منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 28

الموضوع: قل ولا تقل

  1. #11
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #12
    قل ولا تقل / الحلقة الثانية والعشرون
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟

    قل: إجتمع رئيس الجمهورية وضيفه
    ولا تقل: إجتمع رئيس الجمهورية مع ضيفه
    كتب الحريري في درة الغواص في أوهام الخواص "ويقولون: اجتمع فلان مع فلان، فيوهمون فيه، والصواب أن يقال: اجتمع فلان وفلان لأن لفظة اجتمع على وزن افتعل، وهذا النوع من وجوه افتعل مثل اختصم واقتتل، وما كان أيضا على وزن تفاعل مثل تخاصم وتجادل يقتضي وقوع الفعل من أكثر من واحد، فمتى أسند الفعل منه إلى أحد الفاعلين لزم أن يعطف عليه الآخر بالواو لا غير وإنما اختصت الواو بالدخول في هذا الموطن لأن صيغة هذا الفعل تقتضي وقوع الفعل من اثنين فصاعدا، ومعنى الواو يدل على الاشتراك في الفعل أيضا، فلما تجانسا من هذا الوجه، وتناسب معناهما فيه، استعملت الواو خاصة في هذا الموضع، ولم يجز استعمال لفظة مع فيه، لأن معناها المصاحبة وخاصيتها أن تقع في المواطن التي يجوز أن يقع الفعل فيها من واحد، والمراد بذكرها الإبانة عن المصاحبة التي لو لم تذكر لما عرفت، وقد مثل النحويون في الفرق بينها وبين الواو، فقالوا: إذا قال القائل: جاء زيد وعمرو كان إخبارا عن اشتراكهما في المجيء على احتمال أن يكونا جاءا في وقت واحد، أو سبق أحدهما. فإن قال: جاء زيد مع عمرو كان إخبارا عن مجيئهما متصاحبين، وبطل تجويز الاحتمالين الآخرين، فذكر لفظة مع هاهنا أفاد إعلام المصاحبة، وقد استعملت حيث يجوز أن يقع الفعل فيه من واحد.
    فأما في الموطن الذي يقتضي أن يكون الفعل فيه لأكثر من واحد، فذكرها فيه خلف من القول، وضرب من اللغو ولذلك لم يجز أن يقال: اجتمع زيد مع عمرو، كما لم يجز أن يقال: اصطحب زيد وعمرو معا للاستغناء عن لفظة مع بما دلت عليه صيغة الفعل. ونظيره امتناعهم أن يقولوا: اختصم الرجلان كلاهما للاستغناء بلفظة اختصم التي تقتضي الاشتراك في الخصومة عن التوكيد لأن وضع كلا وكلتا، أن تؤكد المثنى في الموضع الذي يجوز فيه انفراد أحدهما بالفعل ليتحقق معنى المشاركة، وذلك في مثل قولك: جاء الرجلان كلاهما لجواز أن يقال: جاء الرجل، فأما فيما لا يكون فيه الفعل لواحد فتوكيد المثنى بهما لغو.
    ومثل ذلك أنهم لا يؤكدون بلفظة كل إلا ما يمكن فيه التبعيض، فلهذا أجازوا أن يقال: ذهب المال كله لكون المال مما يتبعض، ومنعوا أن يقال: ذهب زيد كله لأنه مما لا يتجزأ، وفي مع لغتان أفصحهما فتح العين منها، وقد نطق بإسكانها، كما قال جرير:
    فريشي منكم وهواي مَعْكُمْ ** وإن كانت زيارتكم لماما".

    قل: ذهبا معاً وجاءا معاً
    ولا تقل: ذهبا سوية ولا جاءا سوية
    وقل: ذهبوا معاً وجاؤوا معا
    ولا تقل: ذهبوا سوية ولا جاؤوا سوية
    وذلك لأن السوية تأتي على وجهين، أحدهما كونها مؤنث السويّ وهو الخالي من العيب والميل، والآخر كونها مصدر كالبلية والرزية والقضية والنقيصة، وهي بمعنى المساواة والإستواء والتساوي.
    قال الجوهري في الصحاح: "وقسم الشيء بينهما بالسوية" إنتهى. يعني بالمساواة بينهما في القسمة.
    وقال الزمخشري في أساس البلاغة: "وهما علة سوية من الأمر وسواء وفيه النّصفّة والسوية".
    وقال ابن فارس في كتابه المقاييس: "والسين والواو والياء، أصل يدل على استقامة واعتدال بين شيئين، يقال: هذا الأمر سواء".
    وورد في لسان العرب: "يقال: هما على سوية من الأمر أي على سواء أو إستواء".
    ومن الشواهد على السوية التي تمثل الواقع اللغوي للكلمة، وتظهر قيمتها الإستعمالية بعد قيمتها المعجمية قول أبي جعفر الإسكافي في نقض بعض كتب الجاحظ "كرهوا إعطاء علي (ع) وقسمه بالسوية" أي بالمساواة.
    وجاء في كتاب الأغاني قول ابراهمي الموصلي: "أو شيء أعطيته بالغناء أني كنت بالري أنادم أهلها بالسوية لا أرزؤهم شيئاً"، يعني منادمته أياهم بالمساواة بينهم، وعدم تفضيل بعضهم على بعض.
    وجاء في بعض أحاديث الزكاة "فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية: يعني العدل. قال مجد الدين بن الأثير في كتابه النهاية في غريب الحديث والأثر: "وفي قوله بالسوية دليل على أن الساعي على الزكاة إذا ظلم أحدهما فأخذ منه زيادة على فرضه فإنه لا يرجع بها على شريكه، وإنما يغرم له قيمة ما يخصه من الواجب عليه دون الزيادة". والظاهر أن قولهم: ذهبوا سوية هو من اللغة العامية فكثير من الناس يقولون "رحنا سوية وجينا سوية".
    أما قولنا "ذهبنا معاً وذهبوا معاً" فمعناه ذهبنا مصطحبين وذهبوا مصطحبين". قال الجوهري في الصحاح: "مع: كلمة تدل على المصاحبة والدليل على أنه اسم حركة آخره مع تحرك ما قبله وقد يسكن وينون، تقول: جاؤوا معاً" (م ج) إنتهى.
    ولعل سبب إستعمال لفظة "سوية" وشيوعها هو الإعلام المتغرب والذي عرضنا أكثر من مرة دوره في هدم اللغة، حيث يفكر الإعلامي بلغة أعجمية فيكتب بالحرف العربي ولكن بتفكير وترجمة خبر أعجمية. فكلمة "سوية" هي ترجمة للكلمة الإنكليزية "together" والتي تستعمل بشكل طبيعي في التعبير عن الصحبة في تلك اللغة بينما هي تعني شيئاً آخر في العربية كما بين العارفون بلغة العرب.

    قل: كل خائن سارق
    ولا تقل: كل سارق خائن
    وكتب إبن قتيبة في أدب الكاتب: "ومن ذلك: "الخائن، والسارق" لا يكاد الناس يفرُقُون بينهما، والخائن: الذي اؤتمن فأخذ فخان، قال النّمر بن تولبٍ:
    وإنَّ بَنِي رَبيعةَ بَعْدَ وَهْبٍ ... كَرَاعِي البيتِ يحفظهُ فَخَانَا
    والسارق: مَن سرق سراً بأي وجه كان. ويقال: كل خائن سارق، وليس كل سارق خائناً". إنتهى.
    وكتب إبن فارس في مقاييس اللغة في التمييز بين الإثنين ما يلي. ففي باب "سرق":
    " السين والراء والقاف أصلٌ يدلُّ على أخْذ شيء في خفاء وسِتر. يقال سَرَقَ يَسْرق سَرِقَةً." ... ومنه " استَرَقَ السَّمع، إذا تسمَّع مختفياً".
    أما في باب "خون" فقد كتب إبن فارس:
    " الخاء والواو والنون أصلٌ واحد، وهو التنقص. يقال خانَه يخُونه خَوْناً.
    وذلك نُقصانُ الوَفاء." ثم قال بعد ذلك..."وسمعت عليَّ بنَ إبراهيمَ القَطَّان يقول: سُئِل ثعلبٌ وأنا أسمَعُ، فقِيل يجُوز أنْ يُقال إن الخُوان يسمَّى خِوانا لأنّه يُتخوَّن ما عليه، أي يُنْتَقَص. فقال: ما يَبْعُد ذلك."

    قل: كل لئيم بخيل
    ولا تقل: كل بخيل لئيم
    كتب إبن قتيبة في أدب الكاتب: " ومن ذلك: " البخيل، واللئيم " يذهب الناس إلى أنهما سواء، وليس كذلك، إنما البخيل الشحيح الضَّنين، واللئيم: الذي جمع الشحَّ ومَهَانة النفس ودناءة الآباء، يقال: كل لئيم بخيل، وليس كل بخيل لئيماً." إنتهى.
    وكتب إبن فارس في المقاييس: " يقولون: إن اللَّئيم: الشَّحيح المَهينُ النَّفْس، الدَّنيُّ السِّنْخ. يقال: قد لَؤُم."
    أما البخيل فقد جاء في لسان العرب وصفه بانه غير الكريم في باب "بخل": "والبَخْل والبُخول: ضد الكرم، وقد بَخِلَ يَبْخَل بُخْلاً وبَخَلاً، فهو باخل: ذو بُخْل، والجمع بُخَّال، وبخيل والجميع بُخَلاء." وهكذا نرى أن من كان بخيلاً لا يقتضي أن يكون لئيماً.

    قل: قد جاء نَعِيُّ فلان
    ولا تقل: قد جاء نَعْيُ فلان
    قال إبن قتيبة يقال " جاء نَعِيّ فلانٌ " بالتشديد. وكتب إبن السكيت في إصلاح المنطق: "ويقال: قد جاء نَعِيُّ فلان، ويقال: فلان يَنْعَى على فُلَان ذنوبه، أي يظهرها، ويشهره بها، قال الأصمعي: وكانت العرب إذا مات منها ميت له قدر، ركب رجل فرساً، وجعل يسير في النَّاس، ويقول: نعاءِ فلاناً." إنتهى.
    وكتب إبن فارس في المقاييس في باب "نعي":
    " النون والعين والحرف المعتلّ: أصلٌ صحيح يدلُّ على إشاعةِ شيء. منه النَّعِيُّ: خبَرُ الموت، وكذا الآتي بخَبرِ المَوْت يقال له نَعِيٌّ أيضاً.ويقال: نَعَاءِ فلاناً، أي انْعَه. قال:
    نَعَاءِ جُذاماً غير موتٍ ولا قَتْلِ ولكنْ فراقاً للدَّعائمِ والأصلِ"
    إلا انه رغم ما أورده إبن قتيبة وأيده إبن فارس فإن الجوهري أجاز الإثنين فكتب في الصحاح في باب "نعا":
    "النَعْيُ: خبر الموت. يقال: نَعاهُ له نَعْياً ونُعْياناً.
    وكذلك النَعِيُّ، يقال: جاء نَعِيُّ فلانٍ." وفوق كل ذي علم عليم!

    قل: استصحبت فلاناً كتابي
    ولا تقل: أرسلت الكتاب برفقة فلان
    وكتب إبراهيم اليازجي: "يقولون ارفقه بكذا وجاء مرفوقاً بفلان وارسلت الكتاب برفق فلان أي برفقته وكل ذلك بعيداً عن استعمال العرب لأن فعل الرفقة لا يتجاوز المفاعلة وما في معناها يقال رافقته وترافقنا وارتفقنا ولا يقال ارفقت فلاناً بفلان ولا رفقته به على أن المرافقة لا تكون إلا في المفاعلة فإن أريد مطلق الصحبة قيل اصحبته الشيء واستصحبته كتابي".

    قل: استصحب فلان زوجته في السفر (أي زوجه)
    ولا تقل: اصطحب زوجته في السفر
    وذلك لأن المراد بهذه الجملة هو جعله زوجته صاحبة ورفيقة له في السفر كما هي صاحبته وحليلته في الحضر، والفعل الذي يؤدي هذا المعنى هو "استصحب" مثل استبدل واستعمل واستحجب واستوزر أي اتخذ بدلاً وعاملاً وحاجباً ووزيراً. وأصل استصحب: دعا الى الصحبة ثم تُوسع في استعماله كاستخرج، فأصله دعا الى الخروج. قال مؤلف لسان العرب نقلاً: "واستصحب (فلان) الرجل: دعاه الى الصحبة وكل ما لازم شيئاً فقد استصحبه، وقال:
    إن لك الفضل على صحبتي والمسك قد يستصحب الرامكا
    ... ويقال "استصحبته الكتاب وغيره"، انتهى المنقول من لسان العرب. وقال الزمخشري في أساس البلاغة (يقال) "استصحبت الكتاب وغيره: حملته صحبتي ومن هنا قيل: استصحبت الحال إذا تمسكت بما كان ثابتاً، كأنك جعلت تلك الحالة مصاحبة غير مفارقة. وجاء في نهج البلاغة "اللهم أنت الصاحب في السفر وأنت الخليفة في الأهل ولا يجمعهما غيرك لأن المستخلف لا يكون مُستصحباً والمستصحب لا يكون مستخلفاً".
    وذكر ابن خلكان في أخبار بعض السلاطين السلجوقيين انه كان معه مارستان مستصحب أي مستشفى سيار.
    أما "اصطحب" فهو فعل اشتراك. جاء في لسان العرب: "واصطحب الرجلان وتصاحبا واصطحب القوم: صحب بعضهم بعضاً واصلح اصتحبَ..." الى آخر كلام المؤلف. فاصطحب إذن يساوي تصاحب ولا يصدر إلا من جهتين أو أكثر منهما. مثل ذلك "اصطحب الرجلان وقال الزمخشري في أساس البلاغة: "واصطحبوا وتصاحبوا". وقال ابن القفطي في أخبار الحكماء في ترجمة ثابت بن قرة الحراني الصابي: "كان صيرفياً بحران اصطحبه محمد بن موسى بن شاكر لما انصرف من بلد الروم" فقوله "اصطحبه" يُريد به استصحبه فأخطأ وجه الصواب والظاهر لنا أن هذا الخطأ قديم على حسب ما دل عليه هذا الكتاب أعني أخبار الحكماء للقفطي إن لم يكن تحريف في النسخ.
    واصطحب الرجلان واصطحب الرجال من الأفعال اللازمة وقد ورد اصطحب متعدياً لغير الإشتراك. جاء في لسان العرب: "واصحب الرجل واصطحبه" حفظه". فإذا قيل: اصطحب فلان أهله بمعنى ذلك حفظهم وصانهم وحماهم وليس هذا هو المراد بل المراد الإستصحاب. (م ج)

    قل: كأنَّ الأمريكي بدأ يتراجع إلى حدود واقعيته
    ولا تقل: كأنَّ الأميركي بدأ يتراجع إلى حدود براغماتيته
    (جان عزيز – قناة المنار 24-10-2013)
    كما شاع بين المتعلمين العرب، ونقله الإعلام العربي سواء أكان الناقل متعلماً أم غير متعلم، إستعمال كلمة "براغماتية" ومشتقاتها وذلك لتعني ما يعتقده الناقل معناها الصحيح. وهي كبقية ما يستعمل من لفظ أو مصطلح أعجمي تفهم من كل كاتب على وفق ثقافته. لكن إستعمال أي لفظ أعجمي يكشف عن علة في مقدرة الكاتب على التعبير. ذلك ان استعماله للأعجمي لا بد أن يكون لأحد سببين فإما هو يجهل حقيقة معنى الكلمة المستعارة أو يعجز عن ترجمتها، وفي كلا الحالتين لا يحق له أن يستعملها لأنه يخدع القارئ العربي في أنه يطلب من ذلك القارئ أن يفهم ما لا يقدر هو على توضيح معناه. وليس أمامه إذا توخى الأمانة إلا أن يترجم الكلمة الأعجمية أو يمتنع عن إستعمالها إذا تعذر عليه ذلك.
    وكلمة "براغماتية" المستعملة في الإنكليزية والفرنسية، على سبيل المثال، مشتقة من اللاتينية والتي أخذتها عن الجذر الإغريقي والذي يعني "عَملَ" أو "أدَّى" أو "نَفَّذَ". فإذا كان هذا ما يراد من إستعمالها في الإنكليزية أو الفرنسية فلماذا يعدل العربي عن الكلمة العربية السليمة المعبرة عن هذا المعنى ليستعير اللفظ الأعحمي؟ أليس من السليم والفصيح أن يستعمل الكاتب العربي "واقعية" أو "عملية" لتعطي المعنى المراد في سياق الجملة بدل إستعماله "براغماتية" والتي لا توقع في أذن السامع العربي ما يوقعه اي من الألفاظ المقترحة؟ أم أن الكاتب يعتقد أنه يصنع مجداً موهوماً إذا ما استعمل لفظاً أعجمياً يوحي به للقارئ العادي أنه ذو ثقافة عالية وافق حضاري واسع!

    وللحديث صلة....
    عبد الحق العاني
    20 كانون الثاني 2014
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #13
    قل ولا تقل / الحلقة العشرون
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟


    قل: السؤال بعهدة المبعوث الدولي
    ولا تقل: السؤال برسم المبعوث الدولي
    ليس غريباً أن ينشأ في كل لغة كلام تستعمله العامة وذلك للسهولة أحياناً وللإيجاز أحيانا ً أخرى.. وقد تتشعب العامية فتغدو عامية المصري تختلف عن عامية المغربي أو العراقي على سبيل المثال. وهذه ليست ظاهرة مختصة باللغة العربية ولا بيومنا هذا فهي معروفة في كل اللغات وفي كل العصور وإن كان مداها يتغير تبعاً للثقافة العامة في كل بلد فكلما انتشرت الأمية كلما إزداد تداول العامية والعكس صحيح.
    لكن هناك فرقاً بين العامية في شوارع لندن مثلا وما يستعمله الإعلام والساسة والمتعلمون في خطابهم اليومي هناك سواء أكان ذلك مكتوباً أم مرئيا أم مسموعاً وبين العامية في بلاد الشام وما يستعمله الإعلاميون والساسة والمتعلمون بل وحتى رجال الدين. فمن النادر أن تقرأ مقالاً في صحيفة بريطانية أو تسمع سياسياً أو رجل دين وهو يستعمل العامية في خطابه أو يلحن بالقول أو يستعمل ألفاظاً لم تعرفها قواميس الإنكليزية.
    أما بلاد الشام فهي نقيض ذلك تماماً وللقارئ أن يقدر سبب ذلك..
    فلم يكتف الإعلامي والسياسي في بلاد الشام بالإجترار المستمر للألفاظ اللاتينية مثل ابستمولوجي، لبرالية، ديموقراطية، مورفولوجيا، إستراتيجية، الجيواستراتيجيا، تكتيك، ديموغرافيا، ديالكتيك، ديماغوغية، لوجستية وغيرها كثير وكثير. وليس أي منها مسمى لمخترع جديد أو إكتشاف لظاهرة كونية حتى يصعب تعريبه! وقد وصل الحد أحياناً أن الجملة تتكون كلها من كلمات لاتينية فإذا أفرغت الجملة من اللاتيني لم تعد هناك جملة، مما يدفع للتساؤل: ترى لماذا لا يكتب الكاتب مقاله بلغة لاتينية فيريح ويستيرح؟
    أقول لم يكتف الإعلامي والسياسي في بلاد الشام بادخال هذه العجمة فتعداها لتشويه العربية وإصراره على الخطأ رغم التوضيح المستمر لذلك من أكثر من جهة...
    فهو يصر يومياً على استعمال "وشى" بمعنى أخبر أو أنبأ في حين أن العرب لم تعرف "وشى يشي وشاية " بهذا المعنى..
    وهو يصر يومياً على إستعمال "كباش" بمعنى خصومة أو نزاع بينما العرب لم تعرب "كباش" إلا على أنه جمع "كبش"...
    وهو يصر على إستعمال "تقاطع" يريد بها توافق بينما العرب لم تعرف معنى للتقاطع سوى الخصومة وهي، أي الخصومة، نقيض التوافق!
    وهذاغيض من فيض. وقد سبق لي أن أشرت لبعضها سابقاً.. واليوم نعرض استعمالاً آخر لا يقل بؤساً عن تلك..وذلك هو إستعمال "رسم" بمعنى "عهدة" أو "مسؤولية"...وقد يقول القائل وما ضير ذلك إذا كان أهل بلاد الشام يفهمون المقصود؟ والجواب هو أن مهمة الكاتب ألا يسقط حيث يسقط الناس بل يحاول رفعهم كلما أمكن ذلك فتلك مهمته.. فإن لم يقدر عليها فما شأنه والكتابة. كما ان الكاتب اللبناني أو السوري لا يكتب لمحيطه فقط فهو يكتب لكل العرب وأغلب العرب لا يفهمون هذا الإستعمال لكلمة "رسم". فقد أوردت المعجمات العربية المعنى التالي لكلمة "رسم". فكتب إبن فارس في مقاييس اللغة:
    "رسم (مقاييس اللغة)
    الراء والسين والميم أصلان: أحدهما الأثَر، والآخر ضربٌ من السير."
    كما كتب إبن منظور في لسان العرب:
    رسم (لسان العرب)
    "الرَّسْمُ: الأَثَرُ، وقيل: بَقِيَّةُ الأَثَر، وقيل: هو ما ليس له شخص من الآثار، وقيل: هو ما لَصِقَ بالأَرض منها.
    ورَسْمُ الدار: ما كان من آثارها لاصقاً بالأرض، والجمع أَرْسُمٌ ورُسومٌ."
    وليس في ما جاء في معجمات العرب ما يشير إلى إمكانية إستعمال العرب لكلمة "رسم" بالمعنى الذي يريده الإعلامي أو السياسي اليوم. وما لم يسمع عن العرب أولا يقاس فلا حجة به.
    والعربية غنية كما هو معروف، فلماذا لا يعدل الكاتب للصحيح في تعبيره فيستعمل كلمة "مسؤولية" أو عهدة" والتي اخترتها هنا؟
    فقد عَرَّف إبن فارس العهدة تعريفاً جميلاً مستنداً للخليل بن أحمد الفراهيدي، فكتب في مقاييس اللغة:
    "العين والهاء والدال أصلُ هذا الباب عندنا دالٌّ على معنىً واحد، قد أومأ إليه الخليل. قال: أصله الاحتفاظُ بالشَّيء وإحداثُ العهدِ به.
    والذي ذكره من الاحتفاظ هو المعنى الذي يرجع إليه فُروع الباب. فمن ذلك قولهم عَهِد الرجل يَعْهَدُ عَهْداً، وهو من الوصيَّة.
    وإنّما سمِّيت بذلك لأنَّ العهدَ مما ينبغي الاحتفاظُ به."
    وكان الجوهري قد أعطى معنى آخر للعهدة في الصحاح:
    "العَهْدُ: الأمانُ، واليمينُ، والموثقُ، والذمّةُ، والحِفاظُ، والوصيةُ.
    وفي الأمرِ عُهْدَةٌ، بالضم، أي لم يُحْكَم بعد."
    فمن تأمل ما أورده علماء العربية وجد أن "العهدة" هي اللفظ السليم للتعبير عن إيداع الشيء والإحتفاظ به لحين الحكم وهو ولا شك أدق واصوب للمعنى المراد من إستعمال "رسم" والتي تعني الأثر ولا قيمة لها هنا.

    قل: فلان ذو كفاية في العمل
    ولا تقل: فلان ذو كفاءة في العمل
    فالكفاءة المساواة والمماثلة ومنها الكفاءة في الزواج والدماء، والعمل في الوظيفة لا يحتاج الى كفاءة أي مساواة بل يحتاج الى كفاية أي طاقة وقدرة محسنة، ولذلك لقب القدماء القدير على العمل القيم به الناهض بعبئه "الكافي" وهو إسم فاعل من "كفى فلان في الوظيفة" والتقدير "كفى الحاجة وكفى المراد في الوظيفة" فهو الكافي. وكان الوزير أبو الحسن علي بن محمد الكوكبي وزير بهاء الدولة يُلقّب "الكافي" ولو كان المراد الكفاءة للقبوه "المكافئ" ومن ذلك لقب "كافي الكفاة" الوزير الصاحب بن عباد وان غيره من اصحاب لقب الكافي كثير.
    ويجوز استعمال "الكفاءة" في أول التوظيف باعتبار أن الرجل الطالب للوظيفة كالخاطب امرأة على نفسه، فكما تحتاج المرأة الى الكفاءة بينها وبين الرجل فكذلك الحال بين الرجل والوظيفة، ولذلك صح قولهم في التوظيف "شروط كفاءة الموظف" أو طالب التوظيف، و "توفرت الكفاءة في فلان للوظيفة المذكورة". وتقول: "عُيّن فلان في الوظيفة بكفاءة ثم أظهر فيها كفاية وصرامة وشهامة". (م ج)

    قل: وقفت تجاه فلان وبإزائه وقبالته
    ولا تقل: وقفت أمامه
    ومن يُرد أن يعرف معنى "أمام" فليتذكر وقوف "الإمام" في الصلاة فالإسمان من أصل واحد ويدلان على وجهة واحدة، فالإمام يقف "أمام" المصلين المؤتمين به ويؤمهم، أي يوليهم ظهره ولا يستقبلهم، ولذلك ولغيره سمي "إماماً". قال أبو مخنف في بعض أخبار حرب الجمل: "وبلغنا أن عبد الرحمن بن طود البكري قال لقومه: أنا قتلت عمراً وان الأشتر كان بعدي (وأنا امامه) في الصعاليك، فطعنت عمراً طعنة لم أحسب أنها تُجعل للأشتر دوني، وإنما الأشتر ذو حظ في الحرب وإنه ليعلم أنه كان (خلفي) ولكن أبى الناس إلا أنه صاحبه".
    وجاء في ذكر آداب المتعلم وما يجب عليه للمعلم مما نسب الى أمير المؤمنين علي (ع) "وأن تعظمه وتوقره ما حفظ أمر الله وعَظَّمه (وأن لا تجلس أمامه)"، أي أن لا توليه ظهرك. وقال (ع): "فكونوا كالسابقين قبلكم (والماضين أمامكم) قَوَّضوا من الدنيا تقويض الراحل وطَوَوْها طي المنازل".
    وقال حماد عجرد في منيعة جارية أبي عمرو ابن العلاء وكانت رَسُحاءَ عظيمة البطن:
    لو تأتى لك التحول حتى تجعلي خلفك اللطيف (أماما)
    ويكون القدام ذو الخلقة الجز...........لة خلفا مؤثلاً مســتكاما
    لإذن كنت يا منيعة خير الناس خلفاً وخيرهم قدامــــــــا
    وقال أبو علقمة سنة 15 هـ
    أرَّق عيني أخوا جذام كيف أنام وهما أمامي
    إذ يرحلان والهجير الطامي أخو حُشيم وأخو حرام
    فقولك "وقفت أمام فلان" معناه أوليته ظهرك وجعلت وجهك في ضد وجهته، كما تقول: سرت أمامه. (م ج)

    قل: وضع جبهته على الأرض عند سجوده
    ولا تقل: وضع جبينه على الأرض عند سجوده
    وشاع الخلط بين الجبهة والجبين منذ عهد مبكر فقد كتب ابن قتيبة في أدب الكاتب: "الجَبْهة، والجَبِين " لا يكاد الناس يفرقون بينهما؛ فالجبهة: مَسْجِدُ الرجل الذي يصيبه نَدَبُ السجود، والجبينان: يكتنفانها، من كل جانب جبينٌ."
    وكتب إبن منظور في لسان العرب:
    "الجَبْهة للإِنسان وغيره، والجَبْهَةُ: موضع السجود، وقيل: هي مُسْتَوَى ما بين الحاجبين إلى الناصية."
    أما الجبين فقد عرفه الجوهري في الصحاح كما يلي:
    "والجَبينُ فوق الصدغ، وهما جَبينانِ عن يمين الجبهة وشمالها".
    وأرود إبن فارس مثله فكتب في مقاييس اللغة:
    "والجَبينان ما عن يمين الجبهةِ وشِمالها، كلُّ واحدٍ منهما جَبين."
    ويبدو أن هذا اللحن واسع الإنتشار ولم يسلم منه حتى الشعراء فقد وقع فيه بشارة الخوري حين كتب:
    يا عاقد الحاجبين على الجبين اللجين
    فقد إفترض الشاعر خطأ أن هناك جبيناً واحداً عقد عليه الحاجبان. لكنه دون شك أراد بها الجبهة التي تقع بين الناصية والحاجبين.

    قل: حاز فلان الشيء
    ولا تقل: حاز عليه
    فالفعل "حاز" يتعدى بنفسه الى مفعول به يقع عليه الحوز أي الحيازة. قال الجوهري في الصحاح: "الحوز: الجمع وكل من ضم الى نفسه شيئا فقد حازه حوزاُ وحيازة". والذي في مقاييس اللغة لإبن فارس: "وكل من ضم شيئاً الى نفسه فقد حازه حوزاً" عداه بنفسه أيضاً.
    وقال الزمخشري في اساس البلاغة: "حاز المال واحتازه لنفسه وعليك بحيازة المال وحاز الإبل: ساقها الى الماء وحوزها". وقال المبارك ابن الأثير في النهاية: "فيه ان رجلاً من المشركين جمع الأمة كان (يحوز المسلمين) أي يجمعهم ويسوقهم.
    حاز يحوزه: إذا قبضه وملكه واستبد به". وورد في لسان العرب في تفسير الماحوز "وقال بعضهم هو من قولك: حُزت الشيء إذا حرزته". وقال "الحوزي المتوحد وهو الفحل منها وهو من حُزت الشيء إذا جمعته أو نحيته" وقال: "وحُزت الأرض إذا أعلمتها وأحييت حدودها." وقال في التحيز: "وقال سيبويه هو تفعيل من حُزت الشيء، وقال: "والحوز: الجمع وكل من ضم شيئاً الى نفسه من مال أو غير ذلك فقد حازه حوزاً وحيازة وحازه اليه واحتازه اليه".
    وفي المصباح المنير "حزت الشيء أحوزه حوزاً وحيازةً" ضممته وجمعته، وكل من ضم الى نفسه شيئاً فقد حازه". وأكثر هؤلاء اللغويين متشابهو الأقوال ويدل على ذلك اقتباس بعضهم من كتب البعض، ومن الشواهد الشعرية على تعدية "حاز" بنفسه قول يعقوب بن الليث الصفار وهو من شعراء الشعوبية:
    أنا ابن الأكارم من نسل جَمْ وحائز إرث ملوك العجمْ
    وحاز حيزاً من باب سار، لغة فيه وحزت الإبل باللغتين سقتهما. فالنصوص اللغوية متضافرة في تعدي "حاز" بنفسه على اختلاف معانيه. (م ج)

    قل: وارو الميت في التراب
    ولا تقل: وارو الميت الترابَ
    وكتب ابراهيم اليازجي في لغة الجرائد: "ويقولون وارو الميت الترابَ أي واروه في التراب فيحذفون الحرف ويبقون التراب مفعولاً فيه وهو خطأ لأن التراب من أسماء المكان المختصة فلا يصلح للظرفية. وقد ورد مثل هذا للحريري في مقامته الكوفية وهو قوله: "وخلدوها بطون الأوراق" وكأن الذي سول له صحة هذا التركيب ما جاء في سورة يوسف من قوله "اطرحوه أرضاً" وهذا فضلاًعن كونه من التراكيب التي لا يقاس عليها فانما سهل هذا الإستعمال فيه تنكير الأرض وتجريدها من الوصف كما قاله الزمخشري فنصبت نصب الظروف المبهمة وقيل انها مفعول ثان لإطرحوه على تأويله بمعنى أنزلوه وكلاهما على ما فيه لا يصح في عبارة الحريري."

    قل: كَشفتُ عن الأمر الخفي خفاءه
    ولا تقل: كَشفتُ الأمر الخفي
    قال ابن فارس في مقاييس اللغة: "الكاف والشين والفاء أصل صحيح يدل على سَرْو الشيء عن الشيء كالثوب يُسري عن البدن، يقال كشفت الثوب وغيره أكشفه". وجاء في لسان العرب: "الكشف: رفعك الشيء عما يواريه ويغطيه، كشفه يكشفه كشفاً وكشفةً...." وفي أساس البلاغة "كشفت عنه الثوب... من المجاز: كشف الله غمه وهو كشاف الغمم". وقال الراغب الأصبهاني في مفردات غريب القرآن: "كشفت الثوب عن الوجه وغيره، ويقال: كشف غمه، قال تعالى "وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو".
    وهذا كتاب الله تعالى شاهداً، قال تعالى في سورة ق "لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد". فالمكشوف هو الغطاء وما جرى مجراه من الحسيات والمعنويات كالغم، وقد يحذف المفعول به كقوله تعالى في سورة النمل: "فلما رأته حسبته لُجة وكشفت عن ساقيها" أي وكشفت ثوبها عن ساقيها كما يفعل الخائض للماء الضحل، ولا بد للأشياء المادية كالكنوز والمعنوية كالطاقات من استعمال "عن" فالفصيح أن يقال "الكشف عن الأمر الخفي والطاقات". قال الإمام علي (ع) على ما ورد في نهج البلاغة: "فإن في الناس عيوباً الوالي أحق من سترها فلا تكشفن عما غاب عنك منهما، فإنما عليك تطهير ما ظهر لك". وفي كلام الله تعالى وكلام علي (ع) غنى عن تطلب الفصاحة في غيرهما. (م ج)

    قل: قد أَوْغَلَ الرجل في العلم
    ولا تقل: قد وَغَلَ الرجل في العلم
    وكتب ابن السكيت في إصلاح المنطق: "ويقال: قد أَوْغَلَ في البلاد، إذا أَبْعَدَ فيها، ويقال: قد وَغَل يَغِلُ، إذا توارى بشجر أو نحوه، وقد وَغَل أيضاً يَغِلُ، إذا دخل على القوم في شَرَابِهِم فشرب من غير أن يدعى إليه، الوَاغِلُ في الشراب: مثل الوارش في الطعام، قال امرؤ القيس:
    فاليوم فاشرب غير متسحقب إثماً من الله ولا وَاغِلِ
    قال أبو يوسف: وسمعت أبا عمرو يقول للشراب الذي يشربه الرجل لم يدع إليه: الوَغْل، وأنشد لعمرو بن قمية:
    إن أَكُ مِسْكِيرًا فلا أشرب الوَغْل ولا يسلم مني البعير."
    وقال إبن فارس في مقاييس اللغة:
    "الواو والغين واللام: كلمةٌ تدلُّ على تقحُّمٍ في سَيرٍ وما أشْبَه ذلك...
    ويقال: وَغَلَ يَغِلُ، إذا تَوَارَى في الشَّجَر...
    وأوْغَلَ القَوْمُ: أمْعَنوا في مَسيرهم."
    وكتب الجوهري في الصحاح:
    "وَغَلَ الرجلُ يَغِلُ وُغولاً، أي دخل في الشجر وتَوارى فيه.
    ويقال أيضاً: وَغَلَ يَغِلُ وَغلاً، إذا دخل على القوم في شرابهم فشرب معهم، من غير أن يُدعى إليه."
    أما إبن منظور فقد أورد في باب "وغل" في لسان العرب:
    "ووَغَلَ في الشيء وُغولاً: دخل فيه وتوارى به، وقد خُصَّ ذلك بالشجَر..
    وتوَغَّل في الأَرض: ذهَب فأَبعَد فيها، وكذلك أَوْغَل في العِلْم."
    وفي الحديث: إِن هذا الدين مَتِينٌ فأَوْغِلْ فيه بِرِفقٍ؛ يُريد سِرْ فيه برِفق.
    وهكذا يبدو أن العرب لم تستعمل "وَغَلَ" إلا في التواري في الشجر أو في الدخول على شاربي الخمر بينما استعملت العرب "أوغَلَ" للدخول في العلم والدين كما جاء في الحديث الشريف.
    فقل: أوغل في اللعل
    ولا تقل: وغل في العلم.

    وللحديث صلة....
    عبد الحق العاني
    25 كانون الأول 2013
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #14
    قل ولا تقل / الحلقة الرابعة والعشرون
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟


    قل: هؤلاء الضباط البُسلاء والباسلون
    ولا تقل: هؤلاء الضباط البواسل
    لأن "البسلاء" هو جمع البسيل في الأصل وجمع الباسل في الإستعارة المعروفة باستعارة الجموع، والبسيل والباسل معناهما الشجاع والبطل الشديد، وجمع العقلاء على فُعلاء أي بُسلاء نحو كريم وكُرماء هذا لبسيل. ويقال باسل وبُسلاء نحو شاعر وشعراء وفاضل وفضلاء.
    أما "البواسل" فهو جمع لغير العاقل وللمؤنث، تقول أسد باسل واسود بواسل وفتاة باسلة وفتيات بواسل، أي باسلات. قال في لسان العرب: "والبسالة الشجاعة والباسل الشديد والباسل الشجاع والجمع بُسلاء"، ولم نذكر الجمع الآخر الذي هو بُسل لأنه غريب، قال ابن مكرم الأنصاري في لسان العرب: "وفي حديث خيفان قال لعثمان (رض) أما هذا الحي من همدان فأنجاد بُسل اي شجعان وهو جمع باسل وسُمي به الشجاع لإمتناعه ممن يقصده".
    وأما الجمع الصحيح "باسلون وبسيلون" فيستعمل عند إرادة الحدث أي الحدوث في الصفة أو في زمانها. قال الله تعالى في سورة المؤمنون: "ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ" أي ستكونون موتى. وقال عز من قائل في سورة الصافات: "أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ" أي لن نموت إلا موتننا الأولى. وقال جل وعز في سورة الزمر: "إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ"، يعني أنهم سيموتون بدلالة أنهم كانوا أحياءً حين خاطبهم على لسان نبيه. أما الذين ماتوا ودرجوا وعبروا فيقال لهم "أموات وموتى". وهذا هو القياس وقد يأتي خلافه شاذّاً. (م ج)

    قل: فلان من شذّاذ الرجال
    ولا تقل: فلان من شواذ الرجال
    والسبب المانع من جمع الشاذ للإنسان على شواذ هو السبب الذي منع جمع "الباسل" للإنسان على "البواسل"، وإنما يقال جمل شاذ وجمال شواذ، وقول شاذ وأقوال شواذ.
    أما الشذّاذ فهو جمع الإنسان من صفة الشاذ مثل كاتب وكتاب وحاسب وحساب وعامل وعمال وسارق وسراق وحاذق وحذاق وما لا يحصى لكثرته وهو جمع قياسي مطرد في كل المثل. (م ج)

    قل: لا تقوم الدولة إلا بأطرها أو مَلاكاتها
    ولا تقل: لا تقوم الدولة إلا بكوادرها
    وكتب عبد الهادي بوطالب: "في المشرق العربي يستعمِل الإعلامُ كلمةَ الكَوادِر (جمعا لكلمة كادر) للدلالة على كبار العاملين في المكاتب والإمارات والوزارات ومرافق الدولة والقطاع الخاص. وهي كلمة فرنسية (Cadre) لا ضرورة لاستعمالها لوجود نظيرها في العربية الذي هو إطار ويجمع على أُطُر. ونقول "أُطُر التعليم، وأُطُر وزارة كذا، وأُطُر المهندسين، وأُطُر الأطباء".
    يُطلِق البعض كلمة مَلاك (بفتح الميم) للدلالة على الإطار. فهما بذلك مترادفان. ولكن كلمة مَلاك غير شائعة. وأصل الإطار هو ما يحيط بالشئ. من خارجه : "إِطار الصورة". و"إِطار العَجَلة"، و"إِطار النظَّارة". والفعل هو أطَّر يُؤطِّر. والمصدر هو تأطير.
    وبذلك تطور المعنى وامتد إلى تعابير مقبولة. كأن نقول : "الأحزاب تقوم بتأطير الشعب". وتُستعمَل كلمة إطار مرادفة لكلمة نِطاق ونقول: "وفي هذا الإطار نُدخِل هذا المثال". كما نقول: "وفي هذا النِّطاق جرى حادث كذا".

    أما المَلاك فهو قِوام الشئ وأساسه وعنصره الجوهري. وكل ذلك ينطبق على الأُطُر وخاصة منها ذات الكفاءة. ونقول: "القلب مَلاك الجسد" أي لا يقوم الجسد إلا به. كما لا تقوم الدولة إلا بأُطُرها أو مَلاكاتها (جمع مَلاك).
    لذا مع وجود هذين التعبيرين لا ضرورة تفرض استعمال كلمة كادر الأجنبية (مفردا) وكوادر (جمعا). وأُفضل استعمال الأُطُر (لشيوع هذه الكلمة) على كلمة مَلاك وهي قليلة الاستعمال.
    والذين أدخلوا كلمة "كوادر" الفرنسية إلى العربية اقتصروا على جمعها. ولا يستعملون مفردها. وجمع كادِر على كوادر يُعترَض عليه لأن جمع فواعل يأتي في اللغة لجمع فاعِلة المؤنث لا لفاعل المذكر. فنقول شواعر العرب للدلالة على النساء. وفي القرآن الكريم : "والقواعد من النساء". وفيه أيضا: "ولا تُمسكوا بِعِصَم الكوافر"، أي الكافرات.
    لكن "كوادر" تستعمل في المذكر والمؤنث، وفواعل تستعمل في اللغة العربية للمؤنث أكثر مما تستعمل للمذكر بشروط مفصلة في كتب اللغة، إذ نقول عن الرجال: "الجنود البواسل" وهذا قليل في الاستعمال." إنتهى
    ولعل الأستاذ بو طالب تسرع في هذا القول ذلك لأن ما كتبه المرحوم مصطفى جواد هو الصحيح. أما قول بو طالب "إذ نقول عن الرجال الجنود البواسل وهذا قليل الإستعمال" فهو غير دقيق فقد كان حرياً به أن يقول انه خطأ لا يصح استعماله رغم شيوعه. وهذا ما أكدته المعاجم فقد جاء في لسان العرب: "والفارس: صاحب الفرَس على إِرادة النسَب، والجمع فُرْسان وفَوارس، وهو أَحَدُ ما شذَّ من هذا النَّوع فجاء في المذكر على فَواعِل؛ قال الجوهري في جمعه على فَوارس: هو شاذ لا يُقاس عليه لأَن فواعل إِنما هو جمع فاعلة مثل ضاربة وضَوارِب..... وقال بعض النحويين: لم يجئْ فاعل مجموعاً على فَواعِلَ إلا قولهم إنه لخالِفٌ من الخَوالِف، وهالِكٌ من الهَوالِكِ، وفارِسٌ من الفَوارِس. والخَوالِفُ: النساء المُتَخَلِّفاتُ في البيوت." ثم كتب أبن منظور في باب "نكس" : "ونَكَسَ رأْسَه إِذا طأْطأَه من ذُلٍّ وجمع في الشعر على نواكِس وهو شاذ على ما ذكرناه في فَوارس؛ وأَنشد الفرزدق: وإِذا الرِّجالُ رَأَوْا يَزيدَ، رأَيْتَهُم خُضْعَ الرِّقابِ، نَواكِسَ الأَبْصار قال سيبويه: إِذا كان الفِعْل لغير الآدميين جمع على فَواعِل لأَنه لا يجوز فيه ما يجوز في الآدميين من الواو والنون في الاسم والفعل فضارع المؤنث، يقال: جِمال بَوازلُ وعَواضِهُ".
    وتوسع صاحب العباب الزاخر في شرح ذلك في باب "فرس" فكتب: "يُجْمَع على فَوَارِس، وهو جمع شاذٌّ لا يُقاس عَلَيه، لأنَّ فواعِل إنَّما هيَ جمع فاعِلَة - مثال ضارِبَة وضَوَارِب؛ أو جمع فاعِل إذا كان صفة للمؤنَّث مثل حائِض وحَوائِض؛ أو ما كان لِغَير الآدَمِييِّن مثل: جَمَلٍ بازِل وجِمالٍ بوازِل؛ وجَمَلٍ عاضِهٍ وجمالٍ عَواضِه؛ وحائطٍ وحَوائِط، فأمّا مُذَكَّرُ ما يَعْقِل فلم يُجْمَع عليه إلاّ فَوارِس وهَوَالِك ونَواكِس وعَواطِس وكَوادِس ورَواهِب وقَوارِس وقَوابِس وخَوالِف. ........ وأمّا هوالِك فانَّه جاء في المَثَل: هالِك في الهَوَالِك، فجرى على الأصل، لأنَّه قد يَجيء في الأمثال ما لا يَجِيءُ في غيرِها. وأما نواكِس فقد جاءت في ضرورة الشعر."إنتهى
    وهكذا يتبين أن قول "بوطالب" في البواسل ليس موفقاً فقد كان عليه أن يقول إنه خطأ لأنه مخالف للقاعدة ولم يرد عن العرب أنه مما شذ عن تلك القاعدة وما لم يعرف عن العرب لا سمعاً ولا قياساً لا يصح.

    قل: جلست صباحاً في الظل
    ولا تقل: جلست صباحاً في الفيء
    وكتب إبن قتيبة: "ومن ذلك: " الظلُّ والفَيْءُ " يذهب الناس إلى أنهما شيء واحد، وليس كذلك؛ لأن الظل يكون غُدوةً وعشيَّةً، ومن أول النهار إلى آخره، ومعنى الظل السِّتْر، ومنه قول النَّاس " أنا في ظِلِّكَ " أي: في ذَرَاك وسِترك، ومنه "ظل الجنة" ، وظل شجرها إنما هو سترُها ونواحيها، وظلُّ الليل: سواده؛ لأنه يستر كل شيء، قال ذو الرُّمة:
    قدْ أعسِفُ النازِحَ المجهولَ مُعْسِفُه ... في ظلِّ أخضرَ يدعُو هامَهُ البُومُ
    أي: في ستر ليل أسود، فكأن معنى ظل الشمس ما سترته الشخوص من مَسْقطها، والفيء لا يكون إلا بعد الزوال، ولا يقال لما قبل الزوال فيء، وإنما سمي بالعشي فيئاً لأنه ظلٌّ فاء عن جانب إلى جانب، أي: رجع عن جانب المغرب إلى جانب المشرق، والفيء هو الرجوع، ومنه قول الله عزّ وجلّ: (حتَّى تفيءَ إلى أمْرِ الله) أي: ترجع إلى أمر الله. وقال امرؤ القيس:
    تَيَمَّمَتِ العينُ التي عندَ ضارِجِ ... يَفيءُ عليها الظلُّ عَرْمَضُهَا طامِ
    أي: يرجع عليها الظل من جانب إلى جانب؛ فهذا يدلك على معنى الفيء.
    وقال الشمّاخُ:
    إذا الأرْطَى تَوَسَّدَ أبْرَدَيْهِ ...خُدودُ جَوازِئ بالرّمْلِ عِينِ
    أبْرَداه: الظل والفيء، يريد وقت نصف النهار، وكأن الظباء في بعض ذلك الوقت كانت في ظل ثم زالت الشمس فتحول الظل فصار فيئاً فحوَّلتْ خدودها".

    قل: جمعت الشَّمَع
    ولا تقل: جمعت الشَّمْع
    وكتب إبن السكيت: "هو الشَّمَع، هذا كَلَام العرب، والمولدون يقولون: شَمْع، بإسكان الميم." إنتهى
    وكتب صاحب الصحاح في باب "شمع": " الشَمَعُ بفتحتين: الذي يُسْتَصْبَحُ به. قال الفراء: هذا كلام العرب، والمولَّدون يقولون شَمْعٌ بالتسكين. والشَمَعَةُ أخصُّ منه." أما إبن منظور فقد أورد الرأيين في لسان العرب فكتب في باب "شمع": الشَّمَعُ والشَّمْعُ: مُومُ العَسل الذي يُسْتَصْبَحُ به، الواحدة شَمَعةٌ وشَمْعة؛ قال الفراء: هذا كلام العرب والمُوَلَّدون يقولون شَمْعٌ، بالتسكين، والشَّمَعةُ أَخص منه؛ قال ابن سيده: وقد غَلِطَ لأَن الشَّمَع والشَّمْعَ لغتان فصيحتان. وقال ابن السكيت: قُلِ الشَّمَعَ للموم ولا تقل الشَّمْعَ." وفوق كل ذي علم عليم.

    قل: أصاب جَفْنَ عينه
    ولا تقل: أصاب جِفْنَ عينه
    ومما كثر اللحن فيه قول الناس "جِفن العين " ووقع حتى الشعراء في هذا الخطأ. وفصيح العربية هو القول "جَفن العين" بفتح الجيم لا كسرها. فكتب الجوهري في الصحاح: "الجَفنُ: جَفْنُ العين...والجَفنُ أيضاً: غِمْدُ السَيف. والجَفْنُ قضبان الكرْم، الواحدة جَفْنَةٌ. والجَفْنَةُ كالقَصعة، والجمع الجفانُ والجَفَناتُ." أما إبن فارس فقد كتب في المقاييس: "الجيم والفاء والنون أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يُطِيفُ بشيءٍ ويَحْوِيه. فالجَفنُ جَفْنُ العين.
    والجَفْن جفن السَّيْف.وجَفْن مكان، وسمِّي الكَرْم جَفْناً لأنه يَدُورُ على ما يَعْلَق به."
    وكتب إبن السكيت: "وتقول: هو جَفْن السيف وجَفْن العين، ولا تقل: جِفْن."

    قل: هذا رجل سِكِّيرٌ
    ولا تقل: هذا رجل سَكِّيرٌ
    وكتب الكسائي: "وتقول هذا بَصَلٌ حِرِّيف بكسر الحاء وتشديد الراء. و خّلٌّ ثِقِّيق بتشديد القاف. ورجل عِنِّين كما قالوا: سِكِّير، إذا كان كثير السكر، وخِمِّير إذا كان يشرب الخمر، وعربيد. هذا كل على مثال: فِعِّيل.
    وإنما تكلموا بهذه الأحرف، على مثال قول الله تعالى: "كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ" وكما قال: "تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ" فشدد، لأنه مبني على مثال: فِعِّيل. فافهم وقس عليه إن شاء الله تعالى." إنتهى
    وكتب إبن منظور في باب "سكر": " السَّكْرَانُ: خلاف الصاحي.
    والسُّكْرُ نقيض الصَّحْوِ. والسُّكْرُ ثلاثة: سُكْرُ الشَّبابِ وسُكْرُ المالِ وسُكْرُ السُّلطانِ؛ سَكِرَ يَسْكَرُ سُكْراً وسُكُراً وسَكْراً وسَكَراً وسَكَرَاناً، فهو سَكِرٌ؛ عن سيبويه، وسَكْرانُ، والأُنثى سَكِرَةٌ وسَكْرَى وسَكْرَانَةٌ؛ الأَخيرة عن أَبي علي في التذكرة. قال: ومن قال هذا وجب عليه أَن يصرف سَكْرَانَ في النكرة. الجوهري: لغةُ بني أَسد سَكْرَانَةٌ، والاسم السُّكْرُ، بالضم، وأَسْكَرَهُ الشَّرَابُ، والجمع سُكَارَى وسَكَارَى وسَكْرَى".
    وكتب إبن فارس في المقاييس: "السين والكاف والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حَيرة. من ذلك السُّكْر من الشراب. يقال سَكِر سُكْراً، ورجلٌ سِكِّير، أي كثير السُّكْر..... والسَّكْر حَبْس الماء".إنتهى وما زال أهل العراق يستعملون كلمة "السَّكر" للحديث عن المكان الذي يحتبس فيه الماء في النهر وهو كما يبدو من فصيح العربية.

    قل: هاتِ المَحْبَرَة
    ولا تقل: هاتِ المِحْبَرَة
    وكتب الكسائي: " وتقول: هاتِ المَحْبَرَة بفتح الميم، على مثال مَفْعَلَة. وكذلك جلست في المَشْرَفة. وكذلك مَرَرت بالمَقْبَرَة وكذلك حلقت مَسرَبَتي، والمَسربَةُ شعر الصدر."
    وما كان من الآلات مما يرفع ويوضع مما في أوله ميم فاكسر الميم أبداً، إذا كان على مِفْعَل و مِفْعَلَة، وتقول في ذلك: هذا مِثقَب، ومِقْوَد، ومِنْجَل، ومِبَرَد، و مِقْنَعَة، ومِصْدَغَة، ومِجهَرَة ومِسْرَجة، ومِشْرَبة، ومِرْفَقَة، ومِخَدّة، و مِحَسَّة، و مِظَلَّة، فهذا كله مكسور الأول أبداً، سوى، مُنجَل، و مُسعَط، ومُدهَن، ومُدُقّ، ومُكحَلَة، فإن هذا الأحرف جاءت عن العرب بضم الميم."
    وتوسع الحريري في هذا فكتب: " ويقولون : مَطرد ومَبرد ومَبضع ومَنجل ، كما يقولون : مَقرعة ، ومَقنعة ، ومَنطقة ، ومَطرقة ، فيفتحون الميم من جميع هذه الأسماء وهو من أقبح الأوهام وأشنع معايب الكلام، لأن كل ما جاء على وزن مَفْعَل ومَفْعَلَة من الآلات المستعملة المتداولة فهو بكسر الميم كالأسماء المذكورة ونظائرها ، وعليه قول الفرزدق في مرثية سائس:
    ليبك أبا الخنساء بغل وبغلة ** ومِخلاة سوء قد أضيع شعيرها
    ومِجرفة مطروحة ومِحسة ** ومِقرعة صفراء بال سيورها

    وإنما كسر الميم من محسة لأن الأصل فيها محسسة ، فأدغم أحد الحرفين المتماثلين في الآخر وشدده ، والمشدد يقوم مقام حرفين كما فعل في نظائرها، مثل مِحفة ومِخدة ومِظلة ومِسلة.
    من وهمهم أيضا في هذا النوع قولهم لما يروح به: مَرْوَحَة بفتح الميم، والصواب كسرها. وأخبرني أبو القاسم الحسين بن محمد التميمي المعروف بالباقلاوي قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو عمرو الهزاني عن عمه أبي روق عن الرياشي عن الأصمعي قال: قال أبو عمرو بن العلاء: بلغنا أن عمر رضي الله عنه كان ينشد في طريق مكة:
    كأن راكبها غصن بمَروحة ** إذا تدلت به أو شارب ثمل
    ثم قال لنا أبو عمرو: المَروحة بفتح الميم: الموضع الكثير الريح، والمِروحة بالكسر ما يتروح به.
    وهذا الذي أصله أهل اللغة من كسر الميم في أوائل أسماء الآلات المتناقلة المصوغة على مِفْعَل ومِفْعَلَة، هو عندهم كالقضية الملتزمة والسنة المحكمة، إلا أنهم أشذوا أحرفا يسيرة منه، ففتحوا الميم من مَنقبة البيطار، وضموها في مُدهن ومُسعط ومُنخل ومُنصل ومُكحل ومُدق، وقيل فيه مِدق بالكسر على الأصل، ونطقوا في مِسقاة ومِرقاة ومِطهرة بالكسر، قياسا على الأصل، وبالفتح لكونها مما لا يتناقل باليد." إنتهى

    قل: إنزلق إلى حافَةِ الوادي (بفاء مخففة)
    ولا تقل: إنزلق إلى حافَّةِ الوادي (بفاء مشددة)
    وكتب إبراهيم اليازجي: ""ويقولون حافَّة الوادي فيشددون الفاء ويجمعونها على حفافي وصوابها حافة بالتخفيف والمشهورة في جمعها حافَات على لفظ المفرد وتجمع أيضاً على حِيَف بالكسر مثل غادة وغيد...... وربما قالوا في جمعها حوافي كأنهم جمعوا حافية وهو كذلك مسموع من بعض عامتنا وقد ورد في شعر للطرماح رواه صاحب لسان العرب ثم قال فسر بأنه جمع حافة ولا أدري وجه هذا إلا أن تجمع حافة على حوائف كما جمعوا حاجة على حوائج وهو نادر عزيز ثم تقلب." إنتهى
    وكتب إبن منظور في لسان العرب: "وحافةُ كل شيء: ناحِيَتُه، والجمع حيَفٌ على القِياسِ، وحِيف على غير قياس. ومنه حافَتا الوادي، وتصغيره حُوَيْفةٌ، وقيل: حِيفةُ الشيء ناحيته."
    وجاء في العباب الزاخر: "الواحد: حاف -بتخفيف الفاء. الوادي: جانباه، وكذلك حافَتا كل شيء. وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال للنساء: ليس لكن إن تحققن الطريق؛ عليكن بحافَات الطريق."
    وكتب إبن منظور في لسان العرب في باب "حفف":"حَفَّ القومُ بالشيء وحَوالَيْه يَحُفُّونَ حَفّاً وحَفُّوه وحَفَّفوه: أَحْدَقُوا به وأَطافُوا به وعَكفوا واسْتَداروا، وفي التهذيب: حَفَّ القوم بسيدهم. وفي التنزيل: وترى الملائكة حافّين من حول العرش."
    فيتضح مما جاء في معاجم العربية أن "حافَة" بتخفيف الفاء هي جانب الوادي، أما "حافَّة" فهي ما يحدق بالشيء أو يحيط به.

    قل: هي مجموعات إرهابية موجودة في لبنان وسورية
    ولا تقل: هي مجموعات إرهابية متواجدة في لبنان وسورية
    وشاع على ألسن الناس، ونقله الإعلام، خطأ شنيع في إستعمال كلمة "تواجد" بمعنى "وجود" أو "حضور" وهي ليست كذلك. فنكاد نسمع بشكل مستمر قول من يقول "أين يتواجدون" أو "تواجد عدد كبير من الناس في المكان" أو "على الناس التواجد في مكان ما"، وما شابهه كثير.
    وإذا نظرنا في الصحاح وجدنا الفرق بين الإثنين.
    "وَجَدَ مطلوبه يَجِدُهُ وُجوداً. ووَجَدَ ضالَّته وِجْداناً. وَوَجَدَ عليه في الغضب مَوْجِدَةً، ووِجْداناً أيضاً، حكاها بعضهم......ووَجَدَ في الحزن وَجْداً بالفتح، ووَجَدَ في المال وُجْداً ووِجْداً وجِدَةً، أي استغنى...... وتَوَجَّدْتُ لفلانٍ: أي حزِنت له”. ولم يرد عن العرب إستعمال الفعل "تواجد" فهو إستعمال معاصر قد لا يتعدى محاولة ترجمة كلمة فرنسية أو إنكليزية كما هو الأمر في أكثر حالات هذا الدخيل على العربية. فإذا افترضنا جواز إستعمال "تواجد" فهي لا يمكن أن تعني "وجد" أو "حضر". لأن "تواجد" هي إظهار الحزن وليس الحضور أو الوجود في مكان معين. فقل"وجود" ولا تقل "تواجد" إذا قصدت هذا المعنى.

    وللحديث صلة....
    عبد الحق العاني
    20 شباط 2014
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #15
    قل ولا تقل / الحلقة الخامسة والعشرون
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟

    قل: أمحمدٌ في الدار أم مستأجرها؟ وقل: أمقيمٌ أنت أم مسافر؟ وقل: أأردت هذا أم لم ترد؟
    ولا تقل: هل محمدٌ في الدار أم مستأجرها؟ ولا تقل: هل مقيم أنت أم مسافر، ولا تقل: هل أردت هذا أم لم ترد؟
    وذلك لأن الهمزة هي الأصل في الإستفهام، قال الزمخشري في المفصل: "والهمزة أعم تصرفاً في بابها من اختها (هل). تقول أزيد عندك أم عمرو؟ يعني لا يجوز في الكلام العربي الفصيح أن يقال: هل زيد عندك أم عمرو؟ فإذا استعملنا حرف العطف (أم) للتعيين بدل الإستفهام وجب أن نستعمل معها همزة الإستفهام ولا نستعمل "هل"، كقوله تعالى: "وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا؟، وقوله تعالى: "فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۖ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ؟". وقال الشاعر:
    فَقُمتُ للطّيفِ مُرتاعاً وأرَّقَني فَقُلتُ أهلي سَرتْ أم عادني حُلمُ؟
    وتحذف الهمزة في الشعر خاصة إذا دل عليها دليل كقول ابن أبي ربيعة:
    لعمرك ما أدري وإن كنت دارياً بسبعٍ رَمَينَ الجَمرَ أم بثماني
    أراد أبسبع رمين الجمر أم بثماني. (م ج)

    قل: ألا يجوز أن يكون الأمر كذا وكذا
    ولا تقل: هل لا يجوز أن يكون الأمر كذا وكذا
    وكتب إبراهيم اليازجي: "ويقولون هل لا يجوز أن يكون الأمر كذا وكذا وهل لم تزر زيداً وهل ليس عمرو في الدار، فيدخلون هل على النفي وهي مخصوصة بالإثبات وأكثرهم يكتب هل لا كلمة واحدة على حد كتابة "هلا" ...وقد وقع مثل هذا لإبن الجوزي في كتاب عقلاء المجانين حيث قال "هلا" يدل هذا على نقصان العلم والصواب استعمال الهمزة في كل ذلك". إنتهى

    قل: نُقطة ونِقاط ونُطفة و نِطاف
    ولا تقل: نُقاط ونُطاف
    وكل اسم على هذا الوزن يجوز جمعه على فِعال وإن لم يسمع الجمع من العرب، كما يجوز جمعه على فُعل كنُقط ونُطف، وهو الجمع الأشهر. ثم إن وزن "فُعال" ليس من أوزان الجموع، وما جاء من الجمع على فُعال فهو شاذ ومن قبيل التوهم في سماع الألفاظ. (م ج)

    قل: لا أفعل ذلك، ولن أفعله
    ولا تقل: سوف لا أفعله، ولا سوف لن أفعله
    وذلك لأن "سوف" من الحروف التي تدخل على الفعل المضارع فتجعله للإستقبال وتصرفه عن زمان الحال، ولا تدخل إلا على الفعل المثبت، ولا يجوز الفصل بينها وبين الفعل. ومن المعلوم أن قولنا "لا أفعل ذلك ولن أفعله" من الأفعال المنفية وإن قولنا "سوف لا أفعل ذلك وسوف لن أفعله" فيه غلطتان إحداهما إدخال "سوف" على الفعل المنفي، مع أنها للمستقبل المثبت، والأخرى هي الفصل بين سوف والفعل بفاصل هو "لا" و "لن" وجميع ما ورد في القرآن الكريم من استعمال "سوف" هو للإثبات. قال تعالى في سورة التكاثر: "أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ". وقد ورد استعمال "سوف" مفصولاً بينها وبين الفعل لضرورة الشعر ومع ذلك وردت للإثبات، قال عبد الله بن المعتز:
    أروح للشعرة البيضاء ملتقطاً فيُصبح الشيب للسوداء مُلتقطا
    وسوف لا شَكَّ يُعييني فأترُكُهُ حَتَّامَ استخدم المقراض والمُشطا
    أراد "سوف يعييني فأتركه ولا شك" فاقحم "لاشك" بين سوف والفعل "يعييني". فقل: لا افعل ذلك ولن أفعله، ولا تقل: سوف لا أفعله ولا سوف لن أفعله. (م ج)
    وسبق أن كتب الحريري: "ومن أقبح أوهام جمهرة من كتاب العصر قولهم: سوف لن أفعل ذلك، وسوف لا أفعل ذلك، فيفصلون بين سوف والفعل بـ لا ولن وسواهما، وهذا مالا تجيزه اللغة. ذلك أن السين وسوف حرفان يختصان بالمضارع ويمحضانه للاستقبال، ولا يجوز أن يفصل بينهما وبين الفعل فاصل.
    فإذا أردت الحال قلت: أنا أسافر.
    وإذا أردت الاستقبال قلت: أنا سأسافر، أو سوف أسافر.
    وإذا أردت النفي قلت: لن أسافر غدا.
    ورب معترض على هذه القاعدة بقوله تعالى: "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ". ونجيب هذا المعترض بالقول: إن لام التوكيد دخلت على الفعل لا على الحرف، لأن العرب اشتقت من سوف فعلا فقالت: سوفت الرجل تسويفا، أي ماطلته وصبرته.
    ومنه ما ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المسوفة من النساء، وهي التي لا تجيب زوجها إذا دعاها إلى فراشه. ونظيره ما أنشده سيبويه لابن مقبل:
    لو سوفتنا بسوف من تجنبها سوف العيوف، لراح الركب قد قنعوا
    وكتب عبد الهادي بوطالب في سوف ولن نقتبس منه شيئاً: "لكن ماذا عن التعبير الشائع سوف لن يكون؟ هذا التعبير أيضا خطأ، لأنه يجمع بين أداتين (سوف، ولن) وكلتاهما تفيد الاستقبال. فهو حشْوٌ بمعنى زائد...... و"سوف لن" خير مثال للحشو. إذ "سوف" تفيد الاستقبال، و"لن" أداة استقبال أيضا. وبذلك تكرر الاستقبال مرتين بدون أن تحمل الزيادة فائدة. لأن المعنى يستقيم بالاقتصار على "سوف" أو على "لن". وبما أن "لن" تفيدُ النفي والاستقبال وينصب الفعل المضارع بعدها فلنقل إذن: "ولن يكونَ هذا الأمرُ" بدلا من: "وسوف لن يكون". إنتهى

    قل: كانت السفينة لمساكين يعملون في البحر
    ولا تقل: كانت السفينة لفقراء يعملون في البحر
    وكتب إبن قتيبة: "ومن ذلك: " الفقير، والمسكين" لا يكاد الناس يفرقون بينهما، وقد فَرَق الله تعالى بينهما في آية الصدقات فقال جل ثناؤه: "إنما الصَّدَقَاتُ للفُقَراءِ والمَسَاكين" وجعل لكل صنف سَهْمَاً، والفقير: الذي له البُلْغة من العيش، والمسكين: الذي لا شيء له، قال الراعي:
    أمَّا الفقيرُ الَّذي كانتْ حلُوبَتُهُ ... وَفْقَ العِيالِ فَلَمْ يُتركْ لهُ سَبَد
    فجعل له حَلُوبة، وجعلها وَفْقاً لعياله، أي: قوتاً لا فَضْلَ فيه".
    وأضاف ابن السكيت على ذلك فكتب: " وقال يونس: قلت لأعرابي: أفقير أنت؟ قال: لا والله، مسكين."إنتهى
    فاختلف علماء العرببة على الفرق بين "الفقير" و"المسكين" منذ عصر مبكر. ولا يبدو لي أن أياً من ابن قتيبة أو إبن السكيت أصاب في التفريق حيث اتفقا على أن "الفقير" له بلغة في العيش، أما "المسكين" فهو من لا شيء له. ولا أدعي أن علمي بلغة العرب يقترب من اي منهما، لكني أجد في الكتاب الكريم ما يرد عليهما. فقد قال عز من قائل في قصة موسى (ص) وصاحبه في سورة "أهل الكهف" قول الخضر (ص): "أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ". فكيف يوصف من لديه سفينة بأن لا شيء له؟ ولعل ما يؤيد هذا الإستنتاج قوله تعالى في الآية التي أورها إبن قتيبة حيث قدم تعالى الفقراء على المساكين في إستحقاق الصدقات ثم أتبعهما بالعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم فهو تعالى وضع سلم توزيعها مبتدءاً بالأكثر حاجة إلى الأقل حاجة فيكون الفقراء أكثر حاجة لها من المساكين مما يعزز القناعة بأن الفقراء أقل مالاً من المساكين وليس العكس كما أكد كل من إبن قتيبة وإبن السكيت. أما الإستشهاد ببيت الراعي فليس حجة إذا كان الإستشهاد بالقرآن يرده.

    قل: غَثَت نفسي وغَلَتْ القدر
    ولا تقل: غَثِيَت نفسي وغَلِيَت القدر
    وكتب الكسائي ذلك. ثم كتب بعده إبن السكيت: "ويقال: قد غلت القدرُ تغلي غلياً وغلياناً، ولا يقال: غليت. قال أبو الأسود الدؤلي:
    ولا أقول لقدر القوم: قد غليت ... ولا أقول لباب الدار: مغلوق" إنتهى
    وجاء في الصحاح: " غَلَتِ القدر تَغْلي غَلْياً وغَلَياناً." وكتب إبن منظور في لسان العرب: " غَلَتِ القِدرُ والجَرَّةُ تَغْلي غَلْياً وغَلَياناً وأَغْلاها وغَلاَّها، ولا يقال غَلِيتْ؛ قال أَبو الأَسود الدُّؤَلي: ولا أَقولُ لِقدرِ القَوْمِ: قدْ غَلِيتْ، ولا أَقولُ لبابِ الدَّارِ: مَغْلُوقُ أَي أَني فَصِيح لا أَلْحَنُ."
    وكتب إبن فارس في المقاييس: "الغين واللام والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ في الأمر يدلُّ على ارتفاع ومجاوَزةِ قَدْر...... وغَلَتِ القِدْرُ تَغْلِي غَلَياناً."

    قل: لا يلقى هذا الكلام أذن مصغية
    ولا تقل: لا يلقى هذا الكلام أذنٌ صاغية
    وكتب عبد الهادي بوطالب: "وشاع تعبير "لا يلقى أُذناً صاغية" والصواب مُصْغِية. فعل صغا الثلاثي المجرد يعني مال إلى. وفي القرآن الكريم: "إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا" أي مالت القلوب برضاها. كما جاء بصيغة صَغِيَ يَصْغَى في قوله تعالى: "وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ".
    أما في معنى الاستماع فيُستعمَل الرباعي: أَصْغَى يُصْغِي إصغاءً. واسم الفاعل المذكر "مُصْغٍ" والمؤنث مُصْغِية (أذُن مُصْغِية). وأصغى لا يعني مجرد الاستماع، ولكن حسن الاستماع والاهتمام يما يُسمَع. وجاء في بعض المعاجم العربية الحديثة تعبير : "كلنا آذان صاغية". وذلك تَبَنٍّ لخطأ شائع." إنتهى
    وكتب إبن منظور في لسان العرب: "صَغا إليه يَصْغى ويَصْغُو صَغْواً وصُغُوّاً وصَغاً: مال، وكذلك صَغِيَ، بالكسر، يَصْغى صَغىً وصُغِيّاً...... وصاغِيةُ الرجل: الذين يميلونَ إليه ويأْتونه ويَطْلُبون ما عنده ويَغْشَوْنَه؛ ومنه قولهم: أَكرِموا فلاناً في صاغَيتِه.... وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه: كان إذا خلا مع صاغيته وزافِرتهِ انْبَسط".
    ويبدو أن من استعمل عبارة "أذن صاغية" قاس في ذلك على قوله تعالى "وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ". لكنه غاب عنه أن كلمة واعية مشتقة من الفعل الثلاثي "وعى" وقد عرفه لسان العرب بقوله:" وعَى الشيء والحديث يَعِيه وَعْياً وأَوْعاه: حَفِظَه وفَهِمَه وقَبِلَه، فهو واعٍ"، وليس من الفعل "أوعى"، كما هو الحال في الفرق بين إستعمال "صغا" و "أصغى" والذي بينه بو طالب أعلاه.
    قل: بدأ بيكر أمس زيارته للسعودية ضمن جولته لمنطقة الشرق الأوسط
    ولا تقل: ضمن جولته لمنطقة الشرق الأوسط ، بيكر، بدأ أمس زيارته للسعودية
    وكتب المرحوم الدكتور إبراهيم السامرائي مقالاً بعنوان "ضرب من التطور في الصحافة العربية" حاول فيه تلمس لغة الصحافة الجديدة والدخيلة على العربية، وذهب أبعد من ذلك لإيجاد الأعذار للتخبط الوارد أحياناً فيها. لكنه مع ذلك لم يستطع أن يخفي شعوره بالخيبة في ما ورد ويرد كل يوم في الكثير منها ونأخذ من ذلك أمثلة. فكتب:
    "وقرأت أيضاً: (( .... ضمن جولته لمنطقة الشرق الأوسط ، بيكر
    [ الوزير الأمريكي ] بدأ أمس زيارته للسعودية )) .
    أقول: هذه لغة صحفية لا نعرفها في العربية التي لا تجيز عود الضمير على متأخر إلا في سياقات خاصة وردت في بعض الشواهد الشعرية القديمة، غير أن هذا جائز في اللغات الأعجمية ، فكان علينا أن نحمله على العربية ونهيّء أذهان القراء وأذواقهم إلى تقبّل هذا الجديد المحمول إلينا." إنتهى
    ولعمري لا أدري لماذا تساهل المرحوم السامرائي مع هذه الإستهانة بعقولنا ولغتنا فدعى أن نهيء أذواق القراء لقبول هذه التفاهات والجهالة في اللغة؟ أما كان الأصوب القول بأن هذا اللغو غير جائز وأنه آن الأوان أن لا يكتب للعرب إلا من يعرف لسان القوم وليس كل من أمسك بقلم أو وضع أصابعه على مفاتيح الحاسوب؟
    فالعنوان الذي أختاره السامرائي للتعليق مأخوذ من خبر مترجم عن الإنكليزية وربما كان من وكالة أنباء "رويترز"، ذلك لأن الخبر بالإنكليزية يكون سليما إذا أبتدأ بالقول "During his tour of the Middle East, Baker….." لكنه ليس سليماً إذا صيغ هكذا باللغة العربية. ولما كان أغلب رجال الإعلام العرب من أنصاف المتعلمين فإن الكارثة اليوم أكبر من تلك التي تحدث عنها المرحوم مصطفى جواد قبل خمسين عاماً عن تأثير مترجمي الأفلام السنمائية على الجمهور لأن الحاسوب والهاتف النقال دخلا في كل بيت ودخل معهما تجهيل الإعلام العربي.

    قل: عاد من بغداد وزير الإسكان ناقلاً رسالة جوابية للأخ رئيس مجلس الرئاسة
    ولا تقل: ناقلاً رسالة جوابية للأخ رئيس مجلس الرئاسة وزير الإسكان يعود من بغداد
    وكتب إبراهيم السامرائي في المقال نفسه: "ومثل هذا ما قرأت أيضاً: ((ناقلاً رسالة جوابية للأخ رئيس مجلس الرئاسة وزير الإسكان يعود من بغداد )) .
    أقول: وهذه (( الخلبطة )) في سوء النظم وفساد التركيب أدهى وأمر مما لحن فيه من أمر عود الضمير على ما هو متأخر في البناء السليم من العربية ، وأنه (( قرزحة )) صحفية بل عدوى داء حملت إلينا." إنتهى
    وفي هذا الخبر إلى جانب ما ذكره السامرائي من عيب، فحش آخر ما انفك الإعلام العربي المسموع أو المرئي أو المقروء يخدش أسماعنا أو أبصارنا به في عدم التمييز بين الفعل الماضي والفعل المضارع. فالمذيع يقول لنا في كل مناسبة إن "الرئيس يعود.." و "المؤتمر ينعقد.." وما كان على شاكلتها يريد بها أحداثاً وقعت أمس أو قبل إذاعة الخبر دون أن يفهم أن الفعل المضارع يعبر عن الحدث وقت وقوعه وليس بعده، مما يقتضي أن يعني الخبر أن الرئيس، على سبيل المثال، "يعود" أثناء إذاعة الخبر وهو ليس المقصود. ولعل من أعجب العجب أن هؤلاء الجهلة من الإعلاميين العرب ومعدي الأخبار الذين تعودوا الترجمة عن الإنكليزية والفرنسية لم يأخذوا عن سادتهم الإنكليز أو الفرنسيين القاعدة التي لا تجير إستعمال الفعل المضارع للتعبير عن الماضي.

    قل: سيناقش مجلس النواب يوم السبت القادم تقرير لجنة الحريات حول مشروع قانون الأحزاب مبتدئاً بذلك أعمال الفترة الثالثة من الدورة الأولى
    ولا تقل: مبتدئاً أعمال الفترة الثالثة من الدورة الأولى .... السبت القادم مجلس النواب يناقش تقرير لجنة الحريّات عن مشروع قانون الأحزاب
    وكتب إبراهيم السامرائي في المقال نفسه: "وقرأت في نظائر هذا وأشباهه الكثير من عبث الصحفيين بسماحة العربية وانتهي منه بما اجتزئ في هذا الموجز، وهو: (( مبتدئاً أعمال الفترة الثالثة من الدورة الأولى .... السبت القادم مجلس النواب يناقش تقرير لجنة الحريّات عن مشروع قانون الأحزاب ... )) .
    أقول : لا أدري كيف أقول في عبارة لا أنت بالقادر على أن ترمّ بناءها فقد استهدم حتى بدا آيلاً إلى التدهور والسقوط. لقد مكر هؤلاء القائلون، فهل أتى أهل العلم بنيانهم من القواعد؟" إنتهى
    بلى والله لقد أتى تعالى بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من ألف عام. فهؤلاء القوم لا يعرفون قيمة ما أعطاهم رب العزة في اللغة التي نطق بها تشريفاً لبني آدم، فأصبحت اللغة عندهم كقول الشاعر "من باع دراً على الفحام ضيعه".
    وللحديث صلة....
    عبد الحق العاني
    4 آذار 2014
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  6. #16

  7. #17
    قل ولا تقل / الحلقة السابعة والعشرون
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟

    قل: أمر مُهم وقد أهمَّه الأمر
    ولا تقل: أمر هام وقد همَّه الأمر
    قال الراغب الأصبهاني في مفردات غريب القرآن: وأهمّني كذا أي حملني على أن أهم به، قال تعالى: "وطائفة قد أهمّتهم أنفسهم". فالأنفس مهمَّة إذن لا هامَّة فالشيء المهم هو الذي يبعث الهمة في الإنسان ويجعله يهم ويقلقه أحياناً. ونقل اللفظ من الوصفية الى الإسمية فقيل له "المُهم" وجمع على "المهام" تكسيراً وعلى "المهمات" تصحيحاً. وهو بالبداية اسم فاعل من أهمّه يُهمّه إهماماً.
    والهام هو المحزن وهو من همَّه أي أحزنه حزناً يذيب الجسم، ولا محل له في تلك الجملة. وقال ابن السكيت وهو الدليل الخريت في اللغة العربية، قال في كتابه اصلاح المنطق: "ويقال قد أهمّني الأمر: إذا أقلقك وأحزنك، ويقال قد همّني المرض اي أذابني....ويقال همّك ما أهمّك".
    وجاء في لسان العرب: "ويقال: همَّك ما أهمّك، جعل "ما" نفياً في قوله ما أهمك اي لم يهمك. ويقال: معنى ما أهمك اي ما أحزنك أو ما أقلقك أو ما أذابك، يريد أن "ما" في الوجه الثاني تكون إسماً موصولاً، ومرادنا من إيراد هذه الجملة المبهمة هو فعلها الرباعي "أهمك يهمك إهماماً" فهو المستعمل عند العرب في مثل هذا المعنى.
    وجاء في لسان العرب ما يُلبس المعنى على القارئ غير الفطن، قال: "الهمُّ: الحزن وجمعه هموم، وهمّه الأمر همّاً ومهمّة وأهمّه فاهتمّ واهتمّ به". أراد بقوله: همه الأمر: أحزنه لأنه بدأ المادة بتفسير الهم، مع ان قولنا أهمني الأمر يُهمني يعني جعلني أهم به بدلالة ما نقل صاحب اللسان بعد ذلك، قال: "وفي حديث سطيح (شمر فانك ماضي الهم شمَير) أي إذا عزمت على شيء أمضيته والهم ما هم به الإنسان في نفسه تقول: أهمني هذا الأمر". هذا ولو صحت دعوى أن "همه الأمر" بمعنى "أهمّه الأمر" الذي اشتق منه المهم وجمعه المهام والمهمات لسمت العرب "المهم" باسم "الهام" ولجمعته على "هوام وهامات"، ولكن هذا لم يكن ولم يُصر اليه قط. فالهام لم يرد في لغة العرب بمعنى المهم.
    ثم أن "همَّ" بهذا لو كان فصيحاً لأستعمله الفصحاء في كلامهم وخطبهم ورسائلهم ولورد في القرآن الكريم، فالوارد فيه هو الرباعي. قال تعالى في سورة آل عمران: "وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظنّ الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء".
    نضيف الى ذلك أن "همّ" لو صح بمعنى "أهمّ" في المعاني المشار اليها لفضله الفصحاء على الرباعي لأن قاعدة الفصاحة العامة في ذلك تفضيل الثلاثي على الرباعي إذا كانا بمعنى واحد إلا إذا نُبّه على العكس بالنص والتصريح، فنعشه أفصح من أنعشه، ورجعه أفصح من أرجعه، ووقفه أفصح من أوقفه، ونقصه أفصح من أنقصه، وعاقه أفصح من أعاقه، ونتجه أفصح من أنتجه، وغاض الماء يغيضه أفصح من أغاض الماء.
    أما الشواهد على رجحان "أهمّه يُهمّه فهو مُهم" على قولهم "همّه يهمه فهو هام" بعد شواهد القرآن الكريم فكثيرة، كقول ابن المقفع في كليلة ودمنة "ويرتاح اليه في جميع ما أهمّه" وقوله "فأهمّه ذلك وقال: ما كان للأسد أن يغدر بي".
    وجاء في نهج البلاغة "ما أهمّني أمر أمهلت بعده حتى أصلي ركعتين وأسأل الله العافية". وقال أبو زينب بن عوف يخاطب عمار بن ياسر: "وما احب أن لي شاهدين من هذه الأمة شهدا لي عما سألت من هذا الأمر الذي أهمني مكانكما". ذكر ذلك نصر بن مزاحم في أخبار صفين وقال البراض على رواية الفصحاء:
    وداهية تُهمّ الناس قبلي شددت لها بني بكر ضلوعي
    هدمت به بيوت بني كلاب وأرضعت الموالي بالضروع
    وقال عمر بن الخطاب (رض): "دلوني على رجل استعمله على أمر قد أهمّني"، ذكر ذلك البهيقي مؤلف المحاسن. (م ج) إنتهى
    وكان الشيخ إبراهيم اليازجي قد سبق أستاذنا الفاضل مصطفى جواد حين كتب في "لغة الجرائد": "ان الكتاب يستعملون لفظ (هامّ) ثلاثيًّا لا يكادون يخرجون عنها في الاستعمال، والأفصح: مهمّ الرباعي، وعليه اقتصر في الصحاح والأساس".
    فرد على "لغة الجرائد" الأستاذ سليم الجندي ، وهو أحد علماء الشام، فذكر ما عده أغلاط اليازجي في كتيب نشر في دمشق عام 1935 بعنوان: "إصلاح الفاسد من لغة الجرائد". ومنها رده على هذا الرأي بما جاء في القاموس والتاج، “وهو: همّه الأمر كأهمه، فقد جعلوا الثلاثي والرباعي متماثلين ولم يذكروا أن أحدهما أفصح من الآخر”. وحين عدت للقاموس وجدت فيه قول الفيروزأبادي: "وهَمَّه الأَمْرُ هَمّاً ومَهَمَّةً: حَزَنَه، كأَهَمَّه فاهْتَمَّ". وقد يجد القارئ الفطن ما شرحه العالم مصطفى جواد كافياً للرد على الجندي. فإن لم يكن ذلك كافياً فإن صاحب القاموس قد لا يكون صائباً في إنفراده في أن "همه" و "أهمه" واحد.. وفوق كل ذي علم عليم.

    قل: أهَمّية الشيئ بتشديد الميم وفتح الهاء
    ولا تقل: أهْمية الشيء بتسكين الهاء
    وذلك أن كلمة "أهمّية" مشتقة من "أهمّ" اسم التفضيل المعروف أيضاً بأفعل التفضيل و "أهم" مأخوذ من الفعل الرباعي "أهمّ يُهمّ إهماماً" واسم الفاعل "مُهمّ" ولم يثبت عندي وجود صوغ اسم التفضيل من الفعل الثلاثي فهو يصاغ من الثلاثي والرباعي الذي على وزن "أفعل يفعل" كأسنّ الرجل يسن إسناناً أي كبر وشاخ. تقول: هو أسنّ من فلان. ولا وجب عندي أن يصاغ من الفعل المبني للمعلوم فهو يصاغ من المبني للمجهول نحو "عُرف الضمير" و "هذا الضمير أعرف من غيره" و "خِيف الأمر" و "هذا الأمر هو أخوف ما أخاف عليكم"، و "قيس الفعل" و "هذا الفعل أقيس من ذاك".
    والأهمية عند الصرفيين المتأخرين تسمى "مصدرا صناعياً" وليس لهذه الصيغة صيغة المصدرية، وأنا أسميها " الإسم الصناعي" وسبيل اشتقاقه أن يختم الإسم بياء مشددة وتاء تأنيث "كالهُوية" من هو و "الماهية" من ماهو و "الكمية" من كم و "الكيفية" من كيف و "الإنسانية" من الإنسان، و "الفردية" من الفرد و "الجمعية" من الجميع، و"الفاعلية" من الفاعل، و "الجاهلية" من الجاهل و "المفعولية" من المفعول و "المصدرية" من المصدر و "المسؤولية" من المسؤول، و "المحكومية" من المحكوم و "البشرية" من البشر، و "القابلية" من القابل وهلم جرا إلى ما نهاية له، وهذا من خصائص لغة العرب العظيمة. (م ج)

    وجاء في ملحق مفردات أوهام الخواص للحريري: "وكثيرا ما تحملهم أوهامهم إلى عدم التمييز بين أفعال المضارعة ذات الأصل الواحد ، بسبب اختلاف حركاتها ، فيضعون هذا مكان ذاك ويخلطون الحابل بالنابل، الأمر الذي يخل بالمعنى ويؤدي إلى فساد المبنى. فمن أمثلة ذلك أنهم لا يفرقون بين يَهمُّ (بفتح الياء وضم الميم) ويُهِمُّ ( ضم الياء وخفض الهاء)، ويَهِمُّ (بفتح الياء وخفض الهاء).
    فالأول من الاهتمام، كأن تقول: يهمني أن أراك ناجحا. والثاني من الهم أي الحزن.... والثالث من الفعل: هم بالأمر يهم ويهم هما وهمة: أي نواه وأراده وعزم عليه، ومنه قوله تعالى في قصة زليخا والنبي يوسف، على نبينا وعليه السلام: "ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه". وقوله تعالى أيضا:"وهموا بما لم ينالوا".

    قل: أوكلت إليه مُهِمَّةٌ من المُهِمَّات
    ولا تقل: أوكلت إليه مَهَمَّةٌ من المَهَمَّات
    ومما إنتشر خصوصاً في الإعلام المسموع والمرئي حين لا يتبين ذلك في الإعلام المقروء قول المذيعة بإصرار متميز وهي تنطق كلمة "مَهَمَّة" كاشفة عن محدودية مفرداتها لأنها تريد "مُهِمَّة". وفي ذلك كتب عبد الهادي بو طالب:
    "بدأ يشيع في لغة الإعلام ضبط الميم بفتحها في كلمة مُهِمّة وفتح الهاء (مَهَمَّة) والصواب ضم الميم وكسر الهاء (مُهِمَّة). وهي مذكر مُهِمّ. إذ نقول "أمر مُهِمٌّ"، و"قضية مُهِمَّة" وفعلها رباعي (أَهَمّ) وهو مُتعَدٍّ يتطلَّب مفعولا به. نقول : "أهمَّه الأمرُ" أي أخذ باهتمامه "أهَمَّ المعلّمَ (مفعول به مقدم) شأْنُ (فاعل مؤخر) تلميذِه فأعطاه عناية خاصة". ونقول "مُهِمَّة التعليم حرفة شريفة". و"مُهِمّة الصحافة أصبحت خطيرة".
    ونجمع المُهِمّة على مُهِمَّات (جمع المؤنث السالم)، أو على مَهامّ (جمع تكسير). ونقول:"مَهامّ الأمور". و"مَهامّ الحكومة". و"مَهامّ المنصب الحكومي".
    ونقول:"فلان مكلف بمُهِمّة في ديوان الوزير". و"بعثه الوزير في مُهِمّة". و"جاءت البعثة في مُهِمّة استطلاعية". أو"حضرت اللجنة للقيام بمُهمَّة تحقيق".
    أما المَهمّة على وزن مَفْعَلَة وتجمع على مَهَمَّات، فتعني موضع الاهتمام والقصد. ونقول "هذه القضية لا مَهَمَّة لي بها" أي ليست من اهتماماتي، ولا مما يشغلني، أو لا غرض لي بها، ولا أقصدها أو أرغب فيها."إنتهى


    وقد ذكرت أنفاً ما كتبه صاحب القاموس:"وهَمَّه الأَمْرُ هَمّاً ومَهَمَّةً: حَزَنَه"، فيكون من معاني "مَهَمَّة" الحزن. وكتب إبن منظور في باب "كود": "ويقال ولا مَهَمَّة لي ولا مَكادة أَي لا أَهُمُّ ولا أَكادُ". وهي ليس ما تريده المذيعة في تكليف المسؤول بمهمة.

    قل: ما نَقَمَتْ منه إلاّ عَجَلَتُه
    ولا تقل: ما نَقِمَتْ منه إلاّ عَجَلَتُه
    وكتب الكسائي: " وتقول: ما نَقَمَتْ منه إلاّ عَجَلَتُه بفتح القاف، لا يقال غيره. قال الله عز وجل "وما نَقَموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله." إنتهى
    وكتب إبن فارس في المقاييس في باب "نقم": " النون والقاف والميم أُصَيلٌ يدلُّ على إنكارِ شيءٍ وعَيبه.......ونَقَمْتُ عليه أَنْقِمُ: أنكرتُ عليه فِعلَه."
    وكتب الجوهري في الصحاح: " نَقَمْتُ على الرجل أَنْقِمُ بالكسر فأنا ناقِمٌ، إذا عتبت عليه. يقال: ما نَقَمْتُ منه إلا الإحسان. قال الكسائي: نَقِمْتُ بالكسر لغة." ويبدو أن الجوهري نقل قولاً للكسائي غير الذي جاء أعلاه وقد يكون ذلك بسبب أن الكسائي كان له رأي سابق ثم غيره لاحقاً فقال بجواز "نَقِمَ".

    قل: دَعْه حتى يَسْكُتَ عنه الغضبُ
    ولا تقل: دَعْه حتى يَسْكُنَ عنه الغضبُ
    وكتب الكسائي: " وتقول: دَعْه حتى يَسْكُتَ عنه الغضبُ بالتاء ولا يقال: "يسكن" بالنون. قال الله عز وجل "ولما سكت عن موسى الغضبُ".إنتهى
    ورغم ان إبن منظور كتب في لسان العرب خلاف ذلك حين قال: "وسَكَنَ الرجل: سكت، وقيل: سَكَن في معنى سكت." إلا أن أيا من القاموس المحيط أو الصحاح أو مقاييس اللغة لم يذكر هذا المعنى للفعل "سكن". فعرفه إبن فارس في المقاييس في قوله: " السين والكاف والنون أصلٌ واحد مطّرد، يدلُّ على خلاف الاضطراب والحركة. يقال سَكَن الشّيءُ يسكُن سكوناً فهو ساكن. والسَّكْن الأهل الذين يسكُنون الدّار."

    قل: أصابه ذُلٌّ بعد عِز (بضم الذال)
    ولا تقل: أصابه ذِلٌّ بعد عز (بكسر الذال)
    وكتب إبن قتيبة: "الذِّلُّ (بكسر الذال) ضد الصُّعوبة، و" الذُّلُّ" (بضم الذال) ضد العز، يقال " دابَّةٌ ذَلول بَيِّنةُ الذِّلِّ " إذا لم تكن صَعْباً، و "رَجُلٌ ذَليلَ بَيِّن الذُّلِّ". إنتهى
    وكتب إبن فارس في المقاييس في باب "ذل": " الذال واللام في التضعيف والمطابقة أصلٌ واحد يدلُّ على الخُضوع، والاستكانة، واللِّين. فالذُّل: ضِدّ العِزّ. وهذه مقابلةٌ في التضادِّ صحيحة، تدلُّ على الحكمة التي خُصَّتْ بها العرب دون سائر الأمم؛ لأنّ العزّ من العَزَازِ، وهي الأرض الصُّلْبة الشديدة...... والذِّلُّ خلاف الصُّعوبة."



    قل: تسلم وزير الخارجية اليمني رسالة من وزير الخارجية العراقي
    ولا تقل: تسلم وزير الخارجية اليمني رسالة من نظيره العراقي
    وكتب الدكتور إبراهيم السامرائي: "وقرأت : "إن وزير الخارجية يتسلم رسالة من نظيره العراقي". أقول: إن استعمال المحرر لـ " نظير" مأخوذ من اللغات الأجنبية ، فالوزير العراقي لا يصح أن نطلق عليه الوصف "نظير" لأنه يشغل هذا المنصب كالوزير اليمني ، ولكنها اللغة الجديدة التي تنقل الذي يدور ويعرف في اللغات الأجنبية." إنتهى
    وحبذا لو أن الأستاذ إبراهيم السامرائي توسع فيما كتب وخبرنا عن معنى "نظير" ولم دخل إستعمالها هذا في الخبر العربي. إذ أنه يبدو وكأنه افترض فهم القارئ لإيجازه في الكتابة. ذلك لأن محرر الخبر كما اشار له السامرائي إما ترجم الخبر عن الإنكليزية أو كان يفكر باللغة الإنكليزية حين كتبه. فقد ترجم الأصل الإنكليزي لعبارة “his counterpart” على أنها تأتي في العربية "نظير". وهي ترجمة غير موفقة وإن جاءت في عدد من القواميس المعاصرة للترجمة من الإنكليزية إلى العربية.. فالكلمة العربية التي تعبر عن الإنكليزية هي "المقابل" أو "النسخة" أو "المتمم"، لكنها ليست "النظير". فإذا بحثنا عن معنى "نظير" في العربية وجدنا ما كتبه إبن منظور في لسان العرب:
    "والنَّظِيرُ المِثْلُ، وقيل: المثل في كل شيء. ...وفلان نَظِيرُك أَي مِثْلُك لأَنه إِذا نَظَر إِليهما النَّاظِرُ رآهما سواءً. الجوهري: ونَظِيرُ الشيء مِثْلُه.
    وحكى أَبو عبيدة: النِّظْر والنَّظِير بمعنًى مثل النِّدِّ والنَّدِيدِ." وقد يظن من ليس له فطنة أن هذا المعنى يجيز للمترجم أن يستعمل كلمة "نظير". لكنه فهم محدود لأن المثل ليس كالأصل لهذا قال السامرائي بعدم جواز الإشارة للوزير اللعراقي على أنه نظير الوزير اليمني لأنه ليس وزيراً كمثله ولكنه وزير أصيل. فوزير الخارجية العراقي ليس "مثل" وزير الخارجية اليمني حتى يكون نظيره لأن وزير خارجية العراقي أصيل كالوزير اليمني والشيء لا يمكن أن يكون مثل نفسه!
    وقد نقل عن علي بن أبي طالب وهو سيد البلاغة أنه قال: "حَتَّى إِذا مَضَى لِسَبِيلِهِ جَعَلَهَا في جَمَاعَة زَعَمَ أَنَّي أَحَدُهُمْ. فَيَاللهِ وَلِلشُّورَى! مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الاْوَّلِ مِنْهُمْ، حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هذِهِ النَّظَائِرِ". فإستعمل أبو البلاغة "نظائر" وهي جمع "نظير" لتدل على هذا المعنى.

    وللحديث صلة....
    عبد الحق العاني
    30 آذار 2014
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  8. #18
    قل ولا تقل / الحلقة التاسعة والعشرون
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟

    قل: توفرت الشروط في الأمر الفلاني
    ولا تقل: توافرت الشروط (في الأمر الفلاني)
    وذلك لأن معنى "تَوَفّرت" بلغت العدد المطلوب والحال المرادة والحد المعين، أما معنى "توافرت" فهو تكاثرت وليس المراد تكاثر الشروط ودواعي وفارتها بل المراد كونها كاملة كما ذكر آنفاً. وكان الكتاب والمتكلمون اللغة الفصيحة يقولون "توفّرت الدواعي وتوفّرت الشروط" حتى خرج أسعد خليل تذكرته المسماة تذكرة الكاتب وقال: "ويستعملون الفعل توفر بمعنى وَفَرَ أو توافر أي كثر، فيقولون: يجب أن تتوفر فيه الخبرة التامة، وهذا الأمر لا تتوفر فيه الأسباب الكافية. وفي اللغة توفر عليه رعى حرماته وصرف همه إليه" إنتهى قوله.
    وقد أخطأ الرجل في الشرح والتصحيح، فقولهم: تتوفر فيه الخبرة التامة لا يراد به تكثر فيه الخبرة التامة، كما زعم أو ظن الرجل، لأن الكثرة لا حد لها فإلى أي مقدار تكثر الخبرة، ثم انهم لو أرادوا كثرة الخبرة ما قالوا "الخبرة التامة" فالتامة قيد للخبرة. وقد استعمل ابن خلدون وهو من فصحاء المتأخرين "توفّرت الدواعي" كما جاء في مقدمته، ونص قوله في أول مقدمته:
    "وهو علة ما ذكروه من الغرابة تتوفر الدواعي على نقله"، وبهذا نعلم أننا ينبغي أن نقول: "تتوفر الشروط على كذا" فهو أفصح من "تتوفر في كذا"، فتتوفر الشروط على كذا معناه تكون مقصورة عليه وخاصة به مع شرط الكمال وانتفاء النقصان. أمّا إنكاره ورود "توفر" بغير "على" فغير صحيح، وقد ذكر الشيخ ابراهيم اليازجي في لغة الجرائد (ص 15) شيئاً مفيداً في هذا الباب، قال: "إنهم يقولون شيء وافر أي تام لا نقص فيه.... وقال ابن حمدون في مروج الذهب: فتعجبت من ذلك في أول أمره ثم تبينت القصة فإذا انه يتوفر من ذلك في كل شهر مال عظيم".
    وخلاصة القول ان توفرت الأسباب والشروط والدواعي صحيح وان "توافرت" لا محل له لأنه بمعنى تكاثرت والتكاثر لا حد له. (م ج)

    قل: تَوَفّر عليه
    ولا تقل: تَوَفّر له
    قال الفصحاء "تَوَفّر الشيء عليه" لا له، و "توفّر فلان على فلان". ونحن لا نقول كقول اسعد خليل الداغري:
    "ويستعملون الفعل توفر بمعنى وفر أو توافر أي كثر فيقولون: يجب أن تتوفر في الخبرة التامة. وهذا الأمل لم تتوفر فيه الأسباب الكافية. وفي اللغة تَوَفّر عليه رعى حرماته وصرف همته اليه". فإن الرجل كان متسرعاً متترعاً بله أن تَوَفّر ورد في كلام الفصحاء وانه يختلف عن الفعل "توافر" فهذا بمعنى "تكاثر"، والقائل توفر لم يرد التكاثر بل أراد: تجمع وحصل، ولكنهم يستعملون "على" معه. قال زياد بن سمية: "ما يتوفر علي من تهالك غيرهم على العمارة وأمنهم جوري أضعاف ما وضعت عن هؤلاء".
    وقال رجل لآخر من أهل الكوفة: "وأنا أسألك أن تقوم معي الى رحلي فتكون في ضيافتي الى الكوفة وتتوفر دنانيرك عليك".
    وقال أبن بن عبد الحميد اللاحقي لأبي نؤاس: "فإن أنت توليته مع تشاغلك بلهوك ولذتك (لم يتوفر عليك فكرك) وخاطرك، ولم يخرج بالغاً في الجودة والحسن، وإن (توفرت عليه) واهتممت به قطعك ذلك عن لهوك ولذتك ومتعتك".
    قال مسكويه: "وكانت الكرامة (متوفرة عليه) من الأمير أبي عبد الله الحسين بن أبي علي العارض"، يعني البريدي. ثم قال: "وأومأ الى مصالحته على مال يحمله يقوم بما أنفق على ذلك العسكر (وتتوفر، بعد ذلك بقية على خزانة السلطان ويضمن إصلاح حاله".
    وقال الوزير أبو شجاع ناقلاً "فقال له الصوفي: هذا شيء نحب أن يتوفر عليك وقد علمت لأصحابنا ما يصلح لهم".
    وقال ابن أبي الحديد: "فليت شعري ما يتوفر على أبي بكر وستة نفر معه". وقال سبط إبن الجوزي: هو الذي أشار بخراب عسقلان (لتتوفر) العناية على حفظ القدس. وجاء في كتاب الحوادث الذي سمي غلطاً بالحوادث الجامعة "فأمر السلطان بإجرائهم على عادتهم منذ فتحت بغداد (فتوفر عليهم) شيء كثير".
    فهذه شواهد الواقع اللغوي لإستعمال "توفر عليه" من عصر زياد بن سمية الى القرن السابع لهجرة.
    وجاء في لسان العرب: "وتوفر عليه اي رعى حرماته.... وتوفر على فلان يبره". ولم يخرج عن ذلك الحرف. وليست نيابة حروف الجر بعضها عن بعض قياسية وإن ورد أكثرها في الشعر وأقلها في النثر. ألا تراك لا تقول "غضبت له" بمعنى "غضبت عليه" ولا "تعصبت له" بمعنى "تعصبت عليه" ولا "حكمت له" بمعنى "حكمت عليه" ولا "وظفت له" بمعنى "وظفت عليه" ولا "قلت له" بمعنى "قلت عليه" ولا "وقفت له" بمعنى "وقفت عليه".
    فالصواب أن تقول: "توفر عليه". (م ج)

    قل: وفر كذا من المال
    ولا تقل: إقتصد كذا من المال
    وكتب إبراهيم اليازجي: "ويقولون اقتصد كذا من المال إذا استفضل منه فضلة فيغيرون معنى الفعل ووجه استعماله لأن الإقتصاد في اللغة بمعنى الإعتدال والتوسط في الأمر. يقال فلان مقتصد في معيشته إذا توسط بين التقتير والإسراف واقتصد الرجل في أمره إذا لم يبالغ فيه وأصل معنى القصد إستقامة الطريق فكان المقتصد لا يميل الى التفريط ولا الإفراط ولكن قصداً بين الطريقين وحينئذ فلا معنى لأن يقال اقتصدت مالاً، فضلاً عن أن الفعل لازم لا يحتمل التعدية. يا عجباً لم لا يستعمل التوفير في هذا الموضع وهو اللفظ اللائق به مع شهرته على الألسنة وعدم مباينته أصل المعنى الذي وضع له. بلى إنا لم نجد هذا اللفظ في كلامهم على وجهه الذي نستعمله اليوم ولكن يمكن رده الى كلامهم من أسهل سبيل وذلك أنهم يقولون شيء وافر .... .. لا نقص فيه وقد وفره توفيراً إذا جعله تاماً وكذلك إذا تركه تاماً يقال وفر شعره إذا لم يأخذ منه ووفرت عرضه إذا لم تنقصه بشتم. .... فيتحصل من ذلك أنك تقول وفرت المال إذا لم تنقص منه ثم استعمل في الحصة التي استبقيت منه فجعل استبقاؤه توفيراً وهو غير خارج عن أصل المعنى كما ترى. وقد تضافرت على هذا الإستعمال أقوال مشاهير الكتاب من المولدين ولا بأس أن ننقل شيئاً منها في هذا الموضع ولو أطلنا تقريراً للفائدة. فمن ذلك .........جاء في المجلد الثاني من نفح الطيب للمقري (صفحة 528 من النسخة المطبوعة في مصر) أمضى اليكم وألقاكم في بلادكم رفقاً بكم وتوفيراً عليكم وفي المجلد نفسه (صفحة 613) وما ذلك منه إلا توفير لرجاله وعدته ودفع بالتي هي أحسن، وفي المجلد الثاني من كتاب ألف با للبلوي (صفحة 168) نقلاً عن بعض التفاسير أن سليمان سأل مرة نملة كم تأكلين في السنة فقالت ثلاث حبات فأخذ النملة وجعلها في حق وجعل معها ثلاث حبات ثم نظر اليها بعد سنة فوجدها قد أكلت حبة ونصف حبة فقال كيف هذا فقالت لما سجتنتني هنا وأنت ابن آدم خشيت أن تنساني فوفرت قوت عام آخر. أ ه. وبهذا قدر كفاية."

    قل: هذه حَلْقَةُ الباب (بتسكين اللام)
    ولا تقل: هذه حَلَقَةُ الباب (بفتح اللام)
    وكتب إبن قتيبة: و "هي حَلْقَةُ الباب" و "حَلْقَةُ القوم" بتسكين اللام.
    قال أبو عمرو الشيباني: لا يقال حَلَقة في شيء من الكلام، إلا لحلقة الشعر جمع حالقٍ، مثل كافر وكفَرة وظالم وظلمة.
    وكتب إبن السكيت: وتقول: هي حَلْقَةُ الباب: وحَلْقَةُ القوم، والجميع حَلَق وحِلَاق. قال أبو يوسف: وسمعتُ أبا عمرو الشيباني يقول: ليس في الكلام حَلَقةٌ، إلا جمع حالق، تقول: هؤلاء قوم حَلَقَةٌ للذين يحلقون الشعر، ويقال: قد حَلَق معزهُ وجَزَّ ضأنه، وهي حُلَاقة المعزى.
    وكتب عبد الهادي بوطالب: كلمة الحَلْقة (بفتح الحاء وسكونٍ على اللاَّم) التي ينطق بها الإعلام محرَّفة فيضع الفتحة على اللام في المفرد بدلا من السكون.
    الحلْقة على وزن فَعْلَة وجمعها فَعَلات بفتح الحرف الثاني منها. وهذا هو سبب الخطأ الذي يقع فيه بعض الإعلاميين الذين يجهلون هذه القاعدة فيظنون أن الكلمة مفتوحة اللام سواء في المفرد أو الجمع. إنه لا يمكن أن نقول في المفرد حلَقة لمجرد أننا نقول في الجمع حلَقات لأن صيغة المفرد تتغير في الجمع.

    وأنبه إلى أننا لا نقول أعطى فلانٌ لفلان ضَرَبة (بفتح الراء) بل ضَرْبَة بسكون الراء، ونجمعها على ضَرَبات (بفتح الراء). ونقول لطْمة (سكون الطاء) ونجمعها على لطَمات، وفتْرة (بالسكون) زَمَنيَّة، ونجمعها على فَتَرات. كما نقول نظْرة ونجمعها على نظَرات. وجاء في الحكمة العربية المشهورة "رُبَّ أَكْلةٍ حرَّمتْ أَكَلات". وما أكثر الأمثلة على جمع فَعْلَة على فَعَلات."

    قل: حضر وقت الصلاة
    ولا تقل: أزف وقت الصلاة
    كتب الحريري: "ويقولون أزف وقت الصلاة إشارة إلى تضايقه ومشارفة تصرمه. فيحرفونه في موضعه، ويعكسون حقيقة المعنى في وضعه، لأن العرب تقول: أزف الشيء بمعنى دنا واقترب، لا بمعنى حضر ووقع، يدل على ذلك أن سبحانه سمى الساعة آزفة وهي منتظرة لا حاضرة، وقال عز وجل فيها: "أزفت الآزفة"، أي دنا ميقاتها وقرب أوانها، كما صرح جل اسمه بهذا المعنى في قوله سبحانه: "اقتربت الساعة"، والمراد بذكر اقترابها التنبيه على أن ما مضى من أمد الدنيا أضعاف ما بقي منه، ليتعظ أولو الألباب به. ومما يدل أيضا على أن أزف بمعنى اقترب، قول النابغة:
    أزف الترحل غير أن ركابنا
    لما تزل برحالنا وكأن قد
    فتصريحه بأن الركاب ما زالت، يشهد بأن معنى قوله: أزف، أي اقترب، إذ لو كان قد وقع لسارت الركاب. ومعنى قوله: "وكأن قد" أي وكأن قد سارت، فحذف الفعل لدلالة ما بقي على ما ألقي. ونبه بقد على شدة التوقع وتداني الإيقاع له."

    قل: عَجَزْتُ عن الشّيء (بفتح الجيم)
    ولا تقل: وعَجِزْتُ عن الشّيء (بكسر الجيم)
    وكتب الكسائي: "وتقول عَجَزْتُ عن الشيء، بفتح الجيم. ومنه قول الله تعالى " قَالَ يَـٰوَيْلَتَىٰٓ أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَ‌ ٰرِىَ سَوْءَةَ أَخِى ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّـٰدِمِينَ "."
    وكتب أبو طالب المفضّل بن سَلَمَة الضبي المتوفَّى بعد 290هـ في كتابه "ما تلحن فيه العامة": "وعَجَزْتُ عن الشّيء. ولا تقل: عجِزْتُ. إنما يقال: عَجِزَ الرجل عَجْزًا، إذا ضَخَمت عجيزتُه."
    وكتب الجوهري في صحاح اللغة:
    " وعَجِزَتْ بالكسر تَعْجَزُ عَجَزاً وعُجْزاً بالضم: عظمت عَجيزتُها. قال ثعلب: سمعت ابن الأعرابيّ يقول: لا يقال عَجِزَ الرجل بالكسر إلا إذا عَظم عَجُزُهُ."

    قل: نشير أخيراً إلى معلومات فرنسية تتتحدث عن إرسال روسيا عدة آلاف من الجنود
    ولا تقل: نشير أخيرا الى معطيات فرنسية تتحدث عن إرسال روسيا عدة آلاف من الجنود.
    وشاع في الإعلام العربي في السنوات الأخيرة، ضمن ما شاع من فحش الكلام، إستعمال كلمة "معطيات" في كل مناسبة. فاصبحت لازمة كلامية تستعملها المذيعة كلما نفدت مفرداتها المحدودة أصلا وهي تسأل سؤالاً أو تنقل خبراً. فتستعمل "معطيات" لتعني بها في كل مرة شيئاً آخر، كما في النماذج التالية وكلها منقولة من مصادرها.
    "وأوضح بأنّ جميع المعطيات المستحصلة من منظومات الرصد."
    وهي تريد "البيانات".
    "غير ان ديبلوماسياً مخضرماً اوضح ان ما حصل عليه من معطيات يفيد بأن..."
    وهي تريد "المعلومات".
    "رئيس الجمهورية يطلب من وزير الخارجية جمع كافة المعطيات عن العدوان الأخير."
    وهي تريد "التفاصيل".
    "المعطيات الراهنة تشير الى أن سيناريو اشتعال المواجهة بين النصرة والحر."
    وهي تريد "الحقائق".
    ولم يكن هذا الإستعمال البائس معروفاً حتى في نهاية القرن العشرين إلا أنه يبدو أن أحد الإعلاميين الجهلة بلسان العرب، لأنهم متغربون فكراً ولساناً، أدخله في الإعلام اللبناني أو المصري، على الأغلب، فانتشر كالنار في الهشيم بين شاكلته من الإعلاميين الجهلة ثم اصبح على كل لسان حتى اني أسمعه بين العاملين في الوزارات والمؤسسات الرسمية وهو الأمر المخيف لأنه يكشف أثر الإعلام في تجهيل الناس وتضييع لغتهم وتسفيه عقولهم بالبائس من القول كأنه ليس كافياً ما يأتون به من ضلال القول في التحليل السياسي.
    فمتى كانت "معطيات" تعني كل هذا؟ وهل العربية الثرية أمست بجهل هؤلاء بهذا الفقر حتى لم نعد نجد غير "معطيات" لنعبر عن كل ما نريد؟
    فما معنى "معطيات" إذن؟
    فاسم الفاعل من الفعل الرباعي "أعطى" أي مَنْ يعطي فهو "مُعطِي" أما إسم المفعول أي الشيء الذي يُعطى فهو "مُعْطَى".
    و "معطيات" هي جمع "مُعْطَى" أي هي الأشياء التي تعطى. وقد استعملت في الرياضيات والمنطق لتعني الأمور التي قبلت على أنها حقائق من أجل الوصول لحل أمور مجهولة. فمن ذلك على سبيل المثال إن القول بأن مجموع زوايا اي مثلث هو 180 درجة سيكون في أية مسئلة هندسية من "المعطيات"، لأنه أمر مسلم به ومعطى للمسؤول مما يمكنه لاحقاً المساعدة في حل مسألة هندسية مجهولة.
    ويتضح من هذا أن "معطيات" لا تعني بيانات لأن البيانات لا يقتضي وجودها أن تكون من الأمور المسلم بها. كما ان معطيات لا تعني "معلومات" ولا تعني "تفاصيل"، حتى تستعمل في كل مناسبة. فمن "أعطى" ماذا لمن؟ وما دامت العربية غنية بمفرداتها حيث تشير كل منها لمعنى دقيق يتعلق بالمطلوب فإن من سليم القول العدول عن إستعمال "معطيات" إلى إستعمال اللفظ المطلوب في سياق تلك الجملة.

    وللحديث صلة....
    عبد الحق العاني
    21 أيار 2014
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  9. #19
    قل ولا تقل / الحَلْقة الحادية والثلاثون
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟

    قل: أنا آسف عليه وأومن بالله
    ولا تقل: أأْسف عليه وأؤمن به
    ذلك لأن العرب أذا توالت في لغتها همزتان هكذا وكانت الثانية ساكنة قلبت الثانية مدة مجانسة لحركة الهمزة الأولى فتقول: "آسف عليه" لا "أأسف عليه" و "آجر الدار" لا "أأجر الدار" و "أنا آمن بالله" ولا "أؤمن بالله" و "أوخذ الى الدار" لا "أؤخذ الى الدار" و "أوجر الدار" لا "أؤجر الدار" و "ما أحلى الإيمان" لا "الإئمان" و "آت فلانا فقل له آسف" لا "إئت فلانا وقل له أأسف".
    وإذا كانت الهمزة وصلية ودخلت الكلمة في أثناء الكلام سقطت القاعدة، تقول: أطِعني وأتِ فلاناً فقل له، وتقول: كن وفياً وأسف على صديقك المخلص المتوفى. (م ج)

    قل: ناسف على هذا العطل الفني
    ولا تقل: نأسف لهذا العطل الفني
    كتب خالد العبري يقول: "مما شاع من الأخطاء كذلك قولهم "مما يؤسف له" وقولهم "نأسف لهذا العطل الفني"، وهو خطأ لعمري قديم. فهذا مهيار الديلمي يقول (من البسيط):
    فما أسفت لشيء فائت أسفي من أن أعيش وجيران الغضا غَيَب
    ومثله قول الحصري القيرواني في قصيدته المشهورة (من المتدارك):
    يا ليل الصب متى غده أقيام الساعة موعده
    رقد السمار فأرقه أسف للبين يردده
    ومثل ذلك كثير جداً، وقد لحق الخطأ كل تصاريف "أسف" فيقولون أسف لكذا ويأسف لكذا ويؤسف لكذا وتأسف لكذا وهو آسف لكذا وهكذا.
    والصواب أن الفعل "أسف" يتعدى بـ "على" لا بـ "اللام". يقول المولى عز وجل: "وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف" ويقول عمرو بن معدي كرب الزبيدي (من الوافر):
    أيا أسفاً على خَزَر بن عمرو فيا نفعي عليه ولهف نفسي
    و "أسف" تأتي بمعنى المبالغة في الحزن، والمبالغة في الغضب، يقول ابن منظور في اللسان: "الأَسَفُ: الـمُبالغةُ في الحُزْنِ والغَضَبِ.
    وأَسِفَ أَسَفاً، فهو أَسِفٌ وأَسْفان وآسِفٌ وأَسُوفٌ وأَسِيفٌ، والجمع أُسَفاء.
    وقد أَسِفَ على ما فاتَه وتأَسَّفَ أَي تَلَهَّفَ، وأَسِفَ عليه أَسَفاً أَي غَضِبَ، وآسَفَه: أَغْضَبَه." ويقول الفيروزأبادي في القاموس المحيط ما نصه: "وأَسَفَهُ: أَغْضَبَهُ..... وتأسَّفَ عليه: تَلَهَّفَ." فالصواب في عباراتنا السابقة أن يقال: "مما يؤسف عليه" و "نأسف على هذا العطل الفني".

    قل: وقعَ القومُ في صَعُودٍ وهَبُوطٍ
    ولا تقل: وقعَ القومُ في صُعُودٍ وهُبُوطٍ
    وكتب الكسائي: " وتقول: وقعَ القومُ في صَعُودٍ وهَبُوطٍ وحَدُور، مفتوحات الأوائل. وكذلك: السَّحُور، سَحُور الصائم، والفَطور أيضاً، على مثال: فَعُول. قال الله عز وجل: "سأُرهقه صَعُوداً". وكذلك الرَّكُوب. قال الله تعالى: "فمنها رَكُبُهُم".


    قل: ملأ الحب أحناءه
    ولا تقل: ملأ الحب حناياه
    وكتب عدنان النحوي: "يُخطئ كثيرون فيقولون ملأ الحب حناياه، وهذا خطأ. لأن حنايا جمع حِنيَّة وهي القوس. والصواب ملأ الحب أحناءه، لأن الأحناء جمع حنو – بفتح الحاء وكسرها – وهي الضلع وكل ما فيه اعوجاج من البدن. وجمع حنو: أحناء وحِنيُّ و حُنيُّ. فنقول: ملأ الحب أحناءه." إنتهى
    وجاء في القاموس المحيط للفيروزأبادي قوله في باب "حنأه":
    "الحَنِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ: القَوْسُ... ج: حَنِيٌّ وحَنايَا."
    وجاء في لسان العرب في باب "حنا":
    "والحِنْوُ: كلّ شيءٍ فيه اعوجاج أَو شبْهُ الاعوجاج، كعَظْم الحِجاج واللَّحْي والضِّلَع والقُفِّ والحِقْفِ ومُنْعَرَجِ الوادي، والجمع أَحْناءٌ وحُنِيٌّ وحِنِيٌّ." والحِجاج هو العظم الذي ينبت عليه الحاجب.
    ولا يخفى على القارئ هذه العبقرية في العربية والتي تجعل من الممكن الربط بين مشتقات الكلمات من جذر واحد. فها هي الحاء والنون وحرف العلة وهي أصل واحد تدل على "تعطف وتعوج" كما وصفها إبن فارس في المقاييس تعطي المعاني المتعددة من ضلع وقوس، فما أروعها من لغة.

    قل: فلان حميد النيات
    ولا تقل: فلان حميد النوايا
    وكتب إبراهيم اليازجي: "ويقولون فلان حميد النوايا يريدون جمع نية وإنما النوايا جمع نوية مثل الطوايا جمع طوية ولم ترد النوية في شيء من كلامهم بهذا المعنى." إنتهى.
    وأضاف خالد العبري على ذلك بقوله: " ونقول: إن هذا الجمع لم يرد عن العرب مطلقاً، والذي ورد عنهم واستعملوه جمعاً لِنيَة: نِيَات. والحديث المشهور عن الرسول (ص) الذي يقول فيه: "إنما الأعمال بالنّيات، ولكل امرئٍ ما نَوى" ولم يقل إنما الأعمال بالنّوايا." إنتهى

    قل: كانت بينهما عَلاقَةُ حُبٍّ
    ولا تقل: كانت بينهما عِلاقةُ حُبٍّ
    وكتب إبن قتيبة: "و "عَلاقَةُ " الحُب والخصومة بالفتح، و"عِلاقَة" السَّوط بالكسر". إنتهى
    وكتب عبد الهادي بوطالب: "ينطق البعض كلمة عِلاقة بكسر العين. وهو خطأ. فنحن نقول عَلاقة بين دولتين. عَلاقة تعاون وتكامل. العَلاقات الديبلوماسية، عَلاقات حسن الجوار، وتعني جميعُها رابطة تربط بين طرفين أو أكثر.
    أما العِلاقة (بكسر العين) فتعني ما يُعَلَّق به الشيء. ونقول : إن السيف مربوط بعِلاقته. ونقول : عِلاقة السوط، أو عِلاقة الشجر. ولا علاقة بين العَلاقة والعِلاقة." إنتهى
    وكتب إبن فارس في المقاييس: "العَلاقة: الحبُّ اللازم للقلب.
    ويقولون: إنَّ العَلُوق من النِّساء: المُحبّة لزوجها. وقوله تعالى: فَتَذَرُوهَا كالمُعَلَّقَة [النساء 129]، هي التي لا تكون أيِّما ولا ذاتَ بعل، كأنَّ أمرَها ليس بمستقرّ."
    وكتب الفيروزأبادي في القاموس:
    "والعَلاقَى، كسَكارَى: الألْقابُ، واحِدَتُها: عَلاقِيَةٌ، وهي أيضاً العَلائِقُ، واحِدَتُها: عِلاقَةٌ، ككِتَابَةٍ، لأنها تُعَلَّقُ على الناسِ،....و~ مِنَ الصَّيْدِ: ما عَلِقَ الحَبْلُ بِرِجْلِها....... وأعلق القَوْسَ: جَعَلَ لها عِلاقَةً."
    إلا أن الفيرزأبادي أنفرد وحده بالقول:
    "والعَلاقَةُ، ويُكْسَرُ: الحُبُّ اللازِمُ للقَلْبِ، أو بالفَتْحِ: في المَحَبَّةِ ونَحْوِها، وبالكَسْرِ: في السَّوْطِ ونَحْوِه." فأجازها بالفتح والكسر ولعمري لا أدري لِمَ خالف الآخرين وما هو دليله على ذلك.

    قل: هَجَوته هجاء قبيحاً
    ولا تقل هَجَيته هجاء قبيحاً
    وكتب إبن السكيت: "وتقول: هَجَوته هجاء قبيحاً فهو مَهْجوٌّ، ولا تقل: هجيته." إنتهى
    وكتب إبن منظور في اللسان:
    "هَجاه يَهْجُوه هَجْواً وهِجاء وتَهْجاء، ممدود: شتمه بالشِّعر، وهو خلاف المَدْح. قال الليث: هو الوَقِيعةُ في الأَشْعار."
    وكتب الجوهري في الصحاح:
    "وقد هَجَوْتُهُ هَجْواً وهِجاءً وتَهْجاءً. قال الجعديّ: دَعي عنكِ تَهْجاءَ الرجالِ وأَقْبِلي. فهو مَهْجُوٌّ. ولا تقل هَجَيْتُهُ.......... وهَجَوْتُ الحروف هَجْواً وهِجاءً، وهَجَّيْتُها تَهْجِيَةً، وتَهَجَّيْتُ، كلُّه بمعنًى".

    قل: هذا فَكاكُ الرهن
    ولا تقل: هذا فِكاكُ الرهن
    كتب الضبي: "وهو فَكاكُ الرَّهنِ. ولا يُقال: فِكاك."
    لكن المعجمات إختلفت مع الضبي في هذا فقد كتب إبن فارس في المقاييس:
    "الفاء والكاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تفتُّح وانفراج. من ذلك فَكَاك الرَّهْن، وهو فَتْحُه من الانغلاق..... وحكى الكسائي: الفِكَاك بالكسر".
    ووافقه إبن منظور في ذلك فكتب في لسان العرب في باب "فكك":
    "الليث: يقال فَكَكْتُ الشيء فانْفَكَّ بمنزلة الكتاب المختوم تَفُكُّ خاتَمه كما تَفُكُّ الحَنَكيْنِ تَفْصِل بينهما...... وفَكاكُ الرهن وفِكاكُه، بالكسر: ما فُكَّ به".
    وفوق كل ذي علم عليم.

    قل: هو الطّهُورُ ماؤهُ ، الحِلُّ مَيْتَتُهُ (بفتح الميم)
    ولا تقل: هو الطّهُورُ ماؤهُ ، الحِلُّ مِيْتَتُهُ (بكسر الميم)
    كتب البستي: "قوله ، صلى الله عليه وسلم ، في البحر : "هو الطّهُورُ ماؤهُ ، الحِلُّ مَيْتَتُهُ" . عوامُّ الرواةِ يُولعونَ بكسرِ الميمِ من المَيْتَةِ . يقولونَ : ميِتَتُهُ وإنَّما هي مَيْتَتُهُ ، مفتوحة الميم ، يريدون حيوان البحر إذا ماتَ فيه . وسمعتُ أبا عُمَر يقولُ : سمعتُ المُبَرّدَ يقولُ في هذا : المِيتةُ : الموتُ، وهو أمرٌ من اللهِ عزَّ وجَلَّ يقعُ في البَرِّ والبحرِ لا يُقالُ فيه حلالٌ ولا حرامٌ . قالَ أبو سُليمان: فأمّا قولُهُ (عليه السلامُ) : "مَنْ خرجَ من الطاعة فماتَ فميِتَتُهُ جاهِلِيّةٌ" . فهي مكسورةُ الميم ، يعني الحال التي ماتَ عليها . يُقالُ: ماتَ فُلانٌ ميتَةً حَسَنَةً وماتَ ميِتَةً سيِّئةً. كما قالوا: فُلانٌ حَسَنُ القِعْدَةِ والجِلْسَةِ والرِّكبْةِ والمِشْيَةِ والسيِرةِ والنيِمَة. يُرادُ بها الحالُ والهيئةُ ومِثْلُهُ قولُهُ ، صلّى الله عليه وسلّم : "إذا ذَبَحْتُم فأَحْسِنوا الذِّبْحَةَ، وإذا قَتَلْتُم فأحسِنوا القِتْلَةَ". وأَمّا الذَّبْحةُ والقَتْلةُ (مفَتْوُحَتَيْن) فالمَرَّةُ الواحدةُ من الفِعْلِ."
    وجاء في ملحق مفردات أوهام الخواص للحريري: "ويقولون لمن قضى نحبه مِيْتٌ ( بتسكين الياء )، ولمن لا يزال حياً مَيِّتٌ ( بتضعيف الياء )، فيوهمون في ذلك لأن اللفظين يحملان نفس المعنى، ومنه ما جاء في
    التنزيل العزيز قوله تعالى: "إنك مِيْتٌ وإنهم مَيِّتون".
    وقد جمع الشاعر بين اللغتين فقال:
    ليس من مات واستراح بمَيْتٍ إنما المَيْتُ مَيِّتُ الأحياء
    إنما المَيْتُ من يعيش شقياً كاسفاً باله قليل الرجاء
    فأناس يمصصون ثماداً وأناس حلوقهم في الماء
    فقد جعل المَيِّتَ بالتضعيف كالمَيْتِ بالتخفيف.
    ويقول الزجاج: المَيْتُ هو المَيِّتُ، إلا أنه يخفف، والمعنى واحد، ويستوي فيه المذكر والمؤنث، ومنه قوله تعالى: "لنحيي به بلدة مَيٍتاً" ولم يقل مَيْتَةً مع أن البلدة مؤنثة.
    وقال بعضهم: إن أصل اللفظ مَيُوت، على وزن فيعل، ثم أدغموا الواو في الياء. وقال آخرون: أصل اللفظ مَويت نحو سيد وسويد حيث أدغمت الياء في الواو.
    أما الحالة من هذا الفعل فهي المِيْتَةُ نحو: الجِلسة والقِعدة، ومنه ما جاء في حديث الفتن: "فقد مات مِيْتَةً الجاهلية." أي كما يموت أهل الجاهلية من الضلالة، والجمع: ميت.
    والعرب تستعمل هذا الفعل كناية عن النوم والجهالة والخوف والفقر وسكون المتحركات. ومنه بمعنى النوم ما جاء في حديث دعاء الانتباه: "الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور".
    ومنه بمعنى الجهالة قوله تعالى: "أو من كان مَيْتَاً فأحييناه" وقوله: "فإنك لا تسمع الموتى" ومنه بمعنى الخوف قوله عز وجل "ويأتيه الموت من كل مكان". ومنه بمعنى الفقر حديث موسى، على نبينا وعليه صلى الله عليه وسلم قيل له: "إن هامان قد مات. فلقيه موسى، فسأل ربه، فقال له: أما تعلم أن من أفقرته فقد أمته. ومنه بمعنى سكون المتحركات قول الشاعر:
    إني لأرجو أن تموت الريح فأسكن اليوم واستريح
    ورب متسائل عن معنى قول عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه : اللبن لا يموت. أراد أن الصبي إذا رضع امرأة ميتة، حرم عليه من ولدها وقرابتها ما يحرم عليه منهم كما لو كانت حية وقد رضعها. وقيل: معناه إذا فصل اللبن من الثدي وأسقيه الصبي، فإنه يحرم به ما يحرم بالرضاع ولا يبطل عمله بمفارقة الثدي، فإن كل ما انفصل من الحي ميت إلا اللبن والشعر والصوف لضرورة الاستعمال.
    ويقال: "أماته الله وموته، ومنه قول الشاعر:
    فعروة مات مَوْتَاً مستريحاً وها أنا ذا أمَوَّتُ كل يوم
    وقد تستعمل لفظة مَيْت مع تاء التأنيث للدلالة على المفرد المؤنث فيقال: امرأة مَيْتَة ومَيِّتَة.
    والعامة يقولون: امرأة مَيتاء، على وزن حمراء، وهو وهم فاحش، لأن الميتاء تعني المحاذاة والطريق المسلوك، ومنه حديث أبي ثعلبة الخشني أنه استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في اللقطة، قال: ما وجدت في طريق ميتاء فعرفه سنة.

    قل: بعث برقية تهنئة للأسد لفوزه في الإنتخاب
    ولا تقل: بعث برقية تهنئة للأسد بمناسبة فوزه في الإنتخاب
    وشاع في الإعلام إستعمال لفظة "مناسبة" دون أي سبب أو حاجة لها. فيقول لنا الإعلام " أرسل له ببرقية بمناسبة عيد ميلاده" أو عزاه بمناسبة وفاة أبيه" وكثير مثل ذلك. فما هي الحاجة لإقحام لفظة "مناسبة"؟ فجذر الكلمة كما أخبرنا إبن فارس في المقاييس:
    "النون والسين والباء كلمةٌ واحدة قياسُها اتِّصال شيءٍ بشيء. منه النّسَب، سمِّي لاتِّصاله وللاتِّصالِ به".
    أما إبن منظور فقد أورد المعنى التالي للمناسبة:
    "وتقول: ليس بينهما مُناسَبة أَي مُشاكَلةٌ."
    ثم استحدث إستعمال جديد لها كي تعني "الحدث" أو "الفرصة"، وحتى لو إفترضنا جواز هذا المعنى الجديد للكلمة فما هو سبب إستعمالها في المثال أعلاه. لإن من الواضح أن خروج الكلمة "مناسبة" من الجملة لن يغير من معناها المطلوب لذا فإن دخول لفظة "مناسبة" يصبح غير مسوغ وليس في العربية حب للفظ زائد عن الحاجة.
    لكن سبب إستعمال "مناسبة" هو أن الخبر مترجم عن الإنكليزية وأصله فيها:
    "He sent him a congratulating telegram on the occasion of his election"
    وفيه تم إستعمال كلمة "مناسبة" لترجمة العبارة الإنكليزية "occasion of". ذلك لأن صانع الخبر العربي لم يعد يفكر ولم يعد يقدر حتى على صياغة خبر صغير كهذا باستقلال فقد تمكن التغرب منه بالكامل فغدا يفكر بالإنكليزية وينقل كالآلة عنهم حتى صياغة الخبر. وهذا الإستعمال لا يختلف كثيراً عن المثال الذي أوردته في حلقة سابقة عن إستعمال "من خلال" والتي أشار المرحوم إبراهيم السامرائي إلى أنها فائضة عن الحاجة وأنها أقحمت لأنها ترجمة للخبر بالإنكليزية والذي يستعمل اللفظة "through".
    وحيث إنه ليس هناك من حاجة لإستعمال "مناسبة" وهي غريبة الأصل فإن الصواب هو إسقاطها من الإستعمال في الجملة أعلاه والإكتفاء بحرف جر يحل محلها.
    فقل: لفوزه في الإنتخاب
    ولا تقل: بمناسبة فوزه في الإنتخاب.

    وللحديث صلة....
    عبد الحق العاني
    25 حزيران 2014
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  10. #20
    قل ولا تقل / الحلقة الرابعة والثلاثون
    إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟
    إن اللغة العربية هي أعظم تراث للعرب وأقدسه وأنفسه، فمن استهان بها فكأنما استهان بالأمة العربية نفسها وذلك ذنب عظيم ووهم جسيم أليم. (م ج)

    قل: وزع بينهم الجوائز ووزعها فيهم (إذا أعطاهم اياها مفرقة)
    ولا تقل: وزع عليهم الجوائز (إذا أعطاهم إياها مفرقة)
    ذلك لأن "وزّع" بمعنى فضّ وفرّق وقسّم، فاذا استعملنا حرف الجر "على" معه، وهي للأذى والتسلط والتكليف والإستعلاء، كان معنى "وزّع عليهم" جعل عليهم ضريبة وأتاوة وتكليفاً. ومن المعلوم أن الجائزة ليست ضريبة، أعني أنها يُعطيها المجيزُ غيرَه من مستحقيها ولا يأخذها. يضاف الى ذلك أن مراد القائل "وزّع عليهم الجوائز" هو أنه أعطاهموها لا أخذها منهم ولا ضربها عليهم، ثم أن المسموع من فصحاء العرب والمذكور في كتب اللغة هو أن يقال "وزع الأشياء بينهم أوفيهم"، إذا أريد أنه فرقها فيهم وأعطاهم إياها مفضوضة.
    جاء في لسان العرب: "التوزيع القسمة والتفريق، ووزّع الشيء: قسمه وفرّقه، يقال: وزّعنا الجزور فيما بيننا.... وفي الحديث أنه حلق شعره في الحج ووزّعه توزيعا. فقد نقل مؤلف اللسان من أقوال العرب "وزّعه بينهم" و "فيما بينهم" ولم يقل "وزّعه عليهم" لأن المراد الإعطاء.
    وقال جار الله الزمخشري في أساس البلاغة في مادة وزع: "ووزّع المال والخراج توزيعاً قسّمه". وقال في مادة الخاء والياء والفاء، من أساس البلاغة أيضاً: "خُيّيف المال بينهم وُزِّع".
    أما شاهد "وزّع فيهم" بمعنى أعطاهم إياه مفرقاً فما رواه الواقدي في مغازيه، قال خفاف بن إيماء بن رخصة: "كان أبي ليس شيء أحب اليه من إصلاح بين الناس وكان موكلاً بذلك فلما مرت به قريش أرسلني بجزائر عشر هدية لها فأقبلت أسوقها وتبعني أبي فدفعتها الى قريش فقبلوها (ووزعوها في القبائل)"، قال وزعوها في القبائل لا عليها.
    وإذا قال قائل "وزّع فلان عليهم مالاً" فمعنى ذلك وضعه عليهم ضريبة أو عقوبة أو أتاوة أو خراجاً. وأوجب عليهم دفعه اليه وذلك كما يقال "وظف عليهم وظيفة وضرب عليهم مالاً وأوجب عليهم مالاً" وشاهده ما ورد في مغازي الواقدي أيضاً، قال: قال خفاف بن إيماء: مر أبي على عتبة بن ربيعة وهو سيد الناس يومئذ فقال له: يا أبا الوليد ما هذا المسير، قال: لا أدري والله غُلبت. قال أبي: فأنت سيد العشيرة فما يمنعك أن ترجع بالناس وتحمل دم حليفك؟ واحمل العير التي أصابوا بنخلة (فتوزعها على قومك) فوالله لا يطلبون قبل محمد إلا هذا". انه قال "فتوزعها على قومك" اي يؤدوها الى مستحقيها مفرقة عليهم. (م ج)

    قل: وفّقه الله للخير والإنجاح
    ولا تقل: وفّقه الله الى الخير والإنجاح
    وذلك لأن وفقه الله للشيء معناه جعله وفقاً له اي موافقاً ومطابقاً له وملائماً، فهذا موضع اللام، لا موضع إلى، والقاعدة العامة في اللام وإلى هي جواز أن يوضع اللام في مكان إلى ولا يجوز العكس، لأن المراد بوضع اللام موضع إلى هو التخفيف فإذا وضعت الى موضع اللام كان ذلك تطويلاً وتثقيلاً، فضلاً عن استعمال الحرف في غير معناه. يقال "دعاه الى الطعام ودعاه للطعام" و "قدم اليه هدية وقدم له هدية" و "قصد اليه وقصد له" و "عمد اليه وعمد له" و "أهدى اليه وأهدى له". ويقال "وفّقه الله للخير ولا يقال "وفقه إلى الخير". ويقال "نصح له" ولا يقال "نصح اليه" و "رضخ له من ماله شيئاً" ولا يقال "رضخ إليه" و "وهب له مالاً" ولا يقال "وهب إليه" و "تعرض له" ولا يقال "تعرض إليه". وقد يقول الذين لا علم لهم بالفصاحة "تعرض اليه" كما قال غير الفصحاء "وفّقه الله إلى الخير". والإحتجاج بالتضمين عند الشعور بالخطأ هو حجة المخطئ المُقوية لا حجة الفصيح القّوّية. (م ج)

    قل: وَدِدْتُ أني في منزلي
    ولا تقل: وَدَدْتُ أني في منزلي
    وكتب الكسائي: " وتقول: وَدِدْتُ أني في منزلي بكسر الدال الأولى. قال بعض الأعراب:
    أُحبُّ بنيتي وَوَدِدْتُ أنَّي حَفَرتُ لها برابيةٍ قُبيرا." إنتهى
    وقد توسع إبن منظور كعادته فكتب في لسان العرب:
    " ووَدِدْتُ الشيءَ أَوَدُّ، وهو من الأُمْنِيَّة؛ قال الفراء: هذا أَفضل الكلام؛ وقال بعضهم: وَدَدْتُ ويَفْعَلُ منه يَوَدُّ لا غير؛ ذكر هذا في قوله تعالى: يَوَدُّ أَحدُهم لو يُعَمّر أَي يتمنى. الليث: يقال: وِدُّكَ وَوَدِيدُكَ كما تقول حِبُّكَ وحَبِيبُك. الجوهري: الوِدُّ الوَدِيدُ، والجمع أَوُدٌّ مثل قِدْحٍ وأَقْدُحٍ وذِئْبٍ وأَذْؤُبٍ؛ وهما يَتَوادّانِ وهم أَوِدّاء. ابن سيده: وَدَّ الشيءَ وُدًّا وَوِدًّا وَوَدّاً وَوَدادةً وَوِداداً وَوَداداً ومَوَدَّةً ومَوْدِدةً: أَحَبَّه؛ قال: إِنَّ بَنِيَّ لَلئامٌ زَهَدَهْ، ما ليَ في صُدُورِهْم مِنْ مَوْدِدِهْ أَراد من مَوَدّة. قال سيبويه: جاء المصدر في مَوَدّة على مَفْعَلة ولم يشاكل باب يَوْجَلُ فيمن كسر الجيم لأَن واو يَوْجَلُ قد تعتل بقلبها أَلفاً فأَشبهت واو يَعِدُ فكسروها كما كسروا المَوْعِد، وإِن اختلف المعنيان، فكان تغيير ياجَل قلباً وتغيير يَعِدُ حذفاً لكن التغيير يجمعهما."

    قل: هو مَحْجِرُ العين
    ولا تقل: هو مَحْجَرُ العين
    وكتب إبن قتيبة: "و " مَحْجِرُ العَيْنِ " - بكسر الجيم - ، و " المَحْجَر " بفتحها من الحِجْر، وهو الحرام." إنتهى

    وكتب الجوهري في الصحاح:
    "ومَحْجِرُ العين أيضاً: ما يبدو من النِقاب. والمَحْجَرُ بالفتح: ما حولَ القرية. والمَحْجَرُ أيضاً: الحِجْرُ، وهو الحرام.
    ويقال: حَجَّرَ القمر، إذا استدارَ بخطٍّ دقيق من غير أن يَغلُظَ، وكذلك إذا صارت حولَه دارةٌ في الغَيْم."

    قل: قد سَخِرت منه
    ولا تقل: قد سَخِرت به
    وكتب إبن السكيت: "قد سَخِرت منه، ولا تقل: سَخِرت به، قال الله جل وعز: "إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ". إنتهى
    إلا أن كلاً من ابن منظور والفيروزأبادي خالف إبن السكيت فأجاز الإثنين فكتب ابن منظور في لسان العرب:
    " سَخِرَ منه وبه سَخْراً وسَخَراً ومَسْخَراً وسُخْراً، بالضم، وسُخْرَةً وسِخْرِيّاً وسُخْرِيّاً وسُخْرِيَّة: هزئ به؛ ويروى بيت أَعشى باهلة على وجهين: إِني أَتَتْنِي لِسانٌ، لا أُسَرُّ بها، مِنْ عَلْوَ، لا عَجَبٌ منها ولا سُخْرُ ويروى: ولا سَخَرُ، قال ذلك لما بلغه خبر مقتل أَخيه المنتشر، والتأْنيث للكلمة. قال الأَزهري: وقد يكون نعتاً كقولهم: هُم لك سُخْرِيٌّ وسُخْرِيَّةٌ، من ذكَّر قال سُخْرِيّاً، ومن أَنث قال سُخْرِيَّةً. الفراء: يقال سَخِرْتُ منه، ولا يقال سَخِرْتُ به. قال الله تعالى: لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ."
    وكتب الفيروزأبادي في القاموس:
    " سَخِرَ منه وـ به، كفَرِحَ، سَخْراً وسَخَراً وسُخْرَةً ومَسْخَراً وسُخْراً وسُخُراً: هَزِئَ."
    لكن ابن فارس بدوره خالفهم ووافق إبن السكيت فكتب في المقاييس:
    "ومن الباب: سَخِرت منه، إذا هزئت به. ولا يزالون يقولون: سخِرت به، وفي كتاب الله تعالى: فإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُون."
    وفوق كل ذي علم عليم!

    قل: لا صَدَقَةَ في أَقَلِّ من خمسِ أواقِيَّ
    ولا تقل: لا صَدَقَةَ في أَقَلِّ من خمسِ أواقٍ.
    وكتب الحريري: "ويقولون في جمع أوقية: أواق على وزن أفعال، فيغلطون فيه لأن ذلك جمع أوق وهو الثقل، فأما أوقية فتجمع على أواقي بتشديد الياء، كما تجمع أمنية على أماني. وقد خفف بعضهم فيها التشديد، فقال: أواق كما قيل في تخفيف صحارى: صحار."
    وكتب البستي: "قولُهُ، صلّى الله عليه وسلّم: "لا صَدَقَةَ في أَقَلِّ من خمسِ أواقِيَّ". الأَواقيُّ: مفتوحة الألف مُشَدَّدَة الياءِ غير مصروفةٍ، جمعُ أُوقِيّة، مثل: أُضْحِيّة وأَضَاحِيّ، وبُخْتِيّة وبخاتِيّ، ورُبَّما خُفِّفَ فقيلَ: أَواقٍ وأَضاحٍ. والعامَّةُ تقولُ: خمس آواق، ممدودة الألفِ بغيرِ ياءٍ. والآواق إنّما هي جمعُ أَوْقٍ، وهو الثقلُ."

    قل: هو رجل تاعس وتعس
    ولا تقل: هو رجل تعيس أو متعوس
    وكتب الحريري: ويقولون: رجل متعوس، ووجه الكلام أن يقال: تاعس، وقد تعس، كما يقال: عاثر، وقد عثر. والتعس الدعاء على العاثر بألا ينتعش من صرعته، وعليه فسر قوله تعالى: "فتعساً لهم". والعرب تقول في الدعاء على العاثر: تعسا له وفي الدعاء له: لعا له، كما قال الأعشى:
    بذات لوث عَفَرْناةٍ إذا عثرت فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا عني أنها تستحق أن يدعى عليها لالها.
    واختار الفراء أن يقال للغائب: تعِس بكسر العين، وللمخاطب تعَس بفتح العين، فأما في التعدية فيقال: أتعسه الله، وعليه قول مجمع بن هلال:
    تقول وقد أفردتها عن خليلها تعست كما أتعستني يا مجمع


    وعلى ذكر التعس فإني رويت في أخبار أبي أحمد العسكري عن أبي علي الأعرابي قال: حدثني بعض الأدباء، قال: وقف علينا أعرابي في طريق الحج، وقد عن لنا سرب ظباء، فقال: بكم تشترون واحدة منهن فقلنا: بأربعة دراهم قال: فتركنا وسعى نحوهن، فما كذب أن جاء وعلى عاتقه ظبية وهو يقول:
    وهي على البعد تلوي خدها
    تقيس شدي وأقيس شدها
    كيف ترى عدو غلام ردها
    فقلت:
    أراه قد أتعبها وكدها
    وأتعس الله لديه جدها
    أنت أشد الناس عدوا بعدها
    قال: فتركها وانصرف، فقلت له خذ حقك، فقال: سبحان الله أتمدحني وآخذ منك."
    وكتب إبراهيم اليازجي: "ويقولون رجل تعيس وقوم تعساء وهو من أهل التعاسة وكل ذلك خلاف المنقول عن العرب والمسوع رجل تاعس وتعس... وقد تعس بفتح العين وكسرها والمصدر التعس بالفتح والتعس بالتحريك ويعدى الأول بالهمزة تقول أتعسه الله اتعاساً والثاني بالحركة تقول تعسه بالفتح وهو متعس ومتعوس لم يحك فيه غير ذلك."

    قل: ما رأيته منذ أمس
    ولا تقل: ما رأيته من أمس
    وكتب الحريري: "ويقولون: ما رأيته من أمس والصواب أن يقال: منذ أمس، لأن من تختص بالمكان ومذ ومنذ يختصان بالزمان، وأما قوله عز وجل: "إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة " فإن من هاهنا بمعنى في الدالة على الظرفية، بدليل أن النداء للصلاة المشار إليها يوقع في وسط يوم الجمعة، ولو كانت من ها هنا هي التي تختص بابتداء الغاية لكان مقتضى الكلام أن يوقع النداء في أول يوم الجمعة.
    وأما قوله تعالى: "لمسجد أسس على التقوى من أول يوم" فهو على إضمار مصدر حذف لدلالة الكلام عليه، وتقديره: من تأسيس أول يوم، وأما قولهم: ما رأيته مذ خلق ومذ كان، ففي الكلام حذف، تقديره مذ يوم خلق ومذ يوم كان.
    وعلى هذا قول زهير:
    لمن الديار بقنة الحجر ** أقوين من حجج ومن دهر
    فقال: من حجج ومن دهر.
    وقيل إن من في هذا البيت زائدة على ما يراه الأخفش من زيادتها في الكلام الواجب، فكأنه قال: أقوين حججا ودهرا.
    وكتب الحنفي: "العامة تقول: ما رأيته مِن أمس، ومِن أَيّام. وهو غَلَطٌ، والصواب: مُذْ أمسِ، ومُذْ أيام، لأنّ "مِنْ" تختص بالمكان، و "مُذ ومُنْذُ" يختصان بالزمان."

    قل: قام الرئيس بزيارته أول أمس
    ولا تقل: قام الرئيس بزيارته أول من أمس
    وكتب عبد الهادي بوطالب: "يقول البعض: قام الرئيس بزيارته أولَ مِنْ أمس، يقصدون في اليوم السابق ليوم أمس. والصواب حذف مِن فنقول أوّلَ أَمْس، أو أمسِ الأول، أو ما قبل الأمس.
    وقد جاء في قول الشاعر :
    وأعلم ما في اليوم والأَمْسِ قَبْلَ
    ولكنني عن علم ما في غدٍ عَم".

    قل: رزَقَ الله فلاناً مولوداً
    ولا تقل: رَزَقَ الله فلاناً بمولود
    كتب خالد العبري: "شاع بين كثير من الناس إدخال الباء على المفعول الثاني للفعل رزق فتسمعهم يقولون: رزق الله فلاناً بمولود. وأول ما يتبادر الى الذهن سؤال محير وهو: ماذا أفادت الباء هنا؟ وما الغرض الذي جيء بها من أجله؟ والجواب أنها لم تفد شيئاً وليس لها اية وظيفة إنما هو خطأٌ شائعٌ يقع الناس فيه، حتى بعض المتعلمين منهم. والصواب أن نقول: رزق الله فلاناً مولوداً، وذلك لأن رزق تتعدى الى مفعوليها من دون الحاجة الى حرف جر.
    وتأمل الآيات التالية التي ورد فيها الفعل** "رزق" وقد عُدّي الى مفعوليه من دون استعمال الباء، يقول المولى عز وجل:
    "قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسناً"، "والذي هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقاً حسناً".

    قل: فالإعتراض على مشروع ناجح هو موقف فاشل دوماً
    ولا تقل: فالاعتراض على مشروع ناجح تكتيك فاشل دوماً
    وإنتشر بين المتعلمين من العرب وليس فقط رجال الإعلام إستعمال كلمتي "إستراتيجية" و "تكتيك". حتى إن السياسي او الصحفي لا يعد نفسه متعلماً إذا لم يستعمل إحداهما أو كلتيهما في اي تحليل أو حديث. فمن اين جاءت وما هي وكيف نتخلص من هذه العجمة؟ وحيث إني كنت قد كتبت عن إستعمال "إستراتيجية" في الحلقة الثامنة من هذه السلسلة فسأكتفي اليوم بالحديث عن كلمة "تكتيك".
    فقد دخل اللغة الإنكليزية وغيرها من اللغات الأوربية إستعمال كلمة "تاكتيكس" من الأصل اليوناني "تاكتكوس" والتي تعني ترتيب الشيء أو تهيئته. ثم سرعان ما أصبح استعمالها في الإنكليزية مقبولا في المصطلح العسكري مترافقاً مع إستعمال "إستراتيجي" حيث يعني اللفظ الأول الخطط المحلية في تهئية الجيوش وتعبئتها بينما تعني الثانية وضع خطط السوق الرئيسة للدولة في استعدادها للمواجهة. ثم ساد إستعمال الكلمتين ليشمل النشاط العام والفردي خارج الإستعمال العسكري فغدى كل سلوك فيه إستعداد أو تهيئة يقال له "تاكتك" في اللغة الإنكليزية على سبيل المثال.
    وقد كان من مساهمات الجيش العراقي في خدمة الأمة العربية في القرن العشرين، وذلك قبل أن تحله الصهيونية العالمية في غزوها البربري عام 2003، أنه عَرَّب كل المصطلحات المستعملة في الجيش بما في ذلك أسماء السلاح والعجلات وأجزائها. فكان تعريب الجيش العراقي لكلمة "تاكتك" هو "تعبئة"، وهي ترجمة موفقة.
    فقد كتب الجوهري في الصحاح:
    "أبو زيد: عَبَأْتُ الطيبَ عَبْأً، إذا هَيَّأتُه وَصَنَعْتَهُ وَخَلَطْتَهُ. قال: وعَبَأْتُ المتاع عَبْأَ، إذا هيأته وعَبَّأْتُه تَعْبِئَةً وتعبيئاً. قال: كُلٌّ من كلام العرب. وعَبَّأْتُ الخيل تعبئة وتعبيئاً. قال: والعِبْءُ بالكسر: الحِمْلُ، والجمع الأعباء."
    أما ابن منظور في كتب في لسان العرب:
    " وقيل: عَبَأَ المَتاعَ يَعْبَأُه عَبْأً وعَبَّأَه: كلاهما هيأَه، وكذلك الخيل والجيش.
    وكان يونس لا يهمز تَعْبِيَةَ الجيش. قال الأَزهري: ويقال عَبَّأْت المَتاعَ تَعْبِئةً، قال: وكلٌّ من كلام العرب. وعَبَّأْت الخيل تَعْبِئةً وتَعْبِيئاً.
    وفي حديث عبدالرحمن بن عوف قال: عَبَأَنا النبيُّ، صلى اللّه عليه وسلم، ببدر، لَيْلاً. يقال عَبَأْتُ الجيشَ عَبْأً وعَبَّأْتهم تَعْبِئةً، وقد يُترك الهمز، فيقال: عَبَّيْتُهم تَعْبِيةً أَي رَتَّبْتُهم في مَواضِعهم وهَيَّأْتُهم للحَرْب."
    مما يبين بوضوح سلامة التعريب لكلمة "تاكتك" الذي أثبته الجيش العراقي.
    أما ما يخص تعريب إستعمال "تاكتك" السائد في اللغة الإنكليزية والذي أخذه الكاتب العربي في تغربه الفكري فيجب أن يكون متفقاً مع المقصود في الجملة. فقد يكون تهيئة أو موقفاً أو سلوكاً أو ممارسة اياً كان الحال. ذلك لأن غنى اللغة العربية تمكن الكاتب والمتحدث العربي أن يعدل عن إستعمال كلمة "تاكتك" للتعبير عن كل هذه حين يمكنه أن يستعمل لفظاً مختلفاً في كل حال يعبر فيه عما يريده.


    عبد الحق العاني
    5 تشرين الأول 2014
    www.haqalani.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •