ارحم نفسك، وارحم سوريا يا بشار
د. فايز أبو شمالة
ارحمها يا بشار، أرحم سوريا، ارحم هذا الشعب الذي ركبت على ظهره أنت وأبوك أربعين سنة، أرحم الناس الذين صبروا على جور أبيك، واحتملوا تسلطك، وعضو على جمر المذلة قبل أن يثوروا طلباً للحرية، اعطهم حقهم في الحياة، وفي اختيار رئيسهم، وبرلمانهم، وقادتهم، لا تصادر حرياتهم، ولا تفرض عليهم نفسك رئيساً بلا منازع يا بشار، انزل قليلاً عن ظهر الأمة، وأعط الشعب السوري ما طالب فيه من كرامة ورغيف خبز معجون بالمحبة.
قد تكون أنت يا بشار من أفضل الرؤساء الذين مروا على المنطقة قبل الربيع العربي، وقد تكون أنت يا بشار أشرف من كل الملوك الذي يدسون على حرية الشعوب، ويخادعون الله والرسول، وقد تكون أنت يا بشار سند المقاومين، ورأس الممانعين، وقد تكون أنت ظهير المقهورين، وناصر الرافضين للمصالحة مع الصهاينة، قد تكون كل ذلك وأكثر، ولكنك لم تبادر إلى تعزيز الديمقراطية، ولم تفتح أبواب الحرية الفكرية والسياسية والحزبية على مصراعيها، ولم تكن تشعر بمعاناة المواطن السوري، ولم تدرك ما يشتكي من قهر، ومن تكميم للأفواه، بل أنت بالغت في احتقار الشعب السوري، ولم تحترم إرادته حين طالب بحريته، وخرج إلى الشوارع يهتف ارحل ارحل يا بشار.
كانت عصاك غليظة يا بشار، لقد التهب ظهر الشعب السوري، حين رآك تمشي على الطريق نفسه الذي عبده أبوك، حتى صارت جميع المدن السورية مدينة حماة التي داس على كرامتها بحذائه المتكبر، لقد دست بنفس الحذاء على عشرات المدن والحارات السورية، وزرعت بعنادكم بذور الكراهية والأحقاد، وأجبرت الصغير قبل الكبير على حمل السلاح للدفاع عن اخته وابنته وزوجه، لقد حمل السوريون السلاح لاسترداد شخصيتهم التاريخية، وشخصيتهم العربية والإسلامية القيادية التي ذوبتها في شرايين العائلية والطائفية، فأبوا أن يخضعوا ثانية، وأبوا إلا أن يكونوا نداً في الميدان، وهم يوثقون تاريخ المنطقة العربية والإسلامية بدمائهم الطاهرة.
لقد دق الشعب السوري أبواب الحرية، وتذوق طعم الكرامة، وتعود على العذاب، الشعب السوري يأبى الخضوع، ويأبى غلا أن يكون نداً، الشعب السوري يكتب تاريخ المنقطة بدمائه، و لن يرجع إلى الحظيرة بعد مئة ألف شهيد، سينتصر على هذه المرحلة شئت أم أبيت، فأنت لم تعد رئيساً لكل سوريا، و لم يبق لك أمل يا بشار بان تبقى رئيساً حتى لبعض سوريا، انتهى زمن الرئاسة المفتوح إلى المطلق، فارحم سوريا يا بشار وارحل، لقد انتهى زمن عائلة الأسد، وجاء زمن الشعب السوري الأسد.