قصة كتاب
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------

«غادة الكاميليا»..

رائعة دوماس الخالدة--رواية-
--------------

يحفل الأدب بقصص الحب الرائعة، لكن واحدة لم تمس شغاف القلوب وتدمي العيون، مثل «غادة الكاميليا»، تلقفها القراء كما يتلقف التائه في الصحراء جرعة الماء. والسبب...؟ وهل هناك أسمى من نكران الذات في الحب!؟
لاقت هذه الرواية، التي نشرت سنة 1848، نجاحا كبيرا أغرى المنتجين بتحويلها إلى مسرحية. لكن مسارح باريس رفضتها لأن بعض المسؤولين وصفوها بالمسرحية المخزية. وبعد انقلاب نابليون الثالث، قبلها مسرح فودفيل في فبراير1852. ولمّا انتهى عرضها الأول، شهق المشاهدون بالبكاء وخرجوا يكفكفون الدموع.

راقبهم الكسندر دوماس الابن، متأثرا. وتذكر حبيبته ماري دو بليسي، غادة الكاميليا الحقيقية، وتساءل: هل يعرفون إنه حبيب كاميليا أرمان دوفال؟ وما جرى في باريس تكرر في كل عواصم العالم، سواء في المسارح أو دور السينما.
وفي الوطن العربي، تزاحم الناس لمشاهدتها في فيلم« ليلى». ولم يبق أحد منهم إلا وبكى. بعد سنة من عرضها، قدمها الموسيقار فيردي في أوبرا« لاترافيتا»، وغيّر اسم مارغريت إلى فيوليتا. وأكد نقاد كثيرون، أن العمل يجسد، فعليا، قيمة الأدب ودوره كحامل لرسالة أخلاقية، وصاحب دور إصلاحي اجتماعي مهم.
لقب وسبب-------------------------
باريس في منتصف القرن التاسع عشر: الحسناء مارغريت غوتييه، إحدى بنات الليل، وللنخبة، تحديدا، وحبيبة الذي يستطيع أن يمدها بأسباب الترف. لقبوها بغادة الكاميليا لأنها تتزين بوردة الكاميليا البيضاء في النهار وبالحمراء في الليل.
تتعرف على الشاب أرماند دوفال، وهو من البرجوازية الريفية، وتحبه ويحبها. يطلب الزواج منها، رغم ملاحظته أعراض المرض عليها، فتبتسم وتطلب منه أن لا يفكر في الموضوع ثانية. يحوم حولها بالحب، ويتوسل إليها أن تقلع عن نمط حياتها وتعيش معه في منزله في الريف، بعيدا عن صخب باريس ومصادر الإزعاج فيها. فتتعلق به أكثر وتوافق. لكن المعجبين بها في باريس، يلاحقونها ويزورها بعضهم في المنزل. فتواجههم مع أرماند، وتطلب منهم عدم زيارتها مرة ثانية.

بين الأب والابن-----------------------
تعيش مارغريت مع حبيبها بسعادة في ذلك المنزل الريفي المنعزل فترة قصيرة. إذ تسوء أعمال أرماند ويبدو قلقا ومغتما، فتقف إلى جانبه وتطرح الهم عنه وتساعده في إدارة أعماله. ومن دون علمه، يزورها والده ويعرض عليها مبلغا من المال، مقابل أن تدع ابنه وشأنه، فترفض.
وعندما يلمس أنها تحب ابنه، يرجوها أن تهجره حرصا على سمعته وعمله. ويناشدها أن تنقذ عائلته من العار وترحم ابنته البريئة، أخت أرماند الصغيرة، التي لطختها الفضيحة، وربما تضيّع عليها فرصة الزواج. تفكر مارغريت وترى أنه على حق.فتحزم أمرها وتترك رسالة الى أرماند وتغادر المنزل.
لا يصدق أرماند أنها تخلت عنه وتحب رجلا آخر. تدفعه الغيرة إلى الجنون ويضنيه أن تعيش مع غيره. يعود إلى باريس ويبحث عنها، فيجدها برفقة عشيق جديد. يثور غاضبا ويشتمها ثم يفتش عن عشيقة جديدة. وفي أحد الأيام، يقابلها في حديقة الاليزيه ومعها حسناء مثلها، فيغازل تلك الحسناء ويواعدها ويتمادى، في الوقت نفسه، في إزعاج مارغريت وإهانتها.
تتألم مارغريت كثيرا ويزيدها ألماً أن حبيبها يفعل ذلك بها. تزوره في منزله، وترجوه للمرة الأخيرة، أن يكفّ عن إهانتها، فيتشاجران وتتحرك العواطف ويتصافيان. لكن مارغريت سرعان ما تشعر بالذنب وتلوم نفسها. إنها تحبه لكنها لا تريد أن تدمره مع عائلته. تغادر المنزل وهو نائم.
يغضب أرماند بشدة عندما يستيقظ ولا يجدها. يخرج باحثا عنها ويجدها في حفلة اجتماعية راقصة، فيتقدم منها غير مكترث. ويعطيها ظرفا مملوءا بالمال ويقول لها: هذه أجرتك عن الخدمات التي قدمتها لي. ثم يذهب. تنهار مارغريت. أهانها في الصميم ووصفها علانية بالعاهرة الرخيصة. تسافر الى لندن طلبا للراحة والنسيان.
وهناك يباغتها مرض السل، فتعود الى باريس. يشتد مرضها ويذوب مالها ويتخلى عنها أصدقاؤها، فتقترض النقود من المرابين وتصارع المرض وحدها. يعلم والد أرماند بمرضها، فيزورها ويشفق عليها ويكتب رسالة الى ابنه المسافر يطلعه على الحقيقة. يصل أرماند بعد موتها، حين يعرضون أمتعتها للبيع في المزاد العلني. يعطونه مذكرتها. وبهذه الخاتمة تبدأ الرواية والمسرحية.
«ماتت قديسة»--------------------------
عندما طلبت مارغريت القس، لتعترف بخطاياها، قبل أن تسلم روحها، تردد.. وسار إلى منزلها مكرها. وبعد موتها، خرج من غرفتها مطرقا وقال: «عاشت هذه المرأة زانية وماتت قديسة». وبقوله يطرح الكسندر المغزى ويردنا الى المشكلة التي لاتزال المجتمعات، في كثير من دول العالم، تعاني منها، وهي مشكلة الآثم والتوبة.
وفي المجتمع الفرنسي في القرن التاسع عشر، الذي طغت عليه أخلاقيات الطبقة الارستقراطية، لا مكان للخاطئة، وإن استغفرت الله، وتابت. فهي تشكل خطرا على الأسرة البرجوازية ويجب دحرها.
اعتراف وواجب--------------------
عكس والده، ركب الكسندر الواقعية وآمن برسالة الأدب الأخلاقية. فعالج في كتاباته الانحراف وطالب بتحريك عجلة الاصلاح، ودعا الى حماية الزواج والعائلة. وفي عدة مسرحيات له، رفع صوت المرأة عاليا.
مكانة عالمية-------------------------
غدت غادة الكاميليا، مثلا يُستشهد به في الدراسات والمقالات التي تعالج القسوة على المرأة في بعض الظواهر الاجتماعية المعاصرة. كما أنها ألهمت الكتّاب في إبداعات جديدة.
ونذكر منها كتاب «سيدات الكاميليا» للمؤلفة ليندا كرواغ، الذي يدور حول أشهر الممثلات اللواتي قمن بدور مارغريت، مثل سارة برنار وغريتا غاربو. وكتاب «فيوليتا وأختها..غادة الكاميليا»، للناشر جون نيكولاس. وكتاب «ذنوب الكاميليا» للكاتبة سلمى أحمد. ولا تزال ماري دوبليسي، غادة الكامليا الحقيقية، التي تحولت الى أسطورة، تشغل النقاد والباحثين.
بطاقة-------------------------
الكسندر دوماس الابن (1824- 1895). كاتب وروائي فرنسي. هو الابن غير الشرعي للروائي الكسندر دوماس. اعترف به والده وحرص على تعليمه في أرقى المدارس، لكنه حرمه من أمه. تأثر دوماس بذلك وعبر عنه في مسرحية «الابن غير الشرعي». نشر رواية «غادة الكاميليا» بعد سنة من وفاة حبيبته ماري دوبليسي. كتب رواية ثانية« قضية كليمانسو» ثم تفرغ للمسرح.
قدمت السينما العربية عن العمل، ستة أفلام أشهرها:

في السينما الغربية
هناك ثمانية أفلام أميركية، عن العمل، إضافة إلى سبعة أفلام فرنسية وإيطالية،
أشهرها:
نجاح كبير حققته الرواية حال نشرها عام 1848 إذ أغرت المنتجين بتحويلها إلى مسرحية، بينما وصفها مسؤولون فرنسيون بـ«المخزية».
عرضها المسرح عام 1852 بعد انقلاب نابليون الثالث وخرج المشاهدون من العرض وهم يذرفون الدموع تأثراً.
الموسيقار فيردي قدمها بعد سنة على عرضها في أوبرا«لاترافيتا» وغيّر اسم مارغريت إلى فيوليتا.
أصبحت نموذجاً يستشهد به في الدراسات والمقالات التي تعالج القسوة على المرأة في بعض الظواهر الاجتماعية المعاصرة.
==================================
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي