بقلم/ حمد بن سالم العلوي – جريدة الرؤية العمانية – الخميس الموافق 14/11/2013م

على رسلكم أيها العرب فالركب منحدر

أن نقول على رسلكم أيها العرب، ففعلا الركب يسير في انحدارٍ وعر المسالك، وخطرة جداً إنعطافاته، وقراراتكم الفردية العاطفية تتماوج بمصير الأمة بلا أهداف واضحة، ألا ترهقكم مرجوحة النقيض إلى النقيض ؟! وألا تلاحظون أن حبلها قد وهن وخطرها غير محدد ؟! وإن حبلها يكاد ينقطع من سوء الاستخدام فتهوي بكم إلى قعر النقيض الآخر، وذلك بسبب الغرور والإهمال والتكبُّر على بعضنا، وإن محاولتكم إقناعنا أنكم تقيمون السيرة العمرية في الأمة المحمدية مجرد خدعة مكشوفة، فلا أنتم عمريون، ولا من تقودونهم محمديون، لقد ضاع الكرياس من الرأس، وتاه بكم الركب وتشتت بكم السبل، وضلت قوافلكم مسارها، فسلكت طرقاً وعرة خطرة، وضعنها يُشرف أن يميد بها، ودليلها غافل عنها، وخَطْمُها ليست على غاربها في أسوأ الأحوال، وإنما تجرها بين الصخور في طريق الهبوط ، وقد تكون سبباً في تعثرها، وسقوطها في قعر الوادي السحيق.

لذلك نكرر القول لكم أيها العرب، فنقول على رسلكم .. على رسلكم، فأنتم قد أخطئتم المسار بظنكم أنكم عمريو النهج والعدل، وأنتم تخطئون الاعتقاد بأن شعوبكم محمدية الوعد والمبدأ، فلا هي بمقدورها أن تصلح معوجاً، وليست معنية بإصلاح ذاتها من ذاتها، فتجدها تميل حيث المنفعة والمال، فلا إيمان بالله يعصمها عن الهوى، ولا إخلاص للأوطان يحميها من الضياع، ولا إرادة شخصية قوية تحدد لها الأهداف والمسار، فهي في طوع الحاكم أو الحزب حتى إن ضل أو إن غوى، فإن قال لها نعادي كذا يعادون، وإن قال لها نصالح ذلك يصالحون، والفتوى بالهوى جاهزة حتى تطمئن النفوس بما يرضي الرئيس والمرؤوس، هكذا جُبِلوا على الطاعة والانصياع، لذلك لا نستغرب إذا كان اعتراضهم .. فوضى، واحتجاجهم تخريب وتدمير، لأنهم لم يتعلموا كيف يعترضون ويناقشون، فالكبت جعلهم متوحشون أو منتقمون، لأن العوُّدَة إلى الرُّشد لا يقابله رشد من الحكام، لأنهم يعتمدون الإخافة دون السياسة.

وإذ نقول رويدكم أيها العرب للمرة الثالثة، لأن السيل قد بلغ الزُّبى، فالغفلة مازالت مستمرة رغم انجلاء الظلام، وشمس الضحى تضيء من حولنا الكون والمكان، وأنتم كما أنتم تفضلون الظلام، وإن كان هناك تغيراً قد حدث، فهو في إحاكة الدسائس على بعضكم، فقد كانت سراً فجعلتموها اليوم جهراً، فهل أزمَعْتُم أن تجعلوا خاتمتها بإعادة (داحس والغبراء) بين الشعوب المغلوبة من جديد، لكي تُفْنَى وتُباد، ولا تتنبه .. هذه الشعوب بعد ذلك للخديعة والفساد، إن العالم أصبح يتفرج على أمة العرب في تفرقها، ويتفرج على أمة الإسلام في تشتتها، فما عاد يلزم الأعداء التجييش لمحاربتنا وإضعافنا، أو حتى إعادة احتلالنا، فنحن نقوم ذاتيا بذلك نيابة عنهم، فندمر بعضنا بعضاً، ونقتل بعضنا بعضاً، وهم يتخاصمون على مشتريات العرب من السلاح ووسائل القتل والدمار، فالكل منهم مهتم بجمع غنائمه من ورائنا، وجميع مصانعهم على اختلاف منتجاتها، لا تتوقف ليلا أو نهارا طالما ظل في جيوب العرب درهما أو ديناراً.

أيها العرب الضالون لطريق الصواب، يا من تستميتون في خدمة الغرب رغبة في رضاه، وليبقيكم حكاماً على الأوهام، أو يمنحكم زعامة على الأطلال، فأنكم تفرطون في الفرصة تلو الفرصة للصحو واليقظة، فمازلتم تصرُّون على جمع بيضكم في سلة معطوبة واحدة، ها هي أميركا صاحبة عقيدة دوام المصالح مُقَدَّم على القيم والمبادئ، أوشكت أن تسلخكم عن ركبها، وذلك للانتقال باتجاه دولة تعتبرها المحور الأهم في المنطقة، وهي (إيران) لتسابق الصين وروسيا عليها، وأميركا والغرب عموماً، ليس لهم علاقة بلهاياتكم المذهبية، فهم يوظفون ذلك دوما في خططهم التكتيكية والإستراتيجية عند الضرورة، ولأن مصالحهم القومية أهم من كل العرب المتناحرين، وسيظل الدين الإسلامي عدوهم العقائدي، ولكنه اليوم أمسى لا يشكل عليهم خطورة، وأنتم أيها الغافلون الساهون فما زلتم تؤججون وتحرضون شعوبكم ؟! وتثيرون في نفوسهم الكره والبغضاء لبعضهم البعض !! وأنكم تناصبون جارتكم عبر التأريخ (إيران) العداء، لا لشيء إلا تقوية لموقف الغرب التفاوضي معها، فهل فكرتم في النتيجة إذا ما تفاهم الغرب وإيران من وراءكم بما يخدم مصالحهم ؟! فمازالت دول الغرب تذكر التأريخ، وهي تعلم إن إيران كانت دولة عظمى، وكانت تمثل لهم نداً عظيماً بين الفرس والروم، فإيران تملك اليوم القوة والعلم والمعرفة، وأنتم أيها العرب تملكون بعض المال، والقنوات الفضائية .. لا أكثر.

فهلا استوعبنا الدرس كعرب .. بعدما دمرنا دولنا العربية بأنفسنا، وذلك بدءاً من الصومال والعراق ومروراً بدول الربيع الغربي (الخريف العربي) وما زال التخريب والتفجير والقتل في بلدان العرب مستمراً، أما إسرائيل عدوة الله والدين وكل من يتمسك بالإسلام حقاً .. وليس اسماً، تظل آمنة قريرة العين، تسلب وتقتل وتشرد في الشعب الفلسطيني كما تشاء، وأنتم تذهبون إليها سراً لتعقدوا معها صفقة (إبليس) لمحاربة إيران الجارة المسلمة القوية، والدولة الإستراتيجية في منطقة الشرق الأوروبي الأوسط ، بالله عليكم راجعوا واقعكم على مدى سبعين سنة مضت، وقولوا لنا متى فلحتم في شيء، ولن تفلحوا حتى تغيروا واقعكم المرير، وتصنعوا من شعوبكم شعوباً قادرة على العطاء لوطنها وصنع ذاتها، وليس فقط الحلم بالكراسي والمناصب التي تحولت من تكليف ومسؤولية، إلى وسيلة للكسب والفساد وألا مسؤولية.