهمت من الإسلام أن لها الحرية في رأيها فهي حرة في زواجها وهي حرة في مجالس العلم والمحافل التي تنساها ولها نظر رأيها فيه.

    وإذا كانت المرأة المسلمة عماد البيت بحكم الإسلام فهي أيضاً دعامة الحياة العامة بحكم الإسلام، فهي لم تدع موطناً عظيماً ولا شهداً حافلاً ولا عملاً خالداً إلاّ وكانت فرات ظهره، وعماد أمره، فقد جلست إلى رسول الله متعلمة ومستفهمة ومحدثة، وناقشته في كثير من أمورها فإذا لم تقنع كانت تجادل وتحاور وتناظر، ولم تكتف بهذا فحسب، بل رافقت الجيوش آسية مداوية، وجالت بين يديه ومحاربة مقاتلة مستبسلة، وهاجرت بدينها إلى المدينة ومن قبل إلى الحبشة مع السابقين الأولين من المهاجرين.
    لقد كانت المرأة العربية في عهد جاليتها تقيم الرجل بذكاء لبة ومضاء نفسه وسناء حلقه، فلما عم الإسلام لم تقصر عن مداه في علم أو دين أو فضيلة، فمن أين للرجل أن يأنف من مجالستها ومساجلتها والاستماع إلى حديثها، وذلك شأنها معه، ومكانها منه.
    كانت المرأة تغشى المحافل، وتخوض الجحافل، وتخطب في الأندية وتمشي في الأسواق.
    لقد دعا الإسلام إلى خروج المرأة من دارها طلباً للعمل ودراسة للدين واشتراكاً في مناسك الحج وإسناداً في معاناة الجهاد، وصدعاً بما وقر في نفسها من حق أضيع وحرمة أبيحت، فكان لها دور كبير في بناء عظمة الإسلام. ويقول المؤرخ في الكتاب، فعائشة قامت وخطبت في المسلمين واستنفرتهم وقادتهم إلى المعركة، وكان للمرأة المسلمة مزاحمة في مجالس العلم والمحافل الأدبية ومشاهد الرأي وساحات العمل، وقد تسلم بعض منهن زعامات سياسية وقيادات في كثير من المواطن والمواقع.
    ألم تكن سكينة بنت الحسين بن علي تجلس إلى العلماء والأدباء والشعراء ولا تكاد تحتجب منهم، أين تلك المرأة التي ساعدت في ازدهار الحضارة الإسلامية من الذين يريدون وأدها وهي حية حيث يقولون: إنها كلها عورة حتى صوتها، ومن أين جاؤوا بهذه الأفكار؟ أمن مجالسة السابقات للرجال أم من مداهمتها للحروب والأسفار؟ أين هؤلاء من النسوة اللائي لهم دور كبير في نهضة الإسلامة وحضارته؟
    ليس بدعاء من المرأة التي وثب بها الإسلام إلى أبعد غاية من كمال النفس وسمو الحرية أن تكون العضد الأقوى والساعد الأشد في نشر آيته وبلوغ غايته.
    عرض الكاتب في مقدمته عن المدرسة التي هي بيت القصيد من خلال الدراسة، فبين أول من أقامها وتحدث عن صبغتها وتجهيزاتها ومعداتها ومرافقها. ثم تكلم عن مناهجها في التعليم وموضوعات درسها وأساليب التدريس وآدابه فيها، ثم بين درجات المعلمين التي استعملها العرب والمسلمون في كل مراحل تدريسهم، وتطرقت إلى موضوع الرحلة في طلب العلم التي اهتم بها الكثيرون من طلبة العلوم عند العرب والمسلمين، أما عدد المدارس فقد ذكر الكاتب أرقاماً قد مرّت لديه.
    ثم بين دور دمشق في بناء المدارس ونشرها خاصة في العهد الأيوبي، ثم شرع يذكر المدارس التي أنشأتها النساء، وبدأ بمدارس دمشق، والتي بلغت تسع عشرة مدرسة ما بين 526 – 660هـ/ 1132 – 1262م، وذكر اسم الشهرة لكل مدرسة ونشأتها وبين مكانها، وأسماء مدرسيها وذكر مدرستين أقيمتا في القرن العشرين وواحدة أقيمت من قبل امرأة سورية في ألمانيا.
    وتناول الكاتب عن المدارس في اليمن التي أقامتها النساء، خاصة في عهد الدولة الرسولية مع ذكر نبذة بسيطة عن اليمن قديماً وإسلاماً، ودور الرسوليين بالعلم واهتمامهم بإنشاء المدارس، حيث وجدت بعض النساء اللائي أقامت كل واحدة منهن عدة مدارس، وكيفية اعتناء المرأة بالعلم، وبلغت المدارس اليمنية التي تم إحصائها ثلاثاً وثلاثين مدرسة أنشأتها نساء اليمن.

    ثم ذكر بعض مدارس مصر التي أنشأتها النساء قديماً وحديثاً.
    ثم أتم الدراسة ببعض المدارس التي أنشئت في حلب وحماه مروراً بطرابلس والقدس، وذكر مدرسة سمرقند التي أنشأتها أوات تيمورلنك ثم مدارس مدينة بهوبال في الهند التي اهتمت بها ملكة بهوبال شاهجهان بيكم، وقد أفضى قليلاً في تعليم النساء، بين القبول والرفض، وذكر بعض أسماء النساء اللاتي عرفن في التاريخ عالمات وفقيهات ومحدثات وسياسيات وشاعرات وناقدات وأديبات، وأول من بنى المدارس من العرب والمسلمين.
    إن المسلمين قد عرفوا المدارس قبل نظام الملك الطوسي، وكان لهم عدة مدارس، ولكن أول من بنى مدرسة كبرى في بغداد وجعل التعليم فيها مجاناً، وفرض لتلامذتها الأوراق والمعاليم هو وزير ملك شاه السلطان السلجوقي في أواسط القرن الخامس للهجرة:
    1- وإن العباسيين أسسوا بيت الحكمة في عهد الرشيد والمأمون (170 – 218هـ).
    2- وأنشأ الفاطميون الأزهر (395 هـ وانتهى بناؤه 367 هـ).
    3- وبنى الفاطميون معهداً علمياً آخر لا يقل أهمية عن بيت الحكمة ببغداد، وسموه دار العلم (395هـ).
    لم يقتصر التعليم عند العرب والمسلمين على الجوامع والكتاب ودور المدارس، بل وجدت عندهم مؤسسات أخرى كان يتلقون فيه العلم إلى جانب الأغراض الأخرى التي أنشئت من أجلها، وهي الخانقاه والرباط والزاوية والبيمارستان، والمحضرة التي عرفت في بلاد شنقيط.
    والبيمارستان كلمة فارسية معناها المشفى، ومعناها الحياة، وأول من عمل السمارستان في الإسلام الوليد بن عبد الملك سنة 88هـ. ويقال إن الخليفة المقتدرس بالله العباسي هو أول من فرض على من يدين انتحال هذه الصنعة أن يؤدي امتحاناً حتى ينال إجازة التطبيب، ومن أشهر مدرسي الب (الرازي وأبو القاسم الزهراوي وابن سينا وابن النفيس وبنو زهر)، ونهى الكاتب خلاصته بالاستشهاد بالمستشرق (خان برشم) في أمر المدارس:
    "أن المدرسة ودار الحديث قامتها مقام المعاهد العلمية القديمة التي كانت تسمى بدور العلم، وكانت هذه المعاهد التي عظمت في عهد العباسيين والفاطميين تشبه الأكادمية، ذلك المعهد الذي درست فيه الدروس العلمية مثل الفلك والرياضيات والطب والفلسفة، وكلما درست فيه الدروس الشرعية، إذا اعتاض الأعاجم بالمدارس ودور الحديث عن بيوت الحكمة ودور العلم التي أنشأها العرب، مما يدل على أنهم اتخذوا خطة رجعية في إهمالهم المعاهد التي عملت العلوم الطبيعية مثل الطب والفلك والفلسفة، ومنحتم المدارس التي تعلم العلوم الشرعية واللغوية، فضلاً عن بث الدعوة السياسية المذهبية"، ولمانة العلمية نقول:
    إن هذه المدارس مع كل ما كانت تبتغيه وتقصده، إلاّ أنها خرجت الكثيرين من العلماء والفقهاء الذين تركوا أثراً طيباً مثل القزويني والشيرازي والفيروز أبادي صاحب التنبيه والغزالي، وكذلك سار الفاطميون كما سار العباسيون، فبنوا مدرسة دار العلم وكان لها الأسباب والمبدرات والغايات نفسها، وإن درس فيها الطب والرياضيات والمنطق وغير ذلك
    واستطاع محمد عيد الخربوطلي من خلال هذا الكتاب أن ينفض الغبار عن بعض صفحات من تاريخ المرأة العربية والمسلمة ليبين للأجيال اللاحقة حقيقة ما قدمته الأجيال السابقة
    تلك المدارس التي كانت جامعات ---خرجت العلماء، وبين جدرانها نبغ الفقهاء المحدثون والأطباء وكذلك، المحدثات الفقيهات المربيات.
    ذكر الكاتب المصادر والمراجع التي اعتمد عليها.

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي








  3. #3
    ما من شيئ أعز المرأة وصان حقها و حفظها ..كالإسلام .
    إضاءات رائعة ..بارك الله بك أستاذنا الكريم
    احترامي .

المواضيع المتشابهه

  1. دقق قبل أن تنشر!
    بواسطة ذيبان في المنتدى حكايا وعبر
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-02-2017, 08:57 AM
  2. هام جدا لا تنشر ابدا
    بواسطة ابو برزان القيسي في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-17-2014, 04:14 AM
  3. عن مجزرة دير ياسين.. الحقيقة لم تنشر بعد..!
    بواسطة أسامه الحموي في المنتدى آراء ومواقف
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-08-2010, 03:57 PM
  4. فوز نساء فلسطين على نساء الكويت
    بواسطة فراس الحكيم في المنتدى فرسان الرياضة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-27-2010, 03:44 AM
  5. أحاديث ضعيفة تنشر في رمضان
    بواسطة كرم المصرى في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-26-2007, 09:37 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •