( صالح لكلّ زمان ومكان ) إنما تنصرف عند أولي الألباب إلى الأصول والقواعد الكليّة التي جاء بها الكتاب والسنّة ، ويبقى باب الاجتهاد مفتوحاً لجهابذة كلّ عصر ليدور اجتهادهم في رحى تلك الأصول وظلال تلكم القواعد ، وتلك آية بيّنة على مرونة هذه الشريعة الغرّاء !
ولابن خلدون كلام جميل في هذا السياق حيث قال في تفسير قوله تعالى (ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظركيف تعملون)(يونس14) قال : ( كيفيّة إنزال تعاليم الوحي الإلهيّ على وقائع الاجتماع البشريّ ) فذا ميدان محكّ العقول وتفتّحها ، وتفاوت الفهوم وفطنتها وسعة مداركها !
أمّا من أنكر أنّ شرعة الإسلام بأصولها وقواعدها الكليّة صالحة لكلّ زمان ومكان فذلك هو الكفر بعينه ؛ لأنه بذا يكون قد تعالم على الله تعالى وظنّ في شرعة الله تعالى ظنّ السوء وأنها غير منزهّة عن النقص ، وغير مبرّأة من الحيف ، وأنها يعتريها النقص والبخس.. تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً
كيف وقد قال جلّ شأنه : ( وتمّت كلمة ربّك صدقاً وعدلا ) ( الأنعام 115) وقال :
{ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً.. }
[المائدة: 3]