منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1
    محاضر في جامعة الشلف الجزائر
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    419

    قراءة في خواطر مسافر

    رد على الأديبة الكريمة بعنوان: قراءة في خواطر مسافر
    الوطن لا ينتهي أبدا أبدا، الوطن يعيش في داخل الشعور، في أعماق الذات، الذات الفردية والأنا الجمعي تاريخا وحضارة وثقافة ولسانا ودينا وغيره، يبقى حالاّ في الأنا مهما تغيّرت ظروف الزمان والمكان، ومهما اشتدت المصائب والمحن والفتن، شعور عميق قويّ شديد يورّث من جيل إلى جيل، ومن مرحلة إلى أخرى، لا يتوقف، لا ينقطع، ولا يتمزق، حبل موصول بين أناواتنا في الماضي والحاضر والمستقبل، يعكس بشدّة غير متناهية الارتباط الشديد والتمسك القويّ بالأرض مادة وبالعرض أخلاقا وشرفا وبالروح تاريخا وثقافة ، وبالحياة دينا ودنيا.
    المواطَنة العربية من دمشق سوريا الجريحة إلى بحمدون لبنان المأزوم تدفع وبقّوة ثمن أخطاء الحضارة الغربية المعاصرة، للأسف في البلاد العربية، على أرض الحضارات والثقافات والأديان والحوار والتسامح، حيث عاش الأنبياء ونزل الوحي، أرض الخير والعطاء المادي والروحاني، تدفعها من غير نخوة رسمية أو غيرة غير رسمية، وتعظم الأخطاء وتتكرر وتصبح تقليدا كلما اشتدّت الفتن والمحن والأزمات، لاشتداد الدعارة السياسية والثقافية وغيرها وازدادت درجة الانبطاح في عالمنا العربي.
    اختلاف الناس في الألوان والأديان والثقافات، وتعددهم في شعوب وقبائل سنّة كونية وحتمية طبيعية، ارتضاها الله للناس جميعا،على سبيل التواصل الإيجابي والتعارف والتفاهم والتعاون لا على طريق التباغض والتناحر والاقتتال، ومقصد الشرع والعقل والدين والحق البناء لا الهدم، والأصل في الأفعال الخير لا غير، إذ لا يستقيم حال الأمة أي أمة إلا بمكارم الأخلاق، وأزمتنا أخلاقية بالأصل والأساس.
    كل مدن وقرى وأرياف بلاد الشام وبلاد العرب من المحيط إلى الخليج عرسان، كل منها عريس في عين عروسه الصادقة المخلصة الوفية لعريسها المتيمة بحبّه مطلقا وأبدا، قلبها مليء بودّه لا تنفذ إليه الخيانة، ولا يثنيها عن الارتباط المطلق به أدنى شك، فهي له وهو لها، تموت لأجله، وتتمزق على أرضه روحها الطاهرة يوميا بسبب الغربة المفروضة المصطنعة، ويتحوّل جسمها إلى أشلاء تتناثر وتوارى تربته التي تُسقى من دمائها، فتُنبت أزهارا وورودا تروي قصص أديبتنا ريمة الخاني مع حبيبها وطنها، وكلّنا ريمة الخاني.
    في حروب 2013تسيطر تكنولوجيا الأسلحة المتطورة على ساحات المعارك، الأسلحة التي تمنحها روسيا أو أمريكا إلى أطراف النزاع، أما في قواعد الحياة حيث الأطفال والنساء والشيوخ فتسيطر تكنولوجيات الاتصال والإعلام والإشهار المعاصرة والتي عرفت وتعرف تطورا مذهلا، تكنولوجيات ووسائل لعب وترفيه وتسلية أكثر وفرة من الماء والخبز بل من الهواء النقي والخالي من التلوث بسبب سيطرة الآلة ومخلّفات الآلة، تُشغل الكل عن حاجياتهم البيولوجية والفكرية والروحية، وعن حاجة فلسطين إلى التحرر وحاجة شعوبنا إلى الاستقرار والسلم والحرية والكرامة والتنمية، وعن حق الوطن العربي في الوحدة والمدنية والحضارة.
    لا يعجب المرء إن قلنا بأنّ المعاناة في البلاد العربية صارت صديقا حميما للشعوب، وسقطت مقولة "الأزمة تلد الهمة" وسقط معها كل أمل في النجاة، لم يعد مكان في بلادنا يتسع للمقاربات فهو يتسع فقط للمفارقات للعجائب السوداء، في مصر وفي العراق وفي سوريا وفي الصومال وفي غيره من البلاد العربية، حيث الماء والغاز والنفط وغيره كثير، الشعوب فيها تعاني شحا منقطع النظير في الماء والكهرباء والسولار، أمة اقرأ لا تقرأ، أمة العلم جاهلة، لكن الحياة قائمة إلى أن يشاء الله، أبى من أبى وشاء من شاء.
    إنّ شرط حياة الروح العربية الإسلامية وهي جزء من الروح الإنسانة العالمية الثقافة العربية الإسلامية، وأبرز مظاهر الثقافة العربية الإسلامية الكتاب العربي الإسلامي في مختلف التخصصات الدينية والدنيوية، وللقضاء على الروح العربية الإسلامية ضرورة القضاء على الكتاب العربي الإسلامي الذي يربط الإنسان العربي والمسلم بثقافته وتاريخه وتراثه ودينه، ويدفعه بشتى الطرق إلى الانغماس في ثقافات أخرى والذوبان فيها، لكنّ الله متم نوره ولو كره الكافرون.
    أما الصراع الطائفي الذي تعرفه بلادنا وتغذيه أطراف عديدة في الداخل والخارج فهو أجوف مفتعل، ومنه الصراع السني الشيعي، تشهده العديد من أقطار البلاد العربية، مثل العراق ولبنان وغيرهما، وفي حقيقته يعكس قمّة التعصب السني أمام قمّة التشدد الشيعي، في حين أن الإسلام واحد والنبي واحد والقرآن واحد والله واحد أحد.
    تتحمل العولمة مسئولية ما آل إليه عالمنا العربي والإسلامي من خراب للبيوت بسبب الحروب والنزاعات، ومن دمار للقيم والمبادئ العليا، ومن استهانة بالإسلام والإساءة إليه من طرف أهله وغيرهم، ومن ربط الإسلام بالإرهاب وهو منه براء، ومن فساد واستبداد في جميع قطاعات الحياة، ومن الظلم والقهر وغياب الحريات، ومن التخلف والجهل والمرض وغيره، العولمة التي سببت هذا الوضع المزري باسم اقتصاد السوق والديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والعدالة وحقوق الأقليات والعولمة والنظام العالمي الجديد ومجتمع المعرفة والعلم والتكنولوجيا للجميع ومكافحة الإرهاب، أين عالمنا العربي من هذا كله من دمشق إلى بحمدون؟؟؟؟؟
    بوبكر جيلالي 24-04-2013

    http://www.omferas.com/vb/showthread...295#post176295
    http://boudji.extra-blog.net/

  2. #2
    الأخ الأستاذ الدكتور بوبكر , لك ودي واحترامي واسمح لي بهذا السؤال :
    الغرب قائم , والعرب نوّم , والعولمة قائمة , والجهل خيّّم , ولا يقوم قائم إلا بالفكر والتنظيم وجمع العزائم , الذي يدعمها المال , فكيف يستطيع العرب أن ينهضوا أو يقاوموا أو يستيقظوا أمام غابة مملوءة بالوحوش الضارية والمفترسة والمتعطشة إلى مص الدماء بقوتها الرهيبة واتحادها على قيام إستراتيجية واعية تمتد إلى مئات السنين المقبلة ,؟
    أريد حلاً , ونظرة ثاقبة واقعية للخلاص من هذا المأزق المؤسف , وشكراً

  3. #3
    السلام عليكم
    اولا الشكر الجزيل للدكتور جيلالي للاهتمام وهذا شرف كبير لي
    ثانيا شكرا لك استاذ غالب للمشاركة الفعالة والسؤال الحقيقي:ماذا يمكننا ان نفعل نحن كمفكرين؟
    فنحن موضوفون بالقيادة الفكرية ولكن من يضع العصي في العجلات وكيف نزيحها؟
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    محاضر في جامعة الشلف الجزائر
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    419
    رد على الأستاذ الكريم غالب الغول
    أستاذي الكريم أبدأ بما كتبت أنت حقائق ثابتة في العالم المعاصر:
    " الغرب قائم , والعرب نوّم , والعولمة قائمة , والجهل خيّّم , ولا يقوم قائم إلا بالفكر والتنظيم وجمع العزائم , الذي يدعمها المال , فكيف يستطيع العرب أن ينهضوا أو يقاوموا أو يستيقظوا أمام غابة مملوءة بالوحوش الضارية والمفترسة والمتعطشة إلى مص الدماء بقوتها الرهيبة واتحادها على قيام إستراتيجية واعية تمتد إلى مئات السنين المقبلة ,؟"
    لقد طرحت أستاذنا الفاضل أزمة العرب والمسلمين في العصر الحديث والمعاصر، الأزمة الكبرى، وهي أزمة نهضة ومشكلة تخلّف وانحطاط في مقابل تقدم فكري وعلمي وتكنولوجي لدى العالم الآخر استخدم الآخر في بعضه لا في كله هذا التقدم في تعميق أزمة النهوض وتوسيع التخلف والانحطاط في عالمنا العربي ولإسلامي باسم شعارات متعددة منها الديمقراطية، الحرية حقوق الإنسان، اقتصاد السوق، والعولمة وغيرها، هذا الوضع زاد في تخلفنا أكثر إضافة إلى ما نحن عليه ذاتيا وداخليا من انهيار وسقوط نحو الهاوية يوما بعد يوم.
    أزمة النهضة في البلاد العربية والإسلامية طرحها مفكرو العرب والمسلمين منذ القرن 18 و19 الميلادي ومازالت مطروحة حتى الآن،لكونها مازالت قائمة وبشدة ولم نعد نحسن نخبة وعامة سوى أمرين البكاء على الأطلال والفخر بمآثر وأمجاد الآباء والأجداد، أو الاجتهاد في المقارنة بين الغرب المتقدم وتخلفنا في الفكر والسلوك والحياة عامة، من غير الانطلاق في النهوض الحضاري أصلا لأسباب كثيرة ومتشابكة ومعقدة ومتداخلة ذاتية وموضوعية، دينية ودنيوية، فردية واجتماعية، وأردّها جميعا إلى أصل واحد هو غياب تمثّل الإنسان العربي المسلم شعورا وفكرا وسلوكا فردا وجماعة مكارم الأخلاق، والتغيير يبدأ في الذات ويتحقق اكتماله تماما ثم ينعكس على السلوك الفردي والاجتماعي وفي الحياة بكافة قطاعاتها.
    اقسم أهل الفكر والرأي في عصرنا في العالم العربي والإسلامي إلى مواقف، موقف تراثي لا يعترف إلا بدور التراث العربي الإسلامي لحل أزمة النهضة، وتتعدد أرائه بحسب أصحابه ويُقصي بقية المواقف الأخرى خاصة المناهضة له، ويذهب بعض أصحابه إلى حد التعصب لموقفهم. وفي المقابل يوجد موقف تغريبي ليبرالي لا يعترف إلا بالمدنية الغربية والثقافة الغربية وعلوم وتكنولوجيا الغرب وسيلة وحيدة لحل أزمة نهضتنا ويتشدد بعض أنصار هذا الموقف في زعمهم ويدعون إلى انطلاق نهضة عربية في مستوى نهضة أوروبا في العصر الحديث، أي ضرورة تجاوز ما هو تراثي ديني وفكري وثقافي عامة عربي إسلامي للنهوض الحضاري المطلوب متجاهلين التمايز الجذري بين الكنيسة والإسلام وبين الظرفين العصر الوسيط والعصر الراهن. إلى جانب الموقفين المتعارضين يوجد موقف ثالث يحاول الجمع والتوحيد والتأليف بين التيار التراثي والتيار التغريبي وهو موقف وسط، دعا ومازال يدعو أصحابه إلى الجمع بين الأصالة والمعاصرة، بين القديم والجديد، بين التراث والتجديد، بين ثقافة الغرب ومدنيته وجميع مظاهر حضارته من جهة وبين الثقافة العربية الإسلامية من جهة أخرى، بين الخصوصية والعولمة، لكن للأسف كل حزب بما لديه فرحون، في سياق هذا التعدد في حصر أسباب الأزمة وفي الاختيار بين البدائل لم يسد التعاون والتكامل بين المواقف والتيارات، ولم يفلح أي تيار في حل المعضلة، وإن كان التيار التوفيقي أكثر التيارات ارتباطا بمنطق العقل السليم وبمقاصد الشرع المستقيم، لم يفلح لأسباب عديدة أهمها وضع الثقافة والمثقف والفكر والمفكر والعلم والعلماء في بلادنا، وضع يهمّش وينبذ الثقافة من طرف العامة والساسة والسلطة الحاكمة وأصحاب المال والأعمال، وبالتالي فشل أي مشروع نهضوي فيه قليل من الجدية والجرأة والإخلاص والصدق.
    وضع الثقافة والمثقف في عالما العربي المعاصر:
    - التهميش السياسي: السلطة الحاكمة في البلاد العربية وإرادتها السياسية لا تشجع الثقافة والعلم والفكر والبحث ولا تحترم المثقفين والعلماء والمفكرين والباحثين، تشجع قطاعات المال والأعمال وأنشطة ثقافية ترفيهية آنية وتحترم أصحابها مثل المطربين والرياضيين على حساب البحث في جميع الميادين الثقافية الأخرى، مثل العلم والتكنولوجيا والفكر.
    - النبذ الاجتماعي: في عصر العولمة واقتصاد السوق والشركات المعددة الجنسيات لم تعد الشعوب العربية تهتم بما هو ثقافي ولا بالبحث العلمي، انصب الاهتمام على تحقيق الربح المادي السريع بطرق كثيرة مشروعة وغير مشروعة على حساب الاجتهاد المدرسي والإبداع في البحوث والدراسات الجامعية وفي المجتمع بشكل عام.
    - العزلة:الباحث العربي في أغلب البلاد العربية معزول عن قومه فكريا وسياسيا واجتماعيا، بسبب التهميش السياسي والنبذ الاجتماعي وانفصاله عن واقعه، هو وما يقوم به من أبحاث ودراسات أكاديمية وغيرها في المجال العلمي أو الأدبي أو التكنولوجي أو الإنساني والاجتماعي كل ذلك لا يمت بصلة بواقع الباحث لوجود قطيعة بين البحوث ومشاكل الواقع وهمومه.
    - القهر والاستبداد: المثقف العربي بصفة عامة والباحث بصفة خاصة كلاهما يتعرض للقهر والاستبداد والظلم في المجتمعات العربية، بسبب سلب حريتهم في الرأي والفكر والتعبير وفي البحث، ومنعهم من إطلاق مواهبهم والكشف عن إبداعاتهم، بقرارات سياسية وإدارية طاغية وبوعي ثقافي فاسد وزائف تفرضه الفئة المتعالمة المسيطرة على الحياة الثقافية.
    - الفقر والفاقة: في أغلب البلاد العربية وحتى تلك الغنية بالنفط تعاني شعوبها من سوء توزيع الثروة، وتتخبط في مشاكل خطيرة جدا، وبما أن الاهتمام ضعيف جدا بالثقافة والعلم والبحث فإن القائمين على هذا القطاع يعانون من الفقر المدقع إلى حد الجوع، بسبب الدخل الضعيف لممتهن الثقافة والعلم والبحث وبسبب غلاء ما يحتاجه الباحث من مقتنيات لإنجاز أعماله البحثية، ناهيك عن مشكلات النقل والإيواء وغيره .
    - الإهمال أكاديميا: الباحث في ميادين البحث المختلفة في المؤسسات الأكاديمية، جامعات ومعاهد مراكز وغيرها في غالبية البلاد العربية لم توفر له ما يحتاجه من إمكانيات مادية ومعنوية، وسائل وتقنيات ومناهج وظروف عمل مناسبة تسمح له بتحقيق الازدهار المطلوب في مجال بحوثه ودراساته، على الرغم من كون البحث العلمي هو محرك التنمية والتطور الاجتماعي في كل عصر وفي كل مصر.
    - الاحتقار: ظاهرة التهميش السياسي والنبذ الاجتماعي والعزلة والاستبداد والقهر والإهمال الأكاديمي والفقر والفاقة، كل هذا جعل البحث يعيش حالة يأس وقنوط ويشعر بالاحتقار والضيم، فإما يترك العلم والبحث وينصرف إلى أشغال أخرى، وإما يعيش طلية حياته في الحسرة والضيق، وإما يهجر إلى البلاد التي تحترم البحث والباحثين حيث تجد ضالتها ويجد ضالته في البحث.
    - الاستجابة السلبية للباحث: إنّ اقتصاد السوق وثقافة العولمة وديمقراطية الغرب الأوربي وثقافته، كل ذلك لا يسمح لأي طرف بمنافسته فكريا وثقافيا وعلميا واقتصاديا وصناعيا، وأي إبداع في عالمنا العربي في أي مستوي وفي أي ميدان يقابل من طرف المجتمع ومن قبل السلطة ببرودة وعزوف وسلبية، فتموت المواهب وتدفن الإبداعات وتشيّع العبقريات ونحن في أمس الحاجة إليها، وتعيش شعوبنا في تبعية علمية وتكنولوجية واقتصادية وسياسية للعالم المتقدم يتحكم فيها كما يشاء.
    - ضعف الباحث: الباحث في البلاد المتقدمة يتلقى تعليما جيدا وتكوينا قويّا وقاعدة صلبة في البحث، كل في تخصصه، أما في البلاد العربية فالتعليم ناقص جدا وظروفه صعبة ومضطربة والتكوين هش، الأمر الذي أدى بمؤسسات البحث والدراسة في سائر البلاد العربية إلى تخريج دفعات من الباحثين الأكثر ضعفا ونقصا في النظري والتطبيقي معا، لا يمكنهم الإسهام في حل مشكلات مجتمعاتهم لضعف تكوينهم وضعف بحوثهم بالمقارنة مع بلغه البحث في العالم المتقدم من تقدم وازدهار.
    انعدام مؤسسات البحث المتخصصة: توجد في البلاد العربية جامعات ومعاهد ومراكز بحث في اللغات والعلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية والعلوم الدقيق والتجريبية والعلوم التكنولوجية، كل هذا موجود ولكن للأسف لا تشتغل هذه المؤسسات بالمعايير والإمكانيات والطاقات والنظم والعقليات والأخلاق التي تشتغل بها مؤسسات البحث في البلدان المتقدمة، وبالتالي فأداء مؤسسات البحث عندنا ضعيف ومردودها هزيل جدا لا يظهر نهائيا في سوق البحث العالمي الشرس الذي لا يعترف إلا بالأقوياء علما وعملا.
    إنّ وضع الثقافة بصفة عامة والبحث بصفة خاصة يتردّى يوما بعد يوم في البلاد العربية بسبب تفاقم أوضاع البحث والباحث في اتجاه الاستبداد والاحتقار والفقر والتهميش والسلبية وغيرها، الأمر الذي أدّى إلى هجرة العبقرية والكفاءة والموهبة والإبداع إلى العالم المتقدم حيث تتوفر ظروف العمل الإبداعي الموضوعية والبيئية وتتحرك دوافع الباحثين والمبدعين الذاتية، فانتهى أمر البحث والإبداع في جميع ميادين العلم والمعرفة النظرية والعملية إلى ما هو عليه الآن من تقدم كبير جدا وازدهار رهيب، جعل أصحابه في منزلة رفيعة احتراما وتقديرا بين شعوب وأمم العالم، منزلة تسوس العالم وتسوده.
    في ظل هذه الأوضاع المتعفنة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ليس من اليسير وفي وقت قصير وبجهد قليل ومن طرف جهة أوجهتين يمكن تجاوز هذه الأمراض التي انتشرت في الجسم العربي الإسلامي أفراد وجماعات ودول وأمة من تعفن وفساد وانحطاط، الأمر يحتاج إلى وقت طويل، لأن نصف قرن بأكثر أو بأقل فهو قليل بالنسبة لعمر أمة، وعملية البناء الحضاري الغربي استغرقت أكثر من خمسة قرون فما بالنا نحن ما بيننا وبين النهضة الحديثة والتي مازالت قيد الإنجاز، ويحتاج الأمر إلى جهود جبارة من طرف الجميع وفي كل المستويات سلطة وشعوبا، ويحتاج إلى وحدة حقيقية بين الشعوب وأنظمتها لأن قوة الأمة في وحدتها وضعف الأمة بتمزقها وفرقتها، ويحتاج الأمر إلى تثقيف الجميع وتربية الأجيال على الأخلاق الفاضلة الأخلاق الفردية والاجتماعية، ويحتاج إلى ترشيد للمال والأعمال، ويحتاج إلى الكثير، قد يرى غيري بأنني أبالغ خارج واقع مر ومخزي ومؤلم ومأزوم من كل جانب، صحيح ولكن ليس لنا سوى ما ذكرت للخروج من أزمتنا العميقة وينبغي أن ننطلق وينطلق كل منا في مستواه يضع لبنة في اتجاه النهضة والبناء الحضاري.
    أنّ أزمتنا حقيقة وواقعا معقدة عميقة وخيوطها متشابكة تتفاقم يوما بعد يوم، تركت أثارا خطيرة على حياتنا عامة، إذ حوّلت مجتمعاتنا إلى مواطن للفساد والاستبداد والجريمة بمختلف أنواعها وإلى أسواق تجارة الرذائل والمنكرات في الفكر والثقافة والسياسة والاقتصاد وفي كل مناحي الحياة، ويرتبط وضعنا المتردي المأزوم بدوافع كثيرة بعضها ذاتي حالّ فينا وبعضها موضوعي حالّ في الظروف والتحديات المعاصرة، أمّا السبب الرئيس المسئول عن أوضاعنا المزرية يتمثل في أخلاقنا التي لا ينسجم فيها القول مع الفعل والنظر مع العمل، أخلاق ذميمة مستهجنة تجعل أفعالنا قبيحة، ففساد الأخلاق في أفعالنا النظرية والعملية في حياتنا عامة هو المسئول الأول عن فساد هذه الحياة، وكل المآسي التي تعانيها شعوبنا هي نتائج أزمة الأخلاق، ولا مناص من الاعتراف بأنّ الأمم المتقدمة المعاصرة رغم أزمتها المادية والأخلاقية فهي ذات أخلاق عالية في التعامل مع الإنسان والعقل والعلم والعمل باحترام وتقدير، وبالتالي فأيّة محاولة للتفكير في حلّ هذه الأزمة من دون الانطلاق من الأزمة الأخلاقية عبث ومضيعة للوقت.
    http://boudji.extra-blog.net/

المواضيع المتشابهه

  1. حين أسافر اليك
    بواسطة شذى سعد في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-12-2015, 09:12 AM
  2. خواطر مسافر...
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 04-29-2013, 07:32 AM
  3. (أسافر أو لا أسافر)؟ خطبة الجمعة للاهمية
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-16-2012, 12:26 AM
  4. حداء مسافر
    بواسطة زيد الطهراوي في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 12-19-2011, 06:22 PM
  5. مسافر...
    بواسطة مصطفى الطاهري في المنتدى القصة الشاعرة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-08-2009, 02:24 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •