الأخت الكريمة ريم اليافي. إن عبارتك السابقة (( وسيبقى هذا التخطيط الغربي يخترق شبابنا ويتغلغل فيه ... ))) ذكرتني هذه العبارة , بأن لا أتركها دون أن أوضح أمراً هاماً ينبغي على الأجيال أن تفهمه , بل ينبغي على أولياء الأمور فهمه , وهو :
إن ثقافتنا كما سبق الحديث عنها , مستوردة من خارج منازلنا , وبالضبط , مستوردة من الفكر ــ الصهيوعربي ــ إن صح هذا المصطلح الغريب والمؤسف , وعندما لفظنا كلمة ( صهيو .. ) يعني أننا أمام عدو شرس , له ثقافة عميقة, يحكم بها الدنيا , وثقافته يقودها أعمق المفكرين وأقدرهم على غسل العقول الضعيفة كالعقول العربية , فمهدوا لأنفسهم طريقاً ليحكموا العالم بأسره , عن طريق منظمات دولية جائرة تعمل كلها لخدمتهم , مثل ( صندوق النقد الدولي ) المنظمة العالمية للتجارة , اليونسكو العالمية , الناتو العالمي , مجلس الأمن الدولي , محكمة الجنايات الدولية , أمن السلام العالمي , وما أكثرها , وكلها مثل قطع الشطرنج تحركها يد واحدة , بينما الفريق العربي الثاني له 22 يداً وكل الأصابع غير متشابهة لتحريك القطع , فتاهوا وخسروا وتشتتوا بأفكارهم ثم انهزموا , ثم جاءت المصالح الكبرى لتهيمن عليهم , لأنهم وقـّعوا بروتوكولات الصلح معهم ومع كيانهم العسكري للحفاظ على سلامتهم وسلامة من يريدونه من أحلافهم , ووقعوا على دمار أنفسهم , منذ عقود في مصيدة المستعمر الصهيوني والاخطبوط الشرس الذي امتص الدماء العربية بترولياً ومالياً وأخلاقياً , فلم يبقوا لنا إلا الحسرات على ما فات من عمر لا يرتع فيها إلا أغنياؤنا ومن يوافقهم بالرأي , ومن هنا دبّ الفقر , وحلت المصائب في الشباب , ومعظمهم التحق بجيوش لا يعرفون من يحاربون بها , إلا فقط انتظارهم للراتب الشهري لينقذوا أولادهم وأهليهم من كابوس الفقر , فمن عاش منهم عاش فقيرا , ومن مات مات في تعاسة القبر ومصائبه إلى يوم يبعثون , فأصاب أمتنا الفقر والمرض والجهل , وكان الجهل وعدم التنظيم هو الغالب , وهو المصيبة الكبرى , وأما اليقظة وإن حصلت فلا فائدة منها بعد فوات الأوان , لأن الآباء الذين يقومون على تربية أولادهم قد شغلتهم الدنيا , وتهربوا من صعوبتها بشرب الخمر والفساد ومطاردة النساء , فكيف سيكون أولادهم .
هذا كله في كفة , والكفة الأخرى , هي ديننا الحنيف ومفاتيح الجنة والنار التي استلمها مفكرو المسلمين ومشايخهم ومن والاهم من الحكام , وما أكثر فتواهم , وما أغربها , وما أبعدها عن أصول الدين , وما أكثرها اختلافاً , فمنهم من يحرم الربا , ومنهم من يحلله , وقد أكثروا من قضايا الحيض والنفساء , والبث في أمور جانية لا فائدة منها , بل هي من قشور الدين , وتركوا أمور المسلمين الهامة هائمة في ضلالها وفساها , فكيف هؤلاء يصلحون الناس من حولهم وهم عاجزون عن إصلاح أنفسهم ؟ .
والجواب أنتظره ممن يريد الاستمتاع بتوليد الأفكار .
شكراً لك أخت ريم وبارك الله فيك , تحياتي .