خامساً: أهمية تكامل أنظمة الحرب الإلكترونية
أضاف تخصيص طائرات خاصة لأعمال الحرب الإلكترونية بعداً جديداً تمثل في استخدام أنظمة متكاملة للحرب الإلكترونية INEWS Integrated Electronic Warfare System، اشتملت على جانب من عالم الحرب الكهروبصرية؛ إذ يستخدم الليزر، والأشعة تحت الحمراء، والتليفزيونية في النظام "ترام"
Target Recognition Attack Multi-Sensors TRAM أي نظام تمييز الأهداف متعدد المستشعرات؛ لأغراض الهجوم. يستخدم النظام ترام المحمول جواً أجهزة للرؤية الأمامية بالأشعة تحت الحمراء Forward Looking Infrared: FLIR؛ لتظهر الصورة على شاشة تليفزيونية بكابينة الطيار في تكامل مع أنظمة تحديد المدى بأشعة الليزر من طريق إضاءة الهدف ليزرياً، كما يوجد في مقدمة الصاروخ آلة تصوير تليفزيونية تعمل في مستوى الضوء المنخفض Low Light Level TV: LLLTV ترسل صوراً واضحة إلى الطائرة، لتستخدم في أغراض التوجيه التليفزيوني، وذلك مع وجود جهاز تسجيل خاص، تسجل عليه صور الأهداف بالفيديو لاستعادتها فورياً؛ لأغراض المقارنة والتطابق مع الأهداف الحقيقية المطلوب تدميرها، وكذلك لتقدير كفاءة الضرب، وهو ما يسمى"نظام دمج المعلومات" Data Fusion.
هكذا، يسمح النظام "ترام" الموجود في الطائرة EA-6B بتمييز الأهداف التي تظهر بالرادار مع إمكانية توجيه ضربة بالأسلحة الموجهة ـ بأشعة الليزر، بالتليفزيون، بالأشعة تحت الحمراء ـ بدقة متناهية، في الوقت الذي تنفذ فيه الطائرة مناورات عالية فوق الهدف، ويؤدي استخدام الأسلحة الذكية Smart Weapons إلى الإصابة الدقيقة من الطلقة الأولى؛ إذ إن الطائرة لا تستطيع، في ظروف الدفاع الجوي بأنظمته الحديثة، أن تتمهل في منطقة الهدف، أو أن تعاود الكرة مرة أخرى؛ إذ يغدو الثمن غالياً.
ولا شك في أن حمل الطائرة للأسلحة الذكية باستخدام أسلوب "أطلق وانسَ"Fire and Forget يحميها ويساعدها على تفادي الأسلحة المعادية. وهكذا، يساعد النظام "ترام" على تحسين الأداء، وزيادة القدرة على العمل بكفاءة في ظل وجود التهديدات الكثيفة والمعقدة.
من أشكال الدعم بالحرب الإلكترونية في الحروب الحديثة، أنه يمكن لطائرات القتال المجهّزة بمعدات الحرب الإلكترونية، أن تعمل مصاحبة للطائرات المقاتلة القاذفة أثناء قيامها بالاختراق العميق؛ لستر تقدمها بأعمال الإعاقة الإلكترونية المصاحبة Escort Jamming ضد رادارات الدفاع الجوي المعادي، وهي ما تعرف بالمساندة الإلكترونية القريبة، أو من خلال المساندة بالإعاقة الإلكترونية البعيدة باستخدام طائرات الحرب الإلكترونية من مظلات بعيدة عن مرمى الدفاع الجوي المعادى، يطلق عليها Stand-Off Jamming، ويتوقف ذلك على متطلبات تحقيق المهمة، ففي الوقت الذي تفضل فيه القوات البحرية النوع الثاني Stand-Off Jamming فإن القوات الجوية تفضل النوع الأول من أعمال المساندة الإلكترونية Escort Jamming، وهي مهمة الحراسة، والمرافقة بأعمال الدعم الإلكتروني.
سادساً: أقسام الحرب الإلكترونية
تعتمد تكتيكات الحرب الإلكترونية على استخدام وسائل ونظم إلكترونية تتيح استغلال الحيز الكهرومغناطيسي لصالح طرف وحرمان الطرف الآخر أو خداعه عن استغلال هذا الحيز، وهو ما أدى إلى تقسيم الحرب الإلكترونية إلى الأقسام التالية:
1. الإجراءات الإلكترونية المضادة Electronic Counter Measures ECM:
وهي تعني تنفيذ الأعمال الآتية:
أ. أعمال الإعاقة الإلكترونية الإيجابية والسلبية.
ب. أعمال التدمير للنظم، والوسائل، والمعدات الإلكترونية المعادية.
2. أعمال الاستطلاع الإلكتروني Electronic Reconnaissance
وهو ما يطلق عليه اسم "المساندة الإلكترونية" Electronic Support Measures ESM.
ويُطلق عليه الاستطلاع الإلكتروني للنظم الإلكترونية المعادية أو أعمال المساندة الإلكترونية، إذ يؤدي الاستطلاع الإلكتروني دوراً إستراتيجياً في تحديد تكتيكات العدو، وإمكاناته، وأهدافه، وينفذ خلال السلم والحرب، وقبل العمليات وأثناءها من خلال النظم والمعدات الإلكترونية ذات التقنية العالية التي تزود بها الطائرات، والسفن، والأقمار الصناعية. ويكشف الاستطلاع الإلكتروني، على المستوى التكتيكي، نوع دفاعات العدو، وإمكاناته، وقدراته من الأسلحة، ومعدات القتال، فضلاً عن تقويم النظم، والوسائل، والمعدات الإلكترونية؛ بما يساعد على تطوير معدات الحرب الإلكترونية الصديقة وإعادة برمجتها؛ لمواجهة النشاط الإلكتروني المعادي.
لا شك أن الاستطلاع الإلكتروني، يُعد حالياً، من أهم مصادر الحصول على المعلومات وأحدثها في معظم جيوش العالم، وقد تطور بشكل كبير جداً؛ نتيجة للتطور الهائل في تكنولوجيا الإلكترونيات، واعتماده على الخصائص الفنية للموجات الكهرومغناطيسية، التي يسهل متابعتها، فضلاً عن أن المعدّات الإلكترونية أصبحت إحدى السمات المميزة للحروب الحديثة، كما أن الاستطلاع الإلكتروني يُعد كذلك إحدى سمات هذه الحروب في مجال الحصول على المعلومات.
3. الأعمال الإلكترونية المضادة لإجراءات الحرب الإلكترونية المعادية
Electronic Counter Counter Measures ECCM
تعني التأمين الإلكتروني للنظم، والوسائل الإلكترونية الصديقة من أعمال الحرب الإلكترونية المعادية، وتشتمل على ما يلي:
أ. إجراءات مقاومة الاستطلاع الإلكتروني المعادي.
ب. وقاية النظم، والوسائل، والمعدات الإلكترونية الصديقة من الإعاقة الإلكترونية المعادية.
ج. وقاية النظم، والوسائل، والمعدات الإلكترونية الصديقة من وسائل التدمير المعادية الموجهة إلكترونياً، أو المضادة لمصادر الإشعاع الكهرومغناطيسي.
د. المراقبة الإلكترونية للإشعاعات الكهرومغناطيسية الصديقة، وهي تعني الآتي:
(1) منع التعارض الكهرومغناطيسي للنظم، والوسائل الإلكترونية الصديقة من التداخل الصديق الذي يحدث نتيجة لسببين رئيسيين:
(أ) أن عددا كبيراً من النظم والوسائل الإلكترونية الصديقة يعمل في مساحات محددة في وقت واحد، وبكثافة عالية.
(ب) عدم التزام بعض القوات، بتعليمات التأمين الإلكتروني في تشغيل النظم والوسائل الإلكترونية، مثل استخدام إحدى الوحدات ترددات لاسلكية مخصصة لوحدة أخرى؛ فيحدث التداخل الكهرومغناطيسي.
(2) أدى ذلك إلى إضافة مهمة جديدة للقادة والقيادات على مختلف المستويات، هي:
(أ) التنظيم الفني والتكتيكي للنظم والوسائل الإلكترونية، لضمان منع هذا التعارض الكهرومغناطيسي أثناء تشغيل الوسائل الإلكترونية الصديقة.
(ب) تشكيل عناصر مراقبة إلكترونية مهمتها التأكد الدائم من التزام القوات بتعليمات التشغيل الفني والتكتيكي من خلال استخدام معدات إلكترونية؛ لقياس النشاط الإشعاعي الصديق ومراقبته، في منطقة عمل القوات، إضافة إلى اكتشاف أي إشعاع أجنبي يبث داخل المنطقة.
المبحث الثاني : الأعمال الإلكترونية المضادة ECM
الأعمال أو الإجراءات الإلكترونية المضادة ECM Electronic Counter Measures تعني اكتشاف النظم الإلكترونية؛ لسيطرة العدو على قواته، وأسلحته، ومعداته؛ لتحديد حجم، قواته وأوضاعها، ووسائل إنتاج النيران، بهدف شلّه، أو إفقاده سيطرته على قواته، وأسلحته، بأعمال الإعاقة الإلكترونية، أو بأعمال التدمير لهذه النظم، وذلك لتقليل فاعلية الاستخدام القتالي لقواته، وتقليل كفاءة أسلحته التدميرية في إصابة أهدافها من خلال الأعمال أو الإجراءات الإلكترونية الآتية:
الإعاقة الإلكترونية للنظم الإلكترونية اللاسلكية/ الرادارية/ والكهروبصرية/ والصوتية/ والحاسبات الآلية المعادية.
تدمير النظم الإلكترونية المعادية باستخدام النبضة الكهرومغناطيسية EMP، أو أسلحة الطاقة الموجهة DEW.
أولاً: مفهوم الإعاقة الإلكترونية
تُعد إعاقة نظم العدو ووسائله الإلكترونية، أحد الإجراءات الإلكترونية المضادة Electronic Counter-Measures: ECM المهمة التي تقوم على فكرة إعاقة تشغيل النظم، والوسائل الإلكترونية المعادية بأنواعها المختلفة من خلال التأثير على كفاءتها في أداء مهامها الوظيفية بأساليب الإعاقة الإلكترونية الآتية:
الإعاقة الإلكترونية الإيجابية: وتعتمد في إعاقة تشغيل النظم والوسائل الإلكترونية المعادية المختلفة (لاسلكية، رادارية، كهروبصرية... إلخ) على خاصية التقاط أجهزة الاستقبال للإشارات المرغوبة، والإشارات الأخرى غير المرغوبة التي تكون على التردد نفسه.
الإعاقة الإلكترونية السلبية: تعتمد الإعاقة السلبية في إعاقة تشغيل النظم والوسائل الإلكترونية المعادية المختلفة على خاصية انعكاس الإشعاعات الكهرومغناطيسية؛ سواء من الأجسام المرغوبة، أو غير المرغوبة التي تصطدم بها لترتد مرة أخرى إلى أجهزة استقبال هذه النظم والوسائل.
1. الإعاقة الإلكترونية الإيجابية
أ. تعريف الإعاقة الإلكترونية الإيجابية
هي عملية توجيه حزمة من الأشعة الكهرومغناطيسية المتعمدة إلى مستقبلات النظم والوسائل الإلكترونية المعادية؛ للتأثير على أدائها بتعميتها، أو خداعها بهدف شل، عملها وإرباكه.
وببساطة شديدة، يمكن القول، بأن الإعاقة الإلكترونية الإيجابية هي عملية إرسال إشعاع متعمد لموجات كهرومغناطيسية يتم إصداره من جهاز ما ـ لاسلكي، راداري،... الخ ـ وتوجيهه في اتجاه جهاز استقبال معين؛ بغرض فرض هذا الشعاع دون سواه على هذا المستقبل.
ب. العوامل المؤثرة على مدى فاعلية الإعاقة الإلكترونية الإيجابية
(1) العلاقة بين قدرة محطة الإعاقة، وقدرة جهاز الإرسال المعادي.
(2) العلاقة بين مسافة محطة الإعاقة، ومسافة جهاز الإرسال المعادي، بالنسبة لجهاز الاستقبال المعادي.
(3) العلاقة بين قوة الإشارة المستقبلة من محطة الإعاقة، وقوة الإشارة المستقبلة من جهاز الإرسال المعادي عند نقطة التقاط هوائي جهاز الاستقبال المعادي.
(4) نوع الهوائيات المستخدمة في كل من محطة الإعاقة، وجهاز الاستقبال المعادي ـ استخدام هوائيات موجهة/ غير موجهة.
وهذه العوامل تعني أنه كلما زادت قدرة الإعاقة بالنسبة لقدرة إشارة جهاز الإرسال المعادي الواصلة لجهاز الاستقبال، ازداد تشويه هذه الإشارة، وعندما تصل قدرة الإعاقة إلى حد معين، تضيع الإشارة نهائياً، ولا يمكن تمييزها بجهاز الاستقبال، والإعاقة التي يمكنها إخماد الإشارات بأقل نسبة قدرة، تُسمى "بالإعاقة القصوى".
ج. مراحل الإعاقة الإلكترونية الإيجابية
(1) مرحلة البحث: وفيها تستخدم محطة بحث إلكتروني تكون مهمتها مسح الحيز الكهرومغناطيسي المتوقع أن تعمل فيه الأهداف الإلكترونية المعادية؛ لالتقاط الإشعاع الكهرومغناطيسي الصادر من هذه الأهداف، ثم تقدر أهميتها، وتبعيتها، وترسل بياناتها إلى عناصر التحديد؛ لتعيين أماكنها.
(2) مرحلة تحديد موقع الهدف: وفيها تستخدم محطات تحديد الاتجاه لرصد زوايا الهدف وتبلغها إلى مركز التحديد؛ لتحديد مكان الهدف على الخريطة، وتبليغ إحداثياته إلى جهات البحث والتوجيه الإلكتروني.
(3) مرحلة توجيه الإعاقة: وفيها توجه محطة البحث والتوجيه محطات الإعاقة الإلكترونية على الهدف المراد إعاقته، بإعطائها البيانات الفنية الدقيقة للهدف، وكذلك اتجاهه، ومكانه من موقع محطة الإعاقة، والتأكد من تمام تمييزها لهذا الهدف، والقبض عليه.
(4) مرحلة تنفيذ الإعاقة: وتبدأ بعد تمييز الهدف، طبقاً لبيانات محطة البحث والتوجيه، تنفذ محطة الإعاقة أعمال الإعاقة ضد الهدف.
(5) مرحلة مراقبة مفعول الإعاقة: وفيها تراقب محطة البحث، والتوجيه مدى تأثير الإعاقة على الهدف المعادي، واكتشاف أي تغيير في بياناته الفنية (تردد، نداءات،... الخ)، للهروب من الإعاقة، وبالتالي تبلغ هذه البيانات أولاً بأول لمحطات الإعاقة؛ لإعادة دورة الاشتباك بالإعاقة، طبقاً للبيانات الجديدة.
2. الإعاقة الإلكترونية السلبية
أ. تعريف الإعاقة الإلكترونية السلبية
هي عملية انعكاس متعمد للإشعاع الكهرومغناطيسي الصادر من أجهزة إرسال النظم والوسائل الإلكترونية المعادية، وخاصة الرادارية، نتيجة لإجبارها على الاصطدام بأجسام معينة دون سواها، فيرتد هذا الشعاع مرة أخرى نحو مستقبلات هذه النظم، والوسائل المعادية، مسبباً إرباكها، وتقليل كفاءتها، في تنفيذ مهامها.
ب. مزايا أعمال الإعاقة الإلكترونية السلبية
(1) يمكن تنفيذها دون الحاجة إلى المعرفة الدقيقة لأماكن وسائل العدو الإلكترونية.
(2) يجري عملها مع بدء قيام النظم والوسائل الإلكترونية المعادية في العمل.
(3) تحتاج أعمال الإعاقة الإلكترونية فقط إلى معرفة الاتجاه.
ثانياً: أعمال الإعاقة اللاسلكية والرّادارية:
1. أعمال الإعاقة اللاسلكية :
تستخدم الإعاقة اللاسلكية في الإخلال بمواصلات العدو اللاسلكية، واللاسلكية متعددة القنوات، وتنقسم إلى:
أ. الإعاقة اللاسلكية الإيجابية
يُقصد بالإعاقة اللاسلكية الإيجابية، ذلك الإشعاع الكهرومغناطيسي المتعمد الذي يوجه ضد مستقبلات الأجهزة والمحطات اللاسلكية المعادية، والتي بالتأثير عليها، تُفقد العدو سيطرته على قواته.
ولضمان تنفيذ إعاقة لاسلكية مؤثرة، لا بد أن تتطابق الإعاقة على الإشارة اللاسلكية المستقبلة.
وتنقسم الإعاقة اللاسلكية طبقاً للتطابق بين الإشارة والإعاقة إلى:
(1) الإعاقة الموضوعية Spot Jamming: هي التداخل اللاسلكي الذي يهدف إلى إخماد مواصلة لاسلكية واحدة، ولا يزيد حيز ترددات الإعاقة الموضوعية عن عرض النطاق الترددي، للإشارة المراد إعاقتها.
(2) الإعاقة بالغلالة Barrage Jamming: هي الإشعاع اللاسلكي في حيز ترددات واسع، قد تعمل فيه عدة محطات لاسلكية معادية يراد إعاقتها.
(3) الإعاقة الزاحفة نقطة متحركة في حيز Sweep Jamming: وتكون بإشعاع طاقه كهرومغناطيسية مركزة في حيز تردد ضيق في زمن معين، ثم الانتقال إلى تردد آخر مجاور.
وتنقسم الإعاقة اللاسلكية الإيجابية، طبقاً لطريقة التحكم ـ توجيه الإشعاع ـ إلى :
(1) إعاقة موجهة: وتكون بتركيز الطاقة المشعة في اتجاه الهدف المراد إعاقته.
(2) إعاقة غير موجهة: وتكون بإنتاج الطاقة المشعة في جميع الاتجاهات بالتساوي.
وتنقسم الإعاقة اللاسلكية الإيجابية طبقاً لدرجة التأثير إلى:
(1) إعاقة كاملة "إخماد": تشوه فيها 50% من المعلومات المستقبلة، ويصبح الاستقبال مستحيلاً، حيث تقلل كفاءة الاستقبال، بدرجة تصل إلى 90% من الإشارة الأصلية.
(2) إعاقة قوية: تسبب فقد 30% من المعلومات.
(3) إعاقة ضعيفة: تسبب فقد 15% من المعلومات.
ب. الإعاقة اللاسلكية الإيجابية الخداعية
وتجري باستخدام إشارات لاسلكية مدبرة تحمل معلومات خداعية.