بسم الله الرحمن الرحيم
حَسبُك حَسَبَك ...نظرة في مصطلحي (الحسب ،، والحسيب)
*
الحسب
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد القائل:
(( كَرم المرء دينُه ، ومرؤته عقلُه ، وحسبهُ خُلقُه )) قيل الكرم هنا التقوى،
القائل صلى الله عليه وسلم {( تنكح المرأءةلأربع : لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها .. فأظفر بذات الدين تربت يداك )}. قال ابن الأَثير: قيل الحَسَبُ ههنا: الفَعَالُ الحَسَنُ. قال الأَزهري: والفُقَهاءِ يَحْتاجُون إلى مَعْرِفة الحَسَبِ، لأَنه مما يُعْتَبر به مَهْرُ مِثْلِ المرأَة إِذا عُقِدَ النِّكاحُ على مَهْرٍ فاسِدٍ ..
*
ولغة العرب واسعة لايحيط بها الضالعون الاكملون..
ومن وسعها قيل: ان الحسب يأتي معبرآ عن ذوي القرابة. مستندين في ذلك
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفد هوازن: اخْتاروا إِحْدَى الطائِفَتَيْنِ إِما المالَ وإِما السَّبْيَ فقالوا أَمَّا إِذْ خَيَّرْتَنا بَيْنَ المالِ والحَسَبِ فإِنَّا نَخْتارُ الحَسَبَ فاخْتاروا أَبْناءَهم ونِساءَهم أَرادوا به فِكاكَ الأَسْرَى وإِيثارَهم على اسْتِرْجاعِ المالِ.
*
وعن سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه ورد قوله:
{{ حسب المرء دينه ، ومرؤته خُلُقُه ، وأصله عقله }} فالدين هو منبع فضائل الاقوال والافعال .
لذا قيل في الحسب // هو الشرف في فعل الانسان يحوزه الرجل بفعله هو بنفسه ،وركزوا سابقآ على (الشجاعة والكرم والوفاء والحلم) .. وذكر هذا القول للعلامة ابن منظور.
*
وقال الازهري :: الحسب يحصل للرجل بكرم أخلاقه .. وإن لم يكن له نسب معروف ، ومن كان حسيب الابــاء فهــو أكرم .. وأكمل الازهري بقوله :: يقال رجل شريف ورجل ماجد أي له آباء متقدمون في الشرف والشرف والمجد لايكونان الا بهم ..
*
وقال الجوهري: يقال حسب الرجل دينه ويقال ماله.
*
وقال ابن السكيت :الحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن له آباء أشراف ،، وقال والشرف والمجد لايكونان الا بالآباء... ، فلا يقال لمن لم يكن أبوه شريفاً : شريف ولا ماجد فالشرف والمجد متعلقان بالنسب ، والحسب والكرم يتعلقان بذات الرجل .
*
وقيل الحسب مايحسبه اي يعدده الرجل من مفاخر آباءه وأجداده...ويعزز ذلك قول مسيلمة الكذاب لقومه لما اشتد الامر عليه وهو ذو لغة ولسان فصيح :: (إن جبريل يقول لي قاتلوا عن أحسابكم..)
*
والحَسَبُ الفَعالُ مثل الشَّجاعةِ والجُود وحُسْنِ الخُلُقِ والوَفاءِ قال الأَزهري وهذا الذي قاله شمر صحيح وإِنما سُميت مَساعِي الرجُل ومآثِرُ آبائه حَسَباً لأَنهم كانوا إِذا تَفاخَرُوا عَدَّ المُفاخِرُ منهم مَناقِبَه ومَآثِرَ آبائه وحَسَبها فالحَسْبُ العَدُّ والإِحْصاءُ والحَسَبُ ما عُدَّ وكذلك العَدُّ مصدر عَدَّ يَعُدُّ والمَعْدُودُ عَدَدٌ
*
وقولهم فلان لا أصل له ولا فصل: قال الكسائي: الاصل: الحسب، والفصل: النسب.
*
وقال سيبويه :: كلمة حسب في اللغة تأتي أيضآ بمعنى الاكتفاء ، فإن قُلت لك حسبك دينار واحد أي كفاك دينار واحد..
*
وقالت الاعاجم عن العرب (( العرب تستخف اللباس وتصون الاحساب ))
الحسيب
اولآ اسم الحسيب من اسماء الله الحسنى ورد في القرآن الكريم بعدة صيغ لها عدة معاني ، فقال عز من قائل:: (وكفى بالله حسيبا) / (ياايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) / ( كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) / (وكفى بنا حاسبين ) (حسبنا الله ونعم الوكيل) / (عطاءآ حسابا)..فيأتي اسمه تعالى يدل على انه هو المحاسب للعباد ويأتي بمعنى الكافي للعباد ويأتي بمعنى العاد للحسنات والسيئات
*
وفي ادبيات اللغة العربية وكتاباتها استخدم المصطلح كثيرآ بمعاني اخرى
قالوا: الحسيب هو الرجل المعرف بأجداد كرام وقوم حُسباء ، اي طيبين كرام ..
*
وقيل عن الحسيب : الانسان صاحب الخُلق شريف الفعال من أسس لنفسه حسبٌ بفعلهِ .. ومن كان آباؤه قد نالوا شرف هذه السمعة وهو على آثارهم يسمى الحسيب ابن الحسيب
*
وقال ثعلب : رب حسيب الاصل غير حسيب ، اي من له آباء كرام عرفوا بالخير وهو من بعدهم ليس بفاعلــــه.. والجمع حُسَباءُ..ورجل كَرِيم الحَسَبِ، وقوم حُسَباءِ.
قال الملتمس
(( من كانَ ذا نسبٍ كريمٍ ولم يكُن *** لهُ حسبٌ كانَ اللئيم المُذمَما ))
*
ويسمى الرجل ذو الحَسَبِ والنَّسَب بالنسيب.
5555555555
ومن باب العلم سيدنا علي كرم الله وجهه نغترف قليلآ لنزيد فهمنا ::
إنمــا امهات النـــاس أوعيــــة *** مستودعات وللأحساب آبـاءُ
فإن يكن لهم من أصلهم شرفٌ *** يفاخرون به فالطين والمـاءُ
وقدر كل إمرءٍ ماكان يُحسـنه *** وللرجال على الافعـال اسـماءُ
وإن أتيت بجودٍ من ذوي نسبٍ *** فـإن نسبتنا جــودٌ وعليـــاءُ
فَفُز بعلمٍ ولا تطلب به بدلا *** فالناس موتى وأهل العلمِ أحياءُ
و من قوله رضي الله عنه ايضآ :
كن ابن من شئت وأكتسب أدبآ *** يغنيك محموده عن النسبِ
فليس يُغني الحسيب نسبتهُ *** بـــــــلا لســانٍ لــــه ولا أدبِ
إن الفتى من يقول ها أنا ذا *** ليس الفتى من يقول كان أبِ
ومن الشعر الذي قرأته واعتبرته من الحكمة :
(( أنا اذا لم أُعطِ المكارمَ حَقَهـا *** فلا عَزني خالٌ ولا ضَمني أبٌ ))
*
لَسنا وإن كرُمت أوائلنا *** يوماً على الأحساب نتكلُ
نبني كما كانت أوائلنا *** تبني ونفعـل مثـل ما فعلـوا
****************************************
هذا ماوفقنا الله لمعرفته من منقول الاقوال ورحم الله من زادنا معرفة
فكل وعاء يضيق بما وضع فيه إلا وعاء العلم فإنه يتسع
والله تعالى وحده الحسيب الواسع العليم