اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رغد قصاب مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ويا مرحبا بكم معنانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيعلى ضوء ما تفضلتم به)
كيف يمكننا المقارنة بين التربية قديما وحديثا وهل فهلا جيلنا اكثر جرأة بل وتهورا و انتاجا معا ؟؟
ومن كان المنتج اكثر بصراحة وكيف تضغ لنا الميزان التربوي في نظرك.
شكرا.
لا علم لي ألا ما عُلّمت. و السؤال قد يحسن الإجابة عنه ذوي الاختصاص. و لست منهم.
جوابي عن "الكيف" إن كان في الطريقة بالذات، يكون أن "المقارنة بين التربية قديما وحديثا" تتطلب الإلمام بعلوم التربية و التاريخ و الإحصاء معا، و على الأقل. أما إذا كان المطلوب هو المقارنة بالذات، و كوني لا أملك أصغر علم مفيد في هذا المجال، فأخشى أن لا فائدة في محاولة الأجابة و لا من العمل بها إن أُعطِيتْ.
حتى لو كنت لأتكلم بصفة عامة، فقد لا أكون في أحسن العمر للقيام بذلك. سن الأربعين سن بين عمرين. و هو سن قيام و توقف على شريط فاصل بين الشباب و المشيب.
قد يعتقد البعض أن هذا السن هو سن وعي و فرصة للإطلاع في وقت واحد على ما فعله السابقون و ما يفعله اللاحقون. و هذا صحيح. و لكن، أليس من الأفضل أن يعرف ما كان يجب أن يفعله السابقون و السعي إلى تحقيقه بالنيابة عنهم، و أن يعرف ما يجب أن يكون الشباب الصاعد عليه، و العمل على إرشاده إلى ذلك؟ وهذا وضع يكاد أن يكون مستحيلا.
من جهة أخرى و بما أن فاقد الشيء لا يعطيه كما يقال، قد يعتقد البعض الآخر أنه لو كان لأي جيل أن يعرف وصفة العيشة الراضية لأستطاع تسليمها للجيل المقبل، و بهذا المنطق، لكان قد استلمها هو ممن سبقوه.
من أسس التربية ثلاث : الإستماع و المثال و التكرار. و عدو هاته الثلاث التسرع (السرعة غير اللائقة في العمل) و التّسارع (أي البحث عن طرق لزيادة السرعة فيما هو أصلا سريع). و سبب هذان حب التكاثر.
ففي عصر السرعة، من يستمع لغير نفسه؟ فلا وقت لذلك. كيف نكون مثالا للغير؟ و القيم تزول و توضع بين مشرق شمس و غروبها. كيف نداوم و نكرر؟ و الأغلبية عباد للموضة و الجديد و المختلف و الحصري و الفريد و الشخصي.
فلا عادة إلا عادة الإبداع و البدع، و لا تقليد غير التقليد الأعمى. عَوّض الترف و اللهو و الترفيه، التعلم و العمل و الإهتمام. كل هذا (و قليلا ما هو) يحول دون تأسيس أي نظام تربوي ناجح. فقد فُقِدت الوتيرة و نسيت المناهج و تجاهل الناس حقيقة "من" و "ما" يقودهم فعلا.
لا فائدة إذن من مقاربة أي مسألة اجتماعية من باب مقصور لجيل معين، فكل الأجيال مسؤولة و فعالة و لها أثرها على بناء المجتمع و هي بارتباطها، تؤثر و تتأثر الواحدة منها بالأخرى. فلا يصدّق أن يكون، في المجتمع الواحد، مكان لجيلين متباينين إلى حد أن الواحد يكون قد فقد كل ما للآخر أو استحوذ لوحده ما لم يعطى لغيره. لا بد أن يجري أي تحول بصفة تدريجية. و في أي اتجاه كان ذلك التحول.
إذن، فالحديث عن الجيل الجديد لا يكون كاملا إذا ما قمنا به على حدة من الأجيال الأخرى.
زد على كل هذا أن أي مشروع اجتماعي لا يحسب بالأيام و لا بالسنين بل يحسب بأعمارِ تُفنى. فلا ينتظر أحدنا أن يشهد أي تغيير ناجح، مدى حياته. سنعمل و نجتهد و لن نكون بين الذين يستفيدون من عملنا. أما عن الثورات الصغيرة و الانقلابات فهي لا تفيد إطلاقا بلا خطة أوسع تضمن استمرارية التغيير.
و شر الأعداء العدو المستتر الصّابر على خطته، يفتن و يغري و هو أيضا يعلم أن الأُكُل سيكون لغير جيله.
أعلم أني لم أجب مباشرة عن السؤال و قد يأتي الكلام بما لا يشتهي الأنام، فالمعذرة مسبقا على الإنحراف.
و الله من وراء القصد.