هل سينتقم الجمل من بعض غزة؟
د. فايز أبو شمالة
هل سمعتم بقصة الجمل الذي انتقم من صاحبه، وأكل رأسه، وداسه تحت خفيه؟ هذه القصة حدثت في مواصي خان يونس قبل عدة أعوام، حين وصلت سيارة الأسعاف، فوجدت رجلاً ممداً على الأرض بلا ملامح، بعد أن نهش الجمل نصف وجهه ورأسه، وداسه تحت خفيه، وبرك عليه بصدره الثقيل حتى فارق الحياة.
فما قصة صاحب الجمل، ولماذا انتقم الجمل؟
يقول بعض الناس في خان يونس: إن الشاب خضر العلمي المصاب بالشلل الرباعي، والقعيد عن الحركة، كان في مهمة قتالية تهدف إلى محاربة الانفلات، وبسط الأمن في مواصي خان يونس، وقد أصابته الرصاصة في عنقه أثناء الاشتباك مع المجموعة، التي تفرق شملها بين قتيل وجريح وسجين.
المفاجأة كانت أن أحد أفراد تلك المجموعة هو الرجل نفسه الذي انتقم منه الجمل، ونقلته سيارة الإسعاف بعد سنوات جثة هامدة.
خضر العلمي الذي سافر للعلاج إلى أكثر من بلد، لما يزل يعاني وضعه الصحي، ويعيش مع أفراد أسرته في مخيم خان يونس في غرفتي قرميد، لا يرى الشمس إلا قليلاً لصعوبة نقله بالعربة، ولا يجد فسحة للتنفس صيفاً أو شتاءً، البيت الذي يسكنه خضر العملي مكتومٌ، ولا يصلح للسكن، باعتراف كل من زار البيت من مؤسسات ومنظمات إنسانية.
خضر العلمي توجه للمسئولين في قطاع غزة، فتفهموا وضعه، وقدروا حالته، وقررا أن يعطوه شقة في أبراج دير البلح، ووافق الرجل سعيداً، وذهب لتسلم الشقة، وكانت المفاجأة بأن الشقة مسكونة من عائلة دون أوراق رسمية، ولا قدرة للحكومة أن تخرج السكان من الشقة، ولا قدرة لخضر العلمي على إخراجهم.
بعد مراجعات، وشكاية، وتواصل مع المسئولين دون جدوى، يأس خضر العلمي، وقرر الاستعانة ببعض الأصدقاء الذين بنوا له بيتاً من غرفتي اسبست غرب حي الأمل في خان يونس، بجوار حي البراق الذي وزعته الحكومة السابقة على المواطنين.
فما الذي جرى؟
لقد قامت القيامة على غرفة نوم خضر العلمي؟ واستأسد المسئولون في سلطة الأراضي، وحشدت بلدية خان يونس معداتها لمهاجمة بيت خضر العلمي، واصطف رجال الشرطة عن اليمين وعن الشمال، وراقبت سيارات الإسعاف تطورات المعركة، وما ستسفر عنه الاشتباكات بين الإنسان القعيد خضر العلمي، وبين مؤسسات الوطن فلسطين.
لقد تم هدم غرفة نوم خضر العلمي، وانتهت مهمة الجهات المسئولة بنجاح.
يقول خضر العلمي: لا أحب أن يقال بأنني أستغل حالتي الإنسانية، أنا على استعداد لأن أدفع ثمن قطعة الأرض، أسوة بكل أولئك الذين تسلموا قطعة أرض قريباً من المكان، دون أن يقدموا التضحيات مثلي، اخصموا ثمنها من متأخرات راتبي لدى حكومة حماس.
يقول خضر العلمي: لا تتركوني في الشارع، أريد بيتاً صغيراً متواضعاً من غرفتين فقط، وأريد حفنة من الشمس الفلسطينية.
يقول الناس في خان يونس، الجمل الذي انتقم لخضر العملي، وانقض على الرجل الذي ربما كان السبب بإصابته بالشلل الرباعي قبل سنوات، هذا الجمل بمعناه المجازي قد ينتقم لخضر العلمي من كل أولئك الذين لم ينصفوه، ولم يستجيبوا لشكواه، وظلموه.