لغزة أمٌ مصريةٌ وأبٌ عربي
د. فايز أبو شمالة
مصر ليست جارة لقطاع غزة، تذرف الدمع لما يصيب سكانه من إرهاب صهيوني، وتقدم لهم المساعدات الإنسانية، مصر هي الأم الحنون لكل الفلسطينيين، وهي سيف العرب المسلول من غمده، وإذا كانت المقاومة قد صمدت في الحرب معتمدة على نفسها عندما كان يطبق على أنفاس مصر المخلوع حسني مبارك، فإن المقاومة الفلسطينية اليوم هي أكثر ثقة بالنفس، وهي تدرك أن لها أمٌ مصرية، ستمد لها ثديها الطافح بحليب الكرامة، ولن تتركها تجوع للسلاح، ولن تتركها تقتصد في رش الرصاص، مصر خزان الرجال والشرف الذي يأبى أن يدفن رأسه في الرمال، حتى لا يرى دم غزة النازف، ودموعها الشامخة بالمجد.
مصر العربية التي تحركت، وسحبت سفيرها من دولة الغاصبين، سجلت موقفاً أولياً تزينه الكرامة العربية، ولكن ما يطلبه الأبناء من أمهم أكثر من الصراخ على الذئب، وأكثر من رجمه بكلمات الغضب، ما يطلبه الفلسطينيون من مصر قطع كل العلاقات مع العدو الإسرائيلي، وتمزيق اتفاقية كامب ديفيد التي أهانت العرب، وداست على أنف الأمة بحذاء التوسل والاستخذاء، ما يطلبه الأبناء الفلسطينيون من أمهم مصر هو تحديد العدو من الصديق، فلا يمكن أن يكون الغاصب الصهيوني طرفاً آخر، ولا يمكن أن يكون الغاصب جاراً لمصر، العصابات الصهيونية هي عدو مصر الأول قبل أن تكون مغتصبة لأرض فلسطين، إسرائيل هو عدو العرب جميعهم، وعدوة المسلمين.
الفلسطينيون يطلبون من أمتهم العربية الناهضة تمزيق مبادرة السلام العربية، لأن تلك المبادرة الخانعة قد تم إعدادها في زمن الرؤساء الساقطين المخلوعين، بينما الزمن الراهن، زمن انتصار المقاومة، زمن الثورات العربية الذي يفرض إرادة الشعوب، ويطالب بتمزيق مبادرة السلام الذي أشرف عليها مبارك والقذافي وزين العابدين وعلى عبد الله صالح وأمثالهم من الحكام العرب الذين باعوا الأوطان لعدوهم الإسرائيلي بثمن بخس.
وإذا كان الفلسطينيون قد رحبوا بخطوات مصر الجريئة، وينتظرون من أمتهم العربية المزيد والمزيد من الدعم والإسناد المادي والمعنوي، فإن الفلسطينيين في كل مكان يقبلون يد محمود عباس، ويترجونه بأن يسمح لشعبنا بالخروج للشوارع في مظاهرات غضب ضد العدو الإسرائيلي، ويتوسلون إلى الله بأن لا يبطش محمود عباس بالفلسطينيين الراغبين بالخروج إلى شوارع رام الله، احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي المجرم.