اكتشاف الذي سنصنعه
أحد أصدقاء بيكاسو، أعد فيلم وثائقي عنه، عنوانه سر بيكاسو (Le mystère Picasso) كان ذلك في عام 1956. الفيلم يعرض لقطات لبيكاسو بينما يرسم، والمثير في طريقه رسمه هو أنه كثيرًا ما يبدأ بفكرة وينتهي بفكرة مختلفة تمامًا، أو يرسم شيء ويغير رأيه خلال العمل، ويطلي طبقة أخرى عليه بفكرة جديدة (يمكن ملاحظة ذلك في هذه المقاطع).
ما يفعله يشبه “الشخبطة المحترمة”! فعندما نمسك بالقلم عند الملل، نرسم أي شيء، نرسم خطوط وأشكال -ولا نخطط لما سوف نشخبطه!- وفي النهاية نجد أننا رسمنا شيء “محترم” وجيد، شيء لا يمكننا التخطيط للحصول عليه…
في مرة قال بيكاسو “لو كنت تعرف تمامًا الذي ستصنعه، ما الفائدة من صنعه؟”، بمعنى أنه لو بدأت العمل بتصور كامل لما ستصنعه، لن تستمع باكتشاف الذي سوف تصنعه، لن تتشوق لمعرفة النتيجة التي لم تتوقعها أو حتى تتخيلها.
لو أردنا إنتاج شيء، لا نحتاج إلى معرفة كل الأجوبة وإلى تخيل الصورة النهائية للعمل، مجرد معرفة “من أين نبدأ” تكفي، وبالنسبة للنهاية، هذا ما سوف نكتشفه!
أحدهم قال:”أكتب لأكتشف رأي وما أعتقده”; عندما يكون لدي فكرة جاهزة تمامًا وتحتاج فقط للكتابة، أجد أني أماطل وأضيع الوقت ولا أكتبها; ولكن عندما يكون لدي فكرة صغيرة و”محمسة” وغير مكتملة، ولا أعرف ما الذي أريد أن أصل إليه، أتشوق للكتابة أكثر.
في مرة شاهدت في التلفاز مقابلة مع صانعة إكسسوارات، كانت أعمالها جميلة ومختلفة، وعندما سُألت كيف تصنعها، قالت أنها تستخدم ما لديها وتبدأ بصنع شيء دون أن يكون لديها فكرة واضحة عما ستصنعه، وهكذا يكون كل إكسسوار فريد من نوعه، لأنها لم تخطط للحصول عليه، فتتفاجئ كل مرة بالنتيجة.
صنع شيء بالنسبة إلي هو عبارة عن “خطط عفوية”، استغلال الأفكار التي تخطر بالبال عند التنفيذ، في بناء خطة جديدة (خطة عفوية) لتغيير جزء من العمل (أو العمل كله) وجعله أفضل. ولهذا نتيجة العمل كثيرًا ما تكون غير متوقعة (إلا إن التزمنا بعناد بالخطة الرئيسة، وغضبنا لتعطلها، دون ملاحظة فرص بناء خطة عفوية مبدعة).
اكتشاف الذي سوف نصنعه اليوم
مجرد البدء واللعب بالأدوات (الأدوات قد تكون تطبيق حاسوب، أو فرش وألوان، أو كلمات، أو كاميرا…) دون أن يكون لدينا تصور نهائي لما سنصنعه; أمر يشوقنا لاكتشاف الذي سنصنعه اليوم.
جربوا اليوم اكتشاف الذي سوف تصنعونه، والذي ستتفاجئون برؤيته.
إضافة من ايميلي