على زجاج محله كتب عليها "يرجى عدم التفجير قرب المحل لأن أكثر من نصف البضاعة بالدين"، ما يعكس مخاوف اللبنانيين وهواجسهم من عودة السيارات المفخخة والتفجيرات إلى الشوارع والأسواق.
يدرك صاحب المحل هذا تماما أن القاتل، الذي يزرع أي عبوة متفجرة، لن يستجيب لطلبه، لكنه يبدو مدركا أيضا أن السيارات المفخخة والمتفجرات باتت حقيقة يتوقع حدوثها اللبنانيون في اي وقت واي مكان.
وباتت تغلب على جلسات الناس هذه الأيام الأحاديث عن آخر الإشاعات حول العثور على سيارات مفخخة أو احتمالات ركن سيارات مفخخة في مناطق شيعية وأخرى سنية بهدف تحويل التوتر المذهبي القائم في لبنان حاليا إلى حالة من الاقتتال شبيهة بما يجري في العراق.
وانتشر، في نهاية الأسبوع فقط، أكثر من خمس معلومات تداولتها وسائل الإعلام المحلية عن وجود سيارات مفخخة في المناطق من بيروت إلى الطريق الساحلي باتجاه الشمال إلى مدينة صيدا إلى النبطية في الجنوب ومدخل الضاحية الجنوبية للعاصمة.
وتبين فيما بعد أنها مجرد شائعات. وباتت كل سيارة مجهولة موضع شبهة بالنسبة لأهل المنطقة التي ركنت فيها.
حتى أن وسيلة إعلامية أوردت خبرا عاجلا عن تفكيك عبوة ناسفة أمام منزل رئيس جهاز أمني تبين أنها غير صحيحة عندما خرج رئيس هذا الجهاز عبر وسائل الإعلام لينفي الخبر.
وما قيل أنه سيارة مفخخة جرى تفكيكها هو اشتباه بسيارة مركونة ليس بعيدا عن منزل المسؤول الأمني، لكنها كانت خالية من أي متفجرات.
وما يزيد حالة التوتر والحذر التي يعيشها اللبنانيون أن تصريحات السياسيين وصفت انفجار الرويس الاخير يوم الخميس الماضي هو بداية.
وقال وزير الدفاع فايز غصن، الذي يعد رئيس المؤسسة الأمنية التي يفترض ان تتولى حماية اللبنانيين، في بيان مكتوب إن لبنان بدأ يقع في قبضة الإرهاب.
أما زميله وزير الداخلية مروان شربل، الذي يترأس مؤسسة أمنية أخرى مكلفة بالحفاظ على الأمن الداخلي، فقد تحدث عن معلومات عن وجود سيارات مفخخة وتحضيرات لعمليات أمنية لإحداث فتنة داخلية.
وعممت القوى الأمنية على اللبنانيين أرقاما للاتصال عند الاشتباه بأي جسم مشبوه، ما عزز الهواجس عن وجود متفجرات وحولها إلى حقيقة واقعة ستحدث في أية لحظة.
وبات بعض اللبنانيين يتحدث عن استعادة مخاوف أيام الحرب الأهلية حين كان المرء يتوقع انفجار اي سيارة يمر بقربها في طريقه إلى عمله أو في العودة إلى منزله.
وقرر كثيرون في بعض المناطق ولاسيما تلك التي تقع تحت نفوذ حزب الله عدم التحرك إلا عند الحاجة لأن تلك المناطق مستهدفة بنظرهم، بعد تسجيل سلسلة حوادث أمنية منها تفجير سيارة مفخخة الخميس الماضي سبقتها سيارة مفخخة أخرى قبل أسابيع فضلا عن سقوط صواريخ على بعض الأحياء في الضاحية وبعلبك الهرمل في البقاع.
وقد عزز الشعور باستعادة أجواء الحرب، الحواجز التي أقامها حزب الله عند مداخل الضاحية وفي مناطق نفوذه للتدقيق بهويات المارة وتفتيش سياراتهم في ما يمكن وصفه بالأمن الذاتي الذي عرفته المناطق اللبنانية أيام الحرب الأهلية عند سقوط الدولة وأجهزتها الامنية.
كما أن هذا الأمن الذاتي سجل تمددا في بعض الإحيان خارج مناطق نفوذ حزب الله إلى مناطق في قلب العاصمة اللبنانية بيروت يقطنها شيعة.
يذكر أن تهديدات بالرد على حزب الله في مناطق نفوذه تلت إعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله للمرة الأولى في أيار/ مايو الماضي انخراط الحزب في القتال إلى جانب النظام في سوريا لمنع سقوطه.
بيبيسي