يقول الدكتور :رشيد بنحدو:لعل أحد مظاهر الأزمة التي يتخبط فيها إجمالا الفكر العربي المعاصر,هو نزوعه القوي إلى خلط الرؤى والظواهر والمواقف المتنافرة بعضها ببعض, من غير وعي بما ينطوي
عليه كل منها في فوارق تكوينية فكان المفكرين العرب يعوزهم عموما نوع من الكفاية التقديرية,والتأويلية التي تجعلهم عاجزين عن غدراك الحقائق الذاتية للأشياء المتعارضة ,ومن ثم يميلون غريزيا إلى إدراك ملاءمة متعسفة بينها ,لاتبررها سوى
عقيدتهم "التوفيقية" أو "الوسطية"المكينة التي تعفيهم من الخوض في الجواهر التي تخصص الأشياء.
كان هذا في مقاله :"لامشروعية للنقد الهجين المدعو تكامليا".في عدد دبي الثقافية رقم 94 /2013
ويقول في مكان آخر منها ص 111:
حتى لايبقى كلامي تعميميا وغير مستدلّ على صحته بأدلة أتساءل :
-هل يعقل خلط المناهج بعضها ببعض؟.
علما بأن لكل واحد منها أسسا ابستمولولجية يختص بها؟.
-وكيف يمكن مثلا التوفيق بين منهج سوسيولوجي يعدّ النص تعبيرا مباشرا وواعيا عن رؤية محددة للعالم لاتخص المؤلف وحده ,بقدر ما تخص طبقة اجتماعية بكاملها ,ومنهج سيكولوجي يعتبر هذا النص عوضا عن هذا ,تعبيرا استعاريا لا شعوريا ,عن رغبات المؤلف الذاتية المبكوتة ,ومنهج
بنيوي مواكب ينظر إلى النص من حيث هو بنية مغلقة منقطعة عن الواقع الخارجي ذاته فردية كان أم ذاتا جماعية .
ولا تحيل إلا على اشتغالها الداخلي .
ومنهج لساني يعامل النص من جهة كونه خطابا ومنهج لساني يعامل النص من جهة كونه خطابا قوامة نسق من الأدلة اللوغية القابلة للتحليل نحويا وتركيبيا ومورفولوجيا وغيرها.
ومنهج أسلوبي يهتم بالوظيفة الانفعالية للغة النص من خلال رصد الآثار الأسلوبية التي تجعلها تنزاح عن المعايير القاعدية للغة.
أقول كيف يمكن للناقد نفسه أن يوفق بين هذه المناهج المتباينة والتصورات المتنابذة لدى مقارنته النص نفسه؟.
الجواب عندي جاهز:
-لايمكنه ذلك إلا بالتمحل والتعسف والإسقاط والتوفيق القسري.