اليوم وجلت أعواد المشانق من شموخ إنتصار جميل الالوسي

من أين أحب ان تعزف اوتار الأحزان كشواهق الجبال الشمّاء، نغمات بدايتها؟ سأختار طوعا نغما عميق الغصّة غريب القصّة من يوم 15/5/1983 وهو تاريخ رقمي يشبه تاريخ كل يوم.. أنتقيته..من عصف التاريخ وفجاعية أحداثه.. وإنه أنصرف بعدد السنين 31 عاما عن تاريخ سنتنا التي مرغمين نعيش.

ياه... لااعلم لغويا تجوز هنا إستخدامها في محراب البحث عن لوعة غياب الأحبة في رثاء فقير وزهق روح بشراسة طغيانية ترتدي لبوس الحزب الفاشي الذي لم يشبع من الدم العراقي الطهور.....واحد وثلاثون عاما مرت على الغياب الأبدي لإنتصار جميل عاكف الآلوسي وهي تصعد يوم 15/5/1983 منصة الإعدام ليعانق مذعورا خجولا وربما متألما.. حبل المشنقة رقبتها الرهيفة ويفقأ بريق وميض عينيها العصفوريتين ويرسل بسمتها الوضاءةمتوهما للنسيان ولايعلم إنها تعانق نجيمات الخلود وتجالس نسيمات المجد بعليائه.. اليوم ذكرى غيابك ياأنتصار واحد وثلاثون عاما جبالا من هموم التساؤل...أين ترقدين؟ أية تربة تحتضن جسد قلبك الكبير وبسمة شفاهك التي لاتغيب.... تحدثني شقيقتها... السيدة شروق الآلوسي ...((من حقي الإفتخار،وأن أرفع رأسي عاليا واحداقي تلامس شغاف السماء فهل للسماء(كقلبي شغاف)؟ إني من عائلة الشهيدة ذات ال22 ربيعا لم تتهنىء بربيع واحد إلا ربيع فكرها الوضاءّ الذي أستشهدت من إ جله وطواها الإلم والنسيان لولا إن اجراس رحيلها تدّق في مآقينا منذ 1980!لولا إن نسمة هبوب دخولها كل يوم لدارنا ندية طرية بهية السطوع.. لولا إن أشعارها الثورية لم يجف حبرها بعد لولا إن ملابسها وتنوراتها وإكسسواراتها مخفية عن عيون الامن حتى في دارنا! كان كابوس الاستدعاءات الفاشية لوالدي لوحده يقتل فينا حتى الرغبة في الحياة فقد لايعود وهو بقية الخيمة لاكلها ! آحالوا حياتنا جحيما لايُطاق ولاننا كعادة الشيوعيين فقراء الحال أعزّة النفوس وشاهقو الإباء،نسكن الإيجار رغم خدمة والدي 37 سنة لم ينل شبرا في وطن قدّم له القربان ابن عمه الشهيد هاشم شمسي الدين الآلوسي ثم إبنته !اضطررنا كل سنة لتغيير وجهة السكن وكنا كالبدو الرّحل تلاحقنا قسيمة المعلومات الحزبية وزوار الفجر.. في كل مقر لنجد ان لامٌستقرلنا الاالبحث عن رحيل قادم!
في يوم بلاملامح ولاصخب ولاضجيج ولاسكون ولاهسيس ..26/10/1980، بهدوء كم تحمل هذه الكلمة الشاعريةاطنانا من إستخدام الآلم،طرق بابنا زوار الفجر الفاشيين غرباء الوطن الذبيح فقد تعودت كل ابواب دورنا الايجار طرق قبضاتهم الجنوني وسياراتهم اللاندكروزر مطية تراثهم القمعي..،أبوابنا تقرفهم، تعرف سيماهم الكالحة وجنونية لاتهذيب قرعهم، خرج ابي ذاك الصباح عرفوّه وهو يعرف سيماء إجرامهم فشحوب مهمتهم نفس وجوههم يفك طلاسمهم والغازهم..أنت جميل؟ نعم نريد إبنتك إنتصار لتحقيق بسيط فقد رفضت ْ التعيين في منظمة الطاقة الذرية وهي خريجة قسم الفيزياء / كلية العلوم – جامعة بغداد(كان التوزيع للخريجين مركزيا والتخلّف عنه جريمة) كناّ داخل الدار نغلي ونراقب بوجل هذا الدجل؟ من هدفهم؟ اخواني ام ابي؟ ولكن بسمةصمت في مُحيّا إنتصار اللجيني كان بزوغ نصرهاتف إنها انا!دخل ابي ليخبرها الصاعقة التي نزلت عليها بردا وسلاما وكانت رعدا وبرقا علينا جميعا،فتحت خزنة ملابسها وارتدت(((((تنورة وبلوزة)))))) نزعت سلسلة ذهبية تطوق عُنقها البلوري إنتزعت خاتمها بعنف من يدها الرهيفة الانامل ،خلعت ساعتها قالت اعرف إني لن اعود!ودعتنا الغزالة إنتصارفقط بلفتة من عنقها للابد لاانساها{ودعونه وكالوا اسبوع ونِرّدْ لعيونكمْ! فاركونه وكالوا الدنيا غريبة بدونكم! وإحنه بين الراح والجاي إنتظار! يكضي وحشة الليل؟! وشيكضي النهار! ودعونه.... ودعونه..}
لم ولن لن لن نعلم إنه جرس الوداع الأخير إنه ناقوس الفراق السرمدي إنه الغياب الأبدي،ذهب أخي معهم لان أبي تعود سجونهم قالوا له ساعة- ساعتان وتعود روتين تحقيق... مرّ ليلنا كظيما لايعرف رحمة الإنتظار مرّت الساعات عاد اخي بلاقلب فقد تركه جنب اخته ولم تعد النسمة – الغزالة- الوادعة- جبل حب الحزب- دفق لاينضب...
كان صمت امي دموعا ومنامها حزنا وسكوتها كظما للغيظ سنوات وسنوات حتى جاءوا لنا بشهادة الوفاة إعدام شنقا حتى الموت المكان مستشفى الرشيد العسكري!وكإن إنتصار كانت قائدة إنقلاب عسكري برتبة فريق اول ركن ضد نظام الفاشست!فارقت امي الحياة وهي تظن إنتصارحية لابمبادئها فقط بل بجسدها وفارق أبي الحياة ولوعة كبرى تجيش بثناياه كيف يرى سقوط الطغاة فمات في 6/4/2003!كلاهما لم يعانقا إنتصار عناق الوداع ولم يقبلّا وجنتها الندية . مرت اول ليلة يلف بيتنا صمت رهيب لانعرف حتى للطعام موعدا يجمعنا كما تعودنا سنين جاء الصباح متثاقلا مرتدي حلكة الليل.. الكئيب! لابصيص أمل، تنفس الصباح لم تشرق إنتصارقالها ابي لن تعود حتى لو جثة هامدة إليناّ أعرف الفاشست جيدا! هل تستحق رقبة اللؤلؤ حبلا يؤادها من ذبح؟ كيف صعدت إنتصار للمشنقة؟إي كرامة وإباء؟ بماذا هتفت؟ ماذا تمنّت ؟ ماذا اهدت لنا؟ صبرها ؟ نضالها ؟ نسيانها؟ براءة البعض منها؟ جفاء رفاقها؟ توسدت إنتصار ياوطني ترابك ولكن أين ؟ من يخبرنا؟ هل في ضلوع الجاحدين الوطن حنانا ويقظة ضمير ؟ هل يملك الجلاد جرأة نسيان وجهها التفاحّي البشوش ؟ أو يكبت بسمتها اللدودة بإحتضان شفاهها؟كيف لاتبكي عليها حتى عين جلادها ؟كيف ننساها وخلايانا كلها إنتصار؟ كنا نبحث لإنتصار لاعن جثة ..بل عن خلود ومجد وسؤؤد وسمو ورفعة وخُيلاء وقد نلناها رسميا وساما وضاءا على صدور الاموات كلنا إخوانها فهي الوحيدة الباقية على قيد الحياة ونحن الموتى لانها كانت الأجرأ فحلّقت لسمو العلالي وبقينا في السفح نرى شهوقها! متى الجيه ياإنتصار؟ عكب ماطالت الغيبة !!! مته الجيه... ياحمام الرايح إلهم يمته اشوف احبابنا؟! وللسفر حدّ ونهاية وهذاحدّ إعتابنه، نجمة عاشرنه سماهم! وياما ساهرنه بهواهم!نبكه نصحه أببانه .........ودعونه!!!
اليوم وحده سيتألم الموت على ذكرى أن اعواد مشانق الفاشيين أزهقت قبل 31 عاما... براءة روح ملاك عطره سميناه... إنتصار جميل الآلوسي
))



عزيز الحافظ

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي