دم سوريا لمخابز إسرائيل
د. فايز أبو شمالة
سنضرب سوريا لنحافظ على أمن إسرائيل، بهذه اللغة الوضيعة المستخفة بالعرب جميعهم سيحاول الرئيس الأمريكي اقناع الكونجرس بالموافقة على ضرب سوريا، هذا ما ذكرته الإذاعة العبرية صباحاً، وهي تؤكد على أهمية أمن إسرائيل الذي صار مقدساً لدى القيادة الأمريكية، ويستنهضها لدرجة تحريك الجيوش الجرارة لتدمير بلد عربي.
لو افترضنا أن للصهاينة مصلحة استراتيجية في تدمير سوريا، وأن لأمريكا مصلحة عليا في تدمير طاقة الأمة العربية، فما هي مصلحة بعض الملوك والرؤساء العرب في تدمير سوريا؟ لماذا ترفع بعض البلدان العربية قميص عثمان، وتتذرع بالكيماوي للتحريض على ضرب سوريا؟ لماذا لا يصير الحديث جهاراً نهاراً عن مواجهة بين المملكة العربية السعودية مدعومة من أمريكا، وبين إيران التي نجحت في التمدد السياسي والعسكري حتى شواطئ لبنان؟
لا شك أن كل شعوب الأرض ترفض أن يضرب المواطن السوري بالكيماوي، وكل بلاد العرب ترفض أن يظل ملايين السورين يعيشون الموت والتشرد والذبح في وطنهم سوريا لأكثر من عامين ونصف، ولكن الغزو الأمريكي لسوريا ليس بديلاً عن حماقات النظام الذي يرفض الاستماع لمطالب الشعب السوري.
إن تفاهم السوريين على مرحلة انتقالية لهو البديل عن التدخل الأمريكي الإسرائيلي المباشر في سوريا، وأزعم أن الجهة القادرة على تحقيق هذا التفاهم هي إيران؛ البلد الإسلامي الداعم لنظام بشار الأسد بقوة، وهي الدولة القادرة على التأثير في سوريا، ولها مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، ولدولة إيران فضل لا ينكره إلا جاحد على رجال المقاومة اللبنانية والفلسطينية، المقاومة التي أوجعت الصهاينة حقاً، لذلك لا يكفي أن ترفض إيران العدوان الأمريكي، وإنما يتوجب عليها أن تسهم في إيجاد الآلية السياسية التي يلتقي عليها معظم السوريين، ولاسيما أن القوى السياسية الوطنية التي طمحت بالديمقراطية، والتغيير السلمي لنظام الحكم، قد اصدمت في الفترة الأخيرة بالمؤامرة، وبتدخل الأطراف الأكثر معاداة للشعب السوري، وبات الحلف الخبيث الذي التفت حبائله على عنق الإخوان المسلمين في مصر، بات يحث الخطى لبسط نفوذه على سوريا من خلال العدوان الأمريكي.
تدمير سوريا لا يخدم إلا إسرائيل، والدم السوري سيكون وقوداً للمخابز الإسرائيلية التي تشعل نيرانها، ولن تنطفئ على حدود سوريا، فقائمة الانتظار طويلة، وأي انتصار عسكري أمريكي ستكون له ارتدادات على كل المنطقة، لذلك سأفترض حتمية التحالف بين كل القوى المعادية إسرائيل وأمريكا، بما في ذلك حركة حماس، وحركة الإخوان المسلمين، ليصير تغليب الصراع الأساسي والعقائدي مع الصهاينة على الخلاف السياسي والمذهبي.