الباب الثاني / المجموعة الرملية

بحر الرمل /
وهو أحد بحور الشعر العربي الستة عشر سداسي التفاعيل يتكون الصدر من ثلاث تفعيلات والعجز من ثلاث تفعيلات كما مبين أدناه :
( فاعلاتن/فاعلاتن/فاعلات ) ويسمى هذا ببحر الرمل التام .
وقد سمي ( الرمل ) لسرعة النطق به أي ( رملاً ) بسبب تتابع تفعيلته ( فاعلاتن ) ويعرف الرمل كتفسير لغوي الأسرع في المشي ومن الأمثلة على ذلك:

عابدات/قانتات/صادقات
فاعلاتن/فاعلاتن/فاعلات .... تام الرمل
حالمات/بالجنان/ العامرة
فاعلاتن/فاعلاتن/فاعلن ..... محذوف
عابدات/قانتات
فاعلاتن/فاعلاتن .... مجزوء الرمل



أوزان الشعر الشعبي العراقي المشتقة من بحر الرمل



بحر الرمل /
1. الموشح .
2. الشبكهه .
3. الهجري .
4. الشموس .

أولاً : وزن الموشح /
مشتق من بحر الرمل وهو من الأوزان القديمة يرجع الى أواخر القرن الثالث للهجرة ويمتاز بأنسيابية موسيقاه وقد استخدم الشعراء الشعبيون هذا الوزن في الرثاء والمديح والهجاء وغيرها . وتعود تسميته الى رواديد المنابر الحسينية الذين كانوا يوشحون به الفصل عقب قراءة كل قصيدة ينشدونها . وسمي في بعض مناطق العراق وخاصة في الجنوب حسب أنطباعاتهم وأستخداماتهم له في اغراضهم وغرائزهم وتنسب مايقال من الشعر والأبيات المشهورة ليأخذ صفته منه مثلاً في محافظة ميسان كان يسمى ( أبو الهات ) وذلك لأول قصيدة كتبت بهذا الوزن وأشتهرت بينهم حصراً ويقول مطلعها:
هات ياكَلبي على الزينات هات
وكذلك سمي في ناحية قلعة صالح وقضاء سوق الشيوخ بـ ( أبو معّنه ) أيضاً نسبة الى القصيدة الأولى التي كتبت بهذا الوزن . وهذا كان سائداً قديماً .
يكتب بعدة تراكيب فنية والشائع منها ( الرباعي والأندلسي والعمودي والنص المفتوح )
وهذه أمثلة على ذلك :
1. قصيدة للشاعر ( عبدالحسين الشرع ) . بتركيب أندلسي :

ياطبيب أصواب دلالي كلف لا تلجمه أبحطة السماعه
بعد دكَات الكَلب ماتنعرف تنكَطع مابين ساعه وساعه
* * *
لا تحط سماعتك فوك الصدر خاف تلجم جرح كَلبي ياطبيب
لو ردت تعرف أصوابي بياكتر عنه روح أنشد من عيون الحبيب
مر علّيه وبيه عاده من يمر سهم عينه لابد لكَلبي يصيب
شلون عنده عيون تولي ماتعف منه كل أهل الهوه تتلاعه
كَوزهه الحاجب والمن ينعطف يصير سهمه من الظهر مطلاعه
تنويه :
كلف / صعب
لاتلجمه / لا تضغط على الجرح
أبحطه / أي وضع السماعة على الجرح
دكًات / ضربات القلب النبض
فوك / فوق
بياكتر / بأي مكان جسدي
تولي ماتعف / تنفرد به وماتعفو عنه
تتلاعه / اللوعة والألم
كَوزه / قوس السهام
مطلاعه / مخرجه

2. العمودي تركيب أخر نجده في قصيدة الشاعر صاحب الضويري :

أنه ذاك الباعك وما رد شراك وسلمك بيد الزمن وأسنينه
انه عزرايين لو رادك لكَالك ومنهو ضم روحه أعله عزرايينه
أنه كَارط ملحتك عارف هواك أنه عارف هرشك أبيا طينه
أنه دمعي واللبن والليل ذاك تالي حسوة ماي ماتنطينه
يوم جانت طافحه أبميهه سماك وأحنه مات من العطش جالينه
يل شتلتك جابني الضيم لذراك يالحلال إبطنك السجينه


تنويه /
عزرايين / عزرائيل ملك الموت
كَارط / ( أرش ملحتك باللهجة المصرية ) أي جرش
هرشك / جذور النباتات
حسوة / قليل من الماء
جانت / كانت
طافحه / طافية على سطح الماء أو تأتي بغزارة المياه
جالينه / ضفة النهر
شتلتك / زرعتك
لذراك / الظل
السجينه / السكينة

تفاعيل أشطر أبيات هذه القصيدة :

( فاعلاتن/فاعلاتن/فاعلاتن فاعلاتن/فاعلاتن/فاعلن )

3. ومن اشهر الأغاني التي نظمت على هذا الوزن ( مو بدينه ) للفنان فؤاد سالم
ومن كلمات الشاعر ناظم السماوي .

مو بدينه .. أنودع عيون الحبايب .. مو بدينه
والعشك لحظة فرح ويمر علينه
يلي طعم المستحه ... بعيونكم
يلي شوك إيذوب ... بين أرموشكم
عيونكم كَمره وهوانه أمسهرينه
مو بدينه

ومن التراكيب الفنية الأخرى ( التفعيلة ) حيث اختلاف طول أشطر القصيدة مما يتيح للشاعر فضاءاً حر بلا تقيد بوزن وقالب الشطر الواحد . ومن الأمثلة قصيدة للشاعر كاظم أسماعيل الكَاطع :

ملفته للأنتباه
مثل شبّ وي المسه بعطره وشذاه
حبه حبه ... وشذره شذره
وكَطره كَطره .. وبالرسم طّول خلك بيه الأله
صّور عيونج مواني ..
وبيهه عاف الليل نومه .. وذب غطاه
تنويه /
شب / أصبح شاباً أو تأتي صفة للنشوة
وي / مع
المسه / المساء
كَطره / قطرة
خلك / طول بال
عيونج / عيونكِ
ذب / نزع غطاء فراشه

وقد جاءت تفاعيل هذه القصيدة كالأتي :

فاعلاتن/فاعلاتن .
فاعلاتن/فاعلاتن/فاعلات . ( موشح )
فاعلاتن/فاعلاتن . ( شبكهه )
فاعلاتن/فاعلاتن/فاعلاتن/فاعلات . ( هجري )
فاعلاتن/فاعلاتن . ( شبكهه )
فاعلاتن/فاعلاتن/فاعلات . ( موشح )

ثانياً : وزن الشبكهه /
أحد الأوزان المشتقة من بحر الرمل وهو من الأوزان المعروفة وأنتشر في لأواخر القرن التاسع عشر الميلادي . وأن أول من نظم على هذا الوزن الشاعران الملا كامل والحاج زاير . سمي بهذا الأسم نسبة الى القصيدة المعروفة التي نظمت على هذا الوزن ولها حكاية طريفة . هي :
كان الشاعر الحاج زاير والشاعر الملا كامل يتمشيان في سوق الحيرة المدينة التابعة لمحافظة النجف الأشرف ذات يوم فشاهدا فتاة جميلة جداً يعرفانها وتسمى ( صبحه ) تبيع اللبن فأعجب بها الملا كامل وقال :
داده خي عونه الشبكهه
فأجابه أرتاجلاً الحاج زاير :

من تطب للسوك صبحه
تصيب كل دلال فرحه
جيت أعاملهه الوكحه
غطت الروبه بطبكهه

فرد الملا كامل قائلاً :

من تطب للسوك تصدع
والحجل بالساك يلمع
يارفاكَه شلون تشبع
دورة المحبس حلكَهه
داده خي عونه الشبكهه
تنويه /
داده / تعني أخي
خي عونه / تعني هنيئاً له
الشبكهه / حضنها أي ضمها الى صدره
الوكحه / الشرسة
الروبه / اللبن الرائب
طبكَهه / غطاء يصنع من سعف النخيل
تصدع / لها لون يشع أو ضياء جمالها
الحجل / حلي ذهبية تلبس في سيقان النساء
يارفاكَه / يارفاق أو ياجماعة
دورة المحبس حلكَهه / حجم فمها الصغير الذي يشبهه بالخاتم

حيث أن وزن الشبكهه من مجزوء الرمل وتفعيلته الصوتية هي :
( فاعلاتن/فاعلاتن )
ويكتب بعدة تراكيب فنية منها ( الرباعي ) كما ورد في المثال أعلاه .
كذلك ( الشيعي ) يكتب بأربعة تفاعيل هي :
فاعلاتن/فاعلات/فاعلات/فاعلاتن
ومن أمثلة وزن الشبكهه بما يسمى الحديث ( التفعيلة ) قصيدة ردي .. ردي للشاعر ( عريان السيد خلف )

ردي .. ردي
ياضعن شت عن هله وحداي غربه البيه يحدي
ردي ينباع العشك وليا كَلب تهوين صدي
لا تهيجين الجروح .. جروحي من تنلجم تدي
وأنه من دم ولحم .. مو من صخر جبدة العندي
ردي مليت الصبر .. ومكَاطر الدمعة أعله خدي
أنه خلاني الوكت ناعور بس أترس وأبدي
تنويه /
الضعن / الأبل
شت / ضاع أو تاه
حداي / من يقوم برعي الأبل
صدي / تأتي هنا اللجوء
تدي / تنزف
جبدة / كبد الأنسان
مكَاطر / الدموع حين تتقاطر أو تسقط على شكل قطرات
ناعور / ألة بدائية لسقي البساتين والمزارع يديرها حمار
أترس / أعبء
أبدي / أفرغ

مثال أخر للشاعر ( كاظم خبط ) :

أوداعتك للساعه عيني
وكَلبي ويه الساعه دكَته
وداعتك كلما تمر نسمة ألتفت .. حسبالي أنته
ياحبيبي أكتاب وجهك .. عن ظهر كَلبي حفظته
ياحبيبي وليل شعرك
فوك ليل الله سهرته ..
وداعتك والكاس من ثغرك وأنه ..
بصحة عيونك شربته .

ثالثاً :
وزن الهجري /

مشتق من بحر الرمل . وهو من الأوزان القديمة يرجع تأريخها الى السنة الثالثة للهجرة أي عام 622م وسمي بالهجري تيمناً بهجرة الرسول الأعظم ( ص ) .
ومن الأمثلة التي توضح لنا ذلك الأنشودة التي أنشدت لأستقبال الرسول محمد ( ص ) في المدينة المنورة قادماً من مكة المكرمة وتفعيلته الصوتية :
( فاعلاتن/فاعلاتن/فاعلاتن/فاعلات أو فاعلن )
الأنشودة :

طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا مادعى لله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع
جئت نورت المدينة مرحباً يا خير داع

ويكتب وزن الهجري بتراكيب فنية مختلفة الشائع منها ( الرباعي ،المهداد ، التفعيلة )

مثال1: قصيدة للشاعر كاظم أسماعيل الكَاطع :

دافيه مثل البحيره .. وحاره مثل الرصاص
هيج أعرفج .. دنيه مابيهه سكون
عيون لبوه .. وصوت كاس
هيج اعرفج .. سجن وردي .. ومنفى مامنه خلاص
دنيه مابيهه سكون .. مثل خلخال أبدويه
والأبل ركَصت على صوت الأجراس
ومن كثر مابيج لهفه ... وعافيه ولذة وحماس
ماأشوفج يمي وحده .. صرت أشوفج يمي ناس
تنويه /
هيج / هكذا
أعرفج / أعرفكِ
مامنه / ليس منه
ركَصت / رقصت
مابيج / مابكِ
يمي / بقربي

مثال2 : قصيدة للشاعر عماد المطاريحي ( نص مفتوح ) أو ماتسمى بالتفعيلة لتباين طول اشطر القصيدة ..

أني أحس روحي نبي هذا الزمان
معجزاتي أثيابي بيض .. بوسط عالم كله غيم
رغم تاريخ الدوائر
والخطوط الجانبيه
والأرقام المستحيله
مستقيم
أني .. عوفوني .. نبي الشمام والحب والنسيم
أني يكفيني الوحيد بهالزمان
لو فرغ جيبي ..
أكَول .. الله كريم .


رابعاً : وزن الشموس /
من أوزان الشعر الشعبي العراقي المشتقة من بحر الرمل . وزن منبري أنتشر في مطلع القرن العشرين عند الرواديد الحسينيين في مواكب العزاء . وهو ناتج عن أتحاد وزنيين مختلفين فيكون صدره من وزن الشبكهه ( فاعلاتن/فاعلاتن ) وعجزه من وزن عزيز الروح ( فاعلن/مفعولن ) ليكون بناءه وتفعيلته الصوتية هي :
( فاعلاتن/فاعلاتن/فاعلن/مفعولن ) .
وهو من مجزوء الرمل ولا يتفاعل معه الشعراء في وقتنا هذا لثقل موسيقاه .
قصيدة للشاعر مجيد لطيف القيسي من الشموس الرباعي :

عيون عندك ياحبيبي مثل عين الريم
من تصد بيهه أعله واحد كَلبه بيك يهيم
* * *
عيونك الحلوه الوسيعه .. لو ضوه الخدين
تصيد بيهه الكَرب يمك .. ياترف بالحين
متت من شفتك حبيبي .. نضرتك سجين
مرعدت دلالي بيهه .. أنته سين وميم
تنويه /
بيهه / بها
الكَرب / من تقرب
يمك / بجوارك أو بقربك
بالحين / حالاً
سجين / سكين
مرعدت / قطعت
دلالي / تعني قلبي
أنته / أنت
سين وميم / يقصد سم قاتل



كاظم الفضلي


يتبع . وللموضوع بقية