لماذا أنا في الامارات؟؟
كثير من الناس سألوني ، وكان جوابي دوما مرتبكاً وغائماً، وأجد من الواجب أن أجيب بصراحة ووضوح...
لم يكن يخطر في بالي أن أعادر بلادي، وحين بدأت الأزمة كان اصراري كبيراً أن أبقى في الشام، وشاركت في كل عمل أشعر بأنه مفيد لجهة المصالحة ووقف العنف، وكان ذلك يغضب النظام احياناً ويغضب المعارضة احيانا أخرى، ولكنه كان يرضي ضميري، فإنقاذ البلد أولى من اي اعتبارات اخرى.....
اما صراعي مع النظام فبدأ منذ 2008 فبعد سلسلة مقابلات صحفية طالبت بوضوح بالغاء المادة الثامنة وإطلاق الحريات والافراج عن معتقلي الرأي وإلغاء قانون 49 ورفع حالة الطوارئ، قام النظام بسلسة إجراءات قاسية وظالمة حيث أغلق بالشمع الأحمر مركز الدراسات الاسلامية ، ثم ألغى بشكل غير قانوني جمعية أرباب الشعائر الدينية (علماء الشريعة) التي كنت أرأسها، ثم ألغى كل وظائفي الدينية ومنع مشاركتي في الدين والإعلام.
لم أنقلب على النظام أو أدعو للثورة عليه، فهي مسائل يمكن ترميمها، وكنا نأمل في إصلاحها والبحث عن بدائل لها مقابل استقرار البلد وأمن الوطن......
ولكن ما جعلنا نختار مقاومة هذا النظام والمطالبة برحيله هو في الواقع سلوكه الأمني الباطش في مواجهة الاحتجاجات وزج الجيش في مواجهات دامية ضد الشعب.....
وبعد سلسلة محاولات قمت بها في المؤتمر التشاوري والطريق الثالث عرفها السوريون جيداً، تطورت الأمور وشن الشبيحة حرباً لا هوادة فيها علي، وأعلنوا صراحة عن هدر دمي، وباشروا ذلك أكثر من مرة، إحداها تم نقلها مباشرة على التلفزيون السوري حين هتف الشبيحة (بدنا راسك يا حبش) وبدؤوا بضربي وأنا في سيارتي (انظر شريط يوتيوب: عرس الشهادة في دمشق) وهو يوتيوب تسجيل عن التلفزيون السوري.

كنت مصراً حتى بعد ذلك أن أبقى في وطني، وكان بالامكان أن أبقى صامتاً أتفرج على ما يقوم به الجيش من (بطولات) في كل المدن السورية من دون أن يكون لي حق الاعتراض على شيء.....!!!
لم أشأ أن أسجل في حياتي موقف خذلان، وأنا أشارك في حركة تنوير ضد الظلم والجهل والتخلف والاستبداد، لم أشأ أن يقال إن حركة التجديد وافقت على مظالم الاستبداد يوماً من أجل الحفاظ على رمق الحياة!!!!!
باختصار حين قام النظام بقطع أرزاقنا .... وقام شبيحته بمحاولة قطع أعناقنا ... لزم أن نفعل كما فعل رسول الله: والله إنك لأحب بلاد الله إلي ... ولولا أن .......... أخرجوني منك ما خرجت!!!!
اعذروني ... لم أستطع أن أكتب: أهلك... إنهم ليسوا أهل دمشق...

.....
لقد اخترت بلداً محايداً وهو الامارات وفيه عدد كبير من أهلي وأسرتي، وهو بلد عامر بالسوريين من موالين ومعارضين وبين بين، من بشرى الأسد إلى حكم البابا وما بينهما....
ومن حق أصدقائي أن يعلموا أنني أعمل مستشاراً في الأمم المتحدة في المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي، كما أقوم بالتدريس (محاضرات) في جامعة برستون والشارقة في الامارات، وأعتز بزوجتي التي تقوم بالتدريس في مدرسة الشويفات تعينني على الدهر.
كما إنني لا أزال آمل أن أطلق حلمي في قناة فضائية شاملة للإخاء الديني والمذهبي والإنساني تحت عنوان : عيال الله
...

إنني أعمل بكامل طاقتي، ولكنني غير مرتاح ولا سعيد وبلادي تعاني ما تعانيه، وعندما تتوفر لي أي فرصة لوقف الدماء وبسط موائد المصالحة بين السوريين فسأكون أول القادمين في خدمة أهلي وأحبتي........ وبالله الرجاء.......

ودمع لا يكفكف .... يا دمشق...............................
محمد حبش